في بداية جائحة مرض «كوفيد-19»، كان الباحثون يأملون بأن المناعة الموجودة مسبقاً ضد فيروسات عائلة «كورونا» المسببة لنزلات البرد، يمكنها أن تحمي من «كورونا» المستجد، المسبب للجائحة؛ لكن الأدلة الجديدة المنشورة، أول من أمس، في دراسة بدورية «الأمراض المعدية»، تشير إلى أنه في بعض الأحيان يمكن أن يحدث العكس.
وأظهرت الدراسة التي أجراها المركز الطبي بجامعة روتشستر الأميركية، أن العدوى السابقة والمناعة ضد أحد فيروسات «كورونا» الشائعة المسببة لنزلات البرد، قد تكون قد عرّضت الأشخاص لخطر «الإلهاء المناعي» الذي تكون نتيجته الإصابة بمرض أكثر خطورة من «كوفيد-19»، يمكن أن يتطور إلى الوفاة.
وفحصت الدراسة المناعة ضد فيروسات «كورونا» المختلفة، بما في ذلك فيروس «كورونا» المستجد المسبب لـ«كوفيد-19»، في عينات الدم المأخوذة من 155 مريضاً بـ«كوفيد-19» في الأشهر الأولى من الوباء، ومن بين هؤلاء المرضى، تم إدخال 112 مريضاً إلى المستشفى، وقدموا عينات متتابعة على مدار فترة مكوثهم في المستشفى.
شهد هؤلاء المرضى في المستشفى زيادة كبيرة وسريعة في الأجسام المضادة التي استهدفت «كورونا» المستجد، والعديد من فيروسات «كورونا» الأخرى.
وفي حين أن التعزيزات الكبيرة في الأجسام المضادة، البروتينات الواقية التي يولدها الجهاز المناعي، عادة ما تكون شيئاً جيداً، فإنها لم تكن كذلك في هذه الحالة.
وأظهرت الدراسة أن هذه الأجسام المضادة كانت تستهدف أجزاء من البروتين الشوكي (الموجود على سطح فيروسات «كورونا» ويساعدها على إصابة الخلايا) التي تشبه تلك الموجودة في فيروسات «كورونا» الشائعة المسببة لنزلات البرد، والتي يتذكرها الجهاز المناعي من الإصابات السابقة.
ولسوء الحظ، فإن استهداف تلك المناطق يعني أن الأجسام المضادة لا يمكنها تحييد الفيروس الجديد، وعندما ارتفعت مستويات هذه الأجسام المضادة بشكل أسرع من مستويات الأجسام المضادة المعادلة لـ«كورونا» المستجد، كان لدى المرضى مرض أسوأ، وفرصة أعلى للوفاة.
ويقول مارتن زاند، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة روتشستر، بالتزامن مع نشر الدراسة: «في الأشخاص الذين كانوا أكثر مرضاً، أولئك الذين كانوا في وحدة العناية المركزة أو ماتوا في المستشفى، كان الجهاز المناعي يستجيب بقوة، ولكن بطريقة أقل حماية، فقد استغرق هؤلاء المرضى وقتاً أطول، حتى يتمكن جهاز المناعة من إنتاج أجسام مضادة، ولسوء الحظ، فات الأوان بالنسبة للبعض».
وتضيف هذه الدراسة إلى مجموعة متزايدة من الأدلة، على أن ظاهرة تسمى «البصمة المناعية» تلعب دوراً في الاستجابات المناعية لـ«كوفيد-19».
ويصف زاند -وهو أيضاً المدير المشارك لمعهد العلوم السريرية بجامعة روتشستر- ما يحدث بأنه يشبه ما يمكن تسميته «إلهاءً مناعياً»، ويقول: «المناعة ضد تهديد واحد (فيروسات «كورونا» الموسمية المسببة لنزلات البرد) تخطف الاستجابة المناعية لنوع جديد».
وسابقاً، تم ربط البصمة المناعية بضعف الاستجابة المناعية للفيروسات الأخرى، مثل الإنفلونزا، ويخشى زاند أن يكون لها آثار على استراتيجيات اللقاح.
ووفقاً لبعض التوقعات، من المحتمل أن يظل «كوفيد-19» معنا لفترة طويلة، ومع ظهور سلالات جديدة أكثر اعتدالاً وانتشارها على أساس سنوي أو موسمي، فإننا سنحتاج إلى تطوير لقاحات جديدة بانتظام، تستهدف السلالات الجديدة من الفيروس، وفق الدراسة.
وبينما لم يتم طرح أي منها في السوق حتى الآن، تعمل شركات الأدوية، مثل «فايزر» و«موديرنا» على تطوير واختبار إصدارات جديدة من لقاحات «كوفيد-19»، مع ظهور متغيرات جديدة مثيرة للقلق.
ويقول زاند: «يجب أن نتوقع أن تطوير لقاحات جديدة أمر جيد، وهذا لا يعني أن العلم الأصلي كان خاطئاً. إنه يعني أن الطبيعة قد تغيرت، وإذا كنا نريد نظاماً مناعياً يهتم بالأشياء الصحيحة، فنحن بحاجة إلى تعليمه حيلاً جديدة بلقاحات مختلفة».
«الإلهاء المناعي»... قد يكون أسوأ بـ«كوفيد-19»
تسببه إصابة سابقة بفيروسات «كورونا» المسببة للبرد
«الإلهاء المناعي»... قد يكون أسوأ بـ«كوفيد-19»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة