الاقتصاد الروسي يواجه النزيف والهلع في خضم العقوبات الهائلة

أسعار صرف الروبل الروسي تلقت ضربات قاسية (إ.ب.أ)
أسعار صرف الروبل الروسي تلقت ضربات قاسية (إ.ب.أ)
TT

الاقتصاد الروسي يواجه النزيف والهلع في خضم العقوبات الهائلة

أسعار صرف الروبل الروسي تلقت ضربات قاسية (إ.ب.أ)
أسعار صرف الروبل الروسي تلقت ضربات قاسية (إ.ب.أ)

حاولت السلطات الروسية، اليوم، وقف النزيف الاقتصادي والهلع الناجمين عن العقوبات الضخمة المفروضة على موسكو في أعقاب غزو أوكرانيا، وأثرت بشكل لم يسبق له مثيل على الاقتصاد الحديث الذي بُني في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي.
هل سيصمد الاقتصاد الروسي؟ رداً على سؤال من صحافي، استخدم المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عبارات غامضة، في «بيئة اقتصادية معادية»، لا بد من «تقليل العواقب». باختصار روسيا «ستبقى صامدة».
لكن الكرملين المعروف بقلة تصريحاته، اعترف بأن «ضربة قاسية» وجهت إلى الاقتصاد الروسي وأن «تماسكه» مهدد. منذ الإعلان عن عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على روسيا رداً على غزو موسكو لأوكرانيا، استيقظ الروس على اقتصاد مغاير تماماً. لقد فقدت أموالهم أكثر من ثلث قيمتها في غضون أيام قليلة، ولا يمكن لطائراتهم التوجه إلا إلى حفنة من البلدان وباتت وظائفهم ورواتبهم وقروضهم... مهددة.
وصفت رئيسة مجلس النواب فالنتينا ماتفينكو العقوبات بأنها «غير مسبوقة»، ودعت «الجميع إلى التفكير وتحليل كل ما يمنع» عالم الأعمال من العمل، مشددة على عدم «الهلع». من جهته، كرر رئيس الوزراء وصفات روسية تعود إلى عشرين عاماً كتغيير الواردات بالمنتجات المحلية وتنويع مصادر الدخل. لكن هذه التصريحات تبدو بسيطة للغاية أمام شبح الكارثة، فيما ما زالت بورصة موسكو مغلقة منذ الاثنين، وتعمل السلطات على زيادة القيود للحد من الأضرار.
وأعلن البنك المركزي إجراءات تحظر على الأجانب بيع أسهمهم الروسية وسحب الأموال من السوق المالية الروسية لمواجهة نزيف الاستثمارات الأجنبية. كما يحظر مغادرة روسيا مع أكثر من 10000 دولار نقداً. وأيدت وزارة المالية إلغاء ضريبة القيمة المضافة على مشتريات الذهب من قبل الأفراد، مقترحة عليهم تفضيله على شراء العملات الأجنبية.

أعلن «سبيربنك» أكبر بنك في روسيا، الذي كان مربحاً للغاية قبل أسابيع قليلة، انسحابه من السوق الأوروبية اليوم، ما تسبب في انهيار بنسبة 95 في المائة في قيمة أسهمه في بورصة لندن. وتعلن الشركات الروسية كما الأثرياء الروس تحت العقوبات عن تراجع أنشطتهم، بينما تسارع الشركات الأجنبية للإعلان عن وقف خدماتها في روسيا.
وأعلنت شركات كبرى في قطاع المحروقات مثل «شل» و«بي بي»، انسحابها من بلد استثمرت فيه المليارات. مئات آلاف الوظائف وربما أكثر مهددة بالنسبة للروس العاملين في الشركات الأجنبية، الذين يخشون أيضاً على رواتبهم مع قرب قطع علاقات المصارف الروسية مع الخارج.
الروس، الذين غالباً ما تتم الإشادة بمرونتهم في مواجهة الكوارث التاريخية، يتذوقون ثمار الرأسمالية والاقتصاد المدمج دولياً منذ عشرين عاماً. بعيداً عن أنقاض الاتحاد السوفياتي، اعتادت الطبقة الوسطى السفر إلى الخارج، والمطاعم والمتاجر. تعود شعبية فلاديمير بوتين المستمرة إلى حد كبير للاستقرار الاقتصادي الذي ساد البلاد منذ وصوله إلى الكرملين في عام 2000.
منذ عقوبات 2014، بعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم، قامت الدولة بتكوين احتياطيات متينة لمواجهة العقوبات. لكن المواطنين الروس الذين رأوا قدرتهم الشرائية تتآكل في ثماني سنوات في ظل اقتصاد ساده الركود، ليسوا في نفس الوضع، خاصة أن العديد منهم موّلوا رفاههم المادي بواسطة القروض، في حين أن ما يقارب ثلثيهم ليست لديهم مدخرات وفقاً لاستطلاع للرأي أجراه معهد ليفادا عام 2021.
وقال المستشار المالي سيرغي ليونيدوف للروس، الأربعاء، في مقابلة مع وكالة ريا نوفوستي: «إذا كانت لديكم قروض أو ديون أخرى مع البنوك فيجب تسديدها بسرعة. الأزمة تزيد من مخاطر فقدان مصادر الدخل».



السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
TT

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية، وذلك بعد إعلان وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، 9 صفقات جديدة، إلى جانب 25 اتفاقية أخرى، معظمها ما زالت تحت الدراسة ضمن «جسري» المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمي، مؤكداً أن هذه المبادرة «ليست سوى البداية».

جاء هذا الإعلان في كلمته خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد»، التي تُقام في مؤتمر الاستثمار العالمي الثامن والعشرين، الثلاثاء، في الرياض، بمشاركة أكثر من 100 دولة، قائلاً إن هذه الصفقات تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق هدف المملكة في بناء سلاسل إمداد أكثر مرونة وكفاءة.

وأكد أن البرنامج يعكس رؤية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الذي كان له الدور البارز في إطلاق هذه المبادرة قبل عامين، مشيراً إلى أن البرنامج هو جزء من الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، ويشمل عدة برامج حكومية داعمة، مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية واللوجيستيات (ندلب).

الطاقة الخضراء

وأضاف الفالح أن المملكة تسعى إلى تسهيل الوصول للمعادن الأساسية، وتشجيع التصنيع المحلي، وزيادة الوصول إلى أسواق الطاقة الخضراء العالمية.

وأوضح أن «التوريد الأخضر» هو جزء من المبادرة السعودية؛ إذ ستعزّز المملكة سلاسل الإمداد عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة، لافتاً إلى أننا بصدد تطوير 100 فرصة استثمارية جديدة في 25 سلسلة قيمة تتضمّن مشروعات رائدة في مجالات، مثل: الطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي.

وحسب الفالح، فإن الحكومة السعودية تقدّم حوافز خاصة إلى الشركات الراغبة في الاستثمار بالمناطق الاقتصادية الخاصة، وأن بلاده تستعد للتوسع في استثمارات جديدة تشمل قطاعات، مثل: أشباه الموصلات، والتصنيع الرقمي، في إطار التعاون المستمر بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص، لتعزيز قدرة المملكة على تحقيق أهداف «رؤية 2030».

وشدد على التزام الحكومة الكامل بتحقيق هذه الرؤية، وأن الوزارات المعنية ستواصل دعم هذه المبادرة الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وتوطين الصناعات المتقدمة في المملكة.

الصناعة والتعدين

من ناحيته، كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، عن جذب ما يزيد على 160 مليار دولار إلى السوق السعودية، وهو رقم مضاعف بواقع 3 مرات تقريباً، وترقية رؤوس الأموال في قطاع التعدين إلى مليار دولار، وأن استثمارات الثروة المعدنية تخطت 260 مليون دولار.

وزير الصناعة والثروة المعدنية يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

وأبان أن السعودية تعمل بشكل كامل لتأكيد التعاون المبني على أساسات صحيحة وقوية، وأطلقت عدداً من الاستراتيجيات المهمة، وهي جزء لا يتجزأ من صنع مجال سلاسل الإمداد والاستدامة.

وتحدث الخريف عن مبادرة «جسري»، كونها ستُسهم في ربط السعودية مع سلاسل الإمداد العالمية، ومواجهة التحديات مثل تحول الطاقة والحاجة إلى مزيد من المعادن.

وأضاف أن المملكة لا تزال مستمرة في تعزيز صناعاتها وثرواتها المعدنية، وتحث الشركات على الصعيدين المحلي والدولي على المشاركة الفاعلة وجذب استثماراتها إلى المملكة.

بدوره، عرض وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء، الأمين العام للجنة التوطين وميزان المدفوعات، الدكتور حمد آل الشيخ، استثمارات نوعية للمملكة في البنى التحتية لتعزيز موقعها بصفتها مركزاً لوجيستياً عالمياً.