بوتين يلوّح بـ«تقويض الدولة الأوكرانية» ويحذّر الغرب من تدخل عسكري

أجرى جولة محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي

بوتين في مدرسة «آيروفلوت» للطيران خارج موسكو أمس (أ.ب)
بوتين في مدرسة «آيروفلوت» للطيران خارج موسكو أمس (أ.ب)
TT

بوتين يلوّح بـ«تقويض الدولة الأوكرانية» ويحذّر الغرب من تدخل عسكري

بوتين في مدرسة «آيروفلوت» للطيران خارج موسكو أمس (أ.ب)
بوتين في مدرسة «آيروفلوت» للطيران خارج موسكو أمس (أ.ب)

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، أن إطلاق العمليات العسكرية في أوكرانيا كان «قراراً صعباً» بالنسبة إليه، محملاً أوكرانيا مسؤولية تفاقم الموقف. ولوح بتصعيد أقوى ضد البلد الجار، وقال إنه «إذا واصلت كييف التصرف بالطريقة الحالية فهي تضع على المحك وجود الدولة الأوكرانية كله». تزامن ذلك مع عودة النشاط للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا بعد ساعات محدودة من التوقف، لتسهيل عمل «الممرات الإنسانية» التي بدا أنها قوبلت بمقاطعة من جانب الأوكرانيين.
وأوضح بوتين أن «سلطات كييف استمرت في التنصل من الاتفاقات المبرمة طوال السنوات الماضية، وقتل في دونباس نحو 13 ألف روسي»، مشدداً على أن بلاده لم يكن بإمكانها أن تصبر أكثر على تفاقم الوضع، خصوصاً مع رفض الغرب منحها ضمانات بعدم الاستمرار في التوسع شرقاً. وزاد: «كان ينبغي أن يكون لأوكرانيا وضع محايد لمنعها من الانضمام لحلف الناتو».
وقال الرئيس الروسي إن قوات بلاده تقترب من إنجاز المهمة الرئيسية في أوكرانيا، موضحاً أنها «على وشك الانتهاء من تدمير البنية التحتية العسكرية في أوكرانيا». وأضاف: «أحد متطلباتنا الرئيسية هو نزع السلاح، أي أننا نساعد المواطنين والمقيمين في دونباس على السعي للحصول على وضع محايد لأوكرانيا، والسعي إلى نزع السلاح من البلاد، لأنه يجب علينا أن نفهم بوضوح ماهية الأسلحة الموجودة في أوكرانيا».

لاجئون أوكرانيون يعبرون نقطة حدودية مع بولندا أمس (أ.ف.ب)
ووجه تهديداً قوياً إلى الأوكرانيين، مشيراً إلى أن مصير الدولة الأوكرانية قد يوضع على الطاولة في حال واصلت القيادة الأوكرانية التصرف بنفس الطريقة التي تتعامل بها حالياً».
كما حذر الغرب من الاستجابة لدعوات تصعيد الحضور العسكري في أوكرانيا من خلال فرض منطقة حظر طيران، وقال إن «فرض منطقة الحظر فوق أوكرانيا ستكون له عواقب وخيمة ليس على أوروبا وروسيا فقط، بل وعلى العالم كله». وزاد أن خطوة من هذا النوع «تمثل مشاركة في أعمال عدائية ضدها»، مؤكداً أن بلاده ستتعامل مع أي تطور «مهما كانت الجهة التي تشارك فيه، وبصرف النظر عن أنها تنضوي في أي تحالف».

رجل يودّع أسرته في محطة قطار بكييف أمس (أ.ف.ب)
ودافع بوتين عن قراره بوضع قوات الردع الاستراتيجي في حال تأهب قصوى، وقال: «وضعت قوات الردع النووي بحالة تأهب بعد تصريحات لندن باحتمال تدخل الناتو في أوكرانيا».
ووصف الرئيس الروسي العقوبات المفروضة على بلاده بأنها «تشبه إعلان حرب على روسيا»، لكنه استبعد أي خطط لفرض الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ في روسيا. كما دافع بوتين عن التدابير القوية ضد مظاهر معارضة الحرب في روسيا، وزاد أنه «لدينا أشخاص يتجولون ويعبرون عن آرائهم حول ما يعجبهم أو لا يعجبهم في أفعالنا في أوكرانيا. بينما في أوكرانيا أولئك الذين يعبرون عن نفس المواقف يتم القبض عليهم ببساطة في الشارع الآن وإطلاق النار عليهم». وأشار بوتين إلى أن روسيا «رصدت وجود مسلحين من الشرق الأوسط في أوكرانيا»، مشيراً إلى أن «بعض الأطراف تستخدم الجهاديين وتدفعهم ضد الجيش الروسي».
إلى ذلك، أعلن الكرملين، أمس، أن بوتين أجرى جولة محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت من دون أن يوضح تفاصيل حول المحاور التي تم تناولها. وكانت وسائل إعلام قد أشارت إلى أن بنيت زار موسكو بعد مشاورات مع أطراف عدة بينها الولايات المتحدة وأوكرانيا، في إشارة إلى أنه عرض مجدداً وساطة إسرائيلية بين موسكو وكييف. علماً بأن موسكو كانت قد رفضت في وقت سابق وساطة من هذا النوع.

أوكرانيون يحاولون ركوب القطار في دنيبرو الأوكرانية أمس (أ.ف.ب)
في غضون ذلك، وجهت وزارة الخارجية الروسية تحذيراً قوياً مماثلاً ضد بلدان حوض البلطيق. وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن موسكو «حذرت ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا من المسؤولية عن تصعيد الهيستيريا المعادية لروسيا، وطالبت السلطات في هذه البلدان باتخاذ إجراءات لحماية البعثات الخارجية الروسية».
كما تحدثت الوزارة بلهجة مماثلة عن أن «الدول التي تتغاضى عن إرسال مرتزقة إلى أوكرانيا أصبحت متواطئة في جرائم حرب». وأفادت الناطقة باسم الخارجية، ماريا زاخاروفا أنه «رغم التصريحات بأن الناتو ليس جزءاً من الصراع في أوكرانيا، يواصل الحلف مساعدة نظام كييف، بما في ذلك عبر توريد الأسلحة. وتغاضت بعض الدول الأعضاء عن إرسال المرتزقة، وبينهم العسكريون السابقون للمشاركة في الأعمال العدائية».
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، السيطرة على قاعدة عسكرية أوكرانية في مقاطعة خيرسون.
ولفت بيان عسكري إلى أن «الجنود الروس سيطروا على القاعدة العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية بالقرب من قرية رادينس في منطقة خيرسون. وترك الجيش الأوكراني مواقعه على عجل، تاركين القاعدة بالمعدات والأسلحة والذخيرة».
ولفتت الوزارة إلى أن وحداتها سيطرت على معدات وذخائر بكميات كبيرة في القاعدة، بينها «دبابات أوكرانية من طرازي «تي64» و«تي 80» وناقلات جند مدرعة وعربات مشاة فضلاً عن مستودع للذخيرة فيه ألغام وصواريخ موجهة مضادة للدبابات وقذائف هاون وأكثر من 4.5 ألف طن من الذخيرة».
ومع استئناف العمليات العسكرية مساء أمس، أعلنت الوزارة أن القوات الروسية سوف تتقدم في عدد من المحاور، ما زاد من احتمالات أن تكون ليلة السبت - الأحد حاسمة لجهة محاولة روسيا السيطرة على عدد من المواقع وخصوصاً في ماريوبول جنوباً. وكان الطرفان قد اتفقا على وقف مؤقت لإطلاق النار خلال النهار، لتسهيل عمل الممرات الإنسانية. لكن رفض الأوكرانيين الخروج عبر هذه الممرات في غالبية المناطق دفع سريعاً لاستئناف شن ضربات قوية على ماريوبول وبعض المناطق في محيط كييف العاصمة ومدينة خاركوف الواقعة شرق البلاد.
في غضون ذلك، أفاد مصدر عسكري روسي بأن أفراداً من جهاز الأمن الأوكراني وجهاز المخابرات الوطني التركي يعملون على تجنيد مسلحين في شمال سوريا في صفوف الدفاع الإقليمي لأوكرانيا. ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» الحكومية الروسية عن المصدر أن عناصر من جهاز الأمن الأوكراني، مع ضباط المخابرات الوطنية التركية قد زاروا أخيراً شمال سوريا، مشيراً إلى أنه خلال الاجتماعات التي عقدت هناك مع التشكيلات الموالية لتركيا، تمت مناقشة إمكانية تجنيد مسلحين في صفوف الدفاع الإقليمي لأوكرانيا. وأضاف المصدر أن المجموعة زارت قاعدة جماعة مسلحة تابعة للـ«الجيش السوري الحر» المدعوم من تركيا، حيث التقوا بقادة عدد من التشكيلات الموالية لتركيا «فيركات سلطان مراد»، «ليفا المعتصم»، وكذلك معسكرات الجماعات المسلحة غير الشرعية». وأضاف المتحدث أنه «في سياق هذه الاتصالات، تمت مناقشة إمكانية تجنيد مسلحين في صفوف قوات الدفاع الإقليمية لأوكرانيا. وتم الاتفاق على تنظيم سلسلة من الاجتماعات السرية مع «الأشخاص المعنيين». وأعلن جهاز الاستخبارات الروسية، في وقت سابق أمس، عن قيام الولايات المتحدة بتدريب مقاتلين من تنظيم «داعش» في قاعدة التنف العسكرية، الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة في سوريا، تمهيداً لاستخدامهم في دونباس، للمشاركة في أنشطة قتالية في أوكرانيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».