الراعي يحذّر من الالتفاف على الانتخابات: لبنان لا يستطيع أن يبقى في اللادولة

أكد أن التضامن من دون التورط سياسياً وعسكرياً هو من صلب الحياد

الراعي يلقي عظته أمس (الوكالة الوطنية)
الراعي يلقي عظته أمس (الوكالة الوطنية)
TT
20

الراعي يحذّر من الالتفاف على الانتخابات: لبنان لا يستطيع أن يبقى في اللادولة

الراعي يلقي عظته أمس (الوكالة الوطنية)
الراعي يلقي عظته أمس (الوكالة الوطنية)

حذر البطريرك الماروني بشارة الراعي من الالتفاف على استحقاق الانتخابات النيابية داعياً الذين يجتهدون في اختلاق ذرائع لتأجيلها أنْ يُوجهوا نشاطَهم نحو توفيرِ أفضل الظروفِ الممكنة لإجرائها ومؤكداً أن لبنان لا يستطيع أن يبقى في اللادولة. ورد بشكل غير مباشر على منتقدي موقف وزارة الخارجية اللبنانية التي شجبت الحرب الروسية وتحديداً حزب الله بالقول: «التعاطف والتضامن والوساطة من دونِ التورطِ سياسياً وعسكرياً هي من صلبِ قيمِ الحيادِ الإيجابي والناشط».
وقال الراعي في عظة الأحد: «نَجهدُ مع ذوي الإرادة الحسنة من أجلِ حصولِ الانتخاباتِ النيابية عندنا في موعدِها لتعودَ الكلمة إلى الشعب. وحَسْبُنا أن يَنطقَ الشعبُ بكلمة الحق في حُسنِ الاختيارِ، وفي تجديدِ الطاقمِ السياسي، فلا يضيعُ فرصة التغييرِ. فهذا زمنُ إنقاذ لبنان لا زمنُ الحساباتِ الصغيرة».
وأكد أنه «لا يجوز، تحت أي ذريعة، الالتفافُ على هذا الاستحقاقِ الدستوري الملازمِ للنظام الديمقراطي. وحري بالذين يَجتهدون في اختلاقِ ذرائعَ لتأجيلِ الانتخابات، أنْ يُوجهوا نشاطَهم نحو توفيرِ أفضل الظروفِ الممكنة لإجرائها. ونتمنى أن يَتقدمَ إلى الانتخاباتِ النيابية مَن يَستحق تمثيلَ المواطنين، ومَن يَتمتعُ بشخصية وازنة، وفكرٍ إصلاحي وسُمعة عطرة، ومواقفَ وطنية. فكل البرامجِ التقنية تبقى ثانوية أمام البرنامجِ الوطني».
وأضاف: «الشعب يريد نواباً شُجعاناً، مُحصنين بالأخلاقِ، واثقين بأنفسِهم، مستقلين في قراراتِهم، حازمين في رفْضِ ما يجب أن يَرفُضوا، وحاسمين في قَبولِ ما يجب أن يَقبَلوا به. الشعبُ يريد نواباً يُدركون التشريعَ والمحاسبة، قديرين على تَحملِ المسؤولية ومواجهة الانحرافِ بكل أشكالِه. فبقدرِ ما يواجِه النوابُ في البرلمان يوفرون على الشعبِ الاحتكامَ إلى الشارع».
وتحدث الراعي عن الحرب الأوكرانية سائلاً «بأي سلطان يفعل ذلك أمراء الحروب الذين يأمرون بها من عروشهم وهم في مأمن عن ويلاتها؟ مضيفاً: «تؤلِـمنا الحربُ الدائرة على أرضِ دولة أوكرانيا المستقلة. ونصلي لكي تتوقف الحرب رحمة بالأبرياء ولوضع حد للدمار والقتل والتشريد، وتبريداً للغضب والبغض. ولكي يجلسَ الطرفان لحلِ النزاعِ بينهما سلمياً. وإذ نَشجب ما يحصُلُ في أوكرانيا نؤكدُ مفهومَ الحيادِ، لا سيما ببعدِه الإنساني. فالحيادُ الذي ننادي به ليس منزوعَ القلبِ والشعورِ والوِجدان، وليسَ ضِدَ حقوقِ الإنسانِ والشعوبِ في تقريرِ مصيرها، وليس ضد القوانين الدولية».
وبعدما كان حزب الله قد انتقد صمت «الداعين إلى الحياد» حيال موقف لبنان من الحرب الروسية، قال الراعي: «التعاطف والتضامن والوساطة من دونِ التورطِ سياسياً وعسكرياً هي من صلبِ قيمِ الحيادِ الإيجابي والناشط.
وها هي جميعُ الدولِ المحايدة في العالم قد سارعت واتخذَت موقفاً مؤيداً لاستقلال دولة أوكرانيا وحرية شعبِها. وفيما عززنا علاقاتنا مع دولة روسيا، سبق لنا أن شجبنا كل الحروبِ التي شُنت على شعوبِ الشرق الأوسط وخَرقت الحدودَ الدُولية، وتعاطفْنا مع جميع الشعوبِ المتألمة والمضْطَهَدة في الـمنطقة والعالم بغض النظر عن انتماءاتِها السياسية وأنظمة دولها».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.