استمرار القتال في مصفاة بيجي.. وتضارب حول محاصرة 200 جندي

تسوية بين الحشد الشعبي ومحافظ صلاح الدين تتيح للأخير الدخول إلى تكريت

عناصر في سرايا السلام خلال استعراض في الكوفة أمس (أ.ف.ب)
عناصر في سرايا السلام خلال استعراض في الكوفة أمس (أ.ف.ب)
TT

استمرار القتال في مصفاة بيجي.. وتضارب حول محاصرة 200 جندي

عناصر في سرايا السلام خلال استعراض في الكوفة أمس (أ.ف.ب)
عناصر في سرايا السلام خلال استعراض في الكوفة أمس (أ.ف.ب)

نفى قيادي في الحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين ما تردد من أنباء عن قيام تنظيم داعش بمحاصرة نحو 200 عنصر من القوات المشتركة في مصفاة بيجي شمال تكريت (170كم شمال بغداد). وقال يزن الجبوري لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأوضاع داخل مصفاة بيجي سيئة جدا بسبب عدم وجود تعزيزات عسكرية كافية حتى الآن ونتيجة للأخطاء التي ارتكبت عند فتح الطريق الموصل إلى المصفاة حيث تم الاكتفاء بفتح الطريق دون تحريره مثلما كان يجب أن يكون».
وكانت مصادر أمنية قد تناقلت أخبارا مفادها أن تنظيم داعش يحاصر نحو 200 عنصر أمني من الشرطة الاتحادية والفرقة الذهبية بينهم جرحى في منطقة دار الضيافة وسط مصفاة بيجي (40 كم شمال تكريت) منذ ثمانية أيام، مبينة أن «التنظيم يقوم بمهاجمتهم بقذائف الهاون والسيارات والدبابات المفخخة». وأضافت المصادر الأمنية أن «التنظيم يسيطر على 90 في المائة من مصفاة بيجي ولم تتبق سوى الجهة الشمالية تحت سيطرة القوات الأمنية»، محذرة من «حدوث مجزرة جديدة في حال نجحت عناصر (داعش) في خرق الدفاعات والوصول إلى الجنود المحاصرين». وأشارت إلى أن الجنود المحاصرين لا يستطيعون مغادرة مكانهم لعدم وجود فرقة هندسية تعالج العبوات الناسفة التي زرعها التنظيم في الطرق، داعيا «القائد العام للقوات المسلحة إلى إرسال قوات أمنية لفك الحصار عنهم بأسرع وقت».
لكن الجبوري نفى تلك الأنباء قائلا إنه «لا يوجد حصار داخل المصفى وقطع إمدادات إذ إن القوة القتالية الموجودة تستطيع الخروج والدخول كما أن الإمدادات تصل إليها لكن هذا وحده لم يعد كافيا لأن تنظيم داعش تمكن من تطوير وضعه داخل المصفاة واستولى على مساحات جديدة نتيجة للأخطاء التي تكررت كثيرا وأبرزها عدم وجود تعزيزات كافية بحيث تمسك الأرض أو تواصل عملية التحرير لكي تؤمن مجالا حيويا ليس بمقدور (داعش) استثماره»، موضحا أن «الحاجة باتت ماسة لتعزيزات عسكرية إضافية وإسناد جوي حقيقي لكي يتم تغيير المعادلة العسكرية داخل المصفاة وبعكسها فإن كل الاحتمالات واردة بشأن إمكانية سقوط المصفى كله بيد (داعش)».
وكان مجلس محافظة صلاح الدين أكد من جانبه أن مصفاة بيجي والمناطق الشمالية والجنوبية للقضاء بحاجة لتعزيزات للتغلب على خروق تنظيم داعش، فيما أكد أن 50 في المائة من مصفاة بيجي يتعرض لمخاطر التنظيم.
على صعيد متصل، كشف سياسي مطلع في محافظة صلاح الدين لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، أن «التدهور الذي حصل في مصفاة بيجي يعود إلى سبب رئيسي هو رفض متطوعي الحشد الشعبي من خارج أبناء محافظة صلاح الدين (المتطوعين الشيعة) المشاركة في القتال بعد الاتهامات التي كان وجهها إليهم محافظ صلاح الدين رائد الجبوري ورئيس مجلس المحافظة أحمد الكريم بقيام عناصر منهم بسرقة الثلاجات من منازل المواطنين في مدينة تكريت». وأضاف السياسي المطلع أن «كلا من المحافظ ورئيس المجلس كانا تقريبا شبه ممنوعين من دخول تكريت وممارسة عملهم هناك بعد أن أبلغتهم جهات بالحشد الشعبي أنهم في حال دخلوا فلن يكون بالإمكان تأمين حياتهم».
السياسي المطلع أضاف أن «هذه الأزمة بين المحافظ ورئيس المجلس من جهة والحشد الشعبي من جهة أخرى قد تمت تسويتها بحيث يتوقع أن يدخل محافظ صلاح الدين إلى تكريت اليوم لممارسة مهام عمله». وكشف عن وجود صراع سياسي داخل أعضاء الحكومة المحلية بين المحافظ ووزير الدولة الحالي لشؤون المحافظات والمحافظ السابق أحمد الجبوري يتمثل بالاعتراضات على موازنة المحافظة وكيفية إنفاقها حيث يريد الوزير والكتلة التي تمثله داخل مجلس المحافظة ثلثي الموازنة أو يسقطون المحافظ ويأتون بمحافظ بديل له.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».