واشنطن تغلق الباب بوجه طلب موسكو ضمانات في «النووي» الإيراني

بلينكن قال إن قضيتين تحولان دون التوصل للاتفاق

صورة نشرها أوليانوف على تويتر من محادثاته مع مورا في فندق قصر كوبورغ في فيينا أول من أمس
صورة نشرها أوليانوف على تويتر من محادثاته مع مورا في فندق قصر كوبورغ في فيينا أول من أمس
TT

واشنطن تغلق الباب بوجه طلب موسكو ضمانات في «النووي» الإيراني

صورة نشرها أوليانوف على تويتر من محادثاته مع مورا في فندق قصر كوبورغ في فيينا أول من أمس
صورة نشرها أوليانوف على تويتر من محادثاته مع مورا في فندق قصر كوبورغ في فيينا أول من أمس

أغلق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الباب بوجه المطالب الروسية بالحصول على ضمانات بأن العقوبات الجديدة المفروضة عليها على خلفية الأزمة الأوكرانية، لن تؤثر على حقوق موسكو الواردة في التفاهم على إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وأدخلت العراقيل الروسية محادثات فيينا في حالة من عدم اليقين أمس.
وسعى بلينكن إلى تبديد الحديث عن مثل هذه العقبات. وقال عبر شبكة «سي بي إس» إن العقوبات المفروضة على روسيا ردا على غزوها لأوكرانيا «لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني... لا رابط بين المسألتين بأي شكل من الأشكال، لذا أعتقد بأن (المطالب الروسية) خارج السياق».
وبينما بلغت المحادثات مراحل حاسمة، دخلت أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا على الخط، مع طلب موسكو ضمانات خطية بألا تؤثر العقوبات الغربية المفروضة بحقها، على تعاونها مع طهران في حال إحياء الاتفاق. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أول من أمس إن العقوبات الغربية المفروضة بسبب الحرب في أوكرانيا أصبحت حجر عثرة أمام الاتفاق النووي الإيراني، مناديا بضرورة أخذ المصالح الوطنية الروسية في الاعتبار.
وقال بلينكن عبر شبكة «سي بي إس» إن العقوبات المفروضة على روسيا ردا على غزوها لأوكرانيا «لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني... لا رابط بين المسألتين بأي شكل من الأشكال، لذا أعتقد بأن (المطالب الروسية) خارج السياق». وأضاف «من مصلحة روسيا بغض النظر عن أي شيء آخر أن تكون إيران غير قادرة على امتلاك سلاح نووي أو ألا تمتلك القدرة على إنتاج سلاح بسرعة كبيرة». وتابع «يبقى هذا الاهتمام سارياً بغض النظر عن علاقتنا بروسيا منذ غزوها لأوكرانيا». وأضاف أنه تم إحراز «تقدم حقيقي» في الأسابيع الأخيرة، وأن اتفاقا بات «وشيكا»، لكنه حذر من أن «اثنتين من القضايا الصعبة المتبقية» لا تزالان دون حل، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز».
وبينما لم يصدر أي تصريح رسمي من طهران، نسبت «رويترز» في وقت سابق إلى مسؤول إيراني كبير أن طهران تنتظر توضيحا من موسكو بشأن تصريحات لافروف. وقال: «من الضروري أن نفهم بوضوح ما تريده موسكو. إذا كانت مطالبهم تتعلق بالاتفاق النووي فلن يكون من الصعب إيجاد حل لها». وتابع «لكن الأمر سيكون معقدا إذا كانت الضمانات التي تطالب بها موسكو تتجاوز الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة)».
