ماكرون: بوتين عازم على «السيطرة التامة» على كل أوكرانيا

الرئيس الفرنسي يتهم نظيره الروسي باختلاق الروايات والبحث عن ذرائع للحرب

رغم الرفض الذي يواجه مطالب ماكرون بوقف العمليات العسكرية الروسية فإن فرنسا متمسكة بمواصلة عملها الدبلوماسي (أ.ف.ب)
رغم الرفض الذي يواجه مطالب ماكرون بوقف العمليات العسكرية الروسية فإن فرنسا متمسكة بمواصلة عملها الدبلوماسي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون: بوتين عازم على «السيطرة التامة» على كل أوكرانيا

رغم الرفض الذي يواجه مطالب ماكرون بوقف العمليات العسكرية الروسية فإن فرنسا متمسكة بمواصلة عملها الدبلوماسي (أ.ف.ب)
رغم الرفض الذي يواجه مطالب ماكرون بوقف العمليات العسكرية الروسية فإن فرنسا متمسكة بمواصلة عملها الدبلوماسي (أ.ف.ب)

للمرة الثالثة منذ انطلاق العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، يجري الرئيسان الفرنسي والروسي محادثة مطولة من 90 دقيقة وصفتها المصادر الروسية بأنها كانت «صريحة» ما يعني، في اللغة الدبلوماسية أنها كانت «عاصفة». وبعكس المرات السابقة، فإن بوتين هو من اتخذ مبادرة الاتصال بماكرون من أجل «إطلاعه على الوضع وعلى ما ينوي القيام به وذلك في إطار الحوار الصريح بين الطرفين». وتجدر الإشارة إلى أن بوتين أبلغ ماكرون في اتصال الاثنين الماضي أنه «منفتح» على مواصلة الحوار معه. ورغم أن الحوار المتواصل بين المسؤولين لم يفض حتى اليوم إلى أي نتيجة إيجابية، فإن ماكرون، كما أعاد تأكيد ذلك في كلمته للفرنسيين مساء أول من أمس، ما زال مصمماً على مواصلة الحوار وأمله إسماع نظيره الروسي صوت العقل والتخلي عن العمل العسكري ضد أوكرانيا. وقال ماكرون ما حرفيته: «اخترت أن أبقى على اتصال، قدر ما أستطيع وقدر ما هو ضروري مع الرئيس بوتين للسعي من غير هوادة لإقناعه بالتخلي عن السلاح» وأيضاً «لتجنب انتشار واتساع الصراع قدر ما يمكننا». وقالت مصادر رئاسية أمس إنه «رغم الرفض الذي يواجه مطالب ماكرون بوقف العمليات العسكرية الروسية، فإن فرنسا متمسكة بمواصلة عملها الدبلوماسي وأن ماكرون يعتبر من الضروري إطلاقاً الاستمرار في التواصل» مع بوتين. وأضافت هذه المصادر أن ماكرون، رغم ذلك، «يريد التمسك بالحوار للمحافظة على حياة المدنيين والحصول من بوتين على بادرات في المجال الإنساني ومواصلة جهوده الحثيثة لحمله على وقف عملياته العسكرية».
لكن يبدو بوضوح أن ما يجري بين الرئيسين هو في الواقع «حوار طرشان» إذ إنهما لا يتحدثان على الموجة نفسها وأن بوتين ليس معنياً بتغيير نهجه العسكري وهو ما أكده صراحة لنظيره الفرنسي، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه يتناول الفائدة المرجوة من استمرار التواصل علماً بأن ماكرون هو المسؤول الغربي الوحيد الذي ما زال يسعى للحصول على شيء ما من بوتين المتمسك بمواقفه رغم العقوبات متعددة الأشكال التي فرضت عليه وعلى بلاده. وكما في آخر اتصال له، خرج الرئيس الفرنسي بالغ التشاؤم لجهة نوايا بوتين التي يكشفها بصراحة متناهية بحسب ما نقلته مصادر رفيعة في قصر الإليزيه عن ماكرون.
تقول المصادر الرئاسية، في العرض الذي قدمته لمجموعة من الصحافيين عن مجريات الاتصال الهاتفي أمس مع بوتين، نقلا عن ماكرون، إن الأخير خرج بانطباع فحواه أن «الأسوأ هو المرتقب بالنظر لما سمعه» من الرئيس الروسي في إشارة إلى اشتداد العمليات الحربية وعبثية المفاوضات بين الطرفين الروسي والأوكراني. وبحسب ما نقل عن ماكرون، فإن بوتين «متمسك بمواقفه بلا أدنى شك وبسعيه لنزع سلاح أوكرانيا واستسلامها» وأنه بالتالي «حازم للغاية» في موضوع استمرار العمليات الحربية الجارية التي «ستتواصل وفق المخططات الموضوعة لها حتى النهاية» وأن الهدف منها «السيطرة التامة» على كل أوكرانيا ما يعني عملياً أن الحرب مرشحة لأن تطول وأن ما جرى منذ انطلاقها في 27 فبراير (شباط) ليس سوى المقدمة. وتؤكد المصادر الرئاسية أن هذه الشروط «لا يمكن بطبيعة الحال قبولها» وبالتالي، فإلى جانب «التشدد في التمسك» بالمبادئ وبالعقوبات، «يتعين الاستمرار في البحث عن السلام من خلال الحوار».
فيما كان ينتظر أمس أن تجرى الجولة الثانية من المفاوضات بين الوفدين الروسي والأوكراني في بيلاروسيا قريباً من الحدود المشتركة مع بولندا، هدد بوتين، في رسالة موجهة للسلطات الأوكرانية وللغربيين بشكل عام، بتصعيد العمليات العسكرية في حال لم ترضخ كييف للشروط التي فرضها لا بل إنه هدد بفرض شروط جديدة في حال المماطلة. وبحسب بيان للكرملين عن المحادثة الهاتفية، فإن بوتين قال للرئيس الفرنسي إن ما يريده هو «نزع سلاح أوكرانيا وأن تكون حيادية حتى لا تمثل يوماً منطلقا لتهديد روسيا» في إشارة للحلف الأطلسي الذي تطمح كييف للانضمام إليه وهو ما ترفضه موسكو قطعياً، ونبه بوتين من أن «أي محاولة لكسب الوقت من خلال المفاوضات لن تسفر إلا عن زيادة المطالب من كييف». ويجدر التذكير بأن موسكو تريد، إلى جانب الحياد ونزع سلاح أوكرانيا، أن تعترف كييف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014 والاعتراف بانفصال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الواقعتين شرق البلاد عنها.
تؤكد باريس بقوة أن هذه الشروط لا يمكن أن تكون صالحة كأساس للمفاوضات وأنه من العبث الطلب من كييف أن تنزع سلاح قواتها فيما هي عرضة للغزو الروسي. لكن باريس تعترف أنه رغم «شجاعة» القوات الأوكرانية في الحرب الدائرة في بلادها ورغم أن لا شيء نهائيا حتى اليوم، فإن «اختلال موازين القوى بين الطرفين المتحاربين كبير جدا» لصالح الجانب الروسي. وليس سراً أن الطرف الغربي يراهن على العقوبات متعددة الأشكال التي فرضت على روسيا وعلى عزلها سياسيا ودبلوماسياً وعلى استنهاض الشارع الروسي للتحرك ضد حكومته وخططها وعلى تسليح القوات الأوكرانية لزيادة الضغوط على الكرملين و«رفع كلفة الغزو» بحيث يعيد بوتين النظر في حساباته. ويرى الغربيون في تراجع قيمة الروبل الروسي والصعوبات الاقتصادية والحياتية في روسيا سبباً للاستمرار في فرض العقوبات وتغليظها. والحال أن بوتين، رغم ذلك كله، لا يخفي أهدافه ويؤكد أنه ذاهب حتى النهاية من أجل تحقيقها ووضع اليد على كل أوكرانيا وفرض شروط قاسية عليها وعدم التراجع في اللجوء إلى جميع العمليات العسكرية لإجبارها على الخضوع. من هنا «التشاؤم» الذي يلم بالرئيس ماكرون وفق مصادره من صيرورة الأحداث. ومع ذلك، فإن باريس التي تؤكد على تواصل دعمها لأوكرانيا، تبقى متمسكة بـ«حبال الهواء» أي بالحوار مع سيد الكرملين وها هي اليوم تنظر إلى الصين ولإمكانية أن تلعب بكين دور الوساطة. وقالت مصادر الرئاسة أمس إن فرنسا «مهتمة باقتراح الصين القيام بدور الوساطة» وأن التواصل قائم مع المسؤولين الصينيين.
ترى باريس أن بوتين ما زال يسير وفق النهج الذي اختطه منذ البداية، إذ إنه أكد لنظيره الفرنسي أن ما تقوم به قواته في أوكرانيا «سيتواصل من غير تهاون ضد المجموعات القومية التي ترتكب جرائم حرب». إلا أن ماكرون لم يتردد في مناقضة بوتين، بحسب الإليزيه، حيث أكد له أنه «يرتكب خطأ جسيماً بشأن النظام الأوكراني» الذي نفى عنه صفة «النازية» وأنه قال له ما حرفيته: «أنت تختلق الروايات وتبحث عن ذرائع» للحرب على أوكرانيا داعياً إياه «ألا يكذب على نفسه». وترى باريس أن الاتصال الهاتفي وفر الفرصة «لمراجعة الاختلافات بينها وبين موسكو ولقول الحقيقة» للجانب الروسي. وما يثير حفيظة الغربيين في اتهام السلطات الأوكرانية بـ«النازية» أن الرئيس فلوديمير زيلينسكي ينتمي إلى الطائفة اليهودية التي استهدفها الألمان النازيون أثناء احتلالهم لأوكرانيا خلال الحرب العالمية الثانية.
لا تختلف الروايتان الروسية والفرنسية عن بعضهما كثيرا بشأن مجريات الاتصال. لكن الكرملين، في بيانه، شدد على أن بوتين «فند» ما جاء في كلمة ماكرون للفرنسيين مساء الأربعاء الذي أشار «إلى أكاذيبّ روسيا» بأنها تحارب «النازيين» في أوكرانيا. وقال ماكرون في كلمته إن روسيا هي «المعتدية وليس المعتدى عليه»، وإن هذه الحرب «ليست حربا بين الغرب وروسيا» كما أنها «ليست حربا ضد النازية وهذه كذبة». وتدعي موسكو أن العمليات العسكرية ضد جارتها بأنها «عملية خاصة» هدفها «اجتثاث» نازية النظام الأوكراني.
ككل مرة، أتبع ماكرون اتصاله بالرئيس الروسي بالتواصل مع الرئيس الأوكراني الذي يحرص على مهاتفته بشكل يومي وأحياناً أكثر من مرة في اليوم.



14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.