الغرب يكتسح في «معركة السرديات»

يواجه الجانب الروسي بأدوات ناعمة وخشنة

قررت «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب» تقييد الوصول إلى «آر تي» و«سبوتنيك» الروسيتين في الاتحاد الأوروبي (رويترز)
قررت «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب» تقييد الوصول إلى «آر تي» و«سبوتنيك» الروسيتين في الاتحاد الأوروبي (رويترز)
TT

الغرب يكتسح في «معركة السرديات»

قررت «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب» تقييد الوصول إلى «آر تي» و«سبوتنيك» الروسيتين في الاتحاد الأوروبي (رويترز)
قررت «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب» تقييد الوصول إلى «آر تي» و«سبوتنيك» الروسيتين في الاتحاد الأوروبي (رويترز)

منذ بدء الإعلان عن العمل العسكري كإحدى أدوات حسم النزاع الروسي - الغربي في الساحة الأوكرانية، اتخذت المواجهات أشكالاً عدة، منها ما اتسم بالطابع الاقتصادي، وتجسّد في صورة عقوبات غربية على موسكو، ومنها ما اتخذ طبيعة حربية عبر دعم كييف بالأسلحة، لكن مواجهة من نوع آخر اندلعت في المجال الإعلامي؛ حيث بدا أن الغرب حقق فيها تقدماً كبيراً، باستخدام مزيج من الأدوات الناعمة والخشنة التي أثبتت نجاعة.
واستخدم الغرب في مواجهاته الإعلامية للجانب الروسي سردية إخبارية وتحليلية، بدت وفق مراقبين «مهيمنة» على المجال الإعلامي الدولي، في ظل خفوت صوت الرواية الروسية. ومن جانب آخر، اتخذت بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى قرارات لتقييد وتحجيم المنابر الإعلامية الروسية بشكل أمعن في إضعاف «الصوت الروسي». وعقب تحريك روسيا لقواتها صوب إقليمي دونيتسك ولوغانسك، اللذين اعترفت باستقلالهما كجمهوريتين، ثم تنفيذها لعمليات في أوكرانيا، كانت هي المُبادِرة والأقوى حضوراً عسكرياً، لكن ذلك الحضور «لم يتم التعبير عنه إعلامياً بالقدر نفسه»، وفق خبراء، ولم يكن الأمر بسبب «قصور القدرات الذاتية» وحسب، بل أضيف إليه «حجبٌ وإخفاءٌ» لوسائل الإعلام الروسية، إلى عمالقة محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي أن يزيلوا محتواها من نتائج البحث، ويقيدوا الوصول إليها. وقررت شركة ميتا المالكة لـ«فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، الثلاثاء الماضي «تقييد الوصول إلى شبكتي (آر تي)، و(سبوتنيك) الروسيتين في الاتحاد الأوروبي»، وأوضحت أنها «خفّضت على مستوى العالم تصنيف منشورات وسائل الإعلام الحكومية الروسية»، كما جاء القرار مصحوباً بمنعٍ لوسائل الإعلام الروسية من نشر إعلانات لمحتواها. ليست «ميتا» وحدها التي أقدمت على الخطوة، إذ شاركتها «ألفا بت»، مالكة «غوغل، ويوتيوب»، والتي قررت حظر وتعليق الإعلانات الحكومية الروسية على منصاتها المختلفة، وزادت بـ«تعليق جنى عائدات مختلف منصات وسائل الإعلام الممولة من روسيا». ولم تختلف إجراءات شركة «تويتر» التي أفاد متحدث باسمها، (يوم الأربعاء)، أن «عقوبات الاتحاد الأوروبي ستُلزم قانوناً على الأرجح بحجب محتوى معين في الدول الأعضاء بالاتحاد»، أما خارج الاتحاد، فإن «تويتر» تعهدت بمواصلة «تقليل ظهور المحتوى من هذين المنفذين (آر تي)، و(سبوتنيك)، بالإضافة إلى وضع علامات تحذيرية على التغريدات الواردة منهما».
وللقرارات الصادرة عن عمالقة التواصل والبحث خلفية تمتد إلى ما قبل الأحداث الراهنة، إذ إن «غوغل» و«فيسبوك» دخلا في منازعات مع الحكومة الروسية، منذ منتصف العام الماضي، بسبب فرض غرامات من قبل القضاء الروسي، على خلفية اتهامات من موسكو لمنصات «ميتا» بعدم إزالة محتوى ترى أنه «يحرض على الاحتجاجات بين المراهقين الروس»، فضلاً عن غرامات أخرى، تتعلق بتحقيق «أرباح دون سداد ضرائب مقابلها». لكن كيف تعاملت موسكو مع ما رأت أنه محاولة لتغليب السردية الغربية الإعلامية بشأن ما يجري في أوكرانيا؟... بشكل علني، قصفت روسيا «برج بث تلفزيوني في العاصمة الأوكرانية بسلاح ذي دقة عالية»، وفق الإفادة الروسية التي بررت ذلك بأنه ضربة لـ«المنشآت التكنولوجية التابعة للأمن الأوكراني، بهدف اعتراض الهجمات الإعلامية ضد روسيا».
ويُقدّر أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، الدكتور صفوت العالم، أن «اهتماماً كبيراً يسيطر على وسائل الإعلام الدولية والإقليمية في معالجة تطورات أوكرانيا، وفي سبيل ذلك، تم استخدام أدوات متنوعة للتغطية، لكن ذلك كشف عن أنماط انحياز لدى بعض وسائل الإعلام الأوروبية والأميركية على وجه التحديد، فيما يتعلق باستخدامها لأوصاف وتعبيرات مساندة للطرف الأوكراني والغربي، مع تقديم الرواية الروسية ضمن سياق تكذيبي وتشكيكي». وتُظهر متابعة وسائل إعلام دولية وإقليمية حضوراً كاسحاً لإفادات المسؤولين الأوكرانيين والغربيين، كما تنقل المنصات المختلفة جانباً من «الدمار والتشريد» الذي لحق بـ«أوكرانيا الديمقراطية» التي يرأسها «رئيس يهودي معادٍ للنازية»، جراء «الغزو الروسي»... وفق أوصاف وتعبيرات جرى استخدامها في نصوص صحافية منشورة ضمن تقارير بثّتها وسائل إعلام تعمل من عواصم أوروبية مختلفة. ومع ذلك، يلفت العالم في حديثه إلى «الشرق الأوسط» إلى أن «وسائل الإعلام الروسية الرسيمة لم تفلح في فرض حضورها وسطوة صورتها وروايتها، لأسباب تتعلق ببنيتها القائمة على الدعائية المفرطة لصالح السلطات التي تتولى تمويلها، وبالتالي باتت مسألة تصديق روايتها غربياً صعبة المنال، حتى إن كانت تعمل بدقة ومهنية». وينبه العالم إلى «ظهور انتقادات لبعض التغطيات الإعلامية العربية للأزمة، بداعي أنها تفرط في الاعتماد على مصادر المعلومات الغربية، بما قد تحمله من انحيازات».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.