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أمس أن المفاوضات في فيينا «لم تصبح نهائية بعد ولا تزال هنا قضايا لم يتوصل حولها اتفاق مع أميركا». وأجرى المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا، مشاورات مع كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني.
والأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بمدى إلغاء العقوبات، وتقديم ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى، وحل الأسئلة المتعلقة بآثار اليورانيوم في العديد من المواقع غير المعلنة في إيران.
وبعد 11 شهرا من بدء المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بشأن إنقاذ اتفاق 2015 في فيينا يحاول المندوبون تسوية القضايا الشائكة الأخيرة في غضون أيام مع إعلان القوى الغربية أن الوقت ينفد لأن التقدم النووي الإيراني سيجعل الاتفاق طلقة فارغة قريبا.
إنجاز عظيم
اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، السبت على خطة مدتها ثلاثة أشهر ستعمل في أفضل الأحوال على حل المشكلة العالقة منذ فترة طويلة والخاصة بجزيئات اليورانيوم التي عثر عليها في ثلاثة مواقع، ولكن لم تعلم طهران «الطاقة الذرية» بوجودها قبل وبعد الاتفاق النووي.
ووفقا للجدول الزمني في بيان مشترك للطرفين فإن إيران ستقدم «توضيحات مكتوبة مدعومة بالمستندات» لأسئلة غروسي التي لم تتم الإجابة عنها في موعد أقصاه 20 مارس (آذار). و«في حال وجود أي أسئلة حول هذه المعلومات»، سيلتقي غروسي المسؤولين الإيرانيين في طهران للإجابة عن الأسئلة. كما ستكون اجتماعات منفصلة خاصة بكل موقع.
وقال غروسي لدى عودته من طهران إن «ثلاثة أشهر وقت مناسب لمعرفة ما إذا كنا سنحقق نتائج أم لا»، محذرا من أنه في حال فشل توضيح القضايا المفتوحة في إيران، سيكون من الصعب إنقاذ الاتفاق النووي، وتابع «لا توجد نتيجة محددة مسبقا للتحقيق».
يبدأ مجلس محافظي الوكالة الدولية اليوم اجتماعاته، وسيناقش التقرير الأخير الخاص بشأن استمرار انتهاكات إيران للاتفاق النووي، بما في ذلك زيادة مخزون اليورانيوم الإيراني من التخصيب بنسبة 60 في المائة، لكن من المستبعد أن يتخذ أي إجراءات في ظل المفاوضات المستمرة.
ومن شأن المقاربة الجديدة أن تزيل عقبة أمام إحياء الاتفاق النووي الذي وصل إلى حافة الانهيار مع بلوغ طهران درجات تخصيب قريبة من النسبة المطلوبة لإنتاج الاتفاق النووي. لكن تواجه هذه الجهود عقبة جديدة محتملة تتمثل بمطالبة روسيا بضمانات من الولايات المتحدة.
وقال السفير الروسي، ميخائيل أوليانوف إن زيارة المدير العام «للطاقة الذرية» رافائيل غروسي لإيران «ناجحة للغاية». وأضاف في تغريدة على تويتر «اتفق الجانبان على خطوات ملموسة تهدف إلى تسوية قضايا الضمانات المعلقة في غضون فترة زمنية معقولة». وأضاف «إنجاز عظيم».
مواجهة الشارع
في الأثناء، اتهمت وكالة «إرنا» الرسمية، أمس الأطراف الغربية بالسعي لتقليص مطالب طهران في المفاوضات، وممارسة الضغوط على طهران «عبر الرأي العام».
وقالت: «أكدت الجمهورية الإسلامية مرارا أن التوصل إلى الاتفاق أمر مستبعد إذا لم تحل القضايا المتبقية في الاتفاق». وأضافت أن «الاتفاق الجيد في متناول اليد إذا اتخذت الأطراف الغربية في فيينا وواشنطن، القرارات المطلوبة، وتتوقف عن المبالغة في المطالب والألاعيب السياسية».
