قوى سياسية بمصر تشكك في «دستورية» مشروع قانون انتخابات مجلس النواب المعدل

رئيس مجلس الدولة الأسبق لـ«الشرق الأوسط»: البرلمان سيواجه إشكالية البطلان

قوى سياسية بمصر تشكك في «دستورية» مشروع قانون انتخابات مجلس النواب المعدل
TT

قوى سياسية بمصر تشكك في «دستورية» مشروع قانون انتخابات مجلس النواب المعدل

قوى سياسية بمصر تشكك في «دستورية» مشروع قانون انتخابات مجلس النواب المعدل

شكك خبراء دستوريون وأحزاب مصرية في قانونية مشروع الانتخابات البرلمانية المعدل، الذي من المتوقع صدروه خلال أيام، بعدما أرسلته لجنة تعديل القوانين المنظمة لانتخابات مجلس النواب إلى قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لمراجعته اعتبارا من اليوم (السبت) وفقا لقرار مجلس الوزراء المصري. وبينما قال رئيس مجلس الدولة الأسبق، المستشار محمد حامد الجمل، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة أوجدت قاعدة ليست موجودة في الدستور والقانون، وإذا تم إجراء انتخابات فسوف يطعن عليها بعدم الدستورية». وأكدت قيادات بأحزاب سياسية أن «المشروع المعدل الذي لم يؤخذ فيه بمقترحات الأحزاب، سوف ينتج عنه برلمان غير مستقر بالمرة».
وقضت محكمة القضاء الإداري نهاية فبراير (شباط) الماضي بوقف قرار اللجنة العليا للانتخابات دعوة الناخبين إلى الاقتراع، وكان مقررا أن تبدأ الانتخابات في 21 مارس (آذار) الماضي. وقبلت المحكمة الدستورية العليا من قبل طعنا على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، ما أدى إلى تأجيل انتخابات مجلس النواب التي كانت مقررة في الشهر ذاته.
والانتخابات البرلمانية هي الاستحقاق الثالث في خريطة الطريق، بعد الاستفتاء على الدستور وإتمام انتخاب رئيس الدولة، التي أعلن عنها الجيش عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في يوليو (تموز) عام 2013، إثر قيام ثورة 30 يونيو.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمة وجهها للمصريين قبل أيام، إنه «يجب إجراء الانتخابات البرلمانية من أجل إيجاد برلمان يشرع ويراقب ولإنجاز خارطة الطريق»، مستبعدا إجراء الانتخابات قبل شهر رمضان، ومؤكدا عدم التدخل في القضاء واحترام ما تقره المحكمة الدستورية العليا.
وتجري الانتخابات بالجمع بين نظامي الفردي (420 مقعدا) والقوائم المطلقة (120 مقعدا)، وقال وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب، رئيس اللجنة المكلفة بتعديل القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، المستشار إبراهيم الهنيدي، إنه «أرسل الأربعاء الماضي إلى مجلس الدولة مشروعات تعديل القوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية.. وإن التعديلات شملت قوانين تقسيم الدوائر، ومجلس النواب، ومباشرة الحقوق السياسية».
ويقدر عدد الناخبين المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين بمصر، وفقا لآخر تعداد رسمي صدر مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، بنحو 55.015.248 ناخبا، موزعين على المحافظات والأقسام والمراكز المختلفة.
من جانبه، قال مصدر في اللجنة إن «اللجنة قامت بزيادة عدد المقاعد المخصصة للنظام الفردي بهدف ضبط نسبة الانحراف بين الدوائر وصولا لـ25 في المائة بالزيادة أو النقصان، ومراعاة الوزن النسبي للمقعد ومعدل التمثيل التنازلي بين المحافظات الذي يعبر عن التمثيل العادل والمتكافئ للسكان والناخبين»، لافتا إلى أن اللجنة راعت أن تكون الدوائر الانتخابية متساوية من حيث عدد المواطنين بقدر الإمكان، وعدم السماح بأن تتجاوز الفروق العددية بين عدد المواطنين في كل دائرة انتخابية على مستوى المحافظة الواحدة 25 في المائة.
