تشكيل جيش يمني جديد أبرز الملفات أمام مؤتمر الرياض

تباينات في مواقف القوى السياسية اليمنية بشأن محاور المؤتمر

عناصر من المقاومة اليمنية مؤيدون للرئيس هادي في حالة تأهب لمواجهة الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة اليمنية مؤيدون للرئيس هادي في حالة تأهب لمواجهة الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

تشكيل جيش يمني جديد أبرز الملفات أمام مؤتمر الرياض

عناصر من المقاومة اليمنية مؤيدون للرئيس هادي في حالة تأهب لمواجهة الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة اليمنية مؤيدون للرئيس هادي في حالة تأهب لمواجهة الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)

أعربت أوساط سياسية يمنية عديدة عن مساندتها لعقد مؤتمر في الرياض بشأن اليمن، ودعت هذه الأوساط إلى سرعة عقد المؤتمر والخروج بنتائج عملية وإيجابية تجنب اليمن المزيد من الدمار والخراب الذي يجري، واستحسنت هذه الأوساط عدم دعوة المخلوع علي صالح والحوثيين للمشاركة في المؤتمر.
قالت مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن هناك تباينات شديدة في مواقف القوى السياسية اليمنية المحيطة بالقيادة اليمنية الشرعية، بشأن المحاور التي ستطرح في مؤتمر الرياض المزمع عقده خلال الأيام القليلة المقبلة، وذكرت المصادر أن أبرز الملفات الشائكة التي تثير نوعا من الخلافات أو التباينات، هي تلك المتعلقة بموضوع تشكيل جيش يمني وطني على درجة عالية من الكفاءة والوحدة الوطنية، في ظل وجود الجيش اليمني على وضعه الراهن، المنقسم، والذي بني على أساس الولاء المطلق للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وأقاربه وأفراد أسرته والمقربين منه فقط، وقالت المصادر إن نقاشات معمقة تجري بشأن هذا الموضوع، بالتزامن مع نقاشات بشأن الإسراع في اتخاذ خطوات تعجل بانتهاء الانقلاب الذي قاده الحوثيون وقوات صالح المتمردة، وذكرت المصادر الخاصة أن هادي يدرس جملة من المقررات الهامة التي سيتم إصدار قرارات بها في القريب العاجل، وتتعلق بإعادة بناء مؤسسة القوات المسلحة والأمن.
في سياق متصل، تؤكد مصادر «الشرق الأوسط» استمرار عملية التهيئة للتدخل البري في اليمن، حيث يجري التحضير لها بوتيرة عالية، وذلك عبر إعداد القوات المخصصة للقيام بها، واستقبال تلك القوات في منطقة العبر بمحافظة حضرموت، حيث تشارك فيها الكثير من القوى السياسية والقبلية، إضافة إلى ضباط وأفراد القوات المسلحة اليمنية الموالين للشرعية الدستورية والذين خرجت ألويتهم ووحداتهم العسكرية عن الجاهزية، جراء المعارك مع الحوثيين وقوات صالح، وذكرت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أنه تجري عملية إعداد وتجهيز لواء «جيش شعبي» في وادي حضرموت، حيث فتح باب التطوع للالتحاق بهذا الجيش الذي يشرف عليه ثلاثة من القادة العسكريين الحضارمة، وتشير المعلومات إلى أن التأخير في اتخاذ خطوات مباشرة وعملية في هذا الاتجاه، يرجع إلى دراسة خيارين للتدخل البري، الأول هو الانطلاق من المنطقة الشرقية نحو «إقليم آزال» الذي يضم صنعاء وصعدة وعمران، وأشارت المصادر إلى أن بين تلك القوى، قوى قبلية من الإقليم نفسه تناهض الوجود الحوثي.
أما الخيار الثاني فهو البدء في التدخل البري عبر عدن، من أجل تسهيل عودة القيادة الشرعية والحكومة لممارسة مهامها من المدينة كعاصمة مؤقتة، كما سبق وأعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في فبراير (شباط) الماضي.
وذكر مصدر سياسي يمني جنوبي رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن نجاح أي مؤتمر في الرياض بشأن الأوضاع في اليمن «يرتبط، بشكل كبير، بمدى اهتمامه بالقضية الجنوبية، كمحور أساسي، إذ إن الجنوب هو الذي يعاني اليوم ويلات الحرب أكثر من بقية المحافظات وهو الذي يدمر اليوم بالآلة العسكرية التابعة للحوثي ولصالح، كما حدث في عام 1994». وأشار المصدر إلى «ضرورة أن تتوصل القيادات الجنوبية الموجودة في الرياض إلى تفاهمات مشتركة بشأن الوضع في اليمن والجنوب على وجه الخصوص»، واستعرض أهمية المشاورات الحالية بين الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض وأطراف مقربة من الرئيس عبد ربه منصور هادي، ودعا المصدر اليمني الجنوبي إلى لقاء قمة يجمع البيض وهادي لـ«فتح صفحة جديدة والعمل المشترك»، واستدرك المصدر مؤكدا على ضرورة «إشراك كل القوى الجنوبية في صياغة مستقبل البلاد»، على حد تعبيره.
إلى ذلك، قال قيادي حوثي إن جماعته تطالب بعقد حوار في جنيف برعاية الأمم المتحدة، ويأتي ذلك تعليقا على الدعوة لعقد مؤتمر الرياض، واعتبر حسن محمد زيد، أمين عام حزب الحق اليمني، أحد أبرز القيادات الحوثية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الحوار اليمني الذي كان يرعاه المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بنعمر، كان على وشك التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة، على حد قوله.
من جهته، علق مصدر سياسي يمني لـ«الشرق الأوسط» على تصريحات زيد بالقول إن جماعة الحوثي قامت بعملية الانقلاب على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وعلى الشرعية الدستورية لأنها «بحسب قولها، حينها، ترفض تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم بحسب مخرجات الحوار الوطني الشامل، الذي كانت حركة (أنصار الله) الحوثية مشاركة فيه، واليوم تقول إنها ليست ضد نظام الأقاليم». وأشار المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، إلى أن «هذه مراوغة سياسية من الحوثيين، فقد سبق أن احتلوا صنعاء بحجة رفع أسعار المشتقات النفطية بنسبة ضئيلة من قبل الحكومة، واليوم نجدهم يحاولون احتلال عدن وتعز وكل المحافظات، وفي الوقت نفسه لا تتوفر المشتقات النفطية إطلاقا للمواطنين».
وتأتي هذه التباينات والنقاشات بين الأطراف اليمنية بشأن الأوضاع في اليمن، قبيل أيام من قيام المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، بمهامه والبدء رسميا في الإمساك بالملف اليمني، خلفا للمبعوث السابق جمال بنعمر، وتوقعت مصادر في صنعاء أن يباشر المبعوث الأممي الجديد لقاءاته من العاصمة السعودية الرياض بلقاء القيادة الشرعية، ثم لقاء ممثلين عن المتمردين الحوثيين في إحدى العواصم العربية، ورجحت تلك المصادر أن تكون تلك العاصمة هي بيروت.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.