تذمّر واسع داخل أوساط الطائفة العلوية في سوريا من استراتيجية الأسد المتداعية.. و«الثوار» قادمون

توريد أسلحة متطورة للمعارضة من بينها صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات

تذمّر واسع داخل أوساط الطائفة العلوية في سوريا من استراتيجية الأسد المتداعية.. و«الثوار» قادمون
TT

تذمّر واسع داخل أوساط الطائفة العلوية في سوريا من استراتيجية الأسد المتداعية.. و«الثوار» قادمون

تذمّر واسع داخل أوساط الطائفة العلوية في سوريا من استراتيجية الأسد المتداعية.. و«الثوار» قادمون

نجح ثوار المعارضة السورية في تحقيق مكاسب ميدانية مهمّة خلال الأشهر القليلة الماضية، لا سيما في جبهات شمال سوريا، وكذلك تمكنوا من صد هجوم روّجت له كثيرًا القوات الموالية للرئيس بشار الأسد في جبهات الجنوب. وهذه مكاسب يرى مراقبون أنها قد تعيد رسم خارطة الصراع الدائر في البلاد وتزعزع استقرار نظام الأسد.
في شمال سوريا، تمكن الثوار من إحكام قبضتهم على عدد من المناطق، الواحدة تلو الأخرى، إذ سيطروا أولا على معسكر وادي الضيف العسكري القريب من مدينة معرة النعمان بجنوب محافظة إدلب. وفي مارس (آذار) الفائت سيطروا على مدينة إدلب نفسها، عاصمة المحافظة، ثم سيطروا أخيرًا على مدينة جسر الشغور، في أقصى غرب المحافظة. ومن ثم أطلقوا هجومًا على سهل الغاب الذي يصفه عضو المعارضة الدكتور رضوان زيادة في مقابلة مع «الشرق الأوسط» بأن «له أهمية كبرى كونه يقع على باب المنطقة العلوية». ومن جهته، يشير الدكتور جوشوا لانديس الأكاديمي الأميركي والمحلل المتخصص في الأمور السورية – وهو متزوّج بعلوية – في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن الخطر الرئيسي بالنسبة إلى العلويين يتمثل في أن «مناطقهم باتت مهدّدة بصورة كبيرة، ما يشكل نقطة ضعف أخرى للنظام».
في محافظة إدلب، حسنّت «جبهة النصرة» مستوى التنسيق بينها وبين فصائل الثوار الأخرى مثل «أحرار الشام» و«صقور الشام» من خلال ما سمي بـ«جيش الفتح». وفي هذا السياق أورد تقرير صدر أخيرًا عن «معهد دراسات الحرب» (Institute For The Study of War ISW) أن قوى المعارضة تمكنت من السيطرة على معسكر القرميد، الذي كان أحد معاقل النظام جنوب شرقي مدينة إدلب، وأن بلدة أريحا، التي غدت المعقل الوحيد المتبقي للنظام في المحافظة وبلدة محردة الواقعة شمال غربي مدينة حماه – في محافظة حماه – قد تشكلان الهدف التالي لتحالف المعارضة.
وفي هذه الأثناء، في الجنوب السوري، استطاعت قوات المعارضة العاملة تحت اسم «الجبهة السورية الجنوبية»، التي وفقا للانديس تضم نحو 57 ميليشيا وتتألف من عدد من العائلات القبلية المهمة فضلا عن «جبهة النصرة»، التصدّي لهجمات قوات الأسد والتقدم على محاور جديدة. وخلال شهر أبريل (نيسان) الفائت استولت المعارضة فعلاً على معبر نصيب الحدودي الواصل بين الأراضي السورية والأردن، والواقع في محافظة درعا، واقتحمت كذلك بلدة بصرى الشام المهمة.
عناصر عدة قد تفسّر هذا التغيير في ديناميكيات الجيش السوري النظامي على أرض المعركة. ويرى لانديس أولا أن «رغبة الأسد وإصراره على بسط السيطرة على كامل الأراضي السورية جعلاه يعمل على محاولة تأمين مواقع له في مختلف مناطق البلاد، ما أدى إلى تشتيت قوة جيشه». ويضيف أنه في الوقت نفسه «كانت القوات الموالية لنظام الأسد في وضع ضعيف في محافظة إدلب، التي هي معظمها محافظة سنّية المذهب، ما جعل مواقع قوات النظام مطوّقة إلى حد ما ضمن منطقة ريفية كانت منذ بدء الثورة في سوريا تحت قبضة الثوار». ووفق الخبير الفرنسي فابريس بالانش في مقابلة مع «الشرق الأوسط» فإن «قوات النظام في هذه المنطقة لم تحظَ بدعم حزب الله اللبناني كونها لا تشكل أولوية بالنسبة إليه».
من ناحية ثانية، وفي محاولة لتعزيز سيطرته في محافظة اللاذقية، شن جيش النظام في نهاية الأسبوع الماضي هجوما ضد ثوار المعارضة بعد سلسلة الخسائر التي مني بها في محافظة إدلب المجاورة، وأراد الجيش تحصين مواقعه لاستباق أي هجوم محتمل يشنه الثوار على محافظة اللاذقية، التي تعد معقل الطائفة العلوية. وفي هذا السياق، أورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات النظام هاجمت بالفعل مواقع المعارضة بين ليل الخميس ويوم الجمعة الماضيين في شمال شرقي محافظة اللاذقية. وصرح رئيس «المرصد» رامي عبد الرحمن بأن «المعارك تدور عند قمة النبي يونس، التي تعد موقعا استراتيجيا يعلو 1500 متر (500 قدم) فوق مستوى سطح البحر، على حافة محافظتي إدلب وحماه». وفي هذه الأثناء، أعطت «الجبهة الجنوبية» زخمًا جديدًا للثوار.
أما العنصر الثاني الذي قد يفسّر المكاسب السريعة التي يحققها الثوار في الآونة الأخيرة فيتمثل في توريد أسلحة متطورة من بينها صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات التي يقول الدكتور زيادة إنها «أحدثت فرقًا كبيرًا»، لم تستطع قوات النظام الصمود أمام مستخدميها إلا لساعات أو أيام معدودة قبل أن تتراجع.
أما العنصر الثالث، فيتمثل بما يبدو أن الثوار قرّروا زيادة التنسيق في ما بينهم وإعادة تنظيم صفوفهم تحت راية «جيش الفتح» في الشمال أو «الجبهة الجنوبية» في الجنوب. ويُعزى هذا حسب خبراء يتابعون الشؤون السورية إلى التطوّرات الإقليمية الجديدة التي اتخذت شكل تقارب بين بعض دول المنطقة الفاعلة، ما وضع حدا للمشاحنات المعتادة بين الثوار. وفي هذا الصدد، يعتبر الخبير بالانش أن ثقة هذه الدول ومنها تركيا وقطر بالولايات المتحدة باتت مزعزعة، لا سيما حين يتعلق الأمر بسوريا، ناهيك بأنها «تشعر بالغضب من (الاتفاقية النووية) مع إيران، ثم إن تركيا قرّرت بالفعل إنشاء منطقة عازلة في شمال سوريا تجنّبًا لتدفق أعداد اللاجئين الهائلة إليها». وبالإضافة إلى ما تقدّم، وافقت بعض الدول العربية على دعم مجموعات لم تكن تنظر إليها سابقًا بشكل إيجابي مثل الفصائل التابعة لجماعة الإخوان المسلمين و«جبهة النصرة». ويرى الدكتور لانديس أن أبرز الدول الشرق أوسطية الداعمة للثوار «هي اليوم في الخندق نفسه عندما يتعلق بالأمر الفصائل الإسلامية». هذا، وللمرة الأولى منذ نشوء الصراع في سوريا، تبدو المنطقة الغربية من سوريا باتت مهدّدة، إذ لا تبعد مدينة جسر الشغور إلا نحو 100 كلم عن اللاذقية وهي معقل العلويين الذين يتحدر منهم الأسد والذين يشكلون غالبية القوات المقاتلة غير الرسمية التابعة لنظامه. ويرجح الخبراء أن هذا التطور سيكون له وقع كبير على الطائفة العلوية التي ما عادت تتقبل مقتل كثير من أبنائها، وهنا يشير لانديس إلى أن ما بين 70.000 إلى 100.000 علوي قتلوا في الصراع، ما أثار غضب الطائفة على الأسد، ذلك أنها تعتبر استراتيجية الأسد القائمة على الامتداد باتجاه جميع وترك معسكرات غير معزّزة داخل مناطق العدو استراتيجية تسهل القضاء عليهم.
هذه التطورات الجديدة لا تعني، مع ذلك، أن الأسد بات في ورطة خطيرة، فهو ما زال يسيطر على مناطق حيوية في البلاد مثل مدن حمص وحماه والسويداء، ثم إن المناطق الساحلية ووسط العاصمة دمشق ما زالت آمنة، وحتى في شمال غربي البلاد، إذ بات الثوار مؤهلين بصورة أفضل من أي وقت مضى لطرد قوات النظام، ما زال النظام قادرًا على خوض معارك في محافظة حلب وأيضا في محافظة حماه، غير أن من شأن هذه التطوّرات بالتأكيد تبديل ديناميكيات الصراع.
بالنسبة إلى الدكتور كريستوفر كوزاك، الذي كان وراء إصدار التقرير الأخير في «معهد دراسات الحرب» فإن الأسد ليس في موقع يسمح له بتحقيق انتصارات عسكرية شاملة في عام، ذلك أن الجيش النظامي ما زال يتخبّط في مشكلات مزمنة كالاستنزاف وانعدام الثقة. وما عاد بمقدور الأسد الوثوق إلا بنخبة قليلة من وحداته العسكرية وبـ«فيلق القدس» وحزب الله وغيرهما من الجماعات الموالية لإيران لقيادة عملياته العسكرية، «كما أن اللجوء إلى الوحدات شبه المسلحة كقوات الدفاع الوطني في معارك شرسة أدت إلى إضعاف قوة النظام وإلى زعزعة القاعدة الشعبية للأسد» وفق كوزاك.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».