وأضاف المصدر أنه «طبقا للمذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الدوائر، فإن اللجنة اعتمدت في حساب الوزن النسبي للمقعد على معادلة حسابية أقرتها المحكمة الدستورية في حكمها، وتقوم على دمج معياري السكان والناخبين المنصوص عليهما في المادة 102 من الدستور».
لكن الفقيه الدستوري المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أكد أن «لجنة تعديل القوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية أوجدت قاعدة ليست موجودة في الدستور، وإذا أجريت الانتخابات بهذا الوضع فسوف يطعن عليها بعدم الدستورية».
وتابع بقوله: «لا أفهم ما هو الأساس الذي اتبعته لجنة تعديل القوانين الخاصة بالمساواة والتكافؤ»، لافتا إلى أن اللجنة قامت بجمع عدد السكان في مصر بالإضافة إلى الناخبين وقسمتهم على 2 لتحقيق المساواة في الدوائر، واعتبرت اللجنة أن «المشكلة أنهم في اللجنة لم يستطيعوا حساب النسبة بالتحديد، لذلك قالت اللجنة 25 في المائة بالزيادة والنقصان.. وهذا ليس له أساس في القانون»، متسائلا: ما الذي يضير اللجنة لو أن هناك دوائر غير متساوية؟
وأضاف رئيس مجلس الدولة الأسبق لـ«الشرق الأوسط» أن هناك إشكالا آخر وهو أنه يوجد في مصر ما يقرب من 102 حزبا سياسيا منهم 92 تم الإخطار بهم والباقي في الطريق، والدستور ينص على أنه لا بد أن يكون تأسيس الأحزاب ليس على أساس ديني أو يكون معاديا للديمقراطية، ولكن للأسف موجود من هذه الأحزاب الآن ما يقرب من 25 حزبا، وهذه الأحزاب المفترض أن يكون لها قاعدة شعبية وبرامج متميزة، واللجنة لم تتعرض لهذه الأحزاب، ولذلك إذا تم إجراء انتخابات فستواجه بالبطلان، موضحا أنه ليس مسموحا بشكل واقعي أن تتولى لجنة أعدت مشروع قانون تم وصفه بأنه غير دستوري بحكم قضائي، أن تعد تعديلا يزيل هذا العوار الدستوري.
في السياق ذاته، حمل الأمين العام لحزب المحافظين، شريف حمودة، «اللجنة العليا للانتخابات، الوضع السيئ الذي سيترتب عليه عدم دستورية الانتخابات»، لافتا إلى أن الحكومة ضربت عرض الحائط بملاحظات الأحزاب على قانون الانتخابات، بما فيه من عوار دستوري، مطالبا الحكومة بإعادة طرح قانون الانتخابات بأكمله للنقاش مع الأحزاب، حتى ينتج عنه برلمان مستقر، معتبرا إياها الفرصة الأخيرة للحكومة لإصلاح المسار السياسي.
ويرفض عدد من الأحزاب التعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات، بعد رفض مقترحاتهم التي تقدموا بها إلى لجنة تعديل القوانين المنظمة للانتخابات خلال جلسات الحوار المجتمعي مع رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب. والتقى محلب ممثلي القوى السياسية وعددا من الأحزاب والائتلافات والشخصيات العامة في 3 جلسات مطلع أبريل (نيسان) الماضي، للاستماع إلى مقترحاتهم بشأن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية وما يرتبط به من نصوص في قانون مجلس النواب.
وقال قيادي مسؤول في حزب الوفد المصري، إن «لجنة صياغة وتعديل قوانين الانتخابات أدارت التعديلات بمنطق خاطئ، لأن هناك احتمالا بوجود عدم دستورية مرة أخرى في بعض موادها، مما سينتج عنه برلمان غير مستقر»، مضيفا أن اللجنة تتحمل مسؤولية الطعون التي سيتم تقديمها على المواد ومن ثم تعطيل البرلمان، إلى جانب تحملها لمسؤولية تجاهل كل الآراء التي قيلت لها سواء عند طرح المشروع الأول التي أبطلت المحكمة مواده، أو عند إعادة النظر في القوانين، بالإضافة إلى إصرارها على شكل النظام الانتخابي نفسه على الرغم من أنه أساس المشكلات في القوانين.



الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)

زاد عدد اليمنيين الذين واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بمقدار 100 ألف شخص خلال الثلاثة الأشهر الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى نصف عدد السكان في هذه المناطق في ظل أزمة اقتصادية خانقة تواجهها الحكومة بسبب استمرار الحوثيين في منعها من استئناف تصدير النفط.

وحسب تحليل حديث للأمم المتحدة، فقد عانى ما يقرب من نصف السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (4.7 ملايين شخص) من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الفترة من يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وتم تصنيف هؤلاء على أنهم في المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى (أزمة أو أسوأ).

من المتوقع أن تستمر أزمة الغذاء حتى الأشهر الأولى من عام 2025 (الأمم المتحدة)

ووفق هذه البيانات، فإن ذلك يشمل 1.2 مليون شخص عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي - المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الطوارئ) - التي تتميز بفجوات غذائية كبيرة ومستويات عالية من سوء التغذية الحاد.

ويعكس هذا، وفق التحليل، مستوى مرتفعاً باستمرار من الأمن الغذائي مقارنة بتحديث التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي السابق من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 إلى فبراير (شباط) من العام الحالي، عندما تم تصنيف حوالي 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

أسباب التفاقم

ومع دعوة الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي، إلى مساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة استمرار منعها من تصدير النفط الخام بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير منذ عامين، أكد التحليل أن السبب في تسجيل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعود إلى الاقتصاد المتدهور، الذي يتميز بانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة أسعارها، إلى جانب استمرار الصراع والمساعدات الغذائية الإنسانية غير المنتظمة.

بالإضافة إلى ذلك، يذكر التحليل أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد في أغسطس (آب) الماضي أدت إلى فيضانات محلية دمرت المنازل وعطلت الأنشطة الزراعية وأسفرت عن خسارة الماشية والأراضي الزراعية ونزوح ما يقدر بنحو 400 ألف شخص، خصوصاً في أجزاء من محافظات مأرب والحديدة وتعز والضالع.

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)

وخلال فترة التوقعات من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى فبراير (شباط) من العام المقبل، يبين التحليل أن الوضع سيتحسن بشكل طفيف مع توقع وجود 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

ومن بين هؤلاء، من المتوقع أن يواجه 1.1 مليون شخص مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 4)، وتوقع أن يواجه 3.5 مليون شخص مستويات أزمة من انعدام الأمن الغذائي، المصنفة على أنها المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة).

استمرار الأزمة

في حين توقع التحليل الأممي أن ينخفض عدد المديريات المصنفة في المرحلة 4 من انعدام الأمن الغذائي بنسبة 50 في المائة، من 24 إلى 12 مديرية، فإن عدد السكان في هذه المرحلة سيظل دون تغيير، وذكر أنه وبشكل عام، من المرجح أن تشهد جميع المديريات الـ118 التي تم تحليلها مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى) خلال الفترة الحالية وفترة التوقعات.

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية واتخاذ القرارات، وباستخدامه، تعمل الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة معاً لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلد ما، وفقاً للمعايير العلمية المعترف بها دولياً.

12 مليون يمني عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

وقد تم تطوير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في الأصل في عام 2004 لاستخدامه في الصومال من قبل وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

ومنذ ذلك الحين، تقود شراكة عالمية تضم 15 منظمة تطوير وتنفيذ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على المستوى العالمي والإقليمي والقطري.

وبعد أكثر من 10 سنوات من تطبيقه، أثبت التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنه أحد أفضل الممارسات في مجال الأمن الغذائي العالمي، ونموذج للتعاون في أكثر من 30 دولة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.