مرجعيات وممارسات البرلمان المغربي وحقوق الإنسان

مرجعيات وممارسات البرلمان المغربي وحقوق الإنسان
TT

مرجعيات وممارسات البرلمان المغربي وحقوق الإنسان

مرجعيات وممارسات البرلمان المغربي وحقوق الإنسان

صدر حديثاً في المغرب كتاب «البرلمان وحقوق الإنسان، مرجعيات وممارسات» للباحث المغربي عبد الرزاق الحنوشي، وهو أول مؤلَّف يتناول بالدرس والتحليل إشكالية غير مسبوقة حول علاقة المؤسسة البرلمانية بمجلسيها: النواب والمستشارين، بقضايا حقوق الإنسان، من خلال رصد حصيلة البرلمان خلال الولاية العاشرة (2016- 2021).
ويستعرض الكتاب أهم النصوص المرجعية في مجال حقوق الإنسان، ومختلف أوجه عمل المؤسسة التشريعية، من خلال مقترحات ومشروعات القوانين والأسئلة الشفوية والكتابية المرتبطة بميدان حقوق الإنسان. كما يتطرق إلى بعض القضايا الطارئة، في مقدمتها انعكاسات جائحة «كوفيد-19» المستجد على الحياة البرلمانية، ومسار الدبلوماسية البرلمانية في ميدان حقوق الإنسان.
ويتوقف المؤلف، في هذا السياق، عند عدد من المبادرات البرلمانية المتخذة، منها تلك المرتبطة بالعلاقات مع الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا الذي يحتل فيه المغرب وضعية الشريك من أجل الديمقراطية، أو تلك المتعلقة بالمشاركة في أكبر التظاهرات التي احتضنتها المملكة المغربية، كالمنتدى العالمي لحقوق الإنسان عام 2014، أو المؤتمر 22 للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22).
ويشتمل الكتاب كذلك على جداول وبيانات توضيحية، تتضمن فرزاً وتصنيفاً للأسئلة البرلمانية ذات الصلة بحقوق الإنسان، من مجموع متن الأسئلة البالغ عددها 22 ألفاً و436 مع التعريف بالنصوص التشريعية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي وافق عليها البرلمان، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية، وتحليل مجمل المبادرات البرلمانية المختلفة ذات الصلة.
وتميز حفل توقيع الكتاب الذي احتضنته إحدى القاعات الكبرى للبرلمان بالعاصمة المغربية الرباط، بتقديم شهادات ومداخلات لعدة شخصيات وفعاليات من عالم السياسة والفكر والإعلام والبحث العلمي والجامعة، التي أجمعت على التنويه بهذا العمل العلمي وفرادته وأهميته النوعية.
وقالت الباحثة الجامعية خديجة مروازي، إن الإصدار الجديد يعد «عملاً تأسيسياً بامتياز»، بينما اعتبر الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب السابق، أن اختيار هذا الموضوع، يمثل انتصار كاتبه للمستقبل، في حين أكد إدريس اليزمي رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، أن المؤلَّف مساهمة كبرى في إغناء الخزانة الوطنية، ولبنة لتحفيز البرلمانيين والباحثين والنشطاء الحقوقيين على الاشتغال على جوانب أخرى في المتن البرلماني الحقوقي.
وفي تقديم المؤلَّف الواقع في 285 صفحة من القطع المتوسط، الصادر عن مطبعة «المناهل» بالرباط، كتب محمد بوعزيز، الأمين العام السابق للمجلس الدستوري، أنه كلما وظف الباحث تجربته المهنية، وضمها إلى رصيده المعرفي النظري، كان أقرب من خلق نقطة التقاء، يدرك فيها كل من الممارس والمنظِّر ضالته.
وفي معرض جوابه على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي تناوله لموضوع البرلمان وحقوق الإنسان، عزا مؤلف الكتاب عبد الرزاق الحنوشي -وهو إطار بمجلس النواب- ذلك إلى ما لاحظه خلال مساره المهني من فراغ في هذا المجال، وانعدام للجسور بين المشتغلين في مجال حقوق الإنسان من جهة، والمهتمين بالحياة البرلمانية من جهة أخرى.


