حرب أوكرانيا تخفض قيمة الليرة السورية وترفع سعر الذهب

قفزات في أسعار المواد الغذائية

TT

حرب أوكرانيا تخفض قيمة الليرة السورية وترفع سعر الذهب

بدأت الانعكاسات السلبية للحرب في أوكرانيا ترخي بظلالها الثقيلة على الواقع المعيشي في سوريا، ولم تمنع الإجراءات التي تتخذها الحكومة في دمشق من تدهور قيمة الليرة السورية؛ حيث بلغ سعر صرف الليرة السورية في السوق الموازية أمام الدولار يوم السبت 3930 ليرة سورية، بزيادة 300 ليرة خلال أقل من أسبوع، بينما ارتفع سعر غرام الذهب في الأسواق السورية عيار 21 قيراطاً، صباح أمس، إلى 200 ألف ليرة، بزيادة 4 آلاف ليرة خلال أقل من يومين؛ حيث كان يوم الخميس 196 ألف ليرة، بينما بلغ سعر الغرام عيار 18 قيراطاً 171 ألفاً و429 ليرة سورية.
وأفادت الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات في دمشق، بأن الغرام يباع بأكثر من السعر الرسمي، بالنظر إلى ارتفاع سعر الأونصة العالمي بشكلٍ كبير، مسجلاً 1974 دولاراً. كما أكدت المصادر امتناع كثير من الصياغ عن البيع، لعدم استقرار الأسعار، بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وحذرت الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات في دمشق، من بيع الذهب بسعر مغاير للسعر الصادر عنها، وشددت على ضرورة الالتزام بالتسعيرة الرسمية الصادرة عنها، وعدم البيع بأي سعر مغاير، محملة الصاغة كامل المسؤولية القانونية؛ حيث ستُتَّخذ بحق المخالف أشد العقوبات القانونية مع إغلاق المحل.
ونفى نقيب الصاغة غسان جزماتي، ما يشاع عن ابتعاد تسعيرة الذهب عن الواقع، وقال إن هذا «عارٍ عن الصحة، وأن هناك من ينشر هذه الشائعات في محاولات لخلق جبهات ضغط على السعر نفسه».
على صعيد متصل، أعلن وزير التجارة السوري عمرو سالم، عبر حسابه في «فيسبوك»، البدء في ضخ «كميات جيدة» من زيت دوار الشمس في الأسواق، السبت. وقال: «هناك كميات جيدة في الأسواق، وستبدأ الأسعار في الانخفاض تدريجياً خلال الأسبوع الحالي والمقبل». وطالب الوزير المواطنين من «مستهلكين وتجار وصناعيين» بالتعاون لتأمين متطلبات المواطنين، وعدم إنكار للوضع العالمي المستجد. وتعهد بأن المؤسسة السورية للتجارة ستقوم بتأمين كميّة 25 ألف طن من زيت دوار الشمس بأسعار «ممتازة» خلال شهر رمضان وبعده.
وكانت وزارة التجارة قد حذرت في وقت سابق من صنف معين من الزيت، قالت إنه دخل الأسواق السورية بشكل غير نظامي، ويحمل علامة تجارية مزورة، نافية ما يقال عن افتقاد مادة الزيت من الأسواق خلال الأسبوع الماضي. وقالت في بيان نشرته وسائل الإعلام الرسمية، إن هناك «كميات كافية من الزيت النباتي في السوق»، مشيرة إلى أن الظروف العالمية الراهنة أثرت على أسعار الزيت في العالم.
وشهد الأسبوع الماضي ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية، وافتقاد بعض المواد، لا سيما الزيت النباتي الذي يستخدم للقلي، وكبديل لزيت الزيتون الذي ارتفعت أسعاره الأشهر الأخيرة عدة أضعاف، وأرجع أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، في تصريحات للإعلام المحلي، ارتفاع أسعار الزيوت في الأسواق المحلية، إلى عدم توفرها في الأسواق، وحالة «الفوضى» التي تشهدها الأسواق، جرّاء استبعاد التجار من الدعم، والحرب في أوكرانيا. وبلغ سعر لتر زيت دوار الشمس وزيت الذرة 12 ألف ليرة، وكان قبل أسبوع بنحو 9000 ليرة، مع توقعات بمزيد من الارتفاع مع تعقد عمليات وصول المواد المستوردة إلى سوريا بسبب الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الدولية المفروضة على النظام في سوريا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم