«تسويات جديدة» في درعا لا توقف الانفلات الأمني

شاحنة روسية في درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
شاحنة روسية في درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«تسويات جديدة» في درعا لا توقف الانفلات الأمني

شاحنة روسية في درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
شاحنة روسية في درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

منذ بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي، بدأ النظام السوري تسويات جديدة في مناطق درعا كلها شملت مدينة درعا البلد وقرى وبلدات والريف الشرقي والغربي، تخللتها عمليات عسكرية في بعض المناطق أبرزها في مدينة درعا البلد الذي عاد إليه القصف الصاروخي والمدفعي وعمليات اقتحام شاركت فيها تعزيزات استقدمتها دمشق إلى درعا لفرض هذه التسوية الجديدة برعاية روسية.
وأسفرت العمليات العسكرية في مدينة درعا البلد التي استمرت لأكثر من 65 يوماً، إلى توتر الأوضاع في معظم مناطق التسويات في المحافظة تمثلت بهجومات على حواجز وتعزيزات للنظام، وقصف طال عدة قرى وبلدات خاصة في درعا الغربي خلف ضحايا من المدنيين وصل عددهم وفق إحصائيات محلية منذ شهر يونيو حتى انتهاء التسويات كاملة في شهر 10 إلى 47 ضحية بينهم نساء وأطفال ومقاتلون سابقون في فصائل المعارضة، وانتهت جميع عمليات التصعيد العسكري التي غاب عنها الإسناد الجوي الروسي بمفاوضات رغم فشلها لعدة جولات إلا أن ضغوطاً روسية أسفرت بإنهاء التصعيد وإجراء تسويات سلسلة في مدينة درعا البلد وغيرها من المناطق في درعا، انتهت باتفاق تسليم عدد من قطع للسلاح الفردي والمتوسط من كل منطقة كانت تحدد هذا العدد اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا، ولجان مفاوضة عن كل منطقة وإجراء تسويات شملت المطلوبين للأجهزة الأمنية والمتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، وحظيت مناطق درعا بقرار إداري حصل فيه شباب المحافظة على تأجيل عن الخدمة العسكرية لمدة عام كامل مع السماح بالسفر.
- «خريطة روسية»
وشملت «الخريطة الروسية» والتسويات الجديدة كامل مناطق درعا باستثناء منطقة بصرى الشام معقل قوات فصائل التسويات جنوب سوريا بقيادة أحمد العودة الذي حظي باهتمام الروسي باعتباره أول قيادي كان محسوباً على المعارضة وافق على تطبيق اتفاق التسوية جنوب سوريا عام ٢٠١٨.
وتزامن الإعلان عن انتهاء تطبيق الخريطة الروسية والتسويات الجديدة في مناطق درعا جنوب سوريا، مع أنباء عن تغير تبعية فصائل التسويات بقيادة أحمد العودة من قوات في الفيلق الخامس المدعومة من حميميم إلى قوات تابعة لشعبة المخابرات العسكرية. كما انسحبت مجموعات «الفرقة الرابعة» من مناطق ريف درعا الغربي إلى دمشق، وشملت عملية الانسحاب حتى المجموعات المحلية من أبناء ريف درعا الغربي الذين انضموا للفرقة الرابعة، إضافة إلى انسحاب حواجز ونقاط عسكرية كانت تنتشر على الأوتوستراد الدولي دمشق – عمان، وانسحاب حواجز من أرياف درعا الشرقي والغربي وعددها 5 حواجز ونقاط عسكرية.
ورغم ما جاء به الجانب الروسي والنظام السوري أن الهدف من التسويات الجديدة في المنطقة الجنوبية هو ضبطها أمنياً وتحقيق الاستقرار وسحب السلاح الذي يشكل جزءاً كبيراً من الفوضى في المنطقة، فإن مناطق التسويات في درعا لا تزال تشهد حتى اليوم حالة من الانفلات الأمني وانتشار الجريمة والقتل والاغتيال الذي استهدف شخصيات محسوبة على النظام أو المعارضة سابقاً أو قادة وعناصر مجموعات محلية انضموا بعد تسويات عام 2018 إلى الأجهزة الأمنية التابعة للنظام و«الفيلق الخامس» المدعوم من قاعدة حميميم الروسية.