مقالات ذات صلة

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

يوميات الشرق ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

لعلّه المتحف الوحيد الذي تُعرض فيه عيدان كبريت، وبطاقات يانصيب، وأعقاب سجائر... لكن، على غرابتها وبساطتها، تروي تفاصيل "متحف البراءة" إحدى أجمل حكايات إسطنبول.

كريستين حبيب (إسطنبول)
كتب فرويد

كبار العلماء في رسائلهم الشخصية

ما أول شيء يتبادر إلى ذهنك إذا ذكر اسم عالم الطبيعة والرياضيات الألماني ألبرت آينشتاين؟ نظرية النسبية، بلا شك، ومعادلته التي كانت أساساً لصنع القنبلة الذرية

د. ماهر شفيق فريد
كتب ناثان هيل

«الرفاهية»... تشريح للمجتمع الأميركي في زمن الرقميات

فلنفرض أن روميو وجولييت تزوَّجا، بعد مرور عشرين سنة سنكتشف أن روميو ليس أباً مثالياً لأبنائه، وأن جولييت تشعر بالملل في حياتها وفي عملها.

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

صدر حديثاً عن دار نوفل - هاشيت أنطوان كتاب «دليل الإنسايية» للكاتبة والمخرجة الآيسلندية رند غنستاينردوتر، وذلك ضمن سلسلة «إشراقات».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون «شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

عن دار «بيت الياسمين» للنشر بالقاهرة، صدرتْ المجموعة القصصية «شجرة الصفصاف» للكاتب محمد المليجي، التي تتناول عدداً من الموضوعات المتنوعة مثل علاقة الأب بأبنائه

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر
TT

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

يتناول كتاب «حكايات في تاريخ مصر الحديث» الصادر في القاهرة عن دار «الشروق» للباحث الأكاديمي، الدكتور أحمد عبد ربه، بعض الفصول والمحطات من تاريخ مصر الحديث؛ لكنه يتوقف بشكل مفصَّل عند تجربة نابليون بونابرت في قيادة حملة عسكرية لاحتلال مصر، في إطار صراع فرنسا الأشمل مع إنجلترا، لبسط الهيمنة والنفوذ عبر العالم، قبل نحو قرنين.

ويروي المؤلف كيف وصل الأسطول الحربي لنابليون إلى شواطئ أبي قير بمدينة الإسكندرية، في الأول من يوليو (تموز) 1798، بعد أن أعطى تعليمات واضحة لجنوده بضرورة إظهار الاحترام للشعب المصري وعاداته ودينه.

فور وصول القائد الشهير طلب أن يحضر إليه القنصل الفرنسي أولاً ليستطلع أحوال البلاد قبل عملية الإنزال؛ لكن محمد كُريِّم حاكم الإسكندرية التي كانت ولاية عثمانية مستقلة عن مصر في ذلك الوقت، منع القنصل من الذهاب، ثم عاد وعدل عن رأيه والتقى القنصل الفرنسي بنابليون، ولكن كُريِّم اشترط أن يصاحب القنصل بعض أهل البلد.

تمت المقابلة بين القنصل ونابليون، وطلب الأول من الأخير سرعة إنزال الجنود والعتاد الفرنسي؛ لأن العثمانيين قد يحصنون المدينة، فتمت عملية الإنزال سريعاً، مما دعا محمد كُريِّم إلى الذهاب للوقوف على حقيقة الأمر، فاشتبك مع قوة استطلاع فرنسية، وتمكن من هزيمتها وقتل قائدها.

رغم هذا الانتصار الأولي، ظهر ضعف المماليك الذين كانوا الحكام الفعليين للبلاد حينما تمت عملية الإنزال كاملة للبلاد، كما ظهر ضعف تحصين مدينة الإسكندرية، فسقطت المدينة بسهولة في يد الفرنسيين. طلب نابليون من محمد كُريِّم تأييده ومساعدته في القضاء على المماليك، تحت دعوى أنه -أي نابليون- يريد الحفاظ على سلطة العثمانيين. ورغم تعاون كُريِّم في البداية، فإنه لم يستسلم فيما بعد، وواصل دعوة الأهالي للثورة، مما دفع نابليون إلى محاكمته وقتله رمياً بالرصاص في القاهرة، عقاباً له على هذا التمرد، وليجعله عبرة لأي مصري يفكر في ممانعة أو مقاومة نابليون وجيشه.

