ليبيا أمام تكرار «سيناريو» الانقسام

التنازع على السلطة يعيد فتح أبواب الصراع

صورة أرشيفية لإحدى جلسات مجلس النواب الليبي
صورة أرشيفية لإحدى جلسات مجلس النواب الليبي
TT

ليبيا أمام تكرار «سيناريو» الانقسام

صورة أرشيفية لإحدى جلسات مجلس النواب الليبي
صورة أرشيفية لإحدى جلسات مجلس النواب الليبي

يأمل قطاع واسع من الليبيين وضع حد للمراحل الانتقالية التي عايشوها قبلاً، بإجراء انتخابات تضمن وجود رئيس شرعي للبلاد. إلا أن الأجواء، التي تمر بهم بعد تكليف حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، خلفاً لحكومة «الوحدة الوطنية» بقيادة عبد الحميد الدبيبة، يراها سياسيون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» عاصفة توشك أن تفتح أبواباً من الصراع، لا يعلم إلا الله مداه، وبأي كيفية سينتهي.
الملمح الأول لما ستجري عليه الأمور في الآتي من الأيام، يعد تكرار ما قد سبق من وجود حكومتين متنازعتين على السلطة. ولئن كانت الحكومتان هذه المرة تتمركزان في غرب ليبيا، فإن كلاً من رئيسيهما يتمسك بـ«شرعيته»، ويمضي في تنفيذ خططه وبرامجه.
ومكمن الخطر في هذه المعضلة، أن الجميع سيتحسس مسدسه؛ لأن الطرفين يعتصمان خلف كتائبهما المسلحة، وربما يحتكمان إلى قوة السلاح، إذا لزم الأمر؛ ما سيبقي ليبيا رهينة تنازع جديد تجتر فيه آلم الانقسام، وتستعيد سيناريوهات الماضي.
هنا، يرى سياسيون ليبيون، أن الأسلم للبلاد والعباد إقدام الدبيبة على تسليم السلطة سلمياً لغريمه باشاغا. لكن، إذا تعذّر ذلك «فإن ليبيا ذاهبة إلى فصل آخر من تأزم القضية»، تضيع على أثره سدى جهود بذلتها أطراف محلية وإقليمية ودولية، طوال عقد ونيف، لتبدأ من جديد رحلة البحث عن «الخلاص».
قبل أن يُقدم مجلس النواب الليبي، عن منح الثقة لحكومة فتحي باشاغا، خلال انعقاده في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد على مدار يومين، كانت تحذيرات المواليين لعبد الحميد الدبيبة ساخنة. كذلك كانت لهجة الوعد والوعيد متصاعدة، بعدما هدّد ما يسمى بـ«تجمع قادة ثوار ليبيا» الداعم له باستخدام السلاح، وطالبه بألا يسلّم السلطة لحكومة باشاغا، ومضى متوعداً «أيدينا على الزناد، ونحن على أهبة الاستعداد للدفاع عن ثورتنا، وصون دماء شهدائنا الأبرار».
«التجمع» دافع عن الحكومة، التي قال إنها «نِتاج مؤتمر جنيف الذي رعته الأمم المتحدة وأشرفت عليه»، قبل أن يحذر البعثة الأممية هي الأخرى من «التدخل السافر والمستفز في شؤون البلاد». إلا أن البرلمان، الذي أعلن أن كثرة من نوابه تلقوا «تهديدات بالقتل»، لم يلتفت لأي تحذيرات، مفضلاً وضع الجميع أمام الأمر الواقع، ووافق لتوه على الحكومة في جلسة رأت جبهة الدبيبة، أنه اعتراها أعمال «تزوير وتلاعب». وللعلم، ضمت التشكيلة الحكومية الجديدة، التي تحمل اسم «الاستقرار الوطني»، ثلاثة نواب لرئيس الوزراء و30 وزيراً، إضافة إلى ستة وزراء دولة.
وسبق أن تسلمت حكومة الدبيبة، المؤقتة، السلطة عقب انتخابها من أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، في الخامس من فبراير (شباط) 2021، إثر مباحثات رعتها الأمم المتحدة لأكثر من سنة بين تونس وجنيف.
انقسامات حول الحكومتين
بدا من الساعات الأولى على منح الثقة للحكومة الجديدة أن جميع الليبيين ينتظرون الذي يقع حالاً. ولكن على الرغم من ذلك تحدث باشاغا بثقة عن أنه سيتسلم السلطة سلمياً، ويمارس مهامه من طرابلس. وفي المقابل، ظل الدبيبة يتوعد بمعاقبة «مَن يتجرأ على الاقتراب من أي مقر حكومي»، متهماً رئاسة المجلس، بأنها «انتهجت التزوير للتمديد». وأكد محمد حمودة المتحدث باسم «الوحدة الوطنية» في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن الحكومة «لن تتخلى عن مهامها، وتدعو الجميع لإجراء الانتخابات في منتصف العام الحالي».
مدافعون عن حكومة «الوحدة» من بينهم عبد الرحمن السويحلي، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، رأى أن الموافقة على حكومة باشاغا، «ليست إلا قفزة في الهواء؛ هي والعدم سواء». والسويحلي، الذي ينتمي إلى مصراتة - مدينة الدبيبة وباشاغا - التي يتوقع أن تلعب دوراً محورياً إمّا في استيعاب التوتر أو تصعيده، زاد من انتقاده، وقال، إن كل ما صدر عن مجلس النواب «باطل ومخالف للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي». وتمسك ببقاء حكومة حتى إنجاز الانتخابات في يونيو (حزيران) المقبل.
من جهة ثانية، انضم خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، إلى رؤية السويحلي، متهماً «النواب» أيضاً بمخالفة الاتفاق السياسي لكونه انفرد بالقرار دون إشراكه فيه، متوعداً بـ«اتخاذ ما يلزم من إجراءات تجاه هذه المخالفات». أما الشيخ علي مصباح أبو سبيحة، رئيس «المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان» (جنوب ليبيا)، فقد ذهب إلى أن ما يجرى على الأرض الآن، «ليس مفاضلة بين باشاغا والدبيبة»، بل إن القضية، من وجهة نظره، تتمثل فيما سمّاه «الاستهتار بإرادة الشعب والضحك عليه واستغفاله»، وأرجع ذلك لـ«جملة من المخالفات القانونية وقعت في جلسة منح الثقة».
بالتوازي، وجد قرار مجلس النواب بمنح الثقة لباشاغا، مَن يدافع عنه باعتبار أنه الجسم السياسي الوحيد المنتخب في ليبيا، وأن جميع إجراءاته كانت «قانونية واتسمت بالشفافية، وتم بث الجلسة على الهواء». وأيضاً، لكونه وجد ضرورة لعزل حكومة «الوحدة الوطنية»؛ لأنها «فشلت في إدارة شؤون البلاد، وأخفقت في إجراء الانتخابات». وهنا تمنى علي التكبالي، النائب عن مدينة طرابلس المركز، أن تكون حكومة «الاستقرار الوطني» اسماً على مسمى. وأردف «تصويت مجلسه عليها أنقذ ليبيا من الانقسام، وعلى الجميع أن يقبلوا بالأمر ويعملوا من أجل توحيد الصف».
الرهان على الانتخابات
ليبيون كثيرون ضاقوا ذرعاً بما يحدث من تجاذبات ومناكفات بين الأجسام السياسية المسيطرة على المشهد راهناً، ويدعون إلى رحيلها. لكن هذا لا يتأتى إلا بإجراء انتخابات سريعة، وهو ما عبّر عنه جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، الذي اعتبر هذه الأجسام السياسية ومنها مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة» سلطات فاقدة للمشروعية ومغتصبة لإرادة الشعب الليبي في الانتخابات.
وفسر الفلاح، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» موافقة مجلس النواب على تشكيل حكومة جديدة بأنه «هروب للأمام وزيادة تأزيم وإطالة للمرحلة». وتابع «سيترتب على هذا القرار انقسام آخر وانسداد في العملية السياسية في حال لم يسلّم الدبيبة السلطة بشكل سلمي»، واستطرد قائلاً إن الأخير «ما زال متمسكاً بخريطة الطريق الأممية الهادفة إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة».
الفلاح، الذي ينتمي إلى مدينة بنغازي، دافع عن وجهة نظره بأن مجلس النواب «سبق له خرق خريطة الطريق عندما وضع القوانين الانتخابية منفرداً، وأخلّ بضرورة تزامن الانتخابات البرلمانية مع الرئاسية». وأضاف «هذا أحد أسباب فشل إجراء الاستحقاق في موعده الذي كان مقرراً قبل نهاية عام 2021... والآن يريد التنصل من المسؤولية، ويحملها لحكومة (الوحدة الوطنية) فقط... لكن الاثنين تشاركا في إفشال الانتخابات».

موضع البعثة الأممية
على صعيد متصل، مبكراً سجلت حكومة «الوحدة الوطنية» ملاحظات على سيتفاني ويليامز، المستشارة الأممية إلى ليبيا، وبدت غير راضية عن موقفها، ووصفتها بأنها «تتسم بالغموض» وتنحاز إلى الساعين للإطاحة بها.
أما ستيفان دوجاريك، الناطق باسم الأمم المتحدة، فامتنع عن التورط في صراع داخلي، واكتفى بالقول، إنها «تتابع عن كثب التطورات السريعة في ليبيا، وآخرها قرار منح الثقة لحكومة الاستقرار». ثم، بعد يومين من قرار البرلمان، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد بأن تصويت مجلس النواب على منح الثقة لحكومة باشاغا «لم يرقَ إلى مستوى معايير الشفافية والإجراءات المتوقعة، وشمل أعمال ترهيب قبل الجلسة».
دوجاريك نقل عن الأمين العام أنه يواصل متابعته عن كثب للتطورات في ليبيا، بما في ذلك جلسة البرلمان، التي شهدت تصويتا بالثقة على تشكيل حكومة جديدة، مجدداً التأكيد على «أهمية الحفاظ على الوحدة والاستقرار الذي تحقق بشق الأنفس» منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
كذلك، لفت الناطق الأممي إلى أن ويليامز، تعتزم دعوة لجنة مشتركة من مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة» في أقرب وقت ممكن، للاجتماع من أجل وضع أساس دستوري توافقي من شأنه أن يؤدي إلى انتخابات وطنية في أقرب وقت ممكن. ودعا جميع الجهات الفاعلة إلى «الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها تقويض الاستقرار وتعميق الانقسامات في ليبيا».
هذا، لم تسلم البعثة الأممية للدعم في ليبيا، من الانتقادات طوال السنوات العشر الماضية، وراهناً، ينظر أنصار حكومة الدبيبة، إلى ويليامز، بأنها كمن يمسك العصا من المنتصف. بيد أن الأخيرة، التي تقول إنها بذلت محاولات لتجنب أي تصعيد، التقت الدبيبة وباشاغا في لقاءين منفصلين، ودعتهما إلى «الحفاظ على الاستقرار» في البلاد، وإجراء انتخابات «في أقرب وقت ممكن»، من دون أن تتخذ موقفاً من الصراع الجاري بينهما حول منصب رئيس الوزراء.
تحرك مستقل
بعيداً عن جبهة باشاغا، اجتمعت رغبة الدبيبة والمشري في المضي قدماً باتجاه كيفية إجراء العملية الانتخابية في أسرع الآجال الممكنة. ووسط حملة من التشكيك وحالة ممزوجة من القلق والمخاوف تسود ليبيا، تحدث المشري عن إعداده لـ«قاعدة دستورية» يجرى على أساسها الاستحقاق المنتظر، وذلك في شهر يونيو المقبل. أما الدبيية، الذي يرفض تسلم السلطة التنفيذية إلا لحكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية، فيرى إمكانية إجراء هذا الاستحقاق في نصف العام الحالي، على أن تضطلع بذلك المفوضية العليا للانتخابات بحيث تكون كل دائرة منفصلة إذا لزم الأمر. وهو ما يثير رفض واستغراب المناوئين له، فيتساءلون «كيف لسلطة تنفيذية منتهية الصلاحية لعب دور السلطة التشريعية في سن القوانين»؟
للخروج من المأزق التشريعي، طرح الدبيبة إمكانية الاستعانة بقانون انتخابات «المؤتمر الوطني العام» السابق لسنة 2012، وقانون انتخاب مجلس النواب لسنة 2014، إضافة إلى القانون الأخير الصادر عن البرلمان؛ وذلك لانتخاب مجلس نواب جديد، بدلاً من المجلس الذي يترأسه عقيلة صالح.
متابعون يرون أن رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» بهذا التوجه يستهدف مجلس النواب، علماً بأن التعديل السابق على قانون الانتخابات الأخير الذي أقرّه الأخير، اشترط إجراء الاستحقاق الرئاسي أولاً على أن يجرى «البرلماني» عقب ذلك بـ30 يوماً. ويلفت هؤلاء إلى أن سلطات طرابلس، منذ الانقسام الذي ضرب ليبيا عام 2014، لم تصغ إلى تعليمات وقرارات برلمان طبرق، خصوصاً إذا تواكبت مع أي خلافات؛ لذا يتوقعون أن «تصير ليبيا كجزر منعزلة، حال تمسك كل من الدبيبة وباشاغا بموقعه، لكنهم يرون أن الرهان في قادم الأيام، سيكون على المصرف المركزي بالعاصمة، وإلى أي حكومة سينتمي، ويدعمها مالياً».
الموقف الدولي
في هذه الأثناء، بدا الصوت الدولي خافتاً رغم الانزعاج الداخلي، حيال المتغير الطارئ في خريطة السياسة الليبية، باستثناء القاهرة التي بادرت مبكراً بالتأكيد على دور مجلس النواب، باعتباره «الجهة التشريعية المنتخبة، والمعبرة عن الشعب، والمنوط به سن القوانين، ومنح الشرعية للسلطة التنفيذية، وممارسة دوره الرقابي عليها».
وبعد يوم من نيل حكومة باشاغا الثقة، خرجت وزارة الخارجة الروسية عن صمتها ورحبت بقرار البرلمان، وأكدت «استعدادها للتعاون معها، للمضي في تسوية سياسية شاملة للأزمة الليبية». وجاء الموقف الروسي، على خليفة إدانة حكومة الدبيبة الهجوم الروسي على أوكرانيا، ووصفها إياه بأنه «انتهاك للقانون الدولي». وسارعت وزارة الخارجية الروسية، بتوضيح موقفها مما يجري في ليبيا، وقالت، إن قرار البرلمان هناك «خطوة مهمة في تجاوز الأزمة التي طال أمدها في البلاد على أساس التوصل إلى اتفاق وطني ضمن حوار بيني شامل».

من الكيب إلى باشاغا... الأزمة الليبية تتنقل في «قطار الحكومات»
> لم يُتح لليبيا أن تستريح وتدخل إلى آخر مراحلها الانتقالية. فمنذ اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011، وقطار السياسة الذي يمر بمنعطفات خطرة لم يصل إلى محطته بعد، ولا تزال تتوالى عليه حكومات جديدة منذ تولي الراحل عبد الرحيم الكيب، وصولاً إلى فتحي باشاغا، الذي منح مجلس النواب حكومته الثقة، منتصف الأسبوع الماضي، وكل منها يحدوه الأمل في الوصل بليبيا إلى بر الأمان.
وهنا ترتيب زمني لتوليها:
في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011 أدت حكومة (الراحل) الدكتور عبد الرحيم الكيب، اليمين الدستورية بتكليف من «المجلس الانتقالي الليبي»، لتكون أول حكومة بعد «ثورة 17 فبراير». وأعلن الكيب، عقب ثلاثة أشهر من الإطاحة بالقذافي، تشكيل حكومته معتمداً فيها على الكفاءات من مختلف مناطق ليبيا، لتنهي بذلك مهام «المكتب التنفيذي» الذي ترأسه الراحل الدكتور محمود جبريل. تشكيلة الكيب ضمت عدداً من المفاجآت التي تهدف إلى محاولة تهدئة الخصومات بين الفصائل المنتمية للمناطق المختلفة، كان أهمها إسناد حقيبة الدفاع إلى أسامة الجويلي، رئيس المجلس العسكري لمدينة الزنتان. ولكن، بعد أحد عشر شهرا أمضاها في السلطة منذ اختياره، استقال الكيب... وسلم حكومته طوعاً إلى علي زيدان.
