هل تنجح مبادرة ويليامز في تأسيس «قاعدة دستورية» للانتخابات الليبية؟

(تحليل سياسي)

صورة من لقاء سابق بين محمد المنفي ونائبه عبد الله اللافي والمستشارة الأممية ويليامز (المجلس الرئاسي)
صورة من لقاء سابق بين محمد المنفي ونائبه عبد الله اللافي والمستشارة الأممية ويليامز (المجلس الرئاسي)
TT

هل تنجح مبادرة ويليامز في تأسيس «قاعدة دستورية» للانتخابات الليبية؟

صورة من لقاء سابق بين محمد المنفي ونائبه عبد الله اللافي والمستشارة الأممية ويليامز (المجلس الرئاسي)
صورة من لقاء سابق بين محمد المنفي ونائبه عبد الله اللافي والمستشارة الأممية ويليامز (المجلس الرئاسي)

تسعى ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية لدى ليبيا، إلى قطع خط الرجعة مع الانقسام الحاصل في البلاد، من خلال إحياء المفاوضات حول تأسيس «قاعدة دستورية»، يجري على أساسها الاستحقاق الانتخابي المؤجل. لكن يبقى السؤال المطروح هو إن كانت هذه المبادرة، أو المقترح، سيلقى الاستجابة اللازمة من الأفرقاء السياسيين والتوافق حولها؟ أم أن كل فريق سيتمسك برؤيته، وبالتالي يفشل الحوار كما أخفق سابقا؟
ويقضي اقتراح ويليامز بتشكيل لجنة من ستة أعضاء من مجلس النواب، ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة، على أن تجتمع في 15 من مارس (آذار) الحالي في أي مكان يجري التوافق عليه، بعد موافقة المجلسين للعمل لمدة أسبوعين بهدف وضع «القاعدة الدستورية».
ويعول سياسيون ليبيون على مقترح ويليامز لإجراء الانتخابات العامة في موعد أقصاه يونيو (حزيران) المقبل، سعياً لوأد فتنة الانقسام السياسي، في ظل وجود حكومتين متنازعتين بالبلاد. فيما رحب عدد من أطراف الأزمة بمقترح المستشارة الأممية، لا سيما عقب صدور بيان خماسي من أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، شدد على ضرورة الامتناع عن الأعمال، التي قد تقوّض الاستقرار في ليبيا، وحمل قدرا من التهديد بمحاسبة المعرقلين.
وسارع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بالترحيب بالمقترح الأممي بغية «تحقيق الاستقرار في ليبيا، ورأى أن الحل في إطلاق حوار سياسي يؤسس لإجراء انتخابات عامة على أساس دستوري متفق عليه». مؤكدا حرصه على تحقيق رغبة 2.8 مليون ليبي لإجراء انتخابات «ديمقراطية حرة وشفافة ونزيهة». وبالمثل، دعا نائب رئيس المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، عقب لقائه ويليامز، مساء أول من أمس، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لـ«التعامل بجدية ومسؤولية» مع المقترح الذي أطلقته. وقال اللافي إنه بحث مع ويليامز آخر تطورات العملية السياسية، مؤكداً ضرورة «عمل الجميع من أجل دعم الاستقرار، وعدم تقويض المكتسبات السياسية والأمنية، التي تحققت خلال الفترات الماضية»، مشدداً على أن «جميع الخلافات السياسية يجب حلها ضمن الإطار السلمي، بعيدا عن التأجيج الذي قد يضر بما تحقق من توافق، ويعرقل إجراء الانتخابات».
لكن بعيداً عن التأييد لمقترح ويليامز، تظل العراقيل التي أفشلت التوصل لـ«قاعدة دستورية» في المرة الأولى على حالها، إذ إن كل فريق من المفاوضين يعمل على تنفيذ أجندة الجهة، التي أرسلته ويتحدث بلسانها، ويتمسك بذلك، ولذلك لم يتوافقوا وقتها على قواسم مشتركة تساعد على إجراء الاستحقاق.
وعلى مدار أشهر عدة العام الماضي، انخرط أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» الليبي في اجتماعات، بعضها في جنيف، والبعض الآخر عن بُعد، بقصد بحث مقترح اللجنة القانونية بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات، التي كان من المفترض إجراؤها قبل نهاية العام الماضي، لكنهم لم يتوصلوا إلى شيء.
المجلس الأعلى للدولة بدوره، رحب بمقترح ويليامز، وقال إنه سبق أن أقر «قاعدة دستورية كاملة» في سبتمبر(أيلول) الماضي، «يمكن البناء عليها لإيجاد توافق وطني»، وقال: «سنكون في الموعد تعبيراً عن إرادة الليبيين في الذهاب المباشر للانتخابات، كما نؤكد أن دور البعثة سيكون فقط في رعاية عمل اللجنتين دون التدخل فيها».
ويليامز، التي لم تتلق رداً حتى الآن من مجلس النواب، حددت الثامن من مارس (آذار) الحالي موعداً أخيراً للرد، وألقت بالكرة في ملعب الأطراف السياسية، وقالت إن عليهم «إبداء حسن النية في العمل، والانخراط معًا بشكل بنّاء للمضي نحو الانتخابات من أجل 2.8 مليون ليبي، سُجّلوا للتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
وبالنظر إلى حالة الاستنفار التي تعيشها العاصمة طرابلس، على خلفية سعي حكومة فتحي باشاغا لدخول العاصمة، في ظل تمسك حكومة «الوحدة» بالسلطة، رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن المشهد السياسي الحالي في ليبيا «ينذر بإعادة البلاد إلى المرحلة الصعبة، التي شهدتها قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020». ونقل مصدر مسؤول في الأمانة العامة للجامعة، في بيان أمس عن أبو الغيط قوله إن «الظروف التي تعيشها ليبيا اليوم باتت أكثر من أي وقت مضى، مدعاة لإجراء الانتخابات، وتجديد شرعية المؤسسات الليبية وإنهاء المراحل الانتقالية، التي طالت وتعدّدت مساراتها بشكل أفقدها فعاليتها في إنجاز الأهداف التي وُجدت من أجلها». وناشد مجدداً «جميع الفاعلين الليبيين العمل بجدية وبمسؤولية نحو تهيئة الظروف الأمنية والسياسية والقانونية اللازمة لإجراء الانتخابات الوطنية في أقرب فرصة ممكنة، تحقيقاً لرغبة الناخبين الليبيين». كما لفت المصدر ذاته إلى «أهمية العمل على تأسيس عملية سياسية تضع البلاد على طريق الاستقرار والبناء»، مؤكداً «استعداد الجامعة الدائم لدعم أي جهد ليبي جاد، يؤمن التوافق حول خريطة طريق سياسية واضحة وعملية، ومجدولة بمدد زمنية محددة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».