وهكذا، بين القسوة والانتقام من جانب، واللين والدهاء من جانب آخر، تراوحت السياسة التي اتبعها نابليون في مصر. كما ادعى أنه لا يعادي الدولة العثمانية، ويريد مساعدتهم للتخلص من المماليك، مع الحرص أيضاً على إظهار الاحترام ومراعاة مشاعر وكرامة المصريين؛ لكنه كان كلما اقتضت الضرورة لجأ إلى الترويع والعنف، أو ما يُسمَّى «إظهار العين الحمراء» بين حين وآخر، كلما لزم الأمر، وهو ما استمر بعد احتلال القاهرة لاحقاً.

ويذكر الكتاب أنه على هذه الخلفية، وجَّه نابليون الجنود إلى احترام سياسة عدم احتساء الخمر، كما هو معمول به في مصر، فاضطر الجنود عِوضاً عن ذلك لتدخين الحشيش الذي حصلوا عليه من بعض أهل البلد. ولكن بعد اكتشاف نابليون مخاطر تأثير الحشيش، قام بمنعه، وقرر أن ينتج بعض أفراد الجيش الفرنسي خموراً محلية الصنع، في ثكناتهم المنعزلة عن الأهالي، لإشباع رغبات الجنود.

وفي حادثة أخرى، وبعد أيام قليلة من نزول القوات الفرنسية إلى الإسكندرية، اكتشف القائد الفرنسي كليبر أن بعض الجنود يبيعون الملابس والسلع التي حملها الأسطول الفرنسي إلى السكان المحليين، وأن آخرين سلبوا بعض بيوت الأهالي؛ بل تورطت مجموعة ثالثة في جريمة قتل سيدة تركية وخادمتها بالإسكندرية، فعوقب كل الجنود المتورطين في هذه الجريمة الأخيرة، بالسجن ثلاثة أشهر فقط.

يكشف الكتاب كثيراً من الوقائع والجرائم التي ارتكبها جنود حملة نابليون بونابرت على مصر، ويفضح كذب شعاراته، وادعاءه الحرص على احترام ومراعاة مشاعر وكرامة المصريين.

لم تعجب هذه العقوبة نابليون، وأعاد المحاكمة، وتم إعدام الجنود المتورطين في هذه الحادثة بالقتل أمام بقية الجنود. وهكذا حاول نابليون فرض سياسة صارمة على جنوده، لعدم استفزاز السكان، وكان هذا جزءاً من خطته للتقرب من المصريين، وإرسال رسائل طمأنة إلى «الباب العالي» في الآستانة.

وكان من أول أعمال نابليون في الإسكندرية، وضع نظام حُكم جديد لها، استند إلى مجموعة من المبادئ، منها حرية الأهالي في ممارسة شعائرهم الدينية، ومنع الجنود الفرنسيين من دخول المساجد، فضلاً عن الحفاظ على نظام المحاكم الشرعية، وعدم تغييرها أو المساس بقوانينها الدينية، وكذلك تأليف مجلس بلدي يتكون من المشايخ والأعيان، وتفويض المجلس بالنظر في احتياجات السكان المحليين.

ورغم أن بعض بنود المرسوم تُعدُّ مغازلة صريحة لمشاعر السكان الدينية، فإن بنوداً أخرى تضمنت إجراءات شديدة القسوة، منها إلزام كل قرية تبعد ثلاث ساعات عن المواضع التي تمر بها القوات الفرنسية، بأن ترسل من أهلها رُسلاً لتأكيد الولاء والطاعة، كما أن كل قرية تنتفض ضد القوات الفرنسية تُحرق بالنار.

وفي مقابل عدم مساس الجنود الفرنسيين بالمشايخ والعلماء والقضاة والأئمة، أثناء تأديتهم لوظائفهم، ينبغي أن يشكر المصريون الله على أنه خلصهم من المماليك، وأن يرددوا في صلاة الجمعة دعاء: «أدام الله إجلال السلطان العثماني، أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي، لعن الله المماليك، وأصلح حال الأمة المصرية».