وأشارت وكالة «إرنا» تحديدا إلى عودة مفاوضي بريطانيا وفرنسا وألمانيا المشاركين في المحادثات النووية، إلى بلادهم قبل تصريحات لافروف، لإطلاع المسؤولين هناك على سير المحادثات النووية. ولم يأتوا على ذكر موعد عودتهم مرة أخرى إلى فيينا.
وفي سياق الانتقادات للأطراف الغربية، قالت إن تلك الأطراف لا تحدد مواعيد نهائية، وإن الإيحاء بنفاد الوقت لإيران بهدف «الضغط على فريق المفاوضين الإيرانيين عبر الرأي العام لكي يقلصوا المطالب الإيرانية». ونوهت أن المسؤولين الإيرانيين «أعلنوا مرارا أنهم لن يتخطوا الخطوط الحمراء تحت أي ظرف».
وقال السفير الروسي ميخائيل أوليانوف لوكالة «إرنا» الرسمية إن عودة الدبلوماسيين الأوروبيين «وقفة جزئية»، وأضاف «على ما يبدو أن زملاءنا الثلاثة لم يروا مكانا لهم في هذه المرحلة من المفاوضات، واعتقدوا أنهم قاموا بعملهم، وأن وجودهم في هذه المرحلة ليس ضروريا».
وقال محلل الشؤون الإيرانية في مجموعة أوراسيا الاستشارية، هنري روما إن إحياء الاتفاق النووي دون روسيا «أمر صعب، ولكن من المحتمل أن يكون ممكنا على الأقل في المدى القريب». وأضاف في تصريحات لـ«رويترز» «إذا استمرت روسيا في وضع العراقيل أمام المحادثات فإنني أعتقد أنه لن يكون أمام الأطراف الأخرى وإيران أي خيار سوى التفكير تفكيرا خلاقا في السبل التي يمكن من خلالها إنجاز الاتفاق دون تدخل موسكو».
واقترح المحلل رضا نصري على وزير الخارجية، حسين أمير الذهاب إلى فيينا للتفاوض المباشر مع الوفد الأميركي ولقاء الوفد الروسي. وقال، بحسب وكالة «إيسنا» الحكومية: «يجب أن يوجه رسالة إلى العالم أن السياسة الخارجية الإيرانية ليست تابعة لأي بلد، وأنها تتكيف مع الأوضاع وحافزها الوحيد هو المصالح الوطنية لإيران». وأضاف «اذهب إلى فيينا وأظهر أن إيران – بغض النظر عن أنها من أهم مصدري الوقود في العالم - هي قوة توازن مستقلة... المبادرة ستكون في إطار توفير المصالح الاستراتيجية الإيرانية على المدى الطويل (...)».
إسرائيل تدعم التحقيق
وتطرقت محادثات رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، السبت، لمباحثات فيينا حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المراسل الإسرائيلي باراك رافيد.
ويعارض بينيت بالمطلق إحياء الاتفاق الذي أعطى إيران تخفيفا من العقوبات مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. ويعلل بينيت معارضته بأن طهران ستستخدم زيادة الإيرادات من رفع العقوبات لشراء أسلحة يمكن أن تضر بإسرائيل، بينما تواصل السعي للحصول على أسلحة نووية.
وأشاد بينيت، أمس، بمدير الوكالة الدولية لعدم موافقته على «إغلاق الملفات المفتوحة» بشأن النشاط النووي الإيراني السابق، وهو أمر طالبت به طهران. وكتب حساب على تويتر باللغة العربية «خلال نهاية الأسبوع الماضي حصل تطور مهم وإيجابي، حيث قام غروسي بزيارة إلى طهران، وقرر عدم الاستجابة للمطالب الإيرانية بإغلاق الملفات المفتوحة تحت الضغط السياسي». وأضاف «إنه عبارة عن قرار مهني مهم اتخذته الوكالة وغروسي، اللذان لم يستجيبا للضغط الإيراني... هذا الاتفاق غير ملزم بالنسبة لدولة إسرائيل إطلاقا». وأضاف «موقفنا من الاتفاق في غاية الوضوح إذ نعتبر مساوئ الاتفاق تفوق فوائده بأضعاف مضاعفة».



ربع سكان إسرائيل ونحو 40 % من الأطفال يواجهون انعدام أمن غذائي

متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ربع سكان إسرائيل ونحو 40 % من الأطفال يواجهون انعدام أمن غذائي

متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت جنت فيه البنوك والشركات الكبرى ومصانع الأسلحة في إسرائيل أرباحاً كبيرة، أشار تقرير اقتصادي جديد، الاثنين، إلى أن نحو ربع المواطنين يعيشون في حالة فقر وانعدام أمن غذائي، ونحو 34 في المائة منهم من الأطفال في البلاد (وهم 1.075.500) مليون طفل. ولدى الدخول في التفاصيل يتضح أن غالبية هؤلاء الفقراء هم من المواطنين الذين يعيشون في عائلات كثيرة الأولاد، من العرب (فلسطينيي 48) ومن اليهود المتدينين (الحريديم).

وقد وردت هذه المعطيات في تقرير نشرته منظمة «لاتت»، التي تتابع الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية للمواطنين بشكل مستقل عن التقارير الرسمية. وجاء فيها أن الوضع الاقتصادي للأسر التي تدعمها «لاتت» ومنظمات الإغاثة المماثلة، تراجَع لدى 65 في المائة. وأن نحو نصف الأهل الذين يحصلون على المساعدات اضطروا إلى التخلي عن بدائل حليب الأم أو استخدام كمية أقل من الكمية التي أوصي بها، وأن 80 في المائة من الأهل الذين يحصلون على المساعدات لم يكن لديهم المال لشراء ما يكفي من الطعام.

وأكد التقرير أن هذا الوضع ترك أثره حتى على القرارات المتعلقة بصحة المدعومين. وأفاد 86.4 في المائة منهم بأنهم اضطروا إلى التخلي عن المساعدة النفسية، فيما أكد 70.8 في المائة أنهم تخلوا عن شراء الأدوية أو العلاج الطبي اللازم.

وحسب التقرير، يعيش في إسرائيل 2.756.000 مليون شخص فقير، أي 28.7 في المائة من إجمالي السكان، بينهم 1.240.000 مليون طفل، يشكلون 39.6 في المائة من الأطفال. ويحذر التقرير من وجود أسر في الطبقة المتوسطة والمنخفضة خطراً ملموساً من التدهور إلى الفقر. وفي ظل اتساع الأزمة، أفادت 70.9 في المائة من الجمعيات التي تساعد على توفير المواد الغذائية بانخفاض التبرعات العام الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، وفقاً للتقرير، ارتفع الحد الأدنى لتكلفة المعيشة الشهرية للأسرة في إسرائيل في العام الماضي بنسبة 6.9 في المائة، بينما في عام 2023 كان الحد الأدنى لتكلفة المعيشة الشهرية لأسرة مكونة من بالغين وطفلين 12.735 شيقل (الدولار الأمريكي يعادل 3.6 شيقل). وفي عام 2024، وصل إلى 13.617 شيقل، وهذا يعني مبلغاً إضافياً قدره 10.500 شيقل لكل أسرة في السنة.

ومن المؤشرات التي تظهر في التقرير أن 84.8 في المائة من العائلات المدعومة تعاني «نقص الطاقة» وتواجه صعوبات في تدفئة المنزل في الشتاء، وتبريده في الصيف، أو أنه لا يمكنها فعل ذلك أبداً. وجرى قطع التيار الكهربائي عن 22.1 في المائة من العائلات المدعومة في السنة الأخيرة، بسبب عدم تسديد حساب الكهرباء.

وفيما يتعلق بالتعليم، أفاد التقرير بأن التحصيل الدراسي تراجع لدى 44.6 في المائة من الأطفال في العائلات المدعومة، بينما هذه النسبة هي 14.1 في المائة لدى إجمالي السكان. وتسرب 22.8 في المائة من الأطفال في هذه العائلات من المدارس، و18.9 في المائة اضطروا إلى الانتقال إلى مدارس داخلية بسبب الضائقة الاقتصادية.

المعروف أن هذه المعطيات لا تعكس بعد تأثير الحرب وتبعاتها على المجتمع الإسرائيلي. ويُتوقَّع أن تزداد الأوضاع الاقتصادية حدةً مع بدء تطبيق الإجراءات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة لتسديد تكاليف الحرب الباهظة، التي تقدَّر في الحسابات المتفائلة بأكثر من 200 مليار شيقل، حتى الآن، وهي تشمل زيادة ديون الدولة بنسبة 10 في المائة. ولكي تعوض الحكومة هذه الخسائر قررت إجراء تخفيضات كبيرة في خدمات الدولة وارتفاع كبير في الأسعار وزيادة الضرائب وتجميد الأجور والرواتب. وقد رفضت الحكومة إجراء أي تخفيض في ميزانيات الاستيطان، وأقرَّت زيادة كبيرة في ميزانيات الجيش.