باشاغا يُرتّب لتسلّم السلطة سلماً... وحكومته تؤدي اليمين اليوم

«الوحدة» الليبية تؤكد أنها مستمرة في عملها... وتتوعد بـ«الدفاع» عن مقراتها

باشاغا يُرتّب لتسلّم السلطة سلماً... وحكومته تؤدي اليمين اليوم
TT

باشاغا يُرتّب لتسلّم السلطة سلماً... وحكومته تؤدي اليمين اليوم

باشاغا يُرتّب لتسلّم السلطة سلماً... وحكومته تؤدي اليمين اليوم

استفاقت ليبيا أمس على مشهد سياسي جديد، نتيجة وجود حكومتين تتنازعان على السلطة، في مشهد يعيد إلى الأذهان الانقسام السياسي الذي ساد البلاد مؤخراً؛ حيث ستؤدي حكومة «الاستقرار» الجديدة، برئاسة فتحي باشاغا، اليوم، اليمين الدستورية أمام مجلس النواب. وفي المقابل، هددت حكومة «الوحدة» التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بإحباط أي محاولة لاقتحام مقراتها في العاصمة طرابلس، وأكدت أنها «مستمرة» في عملها.
وأكد عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، أن الحكومة الجديدة ستؤدي اليمين الدستورية خلال جلسة ستعقد بمقر مجلس النواب في مدينة طبرق، اليوم، في الثانية عشرة ظهراً بالتوقيت المحلي، وذلك بحضور كامل التشكيلة الوزارية للحكومة، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع الدولي.
بدوره، قال باشاغا الذي سيرافقه نوابه وكامل فريقه الوزاري للجلسة، إن رئاسة مجلس النواب دعت أعضاء مجلس الدولة والمجلس الرئاسي، والمراقبين الدوليين والمحليين، والصحافيين، للحضور.
وكان باشاغا قد كشف مساء أول من أمس عن «ترتيبات أمنية وعسكرية لتسلّم حكومته السلطة سلمياً في العاصمة طرابلس، وتعهد بإجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة حسب خريطة الطريق التي أقرها مجلس النواب». كما دافع عن الطريقة التي تمت بها عملية التصويت على منح مجلس النواب الثقة لحكومته، وقال إنها جرت «بطريقة شفافة وعلنية، وديمقراطية نزيهة وبإرادة ليبية»، مؤكداً أن حكومته «ستسعى إلى المصالحة والمشاركة والاستقرار».
كما سعى باشاغا لطمأنة الليبيين بأن حكومته ستُسلّم مهامها في العاصمة طرابلس بشكل سلمي وآمن، مؤكداً أنه «باشر التدابير الإدارية والقانونية»، وأنه «أجرى اتصالات مع الجهات الأمنية والعسكرية في طرابلس، ولديه ترتيبات لتتم عملية التسليم بشكل سلس وآمن».
في المقابل، استبق الدبيبة كلمة كان يفترض أن يوجهها إلى الشعب الليبي، في وقت لاحق من مساء أمس، بعقد اجتماع مع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، قصد التشاور حول مستجدات الأوضاع السياسية القائمة، وسبل المضي في العملية الانتخابية في أقرب الآجال الممكنة؛ بينما قال مجلس الدولة إن اللقاء عرف التأكيد على أن الأولوية الحالية هي الإعداد للقاعدة الدستورية، وإجراء الانتخابات في أقرب الآجال، وإنهاء المراحل الانتقالية.
واعتبر المجلس أن منح مجلس النواب الثقة لحكومة جديدة «مخالف» للاتفاق السياسي، وجدد في بيان مقتضب رفضه لما وصفه بالخطوات المنفردة التي يقوم بها مجلس النواب؛ مشيراً إلى أنه سيعقد جلسة اليوم لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تجاه هذه المخالفات.
وكانت حكومة «الوحدة» قد أعلنت أنها ستعتبر «أي محاولة لاقتحام مقراتها هجوماً ضد مقرات حكومية، وادعاء صفة غير رسمية»، وأكدت أنها ستتعامل مع مثل هذه التحركات «وفق صحيح القانون، ومحاسبة كل من يتجرأ على الاقتراب من أي مقر حكومي، أو العبث باستقرار ومقدرات الليبيين، وهذا النهج الذي ستتبعه الحكومة، هو أقل ما يمكن أن تقوم به ضد من يرضى لنفسه أن يكون جزءاً من مسرحية، عنوانها التزوير والخيانة».
كما شككت حكومة «الوحدة» في صحة جلسة منح الثقة لحكومة باشاغا، واتهمت مجلس النواب بممارسة «التزوير» في عملية التصويت، واعتبرت في بيان صحافي، بعد أقل من ساعتين على انتهاء الجلسة، أن «ما حدث في جلسة مجلس النواب يؤكد استمرار رئاسته في انتهاج التزوير، لإخراج القرار باسم المجلس بطرق تلفيقية». وأكدت في بيان أنها «مستمرة في أعمالها بشكل اعتيادي، وستستمر في مبادرتها لإجراء الانتخابات خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل، وإعادة الأمانة لأصحابها من المواطنين الليبيين، لاختيار سلطة تشريعية وتنفيذية، وقواعد دستورية جديدة، وفق المدد القانونية التي تضمنها اتفاق جنيف»؛ داعية المجلس الرئاسي، ورئيس المحكمة العليا بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية، والمسارعة في الفصل بشكل نهائي في «كل الإشكاليات التي تهدد استقرار البلاد، ووقف العبث الذي تمارسه السلطة التشريعية، ومحاولتها احتكار السلطات».
لكن مجلس النواب أعلن على لسان المتحدث باسمه، عبد الله بليحق، أنه سيتم «ردع الدبيبة إذا صمم على إقامة حكومة موازية»، وقال في تصريحات تلفزيونية، إنه سيتم تمكين باشاغا من مباشرة مهامه بإرادة الليبيين ومساهمة المجتمع الدولي.
ورداً على قرار مجلس النواب، أعلنت القوى العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية، رفض إجراءات المجلس بشأن تشكيل حكومة باشاغا، وطالبت المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، بحل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، معتبرة أن فرض حكومة موازية «هو تمكين لمن انقلب على الدولة وقاد الحرب على العاصمة». في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، وأبرز الداعمين حالياً لحكومة باشاغا.
من جهتها، أكدت «قوة دعم الدستور والانتخابات» جاهزيتها للدفاع عن حقوق الشعب في المطالبة بالانتخابات والدستور، وقالت إنها لن تسمح بدخول الحكومة الموازية، بعد تحالفها مع حفتر، إلى العاصمة طرابلس.
لكن ما تُعرف بـ«القوى الأمنية والعسكرية بالمنطقة الوسطى والغربية وجبل نفوسة» أعلنت في المقابل جاهزيتها التامة لتسلّم المهام المناطة بها، من قبل حكومة باشاغا، وهددت بـ«الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.