مخاوف في بلجيكا من عودة المقاتلين من سوريا والعراق.. وزعيم حزب اليمين المتشدّد يصفهم بـ«إرهابيي المستقبل»

مطالب بطرد الأئمة المتطرفين وإغلاق المساجد «الراديكالية»

مخاوف في بلجيكا من عودة المقاتلين من سوريا والعراق.. وزعيم حزب اليمين المتشدّد يصفهم بـ«إرهابيي المستقبل»
TT

مخاوف في بلجيكا من عودة المقاتلين من سوريا والعراق.. وزعيم حزب اليمين المتشدّد يصفهم بـ«إرهابيي المستقبل»

مخاوف في بلجيكا من عودة المقاتلين من سوريا والعراق.. وزعيم حزب اليمين المتشدّد يصفهم بـ«إرهابيي المستقبل»

ذكر فيليب ديونتر، زعيم حزب «فلامس بلانغ» اليميني المتشدد في بلجيكا، أن هناك 450 شابًا بلجيكيًا سافروا إلى سوريا للمشاركة في القتال هناك مع تنظيم داعش وجبهة النصرة ضد النظامين السوري والعراقي. وأضاف ديونتر في تصريحات أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» قائلاً «سبق أن قلت في مرات عديدة إن من يحاربون الآن هناك، خاصة من البلجيكيين، سيكونون إرهابيي المستقبل بعد عودتهم إلى بيئاتهم ومجتمعاتهم الأوروبية، وسيقومون بأعمال مماثلة لما يقومون به الآن في سوريا والعراق، ونحن نتخوف كثيرًا من هذا الأمر».
ولدى سؤاله عن رأيه في جهود الحكومات الأوروبية لمواجهة تسفير الشباب إلى سوريا والعراق، أجاب الزعيم اليميني المتشدد «لا أعتقد أن الحكومات الأوروبية تقوم بالمطلوب منها بشكل كاف. الأوروبيون يكتفون الآن بمحاربة هؤلاء هنا، لكن علينا أيضًا أن نحاربهم هناك أيضًا. لا يجوز أن نترك المواطن الأوروبي فريسة للخوف، ويجب ألا نترك هؤلاء يعودون إلى الأوطان الأوروبية»، كاشفًا أنه بحث هذا الموضوع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال زيارته - أي ديونتر - الأخيرة إلى دمشق «وقلت له إننا لا نريد أن يعود هؤلاء إلى مجتمعاتنا».
واستطرد يقول «هناك سؤال مطروح بشكل أكبر.. وهو لماذا سافر هؤلاء إلى سوريا؟ ولماذا ينضمون إلى (داعش)؟»، ثم يجيب من تلقاء نفسه قائلاً «لأن حكوماتنا متسامحة في التعامل مع الفكر الراديكالي. وأنا أرى أن هناك حلفاءً في الشرق الأوسط يدعمون الإرهاب، ولا يجوز التعاون مع أولئك الذين يدعمون التشدّد الديني. لا يمكن أن نسهم نحن في تقوية الفكر المتشدّد، ولذا علينا إعلان الحرب على الراديكالية في بلادنا من خلال إغلاق المساجد الراديكالية وطرد الأئمة المتطرفين وحظر دخولهم إلى بلادنا، وكذلك حظر جميع المنظمات التي تساعد الإرهاب».
الجدير بالذكر أنه وفي نهاية الأسبوع الماضي وافق مجلس الوزراء البلجيكي على تمديد قرار يسمح بوجود عناصر الجيش في الشوارع لمساعدة الشرطة على مواجهة مخاطر الإرهاب وتأمين مراكز حيوية في البلاد. وسيستمر العمل بالقرار حتى مطلع يونيو (حزيران) المقبل، وقبل ذلك سيقوم مركز تحليل المخاطر والتهديدات الإرهابية بتقديم تقرير للحكومة لاتخاذ قرار جديد حول هذا الأمر. ويتضمن قرار الحكومة البلجيكية أيضًا إبقاء عدد عناصر الجيش المنتشرة في الشوارع على ما هي عليه الآن، أي 210 جنود. وقالت مصادر وزارة الداخلية البلجيكية إن الوضع في البلاد ما زال على ما كان عليه خلال الفترة الأخيرة، وبالتالي، تبقى حالة الاستنفار على وضعها الحالي بمساعدة عناصر الجيش.
