«الدفاع المدني السوري»... شباب يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين

أكثر من 2600 متطوع في 104 مراكز يساعدون المدنيين من دون مقابل مادي

عضو في {الدفاع المدني} السوري يحمل طفلة أصيبت من جراء قصف النظام السوري بالقرب من مدرسة في حي سيف الدولة في حلب أمس (رويترز)
عضو في {الدفاع المدني} السوري يحمل طفلة أصيبت من جراء قصف النظام السوري بالقرب من مدرسة في حي سيف الدولة في حلب أمس (رويترز)
TT

«الدفاع المدني السوري»... شباب يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين

عضو في {الدفاع المدني} السوري يحمل طفلة أصيبت من جراء قصف النظام السوري بالقرب من مدرسة في حي سيف الدولة في حلب أمس (رويترز)
عضو في {الدفاع المدني} السوري يحمل طفلة أصيبت من جراء قصف النظام السوري بالقرب من مدرسة في حي سيف الدولة في حلب أمس (رويترز)

أكثر من 2600 شاب وشابة من مختلف المناطق السورية اختاروا أن يخاطروا بحياتهم متطوعين في «الدفاع المدني السوري» لإنقاذ حياة الآخرين من دون أي مقابل مادي، مركزين على الهدف الإنساني. نجحوا ولا يزالون في إنقاذ المئات من السوريين، وكانت صرختهم في منتصف الشهر الماضي مدوية في قاعة مجلس الأمن الدولي خلال جلسة البحث في استخدام «غاز الكلورين» بسوريا، إذ أبكوا أعضاءه المجتمعين، من خلال الفيديو الذين قاموا بإعداده لتوثيق استهداف طائرات نظام الرئيس السوري بشار الأسد المناطق المدنية في منطقة سرمين بإدلب السورية بالغاز السام وحالات اختناق عشرات الأطفال والنساء.
وفي التعريف عن أنفسهم، يؤكّد عناصر «الدفاع المدني» العمل «بحيادية وإنسانية من دون تمييز، ولا ندين بالولاء لأي حزب أو جماعية سياسية... نعمل لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح والحد من الإصابات بين الناس والضرر على الممتلكات»، وهو ما يشدّد عليه عبد الرحمن الحسن، مسؤول الارتباط في «الدفاع المدني». وأكد أنّهم في أحيان كثيرة أنقذوا عناصر كانوا يقاتلون إلى جانب النظام، «لأنّ هدفنا إنساني بالدرجة الأولى وإنقاذ الروح البشرية بغض النظر عن انتماءاتها».
ويوضح الحسن لـ«الشرق الأوسط» أنّ الشباب المتطوعين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما، يخضعون لدورات تدريبية في تركيا عبر المنظمة العالمية للبحث والإنقاذ، بينما يتم «التدريب الأولي» في ثلاث مراكز موجودة في إدلب وحلب.
لـ«الدفاع المدني» 104 مراكز موزعة في ثماني محافظات سورية يتم التنسيق في ما بينها بشكل مستمر، ولا سيما بعدما توحّدت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد اجتماعات جمعت قادة المحافظات لتحويله إلى مؤسسة عامة تحت راية واحدة هي «الدفاع المدني السوري»، ومنذ ذلك الحين بدأ التنسيق بشكل أكبر بين كل المراكز ومحاولة توزيع المساعدات بشكل متساوٍ عليها، بينما لا يزال هذا الأمر صعب التحقيق في المراكز الموجودة في دمشق وريفها وحمص، المحاصرة والتي لا يسمح النظام بدخول المساعدات إليها، وفق ما يشير إليه الحسن.
وبينما الخطة المستقبلية تقضي بتوسيع دائرة وجود مراكز «الدفاع المدني» إلى 122، تبقى العوائق والمشكلات التي تواجه المسؤولين في «الدفاع المدني» والمتطوعين هي بضعف الإمكانات وقلةّ المساعدات التي تحول في أحيان كثيرة دون قدرة العناصر على القيام بواجباتهم كما يطمحون. ويؤكد عبد الرحمن أن المتطوعين يعملون منذ أكثر من سنتين من دون أي مردود مادي، مشيرا إلى أن الحكومة المؤقتة قدمت المساعدات في الأشهر الأولى، ثم عادت وتوقفت، وهو ما يحول دون القدرة على تأمين المتطلبات اللوجيستية اللازمة، ولا سيما الآليات والمعدات والمصاريف التشغيلية.
وإضافة إلى الشباب المتطوعين الذي وجدوا في «الدفاع المدني» فرصة لتقديم المساعدات لأبناء وطنهم، فإنّ نواة هذه المؤسسة الإنسانية كانت قد تشكلّت بداية وبشكل أساسي في حلب في 15 مارس (آذار) 2013، من منشقين من «فوج الإطفاء السوري» كانوا قد رفضوا تعليمات قوات النظام بمواجهة المتظاهرين. وقد وصل عددهم اليوم إلى نحو 100 عنصر، معظمهم من حلب، إذ أعلن نحو 55 عنصرا في مركز واحد الانشقاق دفعة واحدة وبدأوا العمل مع «الدفاع المدني» من مركزهم، قبل أن يعود النظام ويستهدفهم بالقصف، ما اضطرهم إلى نقله إلى مكان آخره، كما عمد أحد العناصر المنشقين من «فوج الإطفاء» بإدلب إلى نقل سيارة من المركز معه.
ويتعهد «الدفاع المدني» بأنه «وبمجرد أن ينتهي القتال، ستلتزم المنظمة بالشروع في مهمة إعادة بناء سوريا كأمة مستقرة ومزدهرة ومحبة للسلام والتي يمكن فيها تحقيق تطلعات الشعب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية».
وأبرز مهام «الدفاع المدني» حاليا السعي لتقديم مختلف الخدمات الإنسانية والتي تساهم في إنقاذ المدنيين، أهمها التحذير من الهجمات والمخاطر، والبحث والإنقاذ في المناطق السكنية، وإخلاء السكان المدنيين من مناطق القتال التي فيها انتهاكات، وتوفير الخدمات الطبية - بما في ذلك الإسعافات الأولية - عند موقع الإصابة.، وإطفاء الحرائق، وإدارة ملاجئ الطوارئ.
كذلك يقوم فريق «الدفاع المدني» بالكشف ووضع علامات على المناطق الخطرة كتلك التي يوجد فيها ذخائر غير منفجرة وتقديم المساعدة الطارئة في إعادة وحفظ النظام في المناطق المنكوبة، إضافة إلى تأمين المقابر في الحالات الطارئة، وإدارة تدابير التعويض الطارئ في حالات انقطاع الخدمات.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.