قرب نهاية الشهر الماضي، أصرّ المحلل البارز بشبكة «سكاي سبورتس»، روي كين، على أنه «لم يكن من المهم» أنه لم يعد إلى سندرلاند لاستئناف مسيرته التدريبية التي تأخرت لأكثر من عقد من الزمان، لكن في الوقت نفسه، خاض زميله الدولي السابق داميان داف أول مباراة له كمدير فني للفريق الأول لنادي شيلبورن الآيرلندي. وقد أدى ذلك إلى إثارة الكثير من الأحاديث والجدل في بلدهما الأصلي، آيرلندا، قبل أن ينتقل الأمر إلى أماكن أخرى.
وبعد ثماني سنوات من إنهاء داميان داف مسيرته الكروية في كرة القدم الإنجليزية، ربما تساءل عن الحكمة وراء قراره بتولي القيادة الفنية لنادي شيلبورن، الذي يلعب في الدوري الآيرلندي لكرة القدم. وكان داف قد خاض مسيرة كروية حافلة مع أندية بلاكبيرن روفرز وتشيلسي ونيوكاسل يونايتد وفولهام. وفي أجواء أقل بريقاً، بدأ داف حياته الجديدة مديراً فنياً في ضاحية درومكوندرا في دبلن، وسط أجواء عاصفة وأمطار شديدة.
وبالنسبة لداف، شكّلت هذه الخطوة الأولى في مجال التدريب أمراً مهماً للغاية، حيث اعترف المدير الفني الشاب البالغ من العمر 42 عاماً، علناً، بأنه كان مرعوباً من احتمال توليه القيادة الفنية لهذا النادي العريق الذي يمر بأوقات عصيبة خلال السنوات الأخيرة. وقال داف للصحافيين عند الإعلان عن تعيينه مديراً فنياً للفريق: «هل أنا خائف؟ بكل تأكيد! وهل أشعر بعدم الارتياح؟ بالطبع أشعر بذلك! وهل تولي القيادة الفنية للفريق الأول بنادي شيلبورن سيكون سهلاً؟ لا بالطبع. وهل سيكون الأمر مريحاً؟ الإجابة هي لا. لكن هذا سيجعلني أعمل بتركيز شديد على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، وهذا ما أحتاج إليه. عندما يكون لدي عقل خامل، مثل معظم الناس، فهذا لا يكون شيئاً جيداً».
وكان داف قد حصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين، ومثّل منتخب بلاده في 100 مباراة دولية خلال مسيرة كروية حافلة شهدت أيضاً اللعب للغريم التقليدي لنادي شيلبورن في دبلن، وهو نادي شامروك روفرز.
ومنذ اعتزاله اللعب، تولى داف مجموعة متنوعة من الأدوار التدريبية، وعمل لبعض الوقت خلف الكواليس في سلتيك ومع منتخب جمهورية آيرلندا، بالإضافة إلى العمل في تدريب الناشئين في شمروك روفرز، وناديه الحالي شيلبورن.
وكان داف قد شعر بالضيق والانزعاج منذ بضع سنوات عندما اعترض بعض آباء اللاعبين الصغار الذين كان يتولى تدريبهم على الطبيعة القاسية لنظام التدريب الذي كان يتطلب من الأطفال بدء التدريبات عند الساعة السادسة والنصف صباحاً والمشاركة في حصص تدريبية مزدوجة خمس مرات في الأسبوع. وقال داف عندما أثيرت هذه القضية في أثناء ظهوره محللاً في قناة «أر تي إي»: «لقد شعرت وكأنني قد ذُبحت، لكن هذه عقلية قديمة في التفكير. يتعين عليك أن تتدرب خمس مرات في الأسبوع، ولم يكن الأطفال أنفسهم يعارضون ذلك».
وفي حين أن تاريخ داف كلاعب عظيم سيقطع عليه شوطاً طويلاً في إقناع لاعبيه الكبار بأفكاره وفلسفته في التدريب، فإن الكثيرين منهم يذهبون للنادي بدوام جزئي ويكملون دخلهم من خلال العمل في وظائف أخرى، كما أن النادي الذي يمثلونه ليس قادراً على تحمل تكاليف التعافي والشفاء، وهي الأمور التي تعتبرها جميع أندية الدوري الإنجليزي الممتاز أمراً مفروغاً منه.
وقبل أيام قليلة فقط، كشف داف عن أن واجباته التدريبية امتدت لتشمل البحث عن سكن وعمل بدوام جزئي للعديد من اللاعبين الجدد، بينما كان ينقل لاعبين آخرين إلى المستشفى في سيارته الخاصة لإجراء فحوصات طبية. وقال بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على توليه المنصب: «لم أحظَ بيوم واحد كانت فيه الرحلة سهلة. كان هناك دائماً بعض الأمور الصعبة التي يتعين عليّ التعامل معها. وفي أغلب الأحيان، أكثر من موقف صعب في اليوم الواحد!».
ورغم الاسم الكبير لداف، فإنه يعمل في دوري لا يتم التعرف فيه على معظم اللاعبين والمديرين الفنيين بشكل كبير من قبل معظم الجمهور خارج بوابات النادي، كما يعمل داف بميزانية ضعيفة للغاية في نادٍ كان في السابق قوة عظمى في كرة القدم الآيرلندية، لكنه قضى الكثير من الوقت خلال العقد الماضي وهو يصعد إلى الدوري الآيرلندي الممتاز ويهبط منه.
ويرتبط داف بعقد مع النادي لمدة عامين، وتتمثل مهمته الأساسية في إبقاء الفريق في الدوري الآيرلندي الممتاز، حتى لو كان قد اعترف بالفعل بأن «شيلبورن سيخسر الكثير من المباريات» هذا الموسم. وخسر الفريق أولى مبارياته بالفعل بثلاثية نظيفة على ملعبه ضد نادي باتريكس أثليتيك أمام 4100 متفرج.
ويتميز داف بأنه شخص عميق التفكير يسعى للكمال باستمرار، ويطالب لاعبيه بأعلى المعايير الممكنة داخل وخارج الملعب. وسبق وأن رفض داف تدريب شيلبورن، لأنه في الوقت الذي عُرض عليه هذا المنصب كان يستمتع بحياته في إجازة مع أسرته في جنوب فرنسا، ولم يكن متحمساً آنذاك للمتاعب والصعوبات التي تنطوي عليها هذه المهمة. لكنه سرعان ما غيّر رأيه بعدما حصل على بضعة أيام للتفكير في الأمر.
وقال داف، الذي يعد في وضع آمن تماماً من الناحية المالية بعدما حصل على عشرات الملايين من الجنيهات خلال مسيرته الكروية كلاعب، للصحافيين: «أنا لست أفضل مدير فني في الدوري، ولدي الكثير من الأمور التي يتعين عليّ إثباتها. وخلال أول حصة تدريبية لي مع الفريق الأول بنادي شيلبورن، ربما أستخدم بعض العبارات التي كان يستخدمها المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو قبل 20 عاماً. أنا لن أتغير أبداً، وما زلت نشيطاً وعاطفياً. وسيتعلم اللاعبون قريباً أنني لم أحاول قط أن أكون أي شيء آخر غير الشخصية التي أمتلكها».
ورغم أنه من المرجح أن تكون كلمات وتعاليم جوزيه مورينيو منذ 20 عاماً أكثر فائدة للاعبي شيلبورن من أي تعاليم اعتنقها المدير الفني البرتغالي في السنوات الأخيرة، يصرّ داف على أنه «إذا كانت هناك زجاجة في غير مكانها، فلن أقول إنني سئمت من العمل في نادي شيلبورن لكرة القدم». ويشير هذا إلى أنه ربما يكون قد استوعب أيضاً بعض الحكمة فيما يتعلق بالأخطاء الإدارية والتدريبية التي لا يجب أن يأخذها من قائده الدولي السابق روي كين!
داميان داف يخوض رحلة تدريبية عسيرة مع شيلبورن
واجباته التدريبية تشمل البحث عن سكن وعمل بدوام جزئي للعديد من اللاعبين
داميان داف يخوض رحلة تدريبية عسيرة مع شيلبورن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة