«الأوكرانيون يقصفون مدنهم»... كيف تبدو الحرب على التلفزيون الروسي؟

مذيع قناة «روسيا 24» يقرأ تقريراً بعنوان «الفاشية الأوكرانية» (بي بي سي)
مذيع قناة «روسيا 24» يقرأ تقريراً بعنوان «الفاشية الأوكرانية» (بي بي سي)
TT

«الأوكرانيون يقصفون مدنهم»... كيف تبدو الحرب على التلفزيون الروسي؟

مذيع قناة «روسيا 24» يقرأ تقريراً بعنوان «الفاشية الأوكرانية» (بي بي سي)
مذيع قناة «روسيا 24» يقرأ تقريراً بعنوان «الفاشية الأوكرانية» (بي بي سي)

وسط نشر وسائل الإعلام العالمية تقارير عن القصف الروسي لأوكرانيا والأضرار التي تسبب بها الغزو للمدن والمواطنين، يصر التلفزيون الروسي على تقديم صورة مختلفة تماماً لمشاهديه، مؤكداً أن «أوكرانيا مسؤولة عن الضربات الواقعة على مدنها».
ووفقاً لشبكة «بي بي سي»، فإن التلفزيون الروسي لا يشير إلى الأحداث في أوكرانيا بالحرب. وبدلاً من ذلك، يصفها بأنها «عملية نزع سلاح تستهدف البنية التحتية العسكرية» أو «عملية عسكرية خاصة للدفاع عن الجمهوريات الشعبية في لوهانسك ودونيتسك بمنطقة دونباس»، وهي المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا، والتي يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا.
وعبر التلفزيون الذي تسيطر عليه الدولة، يستخدم مقدمو البرامج والمراسلون اللغة والصور الانفعالية لرسم «أوجه تشابه تاريخية» بين «العملية العسكرية الخاصة» الروسية في أوكرانيا وحرب الاتحاد السوفياتي ضد ألمانيا النازية.
وأمس (الثلاثاء)، على سبيل المثال، قال مقدم برنامج «صباح الخير»، الذي يعرض على القناة الأولى الروسية التي تسيطر عليها الدولة، إن «التقارير التي تزعم تدمير القوات الأوكرانية للمعدات العسكرية الروسية كاذبة، وتهدف إلى تضليل المشاهدين عديمي الخبرة».
وعرض المقدم صوراً للغزو الروسي منتشرة عبر الإنترنت معلقاً عليها بقوله إنها مزيفة وتم التلاعب بها افتراضياً.
كما لفت مقدم البرنامج إلى أن القوات الأوكرانية «تستعد لقصف المنازل السكنية» وتفجير المستودعات بالأمونيا، في «أعمال استفزازية ضد المدنيين والقوات الروسية».
وفي وقت لاحق من الصباح، وتحديداً في الساعة 08:00 بتوقيت موسكو، ركزت النشرة الصباحية المذاعة على قناة NTV التلفزيونية، المملوكة لمجموعة تابعة لشركة «غازبروم»، وهي شركة يسيطر عليها الكرملين، على «جرائم الحرب التي ترتكبها أوكرانيا في دونباس»، فيما عرض أحد المذيعين بقناة «روسيا 1» الشعبية الشهيرة، والتي تسيطر عليها الدولة، بالأمس صورتين لمركبة عسكرية، الصورة العلوية مكتوب عليها «دونباس 2014» والسفلية مكتوب عليها «المونتاج الأوكراني».

وادعي المذيع أن الصورة العلوية هي لمركبة أوكرانية دمرت في دونباس في عام 2014 وأنها هي نفسها الصورة السفلية، ولكن بعد أن تم التلاعب بها لجعلها تبدو وكأنها مركبة عسكرية روسية مدمرة حديثاً.
وأشار المذيع إلى أن التهديد الذي يطال المدنيين في أوكرانيا لا يأتي من القوات الروسية، بل من «القوميين الأوكرانيين».
وتابع: «إنهم يستخدمون المدنيين كدروع بشرية، ويضعون عن عمد أنظمة قصف في مناطق سكنية ويقومون بقصف المدن في دونباس».

ومن جهتها، قالت مقدمة برنامج صباحي على قناة روسيا 24 إن «تكتيكات القوميين الذين يستخدمون الأطفال للدفاع عن أنفسهم لم تتغير منذ الحرب العالمية الثانية».
وتابعت: «لقد وضع أولئك النازيون الجدد أجهزتهم ليس فقط بجوار المنازل السكنية ولكن حيث يحتمي الأطفال في الأقبية».
وهذه التصريحات المنقولة على التلفزيون الروسي هي تكرار للمزاعم التي أدلى بها الرئيس فلاديمير بوتين بأن أوكرانيا «تستخدم النساء والأطفال وكبار السن كدروع بشرية».
وبينما كانت وسائل الإعلام الغربية تشير إلى أن القوات الروسية «تكافح لتحقيق تقدم سريع في غزوها لأوكرانيا»، فقد صور التلفزيون الروسي العمليات العسكرية الروسية على أنها ناجحة للغاية.
ولا تذكر التقارير الإخبارية الروسية وقوع أي خسائر في الأرواح في صفوف الروس.
ولا يقوم مراسلو التلفزيون الحكومي بتقديم تقارير ميدانية من أماكن مثل كييف وخاركيف، وهما المدينتان الرئيسيتان اللتان شهدتا قصفاً لمنازل المدنيين، وبدلاً من ذلك يقرأ بعض المذيعين تقارير عن هذه المدن من وجهة نظرهم الخاصة.


فعلى سبيل المثال، ذكر تقرير قرأه مذيع قناة NTV أمس وقوع قصف في مدينة خاركيف، لكنه نفى مسؤولية القوات الروسية عن هذا القصف.
وقال المذيع: «بالنظر إلى مسار الصاروخ، سنجد أنه تم إطلاقه من الشمال الغربي حيث لا توجد قوات روسية». ومن جهتها، ذكرت النشرة المسائية لقناة «روسيا 1» أن أوكرانيا هي التي قامت بهذا القصف.


وقال مذيع النشرة: «أوكرانيا تضرب بلدها وتكذب على الغرب لاتهام روسيا بهذا الفعل المشين. لكن هل من الممكن خداع الناس؟».
وتميل أعداد متزايدة من الشباب الروس إلى الحصول على أخبارهم من المواقع المستقلة أو وسائل التواصل الاجتماعي، لكن السلطات الروسية تحاول التصدي لذلك، حيث أعلنت الحكومة الروسية أنها بصدد إطلاق موقع إلكتروني جديد يتم خلاله «نشر المعلومات الحقيقية فقط»، حسب قولها.



أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.