وباتت مناطق جنوب سوريا وخصوصاً درعا والسويداء من أخطر مناطق العيش حسبما يقوله أحمد (37 عاماً) من ريف درعا، فالظروف الأمنية وفقاً له «لم تعد تطاق، فالاغتيالات والقتل والاعتقالات شبه يومية». واعتبر أن انعدام الفرص الكافية للعمل وقلة الدخل وأجرة اليد العاملة والقيود المفروضة على حرية التعبير، والقبضة الأمنية، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية جعلت خيار الهجرة أو استغلال التأجيل الإداري والسفر أفضل الحلول، رغم صعوبته وتكلفته. حيث شهدت مناطق الجنوب السوري موجة كبيرة من المهاجرين والمسافرين وجلهم من الأعمار الشبابية والكفاءات العلمية، وبحسب أحمد هناك بيوت أفرغت بشكل كامل من الشباب، وبلدات وقرى باتت أعداد الشباب فيها قليلة. واعتبرها عملية ممنهجة لتفريغ المنطقة من الشباب، خصوصاً المطلوبين الذين يملكون فكراً معارضاً له، لا سيما أن المشرفين على نقل الشباب المطلوبين للأجهزة الأمنية في درعا والسويداء هم مجموعات تتعامل مع ضباط النظام السوري تسهل عملية نقلهم إلى وجهتهم سواء إلى شمال سوريا أو إلى لبنان بالتنسيق مع مجموعات من حزب الله، ويحقق النظام السوري بذلك عدة فوائد تخدم مصلحته، أنه أزال فئة شبابية معارضة لوجوده في مناطق الجنوب، وتحقيق منفعة مادية كبيرة، حيث تصل المبالغ المطلوبة لتهريب الشخص إلى شمال سوريا أو لبنان 600 - 1000 دولار أميركي.
- احتجاجات السويداء
وعادت الاحتجاجات المعيشية إلى السويداء ذات الغالبية الدرزية التي كانت قد بدأت في المحافظة في عام 2020 ثم غابت عن المشهد، وفجرها مؤخراً قرار الحكومة السورية برفع الدعم الحكومي عن فئات من المجتمع.
وكان آخرها في 25 فبراير (شباط) حيث تجمع عشرات المتظاهرين في محافظة السويداء جنوب سوريا أمام مقام عين الزمان، وسط مدينة السويداء، وأكد المتظاهرون استمرار الاحتجاجات التي بدأت قبل شهر في المحافظة، إلى حين تحقيق مطالبهم التي حددوها ونادوا بها خلال وقفتهم عبر مكبرات الصوت وهي الدعوة لـ«دولة سورية ديمقراطية من دون تمييز حزبي أو طائفي أو عرقي وبدون احتكار للسلطة» و«تحقيق العيش الكريم وتأمين الأساسيات بما فيها المياه والخبز والكهرباء والصحة والتعليم والمواد الغذائية بأسعار مدعومة وتكون في متناول الجميع، وإلغاء الموافقات الأمنية للبيع العقاري وإلغاء قانون البيوع العقارية والوكالات، وإلغاء قانون بيع السيارات من حيث الضرائب والودائع البنكية، وإلغاء الرسوم الجمركية، ورفع رواتب الموظفين بما يتناسب مع المعيشة، والكشف عن مصير المعتقلين وعرضهم على القضاء النزيه ومتابعة ملف المفقودين ومعرفة مصيرهم».
وجاء ذلك، بحسب ريان معروف مسؤول تحرير «شبكة السويداء24» لـ«الشرق الأوسط»، بعد أن علق منظمو الحراك الشعبي في السويداء الخروج بالمظاهرات والاحتجاجات خلال الفترة الماضية لتحديد مطالبهم ورفعها للجهات المسؤولة في حكومة النظام التي طالبت من شخصيات اجتماعية ودينية في السويداء التهدئة ورفع قائمة مطالب محددة للمحتجين في الشارع».
وأشار إلى «عدم وجود تعاطي مباشر مع المحتجين ومطالبهم من قبل الحكومة السورية»، في وقت تستمر الوساطات من خلال اتصالات مسؤولين في دمشق مع وجهاء وزعامات دينية واجتماعية، في محاولة لاحتواء الحراك، ويحمل مسؤولين لدى النظام السوري «العقوبات الغربية» مسؤولية تدهور الأوضاع، وهي بمثابة رسائل واضحة أن دمشق ليس لديها شيء لتقدمه اليوم.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.