موفد من عون إلى موسكو لشرح موقف لبنان من أزمة أوكرانيا

TT

موفد من عون إلى موسكو لشرح موقف لبنان من أزمة أوكرانيا

لا يزال موقف لبنان من الحرب الروسية على أوكرانيا يأخذ حيزاً من الاهتمام والسجال الداخلي، وهو بذلك كان حاضراً بشكل أساسي في زيارة قام بها مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية، أمل أبو زيد إلى موسكو حيث التقى عدداً من المسؤولين بينهم نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط والمكلف بالملف السوري ميخائيل بوغدانوف ناقلاً إليه موقف رئيس الجمهورية ميشال عون من هذا الموضوع.
وقالت مصادر مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إن «أبو زيد لم يحمل رسالة من رئيس الجمهورية إلى موسكو لكنه يدرك جيداً موقف الرئيس عون والدولة اللبنانية الذي سبق أن تم توضيحه وأعيد التأكيد عليه يوم أول من أمس على طاولة الحكومة، حيث قال رئيسها نجيب ميقاتي إن لبنان أبلغ الجانب الروسي أن الموقف الذي اتخذناه هو موقف مبدئي وليس موجهاً ضد روسيا بالذات، وهو ينطلق من سرد تاريخي لمواقف مبدئية اتخذها بإدانة أي دولة تغزو دولة جارة، مع تأكيده على ضرورة إقامة أفضل العلاقات مع روسيا».
وأوضحت المصادر أن أبو زيد «شرح لبوغدانوف الأسباب التي دفعت لبنان إلى اتخاذ موقفه وهي معلنة في صيغة البيان الذي أذاعه وزير الخارجية، مع تأكيده في الوقت عينه على أن لبنان حريص على العلاقة الجيدة مع روسيا ويريد أفضل العلاقات معها وأن بيان الخارجية ينطلق من موقفه الذي طالما كان ضد العمليات العسكرية في المطلق وكيف إذا كان الأمر يتعلق بدخول دولة إلى دولة أخرى وهو الذي مرّ بهذه التجربة إثر الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية وقد وقف حينها كل العالم إلى جانبه».
وينتظر لبنان ردة الفعل الروسية التي سيحملها معه أبو زيد من موسكو عند عودته الأسبوع المقبل، لا سيما أن السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر روداكوف كان قد اعتبر أن بيان وزارة الخارجية والمغتربين لا يراعي العلاقات الثنائية الودية التاريخية بين البلدين، وتلفت المصادر «إلى أن الجانب الروسي يتفهم الموقف اللبناني».
في المقابل استمر «حزب الله» في انتقاد موقف وزارة الخارجية اللبنانية وتوجه يوم أمس رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد إلى من أسماهم «أصحاب الشعارات التي شنّفوا أذاننا على مدى عقد من السنين وهم يطبّلون للحياد وللنأي بالنفس»، قائلاً: «هؤلاء صمتوا وبلعوا ألسنتهم وكأن ما فعلته الحكومة وما أصدرته من موقف يحدد مصير بلدنا، فعجيب إذا كان مصير بلدنا يتحدد باتصال هاتفي من السفارة الأميركية للبعض في بلدنا فأي مصير ننتظره لهذا البلد؟».
وكانت الخارجية قد أدانت اجتياح الأراضي الأوكرانية داعية روسيا إلى «وقف العمليات العسكرية وسحب قواتها منها والعودة إلى منطق الحوار والتفاوض»، وهو ما لاقى انقساماً لبنانياً على اعتبار أنه لم يتم بحثه في مجلس الوزراء مع التأكيد على ضرورة التزام سياسة النأي بالنفس.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً