تعرّف على أبرد مدينة في العالم

تعرّف على أبرد مدينة في العالم
TT

تعرّف على أبرد مدينة في العالم

تعرّف على أبرد مدينة في العالم

في رسالة كتبها مستكشف القطب الجنوبي إرنست شاكلتون إلى صديقه كيتي بوغسون، أحد الشخصيات الاجتماعية في لندن أثناء بعثته في سبتمبر(أيلول) 1902، وصف البرودة الشديدة وآثارها الكارثية على الطاقم؛ حيث قال فيها "لسوء الحظ فقدنا أحد رجالنا في عاصفة ثلجية شديدة بسبب سقوطه على جرف جليدي، وكدنا نفقد واحدًا من المساعدين وثلاثة رجال آخرين... الطقس بارد جدًا الآن وأدنى درجة حرارة كانت -62 فهرنهايت (ناقص 52.2 درجة مئوية)".
حاليا يزور أنتاركتيكا بضعة آلاف فقط - معظمهم من العلماء - كل عام. فعلى الرغم من أن القارة القطبية الجنوبية هي أبرد قارة، إلا أن سكان المدن في أجزاء أخرى من العالم يتعاملون بشكل روتيني مع درجات حرارة شديدة البرودة. إذن ما هي أبرد مدينة في العالم؟
تعد مدينة ياكوتسك الروسية الواقعة في سيبيريا واحدة من أبرد مناطق العالم وأكثرها كثافة سكانية؛ وهي موطن لحوالى 336.200 شخص، يعمل الكثير منهم بشركة Alrosa، التي تدير منجم ألماس.
وقد وصلت درجات الحرارة في ياكوتسك إلى 76 درجة فهرنهايت تحت الصفر (ناقص 60 درجة مئوية). إلا ان بعض السكان يصرون على أنهم مروا بأيام أكثر برودة، لكنهم لم يتمكنوا من التحقق من ذلك لأن "مقياس الحرارة يقرأ فقط حتى -63 درجة مئوية (ناقص 81.4 فهرنهايت)، وفقًا لمقابلة أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية، وذلك حسبما نشر موقع "LiveScience" العلمي المتخصص.
ومع ذلك، في حين أن ياكوتسك هي أبرد مدينة، إلا أن هناك أماكن أخرى أقل كثافة سكانية مأهولة بشكل دائم أكثر برودة. مثل أويماكون (مستوطنة روسية يبلغ عدد سكانها حوالى 500 شخص) وصلت درجة الحرارة المنخفضة فيها تحت الصفر الى 96.2 فهرنهايت (ناقص 71.2 درجة مئوية) في عام 1924.

وحسب الموقع، فان من المدهش إلى حد ما أن ياكوتسك وأويماكون ليستا قريبتين من بعضهما البعض. إذ يفصل بينهما 577 ميلاً (928 كيلومترًا)، وتستغرق القيادة من أحدهما إلى الآخر حوالى 21 ساعة. فلماذا هذين المكانين تقشعر لهما الأبدان؟ ولماذا يستمر الناس في العيش في هكذا بيئات صعبة وقاسية؟
قال أليكس ديكاريا أستاذ الأرصاد الجوية بجامعة ميلرسفيل في بنسلفانيا، إن سيبيريا شديدة البرودة بسبب "مزيج من خطوط العرض العالية وكونها كتلة أرضية كبيرة".
وتميل درجات الحرارة العالمية المتطرفة (المرتفعة والمنخفضة) إلى الحدوث فوق القارات لأن الأرض ترتفع درجة حرارتها وتبرد بشكل أسرع من المحيطات. وفي حالة سيبيريا يلعب الغطاء الثلجي والجليد دورًا أيضًا؛ حيث يساعدان في الحفاظ على برودة المنطقة من خلال عكس الإشعاع الشمسي الوارد إلى الفضاء مرة أخرى. وقد أدى هذا المزيج من العوامل إلى إنشاء منطقة ضغط مرتفع كبيرة وشبه دائمة تتشكل فوق سيبيريا في الشتاء تُعرف باسم "منطقة سيبيريا العالية".
وأضاف ديكاريا للموقع ان "الضغوط العالية فوق قارات خطوط العرض العليا معروفة عمومًا بوجود هواء مستقر ورطوبة منخفضة وسماء صافية، ما يؤدي إلى درجات حرارة سطحية شديدة البرودة". ذلك لأن الرطوبة المنخفضة والسماء الصافية تسمح للإشعاع طويل الموجة (الأشعة تحت الحمراء والميكروويف) المنبعثة من الأرض بجعلها تصل إلى قمة الغلاف الجوي وتنبعث في الفضاء، ما يؤدي لدرجات حرارة سطح باردة".

وبالإشارة إلى الظروف في ياكوتسك وأويماكون، تلعب الطبوغرافيا دورًا أيضًا. فقد أوضح جوني رايزانين كبير المحاضرين بمعهد أبحاث الغلاف الجوي ونظام الأرض (INAR) بجامعة هلسنكي بفنلندا "تقع هذه الأماكن في الوديان المحلية، وتحيط بها تضاريس مرتفعة... والنتيجة هي أن ما يسمى ببحيرات الهواء البارد تتشكل بسهولة في ظل ظروف الشتاء الهادئة".
وأوضح رايزانين للموقع "يمكن أن تصبح هذه الجيوب من الهواء البارد الثقيل" نسبيًا محاصرة بالقرب من قاع الوادي". مشيرا الى أن هذا التأثير يتضخم بالنسبة لأويماكون من خلال الارتفاع الكبير نسبيًا لسلاسل الجبال المحيطة، ما يساعد على "حماية بحيرات الهواء البارد" من الاختلاط بالهواء الأكثر دفئًا.
وعن سبب استمرار الناس في العيش بهذه المواقع الصعبة في سيبيريا، قالت كارا أوكوبوك عالمة الأنثروبولوجيا البيولوجية ومديرة معمل الطاقة البشرية في جامعة نوتردام للموقع "أعتقد أن الناس يفخرون بالمكان الذي يعيشون فيه والبراعة التي يجب أن يعيشوها بنجاح في أماكن قاسية".



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».