وكان مجلس الوزراء البلجيكي قد قرّر مطلع أبريل (نيسان) الماضي تمديد بقاء عناصر الجيش في الشوارع لمدة ثلاثة أسابيع، بعد اعتماده تخفيض العدد من 300 إلى 210 جنود في أعقاب تخفيف حالة الاستنفار الأمني في البلاد من الدرجة الثالثة (العالية الخطورة) إلى الثانية الأقل خطورة. وجاء الاستنفار في أعقاب الحادث الذي وقع في مدينة فيرفييه، بشمال شرقي بلجيكا، منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي. وحينذاك أعلنت السلطات أنها أحبطت عملية إرهابية كانت تستهدف عناصر ومراكز الشرطة وخطّطت لها عناصر متطرفة عادت أخيرًا من سوريا.
وقبل أيام، قالت فيرا جوريفا، المسؤولة في الاتحاد الأوروبي، خلال مقابلة مع صحيفة فرنسية، إن عدد المقاتلين الذين يحاربون في صفوف جماعات متطرفة في سوريا يمكن أن يتجاوز الستة آلاف شخص. وأوضحت جوريفا، وهي تشيكية تشغل منصب مفوضة العدل في الاتحاد الأوروبي، لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، قائلة «نحن على المستوى الأوروبي نقدّر عدد الذين ذهبوا إلى سوريا بما بين خمسة وستة آلاف شخص». وقدّرت المسؤولة الأوروبية عدد الفرنسيين بينهم بـ1450 شخصا. ثم ذكرت أن «العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، على الأرجح، لكن يصعب تحديده بسبب صعوبة رصد المقاتلين الأجانب في ساحات القتال». ومن ثم تابعت جوريفا «عند وقوع هجمات باريس وكوبنهاغن، قررنا ألا نسمح لأنفسنا بالانقياد وراء الخوف»، مشيرة بذلك إلى الهجومين اللذين شنهما متطرفون في باريس وإطلاق النار على مركز ثقافي في الدنمارك. وتابعت جوريفا أن التركيز على الذين يسعون للتوجّه إلى سوريا من أجل القتال أو الذين يعودون من النزاع «قد يأتي متأخرًا جدًا». واستطردت أن الاتحاد يفضل «التركيز على الوقاية أكثر من القمع»، والبحث عن الأسباب المختلفة وراء التحاق مواطنين بالجماعات المتطرفة بمعزل عن الديانة. وتحدثت المسؤولة الأوروبية في هذا المجال عن «الرغبة في المغامرة والملل والاستياء من الوضع في الحياة وغياب الآفاق» لدى أولئك الذين اختاروا التخلي عن عائلاتهم والتوجه إلى سوريا.
وفي هذا السياق، أشار تقرير الإرهاب لعام 2014 الذي أعدته وكالة تطبيق القانون الأوروبية «يوروبول»، إلى الارتفاع المتزايد لعدد مواطني دول الاتحاد الأوروبي الذين يشاركون في القتال في سوريا، لافتًا إلى «زيادة التهديد الأمني المحتمل الذي سيمثله هؤلاء المقاتلون على الاتحاد الأوروبي حال عودتهم إلى بلادهم». وتفيد أرقام شرطة «اسكوتلانديارد» في بريطانيا بأن «أكثر من 500 بريطاني» يقاتلون في صفوف مجموعات مثل «داعش»، معربة عن خشيتها من التخطيط لاعتداءات فور عودتهم إلى البلاد. كذلك تقدر ألمانيا عدد رعاياها الذين انضموا إلى المتطرفين في العراق وسوريا بنحو 550، قتل نحو ستين منهم في المعارك أو في هجمات انتحارية، وعاد 180 إلى ديارهم. ووفق أرقام «المركز الدولي لدراسة العنف والتطرف السياسي» فإن روسيا تحتل المرتبة الأولى من بين الدول الغربية في عدد مواطنيها الذين يقاتلون في صفوف تنظيم داعش، وتليها في المرتبة الثانية فرنسا، وفي المرتبة الثالثة بريطانيا، وفي المرتبة الرابعة تركيا.
