العبادي يبلغ بايدن رفض بغداد مشروع الكونغرس لتسليح السنة والأكراد

بالتزامن مع وصول رئيس إقليم كردستان إلى واشنطن ولقائه أوباما غدًا

العبادي يبلغ بايدن رفض بغداد مشروع الكونغرس لتسليح السنة والأكراد
TT

العبادي يبلغ بايدن رفض بغداد مشروع الكونغرس لتسليح السنة والأكراد

العبادي يبلغ بايدن رفض بغداد مشروع الكونغرس لتسليح السنة والأكراد

في الوقت الذي بدأ فيه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أمس، زيارة رسمية إلى واشنطن، حيث سيبحث العلاقات بين الأكراد والولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما غداة الخلافات الحادة التي برزت داخل البرلمان العراقي بشأن كيفية التعاطي مع مشروع الكونغرس الأميركي بشأن تسليح العشائر السنية وقوات البيشمركة الكردية، أبلغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نائب الرئيس الأميركي جو بايدن رفض العراق أي قرارات أو مقترحات من شأنها إضعاف وحدة البلاد وتتجاوز على السيادة الوطنية.
وقال مكتب العبادي في بيان صدر عنه، أمس، إن رئيس مجلس الوزراء «بحث في مكالمة هاتفية مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن مجمل الأوضاع السياسية والأمنية، ومستجدات الأحداث وبالأخص في ما يتعلق بالالتزام المتبادل بالحفاظ على وحدة الأراضي والسيادة العراقية وعدم التدخل بالشؤون الداخلية». وأكد العبادي خلال البيان «رفض العراق مقترحات القوانين والمشاريع التي تضعف وحدة البلاد وتتجاوز على السيادة الوطنية وتسيء للحمة الوطنية».
بدوره، وحسب البيان، جدد نائب الرئيس الأميركي «التزام الولايات المتحدة الأميركية باتفاقية الإطار الاستراتيجي لحماية وحدة العراق الاتحادي الديمقراطي كما جاء في الدستور العراقي»، مشيرا إلى أنه «في ضوء هذا الالتزام فان المساعدات العسكرية الأميركية للعراق لمحاربة تنظيم داعش تكون بطلب من الحكومة العراقية ومن خلالها». وشدد بايدن على ضرورة أن «تخضع كل المجاميع المسلحة لسيطرة الدولة بقيادة رئيس الوزراء».
من جهته، أعلن وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، أن الدبلوماسية العراقية «الخارجية» ستتحرك نحو القرار الأميركي بعد التأكد من حقيقة الموقف، وأكد أنها لا تستدرج للتسرع قبل أن تكون الصورة واضحة ومحددة. وقال الجعفري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الكرواتية فيسنا بوسيتش، بمقر الوزارة في بغداد أمس «نراقب عن كثب كل ما يتصل بالعراق، لا سيما إذا كانت هناك مؤشرات تمس السيادة العراقية والوحدة الوطنية والتعاون مع المكونات العراقية». وأضاف الجعفري: «إننا نحدد المواقف المناسب في الأوقات المناسبة».
وحول زيارة بارزاني إلى واشنطن، قال فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، في اتصال لـ«الشرق الأوسط» من واشنطن، إن رئيس الإقليم سيلتقي الرئيس باراك أوباما غدا، مضيفا أن «أهم المسائل التي سيبحثها الرئيس بارزاني في لقائه مع الرئيس أوباما تتمثل في الحرب ضد (داعش)، والوضع العسكري للمنطقة وتهديد الإرهاب أمن المنطقة والعالم وتحرير الموصل وتسليح قوات البيشمركة والعلاقات بين أربيل وبغداد ومستقبل الإقليم والعراق، والعلاقات بين إقليم كردستان والولايات المتحدة».
وتستمر زيارة بارزاني إلى واشنطن أسبوعا وسيلتقي خلالها بايدن وكبار المسؤولين في الحكومة الأميركية ومجلس الشيوخ. وبعد انتهاء الزيارة سيبدأ جولة عدد من الدول الأوروبية. وإضافة إلى حسين يضم الوفد المرافق لبارزاني نجله الأكبر مسرور بارزاني، مستشار الأمن القومي في الإقليم، ووزير البيشمركة مصطفى سيد قادر ووزير الثروات الطبيعية آشتي هورامي ووزير الإعمار والإسكان درباز كوسرت رسول ومسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم فلاح مصطفى وسينضم إلى الوفد قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة الإقليم، الذي وصل إلى العاصمة الأميركية الأسبوع الماضي.
وعن أهمية زيارة بارزاني إلى واشنطن في هذا الوقت، قال رئيس ديوان رئاسة الإقليم: «الزيارة مهمة وستكون لها نتائج إيجابية كبيرة، فالولايات المتحدة الأميركية وكافة دول العالم تنظر إلى إقليم كردستان نظرة مهمة، وخصوصا أن قوات البيشمركة تمكنت من تحقيق انتصارات كبيرة في الحرب ضد إرهابيي (داعش)، وتمكن الإقليم من مواجهة (دولة داعش) الإرهابية».
بدوره، قال عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني شوان داوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة بارزاني «ليست مرتبطة بقرار الكونغرس إلا من حيث النتيجة، إذ إنها مقررة منذ أكثر من شهر»، مشيرا إلى أن التحالف الكردستاني حاول الذهاب إلى صيغة توافقية بشأن كيفية الرد على المشروع الأميركي في جلسة البرلمان أول من أمس.. «وفحواها أننا نقبل تسليحا من قبل أي جهة شريطة أن تكون تحت مظلة الحكومة الاتحادية». وتابع: «غير أن الإخوة في التحالف الوطني الشيعي رفضوا هذه الصيغة وانفردوا وحدهم برد لم نقبل به»، في إشارة إلى انسحاب النواب الأكراد والسنة من الجلسة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.