نائب رئيس «فتح»: الوعود الأميركية تبخرت جميعاً

مواجهات مسلحة في جنين... وعمليات طعن قرب القدس

جدارية في الخليل بالضفة الأربعاء خلال جنازة شاب من مخيم العروب الذي قتله الأمن الإاسرائيلي (أ.ف.ب)
جدارية في الخليل بالضفة الأربعاء خلال جنازة شاب من مخيم العروب الذي قتله الأمن الإاسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

نائب رئيس «فتح»: الوعود الأميركية تبخرت جميعاً

جدارية في الخليل بالضفة الأربعاء خلال جنازة شاب من مخيم العروب الذي قتله الأمن الإاسرائيلي (أ.ف.ب)
جدارية في الخليل بالضفة الأربعاء خلال جنازة شاب من مخيم العروب الذي قتله الأمن الإاسرائيلي (أ.ف.ب)

قال نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، إن كل الوعود الأميركية التي حصلت عليها السلطة «تبخرت» وتم التنصل منها.
وأوضح العالول في تصريحات للتلفزيون الفلسطيني، بأن كل الوعود الأميركية التي نقلت للقيادة الفلسطينية، بعد انتخاب الرئيس جو بايدن على سدة الحكم في البيت الأبيض، «تبخرت، وتم التنصل منها». وجاء حديث العالول ليعزز وجود حالة من الغضب والإحباط الفلسطيني من تعامل الإدارة الأميركية مع ملف القضية.
وبنت السلطة آمالا على تغيير ملموس في الموقف الأميركي، بعدما مرت العلاقات في أسوأ مراحلها مع الإدارة السابقة التي أوقفت جميع الاتصالات مع السلطة الفلسطينية، وقطعت المساعدات وأغلقت مكتب منظمة التحرير في واشنطن وطردت الممثل الفلسطيني من هناك، في أعقاب رفضت القيادة الفلسطينية خطة السلام الخاصة بترمب والمعروفة باسم صفقة القرن.
وكانت السلطة ترغب في ترميم سريع للعلاقات ودفع عملية سلام جديدة في المنطقة. وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك غضبا وإحباطا في رام الله، أن الأميركيين لديهم موقف ضبابي للغاية، لافتا، أنهم «لا يضغطون على إسرائيل ولا ينفذون وعودهم لنا حتى لا يغضبوا إسرائيل».
وكانت الإدارة الأميركية قد وعدت الفلسطينيين بإعادة افتتاح القنصلية في القدس الشرقية، وردت بإيجاب في البداية على طلبات من قبيل إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، واستئناف المساعدات. ووضعت الإدارة الأميركية، خطة «لاستئناف العلاقات مع السلطة الفلسطينية»، تقوم على تصحيح العلاقات مع الفلسطينيين، لكنها لم تصل إلى مستوى استعادة العلاقات حتى الآن أو دعم مشاريع سياسية.
العالول من جهته، اعتبر «أن الوضع الراهن المتمثل بجرائم الاحتلال الميدانية بحق شعبنا، وجرائمه السياسية، لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه». وتعهد بتطبيق قرارات المجلس المركزي، قائلا، إن القرارات شكلت صرخة فلسطينية ضد الواقع السيئ الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له من جرائم من قبل الاحتلال. وطالب المجتمع الدولي بالعمل على وقف جرائم قوات الاحتلال والمستوطنين المتواصلة ضد الفلسطينيين، وكذلك العمل على وقف الجرائم السياسية التي يرتكبها الاحتلال بعدم إقراره بشيء من الحق الفلسطيني.
وأضاف «الاحتلال يرتكب جرائم على الأرض وجرائم سياسية بالتزامن مع تنصل الإدارة الأميركية من التزاماتها، ولذلك شكل (المجلس) المركزي بمخرجاته صرخة في وجه العالم، بأن شعبنا بحاجة لأفعال وليس لأقوال، وبحاجة لقرارات داعمة للحق الفلسطيني، فالوضع الراهن لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه». ودعا العالول إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، قائلا، إن «مسألة الانقسام طالت كثيرا ولا يجوز أن يعتاد شعبنا على الانقسام، ولا بد أن يكون موحدا، فالاحتلال يبذل جهدا من أجل عدم إنهاء الانقسام، ولكننا سنبذل جهدا وننهي الانقسام لنوجه سهامنا للاحتلال».
على الأرض، تصاعد التوتر في ظل انعدام أي أفق سياسي. وتفجرت اشتباكات مسلحة في جنين، شمال الضفة الغربية، بين مسلحين وقوات إسرائيلية، بعد يومين من قتل إسرائيل عناصر من حركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين. وقالت كتيبة جنين التابعة للجهاد، في بيان، إنهم استهدفوا قوات إسرائيلية حاولت التسلل إلى إحدى المناطق في جنين.
وقرب القدس نفذ فلسطينيون عمليتي طعن. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن إسرائيليا أصيب في ساعات ما بعد ظهر الأربعاء، في عملية طعن حيث تمت مهاجمته خلال تواجده في أحد الحوانيت في قرية حزما شمالي مدينة القدس، فيما تم الإبلاغ عن طعن إسرائيلي آخر صباح الخميس في نفس القرية كذلك. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان: «في ساعات ما بعد ظهر الأربعاء، وصل مواطن إسرائيلي إلى حاجز حزما وهو مصاب في القسم العلوي من جسده، وقال إنه تعرض للطعن خلال مكوثه في قرية حزما، وتم نقله بسيارة إسعاف للعلاج في المستشفى، ومن التحقيقات الأولية للحدث، اتضح لنا أن المواطن دخل إلى دكان في حزما، وتمت مهاجمته من الخلف وطعن في جزء جسده العلوي، واتضح أن الاعتداء على خلفية قومية».
وأضاف بيان الشرطة الإسرائيلية، أنه تم التبليغ عن إصابة طعن جديدة في حزما لإسرائيلي آخر، وأن رجلا مصابا بطعنات وصل حاجز حزما وتم نقله إلى المستشفى، وأن الحدث قيد الفحص وقوات الجيش الإسرائيلي تقوم بأعمال تمشيط في المنطقة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.