موجة احتجاج رفضاً لرفع صورة سليماني في «بيروت للكتاب»

تضارب بين ناشطين ومؤيدين لـ«حزب الله»... والمعرض لن يقفل أبوابه

TT

موجة احتجاج رفضاً لرفع صورة سليماني في «بيروت للكتاب»

أثار رفع صورة للجنرال الإيراني قاسم سليماني في معرض الكتاب في بيروت، موجة احتجاج عارمة وصلت إلى حدود الاعتداء على ناشط لبناني معارض لـ«حزب الله» حاول إزالتها.
وساد جو من الإرباك، أمس (الاثنين)، معرض الكتاب الذي افتتح الخميس الماضي في وسط بيروت، إثر اعتراض شاب على تعليق إحدى دور النشر صورة لقاسم سليماني في أحد الأجنحة المشاركة، وتعرضه للضرب، والطرد من المعرض.
وتناقل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للناشط شفيق بدر أثناء محاولته إزالة صورة سليماني من الجناح في المعرض، على وقع هتاف «بيروت حرة حرة... إيران اطلعي برا»، ما دفع بشاب بدا أنه من مؤيدي «حزب الله» للتعرض لبدر والاعتداء عليه.
وعند الظهر، حضرت مجموعة من الناشطين إلى باب المعرض، مطالبة بإغلاقه. وكانت سرية من الدرك قد حضرت إلى المكان، وتسلمت أمن المعرض، لتعود الحركة بعد ذلك إلى طبيعتها. ولم تجب إدارة «النادي الثقافي العربي» المنظمة للمعرض، على الاتصالات واكتفت بالبيان المقتضب الذي نشرته، درءاً لأي أخذ ورد، ورغبة منها في احتواء الحادثة.
وانطلق معرض بيروت العربي والدولي للكتاب في دورته الـ63 يوم الخميس الماضي، بعد انقطاع قسري دام 3 سنوات متتالية، وحمل شعار: «بيروت الصمود... بيروت لا تنكسر».
وتشهد هذه الدورة الاستثنائية، التي تقام في غير موعدها الرسمي، مشاركة 90 دار نشر لبنانية، ودور نشر من سوريا ومصر، في ظل غياب كبريات دور النشر المحلية والعربية، وانقسام بين الناشرين أنفسهم الذين رفض بعضهم الاشتراك في المعرض معتبرين أن الوضع الاقتصادي غير مواتٍ، خصوصاً أن الانتخابات على الأبواب. لكن الدكتور خالد زيادة، وهو أحد أعضاء النادي الثقافي العربي، ويوقع كتابه الجديد في المعرض، يشرح «أن النادي لم يوجه أصلاً دعوات لدور عربية كالمعتاد، لأنه يعرف الأوضاع»، لافتاً إلى أن الدور المشاركة التي يتم الاعتراض عليها «هي دور محلية وليست آتية من أي مكان آخر».
ويقول أبو جودة: «هناك وجهات نظر مختلفة، تؤخذ جميعها بعين الاعتبار. لكن الانقسام الحادث بين الناس لم يعد طبيعياً. الصراعات الخارجية تنعكس حتى على الثقافة. وهو ما يتضرر منه الجميع». ويضيف: «في هذا البلد الذي لا صوت له، كل جهة تبحث عن منبر لتعلي صوتها منه، وهذه هي النتيجة التي لا تعود بالنفع على أحد».
وعلى عكس المتوقع، شهدت عطلة نهاية الأسبوع إقبالاً كبيراً على المعرض. وتؤكد دور عديدة، أنها تبيع بشكل جيد، وأنها استردت تكاليف مشاركتها بوقت قياسي، منهم عبودي أبو جودة، صاحب دار «الفرات» المشاركة في المعرض، الذي قال إنه خلال يوم ونصف كان قد سدد من مبيعاته، تكلفة مشاركته، وإنه باق ومستمر، لأن الأمور لا تستحق أن تعطى أكبر من حجمها.
وأكدت الجهة المنظمة في بيانها أمس قائلة: «إن معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الـ٦٣ مستمر كالمعتاد يومياً، من العاشرة صباحاً وحتى الثامنة مساءً حتى 13 من الشهر الجاري، وإن الإشكال الذي حصل في المعرض قد انتهى كلياً».
وجدد الحادث الانقسام السياسي في البلاد، حيث قال وزير العدل الأسبق اللواء أشرف ريفي إن «صورة قاسم سليماني في معرض الكتاب في بيروت هي استفزاز للشعب اللبناني الذي اكتوى بنار الاحتلال الإيراني»، مضيفاً: «من وضعها يريد الاستقواء على اللبنانيين، لكن شباب لبنان أقوى من هذا الاستكبار».
من جهته، استهل «لقاء سيدة الجبل» اجتماعه الدوري الذي عقده إلكترونياً بالإشارة إلى «تعرض أعضاء من «لقاء سيدة الجبل» و«المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» نيللي قنديل، شفيق بدر وبهجت سلامة لاعتداء موصوف لأنهم سألوا: «من هو قاسم سليماني ولماذا رفعت صورته في معرض ثقافي؟»، معلناً «تضامنه الواضح مع الناشطين»، وطالب «السلطات المعنية بفتح تحقيق فيما حصل». ولفت في بيان، إلى أن «وجود جهاز أمني تابع لـ«حزب الله» لحماية صورة في معرض ثقافي يرسم الرأي العام».
وأشار «اللقاء» إلى أنه «فوجئ بتحول معرض الكتاب العربي في بيروت إلى معرض الكتاب الفارسي، فالاحتلال الإيراني للبنان يتحول تدريجياً، ككل الاحتلالات، إلى احتلال ثقافي بدءاً بروضة الأطفال، وهذا الأخطر». وطالب «رئيس الحكومة والوزراء المختصين بالإسراع في التحقق القانوني الفعلي من البرامج والنشاطات المدرسية في المدارس التي تحت سيطرة «حزب الله»، وبإزالة صور القيادات الفارسية من بيروت وكل المناطق وعلى رأسها صور وكيل الاحتلال السابق قاسم سليماني، إذ لا مكان لثقافة الإرهاب بيننا».
من جهتها، قالت النائبة رولا الطبش في تغريدة لها في «تويتر»: «بيروت مستباحة. هذه حقيقة بشعة نعيشها منذ زمن للأسف ونرى يومياً كيف لا يوفر حزب الله ومن خلفه إيران فرصة لتغيير هويتها، لكنها دحرت غزاة كثراً». وأضافت: «مهما حاولوا سيبقى معرض الكتاب جزءاً من هوية بيروت العربية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».