«مسام السعودي»... 4 أعوام في مواجهة الألغام الحوثية

بقيادة أسامة القصيبي وأكثر من 500 خبير ونازع متفجرات

أسامة القصيبي (يمين) مع نازع ألغام في أحد مواقع عمل المشروع السعودي في اليمن (مسام)
أسامة القصيبي (يمين) مع نازع ألغام في أحد مواقع عمل المشروع السعودي في اليمن (مسام)
TT

«مسام السعودي»... 4 أعوام في مواجهة الألغام الحوثية

أسامة القصيبي (يمين) مع نازع ألغام في أحد مواقع عمل المشروع السعودي في اليمن (مسام)
أسامة القصيبي (يمين) مع نازع ألغام في أحد مواقع عمل المشروع السعودي في اليمن (مسام)

كانت خطوات مفصلية في حياته، تلك التي سار فيها أسامة القصيبي خلف خبير الألغام والمتفجرات العالمي البريطاني غاي لوكس في صحراء الكويت إبان حرب الخليج الأولى، تفادى خلالها انفجار أحد الألغام بين يديه.
يدير القصيبي اليوم فريقاً لنزع الألغام في الأراضي اليمنية يضم أكثر من 500 خبير ونازع ألغام وموظف، منهم نحو 470 يمنياً، يعملون كخلية نحل منتشرة في مختلف المحافظات اليمنية؛ لتأمين حياة آمنة لمئات الآلاف من المدنيين.
ويكمل مشروع «مسام» في فبراير (شباط) الحالي مرور أربع سنوات تقريباً منذ انطلاقته في الشهر نفسه من العام 2018، نزع خلالها 321 ألف لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير متفجرة.
يصف أسامة قصة دخوله عالم الألغام المخيف بـ«الصدفة» التي جمعته بخبير الألغام والمتفجرات البريطاني غاي لوكس أيام حرب الخليج بعد تحرير الكويت تحديداً، ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بقوله «اتفقت مع السيد لوكس بأن أعلّمه كيف ينمي شركته، على أن يعلمني نزع الألغام».
وتابع «لعشر سنوات كنت التلميذ الوحيد لغاي لوكس والذي يعد واحداً من أفضل خمسة خبراء ألغام ومتفجرات على مستوى العالم حينها».
الدرس الأول لم يكن سهلاً، كما يتذكره أسامة القصيبي، يقول «بُعيد حرب الخليج الأولى، وفي الصحراء الكويتية ترجل غاي من سيارته وطلب مني وضع قدمي مكان أقدامه بالضبط، فجأة توقف ثم انخفض وأخذ لغماً من الأرض وقال: افتح يديك، فوضعه في يدي وضمه، وقال: هل ترى الحلقة السوداء هذه، حذار أن تنزعها لئلا ينفجر اللغم فيك».
منذ ذلك الوقت، دخل أسامة القصيبي عالم الألغام والمتفجرات من أوسع أبوابه، وكرّس حياته للمساهمة في نزع الألغام في العديد من دول العالم، حيث شارك مع الأمم المتحدة في جنوب لبنان أكتوبر 2002، وكان أول عربي وسعودي حاصل على شهاد إدارة عمليات نزع الألغام من الأمم المتحدة.
وفي العام 2018 تلقى أسامة اتصالاً لإدارة مشروع نزع الألغام في اليمن، فوافق عليه فوراً، يضيف «قبل مشروع (مسام) كنت شبه متقاعد، وكما هو التعامل مع الألغام التي يحتاج إلى سرعة بديهة واتخاذ قرارات سريعة، وافقت فوراً لتولي المهمة رغم خطورتها».
وتابع «في اليوم التالي للإعلان عن مشروع (مسام) لتطهير الأراضي اليمنية، كانت فرقنا بكامل تجهيزاتها على الأرض، حيث بدأنا من مأرب بـ32 فريقاً، ثم أعطينا 16 فريقاً للمركز التنفيذي في عدن، بعدها انتشرنا من الجوف مروراً بشبوة والبيضاء والضالع وباب المندب حتى المخا».

يخاطر أسامة القصيبي وفرقه المنتشرة في أرجاء اليمن بحياتهم يومياً، حيث يتعرضون لأنواع معقدة وخطيرة من الألغام والعبوات الناسفة التي يزرعها الحوثيون ويطورونها بشكل مستمر، على حد تعبيره.
ويشير إلى هذه الجزئية بقوله «فرقنا تعمل بمعدل 6 ساعات في اليوم، ونقوم بإجراء غربلة مستمرة للفرق من أجل تدريبها وتأهيلها، المواد التي نجدها في العبوات من المؤكد أنها من الخارج، البطاريات المستخدمة، الأسلاك، أجهزة التحكم لا توجد في اليمن».
وتابع «زراعة الألغام عشوائية، لا خرائط، في منطقة تجد 5 ألغام، وأخرى 500 لغم، المسألة أصبحت حظوظاً، لا يوجد حقول نظامية بالمعنى العسكري لها بداية ونهاية وخرائط».
ويصف القصيبي مشروع «مسام» بـ«أنجح مشروع سعودي» في نزع الألغام في اليمن وخارجه، فهو يضم نخبة من أفضل الخبراء الأجانب واليمنيين، ويستطيع التأقلم مع المجتمعات المحلية التي يعمل فيها، على حد تعبيره.
وفي رده على سؤال عما إذا كان لديه وقت للقراءة، يقول أسامة «لا وقت لدي سوى لقراءة تقارير الألغام والمتفجرات أثناء وجودي في مأرب أو منطقة يمنية أخرى بحكم انتشار فرقنا في العديد من المحافظات».
القصيبي استعان بمجموعة من أبناء القبائل في مأرب لتأمين مقر مشروع «مسام» في مأرب وتحركات خبراء المشروع، مشيراً إلى أنهم أثبتوا كفاءة عالية بعد أن تلقوا تدريباً وتأهيلاً أمنياً. وأضاف «لا بد من فهم طبيعة البلد والمجتمع المحلي تذهب إليه، هذا يوفر لنا قبولاً أكبر لدى الناس».
كما وفّر المشروع تأميناً شاملاً لكل الموظفين وما يتعلق بـ«مسام» في اليمن، بحسب أسامة، وأضاف «اليمن منطقة حمراء (حرب) بالنسبة لشركات التأمين، وقد نضطر لدفع مبلغ أكبر، لكن كل ما يخص (مسام) في اليمن مؤمّن عليه، وهذا لن تجده في معظم المنظمات الأخرى عاملة في اليمن».
ويصف أحمد بخيت، نائب المدير الإداري واللوجيستي لمشروع مسام شخصية القصيبي بـ«المتواضع»، مضيفاً بقوله «لديه سعة صدر قلما تجدها في الآخرين، يفهم كل الموظفين ويجلس معهم، بابه مفتوح للجميع».
وتابع «في العمل نجده على مدار الساعة يرد على كل تساؤلاتنا ويقترح الحلول، رجل عملي لا ينام إلا قليلاً». ويحرص أسامة على مشاركة اليمنيين أفراحهم وأحزانهم، ولا يتوانى على حضور حفل عرس، أو تقديم واجب العزاء في أي منطقة يتواجد فيها، بحسب بخيت.
بدوره، يؤكد علي الشهراني، خبير فني في مشروع «مسام»، أن القصيبي «لا يعترف بالمركزية في العمل». وقال «يعطي الثقة ولا ينتقد الأخطاء، بل يعتبرها دروساً للتعلم».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

العالم العربي الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

وافق الحوثيون على قطر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد ضوء أخضر إيراني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

تهدد الأمطار الموسمية طلبة المدارس في اليمن؛ بسبب قيام الحوثيين بتغيير التقويم الدراسي إلى السنة الهجرية بدلاً عن الميلادية، بينما تسببت السيول في خسائر كبيرة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يشدّدون أعمال الرقابة والتجسس على السكان

شدّدت الجماعة الحوثية قبضتها الأمنية لتوسيع نفوذها وسطوتها على سكان مناطق سيطرتها، حيث تتجه لإنشاء أنظمة استخبارية جديدة؛ مع تعزيز رقابتها على السكان

وضاح الجليل (عدن)
خاص المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية باللغة العربية سام وريبرغ (تصوير سعد العنزي) play-circle 01:24

خاص واشنطن: لا مستقبل لـ«حماس» في حكم غزة بعد الحرب

وصف مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية انتقال المفاوضات بين حركة «حماس» وإسرائيل إلى مجموعات عمل تضم متخصصين لبحث الاتفاق بـ«التقدم الإيجابي».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي العليمي محيياً مستقبليه في تعز (سبأ)

العليمي في تعز المحاصرة حوثياً

على الرغم من المخاوف الأمنية، وصل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، إلى مدينة تعز، أمس، في زيارة تاريخية للمدينة التي يحاصرها الحوثيون للسنة

علي ربيع (عدن)

دي مايو لـ«الشرق الأوسط»: «القمة الأوروبية - الخليجية» لتعزيز التعاون الاستراتيجي

الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل يوم الثلاثاء (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل يوم الثلاثاء (واس)
TT

دي مايو لـ«الشرق الأوسط»: «القمة الأوروبية - الخليجية» لتعزيز التعاون الاستراتيجي

الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل يوم الثلاثاء (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل يوم الثلاثاء (واس)

قال لويجي دي مايو، مبعوث الاتحاد الأوروبي لدول الخليج، خلال حديث مع «الشرق الأوسط» إن «زيارة رئيس المجلس الأوروبي إلى السعودية ومنطقة الخليج، واللقاء الذي تم مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جاءت للتحضير لقمة الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي التي ستُعقد في بروكسل في 16 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل»، مضيفاً أنها ستكون «أول قمة على الإطلاق بين منظمتينا الإقليميتين، يحضرها رؤساء دول وحكومات من الجانبين؛ ما يجعلها تمثل قمة المستوى الاستراتيجي للتعاون بين الطرفين».

ونوّه دي مايو إلى أهميّة علاقات التعاون على أعلى مستوى بين القادة والمسؤولين؛ «لذلك كان رئيس المجلس الأوروبي ملتزماً شخصياً بتعزيز هذا التعاون منذ زيارته الأولى لمنطقة الخليج قبل عامين، عندما سافر إلى جدة للقاء الأمير محمد بن سلمان».

وعلى صعيد العلاقات مع الجانبين، لفت دي مايو إلى أنها «نمت منذ عام 2022، ونحن مهتمون ببناء تعاوننا بشكل أفضل في مجالات مختلفة مثل مكافحة تغير المناخ، والتجارة والاستثمار، والرقمنة، والمواد الحيوية وسلاسل التوريد المستدامة» مشيراً إلى أهمية الحوار في مجالات أخرى «من المهم بناء التفاهم المتبادل من أجل ترسيخ علاقاتنا».

 

«السعودية لاعب دولي مهم للغاية»

 

وشدّد دي مايو على أهمية السعودية؛ كونها «لاعباً مهماً للغاية على الساحة الدولية، وخصوصاً في البحث عن حل للحرب في غزة، والحد من التصعيد في الصراع في الشرق الأوسط، وأيضاً في عملية إيجاد السلام العادل لأوكرانيا»، ومن شأن ذلك - طبقاً لحديثه - أن يكون «تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي والسعودية أمراً بالغ الأهمية في هذا الصدد».

 

جاسم البديوي وشارل ميشيل ناقشا التحضيرات للقمة الخليجية – الأوروبية (مجلس التعاون)

أبرز أجندة قمة بروكسل

وأشاد دي مايو خلال تعليقه لـ«الشرق الأوسط» بالاجتماع التحضيري الذي جمع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي برئيس المجلس الأوروبي في الرياض، يوم الخميس، معتبراً أنه «بنّاء للغاية وجاء في الوقت المناسب للتحضير للقمة»، مجدداً التزام الجانبين بإنجاحها، وتابع: «سوف ترسل القمة إشارة قوية حول ترقية العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج إلى مستوى استراتيجي».

وحول أبرز البنود على جدول الأعمال المتوقّع أن تكون على طاولة القمة الأولى بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، قال دي مايو: «يغطي تعاوننا مجموعة واسعة من القضايا التي سنناقشها في القمة في بروكسل مثل العمل المناخي، والتحول الأخضر، والتطورات التكنولوجية، وخصوصاً في المجال الرقمي، وبالطبع التجارة والاستثمارات والعلاقات بين الناس، بما في ذلك إعفاء التأشيرات»، وأردف: «ستكون القمة أيضاً فرصة لمناقشة التحديات الجيوسياسية الكثيرة، خصوصاً في الشرق الأوسط وفيما يتعلق بالحرب التي شنّتها روسيا ضد أوكرانيا».

 

لويجي دي مايو خلال لقاء سابق مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان (واس)

 

من جانبه، أكّد جاسم البديوي أن دول مجلس التعاون تولي أهمية بالغة لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، واصفاً هذه العلاقات بأنها مهمة وتاريخية وتغطي جوانب عدّة، منها الجانب السياسي والأمني والاقتصادي والتجاري، مشيراً إلى أن «القمة الخليجية - الأوروبية ستوفر الأرضية المناسبة لتعزيز هذه العلاقات والمضي بها قدماً إلى آفاق أرحب ومستويات تخدم المصالح المشتركة للجانبين»، معرباً في الوقت ذاته عن ضرورة قيام المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته، والعمل على الضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلية للوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، ووقف انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، وضمان حماية أرواح المدنيين الأبرياء، وفقاً للقرارات الدولية والأممية ذات الصلة، مشدداً على أن الأزمة في غزة «أثّرت بشكل كبير على الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي».

وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل بدأ (الثلاثاء) زيارة إلى المنطقة شملت قطر والسعودية، حيث التقى الأربعاء، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كما التقى رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري.