عدسة متطورة لرصد نمو الخلايا السرطانية

تُطبع العدسة الدقيقة بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد ولديها القدرة على فحص خلايا حية تحت المجهر
تُطبع العدسة الدقيقة بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد ولديها القدرة على فحص خلايا حية تحت المجهر
TT

عدسة متطورة لرصد نمو الخلايا السرطانية

تُطبع العدسة الدقيقة بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد ولديها القدرة على فحص خلايا حية تحت المجهر
تُطبع العدسة الدقيقة بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد ولديها القدرة على فحص خلايا حية تحت المجهر

طوّر باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، عدسة جديدة منخفضة التكاليف ذات جودة تحاكي التصميم الدقيق للعدسات المستخدمة في منارات السفن.
وعبْر جهاز بصري يشبه عدسة منارة مُصغَّرة قد يصبح من السهل رصد التفاصيل الجزيئية للعمليات البيولوجية، بما فيها نمو الخلايا السرطانية، بالإضافة إلى فحص محتويات «أطباق بِتْري» الأسطوانية الشفافة التي تُستخدم عادةً كأداة مخبرية في مجال البيولوجيا.
يتطلّب الكثير من تقنيات التصوير البيولوجي إضافة الأصباغ الفلورية المضيئة إلى الخلايا المستهدفة. لكن ثمة طريقة مُبتكرة حديثاً، يُطلق عليها «تشتت رامان المحفز أو المستحث» (SRS)، التي يمكنها تجنُّب الخطوات المعقّدة لوَسْم العيِّنات، وذلك باستخدام نبضات الليزر لتجميع الإشارات الاهتزازية الجزيئية من العينات البيولوجية. وبفضل قدرة مجاهر «تشتُّت رامان» على إنتاج صورٍ عالية الدقة بسرعاتٍ آنية، فكّر الباحثون في استخدامها أيضاً في دراسات تشخيص الأمراض في الجسم الحي.
رغم ذلك، فإن من أوجه القصور في هذه المجاهر أنَّ نظام الرصد يتأثر بإشارة في الخلفية تُعرَف باسم التعديل متعدد الأطوار، وتحدث نتيجة التفاعلات المكثَّفة بين نبضات الليزر والعينات.
يقول الدكتور كارلو ليبرالي، أستاذ العلوم البيولوجية المساعد في «كاوست»: «هذه الإشارة الخلفية واسعة الانتشار كما أنها تقلِّل التباين وقت الرصد المجهري للعينات المعقدة، مثل الخلايا الحية، بل تجعل من الصعب تمييز الجزيئات المستهدفة».
ولتفادي آثار التعديل متعدد الأطوار، يحتاج معظم مجاهر «تشتُّت رامان المحفز» إلى استخدام عدسات شيئية زجاجية ضخمة، قادرة على تجميع زوايا عريضة من الضوء. لكن يكاد يكون من المستحيل تركيب هذه العدسات في الحاضنات التي توضَع فوق منصات المجاهر، والتي تُستخدم لإنماء الخلايا الحية بهدف التصوير الحيوي.
وقد أشرف الدكتور أندريا برتونشيني، الباحث ضمن فريق كارلو ليبرالي، على دراسة لتصنيع عدسة فائقة الصغر تعمل بتقنية «تشتُّت رامان» وذلك باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد بالليزر. ومن خلال محاكاة التصميم الدقيق لعدسات المنارات، طبع الفريق خصائص دقيقة تشبه العدسات والمرايا داخل بوليمر شفَّاف سُمكه أقل من الملليمتر.
يقول برتونشيني: «تصميم العدسة بهذه الطريقة يجعلها فعَّالة جداً في تجميع الضوء القادم من مصادر عريضة الزاوية وإعادة توجيهه إلى كاشف الليزر. ولأن العدسة دقيقة جداً، يكون من السهل تركيبها داخل الغُرَف المغلقة للحاضنات».
وبعد أن أكَّدت تجارب المعايرة أنَّ العدسة الجديدة تستطيع استبعاد إشارة التعديل متعدد الأطوار، وجَّه الباحثون أنظارهم نحو خلايا سرطانية بشرية مزروعة في طبق بتري تقليدي. وكشفت هذه التجارب أنه يمكن للعدسة تصوير المكونات الداخلية للخلية بدرجة من الدقة تضاهي مجاهر «تشتُّت رامان»، لكن بتصميم أكثر ملاءمة وأقل تكلفة.
يقول برتونشيني: «تبلغ تكلفة العدسات الشيئية التي نستخدمها عادةً لجمع الإشارات في مجاهر تشتُّت رامان المحفَّز بضعة آلاف من الدولارات. أما الآن، فأصبحت لدينا عدسة بمزايا مشابهة يكلّفنا إنتاجها أقل من عُشر هذه التكلفة».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً