إطلالة مصرية على «التجربة اليابانية» في البيئة والمعمار

عبر معرض يضم نماذج لمشروعات هندسية ومناظر طبيعية

خط ميدوسوجي لقطار الأنفاق
خط ميدوسوجي لقطار الأنفاق
TT

إطلالة مصرية على «التجربة اليابانية» في البيئة والمعمار

خط ميدوسوجي لقطار الأنفاق
خط ميدوسوجي لقطار الأنفاق

لا يمكن فصل التصميم عن حياة اليابانيين؛ فمع ما تتميز به بلادهم من تنوع مناخي وتغيرات موسمية وبيئية، إلى جانب التنوع الجغرافي الكبير، وما تعانيه من كوارث طبيعية متكررة مثل الزلازل والنشاط البركاني والأعاصير والتسونامي، تأتي مباني «بلاد الشمس المشرقة» ومشاريعها المعمارية، لكي تعكس ظروف هذه الحياة والطبيعة.
ومن خلال تصميماتها البنائية والبيئية، يمكن التعرف على جانب من الثقافة اليابانية، وهو ما يتيحه في الوقت الحالي معرض «البناء البيئي: مدخل آخر إلى اليابان»، الذي يستضيفه مركز ساقية الصاوي الثقافي بالقاهرة، حيث يحطّ المعرض الجائل عبر عدة دول رحالة في العاصمة المصرية حتى 16 مارس (آذار) الجاري، والذي يقدم لزائريه الروائع المعمارية باليابان وما يرتبط بها من تصميم أنيق وتكنولوجيا متطورة، وكيف أنها نتاج حوار بين الخلفية التاريخية والسياق المكاني والسياق الثقافي الذي صُممت فيه.


قاعة «ناكادوما» المغطاة بمدينة ناغاوكا

تقول غادة عبد المنعم، مدير تنسيق البرامج في مؤسسة اليابان، لـ«الشرق الأوسط»: «يقدم المعرض صوراً ونصوصاً وأفلام فيديو لـ80 مبنى ومشروعاً هندسياً ومناظر طبيعية في اليابان، في النطاق الزمني من العصر الحديث في أواخر القرن 19 وحتى وقتنا الحالي في القرن 21، ومن حيث النطاق الجغرافي، يقدم المعرض عملاً واحداً على الأقل من كل محافظة من محافظات اليابان الـ47 بما يجعل من المعرض بمثابة بانوراما يطّلع خلالها الجمهور المصري على الكثير من العوامل المؤثرة التي أدت إلى نشأة الأبنية البيئية في اليابان، والتعرف عن قرب على الثقافة المعمارية اليابانية عبر التفاعل بين الجديد والقديم، ودور التصميم المعماري في تأصيل الهوية».


محطة يوناي لتنقية المياه

فيما توضح أيومي هاشيموتو، مديرة مؤسسة اليابان بالقاهرة، إن هذا المعرض يأتي كمحاولة لفهم أعمق لتاريخ اليابان وبيئتها وثقافتها، كما يمثل المعرض دليلاً إرشادياً يقدم أوجهاً لليابان لم يتم تقديمها على نطاق واسع من قبل، فالتصميمات في أي مكان تعكس بالفعل أسلوب الحياة فيه وتاريخه والحس الجمالي به.
بالتجول بين التصميمات المتنوعة بالمعرض، يمكن أن نرى نماذج لمبانٍ ومشروعات متنوعة، منها على سبيل المثال «سدُّ هاكوسوي»، الذي تم تشييده عام 1938م، ويُعرف بأنه أجمل سدّ في اليابان، حيث حشد مصممه كل طاقاته في التنفيذ مبتكراً السدَّ المنحني والمتدرج، وهي السمات الأكثر تميزاً له، والتي تم إيجادها لمعالجة المشكلة الصعبة المتمثلة في تقليل الحمل على الأرض الناعمة غير المستقرة.
أما «محطة يوناي لتنقية المياه»، فهي أول محطة لتنقية المياه في مدينة موريوكا، تعتمد على مرشحات رملية بطيئة لمعالجة المياه، وهو نظام يعمل مستعيناً بالكائنات الحية الدقيقة التي تتشكل على سطح الطبقة الرملية، وفي السنوات الأخيرة جذبت المحطة الكثير من الاهتمام كبنية تحتية مقاومة للكوارث بفضل استمرار نظام الترشيح البطيء.
المستقبل يقبع تحت الأرض؛ كان ذلك هو التفكير عند إنشاء «خط ميدوسوجي لقطار الأنفاق» ببلدية أوساكا في عام 1933م، لاستيعاب القطارات الأطول، على الرغم من أن القطارات في ذلك الوقت كانت تتكون من عربة واحدة، وهو ما مكّنها من استيعاب القطارات التي تحتوي على عشر عربات، وقد صُمِّمت بروح ابتكارية حيث الأسقف المقوسة دون أعمدة لدعمها، وهو ما يجعلها تبدو في حلة جديدة ومبتكرة إلى الآن.
يأخذنا المعرض إلى «مدينة ناغاوكا المغطاة»، وقاعتها التي اكتملت في عام 2012، ويشار إليها باسم «ناكادوما»، المفتوحة على مدار 24 ساعة للجمهور، حيث تربط بأنواع مختلفة من الأنشطة، إلى جانب صالة ألعاب رياضية وقاعة اجتماعات، مما يخلق إحساساً منعشاً بالحيوية والبهجة.
يأتي مشروع جسر «هونشو - شيكوكو» كأحد المشروعات الضخمة لربط جزيرتي هونشو وشيكوكو المفصولتين ببحر سيتو الداخلي، والذي اعتمد على التكنولوجيا المتقدمة لبناء الجسور، والتي تم تطويرها للتغلب على ظروف الطبيعة القاسية.
في مدينة ماکوهاري شنتوشين، التي تقع على مساحة شاسعة من الأراضي المسطحة المستصلحة، نرى كيف تم تطويرها كمدينة عالمية مستقبلية تجمع بين العمل والحياة والدراسة واللعب، كأثر للنمو الاقتصادي في أوائل التسعينات، ثم تطورت حتى سارت مدينة ناضجة ذات توازن فرید.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.