وفي المقابل، اعتقلت السلطات الأمنية في دول عربية وآسيوية وأوروبية عشرات المتهمين بالتخطيط للانضمام إلى «داعش»، مما يشير إلى أنه ما زال قادرًا على اجتذاب المقاتلين، بمن فيهم النساء، من مختلف دول العالم، على الرغم من الجهود المختلفة لمواجهته، والتي تنوعت بين الحرب الإلكترونية والعسكرية والاقتصادية التي يشنها التحالف الدولي، بالإضافة إلى القوانين الرادعة التي أقرها بعض الدول في إطار تجريم الانتساب أو دعم أو الترويج لـ«داعش» بأي وسيلة.
ومن وجهة نظر فوزية طلحاوي، أول برلمانية بلجيكية من أصل مغربي، فإن «مشكلة تسفير الشباب للقتال في سوريا أصبحت موضوعًا أساسيًا على جدول الأعمال الأوروبي، وثمة تنسيق مشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمواجهة هذا الواقع». وأردفت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في بروكسل أن «اجتماعات انعقدت أخيرًا بين بلجيكا وفرنسا للتنسيق والعمل المشترك هي جزء من تحرك أوروبي، تشارك فيه دول أخرى تعاني من مسألة تسفير شبان من المسلمين الأوروبيين إلى سوريا للمشاركة في العمليات القتالية، خاصة أن هناك مخاوف من مرحلة ما بعد عودة هؤلاء إلى دولهم الأوروبية، وما يمكن أن يشكله ذلك من خطر على المجتمعات الأوروبية».



تركيا وإحياء «داعش» في ليبيا

قوات ليبية تهاجم مواقع «داعش» خلال عملية «البنيان المرصوص» في مدينة سرت 2016 (غيتي)
قوات ليبية تهاجم مواقع «داعش» خلال عملية «البنيان المرصوص» في مدينة سرت 2016 (غيتي)
TT

تركيا وإحياء «داعش» في ليبيا

قوات ليبية تهاجم مواقع «داعش» خلال عملية «البنيان المرصوص» في مدينة سرت 2016 (غيتي)
قوات ليبية تهاجم مواقع «داعش» خلال عملية «البنيان المرصوص» في مدينة سرت 2016 (غيتي)

غداة الزيارة المريبة التي قام بها الوالي العثماني المنحول إردوغان إلى تونس، علا صوت الكثير من الأحزاب التونسية والاتحادات العامة للشغل وغيرها من جماعات المجتمع المدني بالرفض لأن تكون تونس ممراً أو مستقراً لنقل «الدواعش» من سوريا إلى ليبيا بواسطة تركيا عبر بلادهم».
المطالب المتقدمة تعني أمراً واحداً، وهو يقين الشرفاء والنبلاء من الشعب التونسي بأن بعض من نوايا إردوغان الحقيقية بالنسبة لليبيا موصول بإعادة إنتاج التنظيم الإرهابي الأشرس في العقود الأخيرة (داعش)، وربما في طبعة جديدة أسوأ مما شهده العالم في العراق وسوريا خلال النصف الثاني من العقد الماضي.
أسئلة كثيرة تطل برأسها من نافذة الأحداث المتسارعة عن أحوال «داعش» وعن الفوضى والارتباك اللذين تتسبب فيهما تركيا في ليبيا، وفي الوسط تسعى لنقل معركتها إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وإلى العمق الأفريقي لأهداف سنأتي على تفصيلها.
علامة الاستفهام الأولى في هذا الحديث: «ما هو وضع الدواعش في الوقت الحاضر في موطن النشوء الأول ومن حول بلاد الشام التاريخية؟».
الجواب نجده بالتفصيل والأرقام عند هارون ي زيلين، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وعنده أنه في عام 2019 قدر البنتاغون أن ما بين 14 و18 ألف من مقاتلي تنظيم «داعش» لا يزالون في العراق وسوريا، والتساؤل ما الذي يفعلونه هناك؟
بلا شك مواصلة العمل كتنظيم إرهابي متمرد يكرس أعضاؤه جل وقتهم لمحاولة تهريب السجناء، وربما إعادة السيطرة على الأراضي، ومن خلال حرب استنزاف يعتقدون أنهم سيرهقون أعداءهم، كما أنهم يستفيدون من أي مساحات لا تسيطر عليها الحكومة المركزية أو يلعبون على وتر خطوط الصدع السياسية أو العرقية أو الدينية آملين في استغلالها لصالحهم.
> هل لدى التنظيم حتى الساعة مقدرة مالية على إدارة شؤونه بنفسه والإنفاق على عملياته الإرهابية؟
ــــ من الواضح أن الدواعش لا يزالون قابضين على ثروة تقدر بنحو 300 مليون دولار، ووفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في يوليو (تموز) 2019، فإن «داعش» استثمر مجدداً أمواله في أعمال مشروعة، وربما بأسماء وهمية لا علاقة لها بأعضائه الإرهابين، أي من خلال عناصر نائمة، وذلك عبر العقارات، ووكلاء السيارات، ويوجد عدد منها في تركيا وفقاً لوزارة الخزانة الأميركية التي صنفت أفراداً من تنظيم «داعش» وشركات تحويل وصرافة على لائحة الإرهاب.
> ماذا تعني تلك البيانات المتقدمة؟
ــــ باختصار غير مخل، تشير إلى أن التنظيم لا يزال باقياً وفاعلاً، وأن الأيادي التركية السوداء تقف وراءه في أقصى الشرق، وها هي تجد فرصة غير مسبوقة ليعبر المتوسط جهة الغرب ويحل برحاله في ليبيا.
لم ينس إردوغان للحظة واحدة أنه في الشرق من ليبيا، توجد مصر الكنانة التي أسقطت مشروعه في عام 2013؛ فقد خيل له أنه قد أضحى الخليفة الجديدة بعد سنوات الربيع المغشوش؛ ولهذا فإن ملامح وعلامات الانتقام من مصر لا تغيب عن ناظريه، وقد حاول كثيراً استخدام الطابور الخامس من الإخوان المسلمين في مصر في زعزعة استقرار المحروسة وأخفق؛ ولهذا فقد بدا واضحاً أن الرجل المقهور يود نقل معركته إلى الداخل المصري بالاقتراب الكبير والمؤثر والفاعل؛ الأمر الذي لا يغيب عن أعين صقور المؤسسة العسكرية المصرية التي تقف له بالمرصاد.
وجد إردوغان ضالته المنشودة في جماعة الوفاق المنحلة، التي هي مزيج من الإخوان المسلمين والدواعش و«القاعدة» والجماعات الإرهابية كافة الشاردة والواردة، ومن خلال عمليات لوجيستية تتضح ساعة بعد أخرى، يمضي في إحياء التنظيم القاتل وله في ذلك أيضاً مأربان، أحدهما جهة الشمال والآخر ناحية الجنوب...ماذا عن ذلك؟
أما الشمال، فالمقصود به أوروبا، حيث العداء التاريخي المستحكم من تركيا تجاه أوروبا، وإردوغان يشعر بالغدر والخيانة من جراء رفض الاتحاد الأوروبي قبوله تحت سقفه؛ ولهذا أطلق تصريحات ذات طبيعة دوجمائية أكثر من مرة، حاول بها تفعيل مشاعر ديماجوجية في وسط الأتراك ليكتسب شعبية، رغم أن الأمر ارتد عليه مؤخراً بالسلب.
يسعى إردوغان من تأصيل وجود «الدواعش» على الشاطئ المتوسطي المواجه لأوروبا إلى استخدام الإرهاب الأصولي كأحدى أوراق نفوذه ضد ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، والبرتغال، وقبلهما اليونان وقبرص، وهو أمر ليس بجديد عليه، فقد صرح قبل فترة بأنه قادر على فتح بوابات الوصول إلى أوروبا أمام اللاجئين والدواعش لإغراق أوروبا، وربما إحراقها بنيران الدواعش ومن لفّ لفّهم.
إردوغان أيضاً له مأرب آخر يتصل بعمق القارة الأفريقية، وهو يدرك أن ما فقده من أوهام الخلافة في الشرق الأوسط، ربما يجد له صدى في وسط أفريقيا، حيث يغيب الأمن كثيراً عن بعض الدول من جهة، ولا سيما المفككة اجتماعياً، وحيث تنتشر جماعات الإرهاب المشابهة من «حركة الشباب» و«بوكو حرام» وما شابه، وغالبيتها قد أعلنت ولاءها وانضواءها تحت راية تنظيم «داعش» الإرهابية وليس الإسلامية قبل نحو عامين.
والشاهد، أن إردوغان لا ينشئ فرعاً جديداً لـ«داعش» في ليبيا، وإنما يسعى لإيقاظ المؤتلفة قلوبهم، إن جاز التعبير، أولئك الذين هم دواعش في الباطن وإن أبدوا خلاف ذلك في العلن، والمعروف أن الأرضية الأصولية الإخوانية في ليبيا كانت قد انتهزت فرصة الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011، حيث أقام المقاتلون مثل سوريا والعراق حكماً دينياً، غير أنه وفي عام 2016 استطاعت قوات الحكومة ومقاتلون من مصراتة بدعم من القوات الأميركية الخاصة وطائرات «إف 16» إخراج مقاتلي التنظيم من سرت في ديسمبر (كانون الأول) 2016.
في ذلك الهجوم قُتلت أعداد كبيرة من المتشددين، في حين هرب البقية إلى الجنوب بحثاً عن ملاجئ آمنة، وأقاموا معسكرات تدريب استخدموها للسطو على شاحنات النفط، وحصلوا على موارد من خلال التهريب، وهرب بعضهم إلى النيجر، حيث انضموا إلى فرع التنظيم هناك. ورغم عددهم القليل فإنهم استمروا في هجماتهم السريعة.
مؤخراً، وحتى قبل التدخل الإردوغاني المسموم، بدأ القلق يتزايد في سرت مرة أخرى، حيث تم اعتقال عشرة أشخاص يشتبه بتعاطفهم مع التنظيم، منهم مهندسة عثر على جهاز لاسلكي في بيتها، كما قبض على رجل قابل أعضاء في «خلية نائمة»، وأقاموا حاجز تفتيش خارج المدينة لإظهار أنهم لا يزالون فيها.
> هل بدأت مرحلة إحياء «داعش» ليبيا بشكل رسمي الأيام الأخيرة وبدعم علني من تركيا لا يواري ولا يداري أهدافه الآثمة؟
ــــ من الواضح أن ذلك كذلك، ولا سيما في ضوء ما رصده «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في سوريا، والذي أشار قبل أيام إلى أن الفصائل السورية الموالية لتركيا قد افتتحت هناك مراكز تسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال في ليبيا.
> هل بدأ الحشد «الداعشي» التركي طريقه إلى ليبيا بالفعل؟
ــــ الشاهد، أنه، ومن أسف، قد بدأ عشرات الأشخاص يقصدون تلك المراكز للالتحاق بالمعارك في ليبيا للعمل تحت الحماية التركية هناك، كما نقلت مصادر محلية قولها إن الفصائل الموالية لتركيا تشجع الشباب على الالتحاق بالحرب الليبية، وتقدم مغريات ورواتب مجزية تراوح بين 1800 و2000 دولار أميركي لكل مسلح شهرياً، علاوة عل تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة.
ولعل الذين تابعوا الأسبوع الماضي تصريحات المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري قد وقر لديهم أن عجلة إحياء تنظيم «داعش» في ليبيا قد دارت بالفعل، وذلك من خلال الأصابع المشبوهة للمخابرات التركية التي تقوم بنقل عناصر التنظيم، عطفاً على القادمين والمنتمين الجدد والذين هم في غالبيتهم مرتزقة ومؤدلجون أصوليون، والنوعان معاً، ولا سيما من أعضاء «جبهة النصرة» من سوريا إلى ليبيا عبر مطار جربة في تونس، الأمر الذي يعود بنا إلى الحديث عن تونس مرة جديدة، ويربط بينها وبين ما يجري في ليبيا.
> هل تعرّض التونسيون إلى خدعة كبرى في اختيارهم الأخير؟
ــــ مهما يكن من أمر ساكن القصر الرئاسي، إلا أن المؤكد أن حزب «النهضة التونسي» ليس إلا وجهاً آخر من أوجه الإخوان المسلمين في تونس، وهو أحد فروع التنظيم الدولي لـ«الإخوان» المسلمين المنتشر حول العالم، يأتمر بأمرهم، ويتوجه كيفما يعنّ لبوصلتهم.
هنا يصبح من الحقيقي التسليم بالمعلومات التي رصدها الجيش الليبي من استخدام مطارات تونس لغرض إنشاء «داعش» جديدة على الأراضي الليبية، ومنها مطار جربة، حيث تم إنزال مجموعات إرهابية في تونس، وتم نقلهم إلى ليبيا عن طريق الجبل الغربي، ومطار مصراتة وزواره، ومعتيقة تحديداً التي استقبلت أعداداً كبيرة من «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش».
في هذا السياق، يبقى من الطبيعي أن تنهض آمال «الدواعش» في تونس في الفترة المقبلة، أولئك الذين سيصبحون الجسر الواصل بين تونس وليبيا؛ الأمر الذي حذر منه البرلمان التونسي السابق قبل عودة النهضة الكارثية مرة أخرى، لكن في ظل السيطرة الإخوانية التونسية الأخيرة يكاد يكون الأمل سراباً في إعادة ضبط وتموضع «الدواعش» التونسيين.
حين نشير إلى أن دواعش ليبيا قد بدأوا مرحلة مغاير آخذة في التصاعد الإرهابي المؤلم، فإننا لا نرجم بالغيب، بل من خلال أدلة ليس آخرها الفيديو الذي أذاعوه نهار الخامس من ديسمبر 2019، وفيه ذبح لمواطنين ليبيين بينهم موظفون حكوميون سقطوا أسرى في أيدي التنظيم، ومشاهد بشعة لعمليات إعدام جماعية بالرصاص، في منطقة الفقهاء جنوب ليبيا.
الفيديو بثته وكالة «أعماق» التابعة لتنظيم «داعش» حمل اسم «وأخرجوهم من حيث أخرجوكم»، استمر نحو 31 دقيقة وأظهر معاملة مشينة من عناصر التنظيم للأسرى الذين وقع اختطافهم، أو المواطنين الذين تم اعتقالهم خلال عملياته الإرهابية على بلدة الفقهاء، حيث وثقت مقاطع عملية إعدام جماعية لأشخاص مكبلين رمياً بالرصاص على رؤوسهم.
الأسئلة الجوهرية في هذا السياق، هل ستبقى أوروبا مكتوفة الأيدي أمام تركيا وهي تعيد سيرة حروب القرون الوسطى من جديد، وهل ستكتفي بدور المشاهد بعد أن أسقطت نظام القذافي ولم يكن لها خطة لليوم التالي؟
ثم فيما يخص أميركا، لماذا يتسم موقفها بالميوعة السياسية، وهل يخشى إردوغان من التورط في الأزمة الليبية عسكرياً وهو في عام الانتخابات ولديه من الإشكاليات الداخلية ما يكفي؟
ألا تعد خطط إردوغان نوعاً من تهديد السلم العالمي، الأمر الذي يستوجب التنادي إلى البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بالاتحاد من أجل السلم قبل أن يستفحل الضرر ويتحول المشهد إلى حرب إقليمية؟
ثم ما هو الدور الروسي في ليبيا وهي التي تسعى لاستعادة نفوذها هناك، وهل سيقدر لها قطع الطريق على الآغا العثمانلي بطريق مشابهة لما فعلته مع الدواعش في سوريا؟