يوم 14 نوفمبر 2012 تولى علي زيدان رئاسة الحكومة بشكل رسمي خلفاً للكيب، واستمر في إدارة شؤون البلاد مع تصاعد أعمال الاقتتال وتنامي دور الميليشيات المسلحة بالعاصمة، لدرجة وصلت إلى خطفه شخصياً عندما كان يشغل المنصب في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2013، على أيدي ميليشيات «غرفة عمليات ثوار ليبيا»، لكن أمكن تحريره بعد ساعات. ولكن يوم 11 مارس (آذار) 2014 صوّت «المؤتمر الوطني العام» بحجب الثقة عن حكومة زيدان وتكليف وزير الدفاع عبد الله الثني بمهام رئيس الحكومة لحين انتخاب رئيس وزراء جديد.
ثم في 12 مارس من العام ذاته أدى الثني اليمين الدستورية رئيساً مؤقتاً للحكومة لحين انتخاب رئيس وزراء دائم، غير أنه ظل في هذا المنصب حتى الآن، مدعوماً بشرعية مجلس النواب، علماً بأن حكومته لا تحظى باعتراف دولي.
جاء تولي الثني إدارة البلاد بعدما سحب «المؤتمر الوطني العام» الثقة من زيدان، على خلفية تصريحات لمسلحين في شرق البلاد قالوا فيها، إن ناقلة محملة بالنفط كانت راسية في ميناء خاضع لسيطرتهم، أفلتت من سيطرة البحرية الليبية ودخلت المياه الدولية.
في حينه، تعهد نوري أبو سهمين، رئيس «المؤتمر الوطني العام» في جلسة أذاعها التلفزيون الحكومي، بدعم رئيس الوزراء المؤقت والامتناع عن عرقلة عمله، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث مع تصاعد الخلافات وتفاقم الأزمات بين غرب ليبيا وشرقها.
ويوم 25 أغسطس (آب) 2014 أقال «المؤتمر الوطني العام» الثني، وكلف بدلاً منه عمر الحاسي. والحاسي - المنتمي إلى تيار الإسلام السياسي - كُلف تشكيل ما سمي حينها بحكومة «الإنقاذ»، غير المعترف بها دولياً التي أعلنتها «فجر ليبيا» بمدينة طرابلس، في الوقت الذي أعلن النفير والتعبئة العامة بكافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
بعد ذلك، في مطلع أبريل (نيسان) 2015 سلم الحاسي رئاسة حكومة «الإنقاذ» لنائبه خليفة الغويل، في خطوة وصفها بأنها دليل «على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة». وهو ما وُصِف بـ«نكاية» في معسكر شرق ليبيا، والبرلمان المنتخب برئاسة عقيلة صالح. وظلت حكومة الثني، غير المعترف بها في شرق البلاد، على حالها مدعومة من مجلس النواب، تتنازع السلطة مع حكومة «الوفاق الوطني» التي تشكلت في فبراير (شباط) عام 2016 بموجب «اتفاق الصخيرات». وهو الاتفاق الذي وقّع في المغرب يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 بدعم أممي.
ومع تنامي الأزمات وانقسام البلاد بين حكومتين طرحت الأمم المتحدة خريطة طريق جديدة رعتها المبعوثة الأممية بالإنابة حينها ستيفاني ويليامز، أسفرت عن خروج حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى النور، وظلت تصارع المناكفات، سعياً لحصولها على نيل الثقة من مجلس النواب.
ومطلع مارس (آذار) الحالي، منح مجلس النواب الثقة لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، لتكون بديلة لحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة الدبيبة الذي يرفض التخلي عن السلطة إلا «لسلطة منتخبة».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».