مطالب إيرانية جديدة تعقد مخارج الحل في محادثات فيينا

باريس شددت على ضرورة ملحّة للتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع

باقري كني يصل إلى مقر المحادثات النووية في قصر كوبورغ وسط فيينا أمس (رويترز)
باقري كني يصل إلى مقر المحادثات النووية في قصر كوبورغ وسط فيينا أمس (رويترز)
TT

مطالب إيرانية جديدة تعقد مخارج الحل في محادثات فيينا

باقري كني يصل إلى مقر المحادثات النووية في قصر كوبورغ وسط فيينا أمس (رويترز)
باقري كني يصل إلى مقر المحادثات النووية في قصر كوبورغ وسط فيينا أمس (رويترز)

عاد كبير المفاوضين الإيرانيين بمطالب جديدة إلى طاولة المفاوضات في فيينا مع القوى الكبرى حسبما ذكرت مصادر دبلوماسية، في وقت حددت طهران ثلاث قضايا رئيسية لا تزال عالقة، وذلك في وقت شددت باريس على «الضرورة الملحة» لأن يتوصل المفاوضون إلى اتفاق «هذا الأسبوع».
وباشر كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني مشاورات مكثفة مع مسؤولي الوفود الأخرى، بعد عودته أمس إلى مقر المحادثات في قصر كوبورغ في فيينا. وقال السفير الروسي الدائم إلى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف على تويتر بعد لقاء باقري كني: «ينتظرنا عمل مكثف لإنهاء المفاوضات».
وأبلغ مصدران مقربان من المحادثات وكالة «رويترز» أن طهران قدمت مطالب جديدة، مع الاستمرار في الإصرار على المطالب الحالية، ومنها إلغاء إدراج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة‭‭ ‬‬الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وقال أحدهم: «موقف إيران بعد زيارة باقري لطهران صار أكثر تشدداً... إنهم يصرون الآن على رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني ويريدون فتح قضايا تم الاتفاق عليها بالفعل».
وشددت باريس على لسان المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أن هناك «ضرورة ملحة لاختتام المحادثات هذا الأسبوع». وجاء التأكيد الفرنسي غداة تغريدة كتبها فيليب إيريرا، المدير العام للشؤون السياسية والأمنية في الخارجية الفرنسية ورئيس وفد بلاده إلى محادثات فيينا أن «طهران تلعب بالنار»، واقتبس مثل فرنسي يقول: «عليك أن تعرف إلى أي مدى يمكنك الذهاب بعيداً»، وقال إن الدول الأوروبية الثلاث «تعرف أين تقف».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية خطيب زاده في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أمس إن أطراف المحادثات لديها مسودة مشتركة تتراوح بين 97 في المائة إلى 98 في المائة لكنه أعرب عن أسفه أن «الأطراف الغربية والولايات المتحدة لم تتخذ بعد القرارات السياسية بشأن عدد من القضايا المتبقية»، مشيراً إلى أن عودة باقري كني تعني «مواصلة المفاوضات بجدول أعمال واضح»، بعد أيام في طهران للتشاور. وخلال غيابه، استكملت المفاوضات على مستوى الخبراء، علماً بأن طهران قالت إنها تدرس «مسودة» تفاهم تم إعدادها.
ووجه خطيب زاده انتقادات لاذعة إلى باريس عندما سئل عن تغريدة المفاوض الفرنسي، قائلاً: «لو تصرفت فرنسا بإيجابية أكثر منذ اليوم الأول، ولم تصب المفاوضات دوماً بجلطة، أو لم ترهن مسار المفاوضات بأشياء غير نووية، لكنا منذ شهور نتفاوض حول نص كمسودة لاتفاق»، وأضاف: «مسؤولية فرنسا في الوضع الحالي واضحة للجميع، أوصي الجانب الفرنسي بأن يبذل جهده لكي لا تصاب بالنعاس مرة أخرى وتصيب المفاوضات بجلطة مرة أخرى».
وحاول خطيب زاده أن يشرح طبيعة القضايا العالقة المتبقية، قائلاً إنها تتعلق بمدى إلغاء العقوبات، وتقديم ضمانات بأن واشنطن لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى، وحل الأسئلة المتعلقة بآثار اليورانيوم عثر عليها في أربعة مواقع شهدت أنشطة سرية ولم تبلغ عنها إيران في المفاوضات التي انتهت بالاتفاق النووي لعام 2015، وكشفت عن وجودها إسرائيل بعد حصولها على الأرشيف النووي الإيراني، في عملية معقدة نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي في قلب العاصمة طهران.
ونوه خطيب زاده أن «العودة إلى الاتفاق لن تكون عملية ليوم واحد، بل ستكون رحلة تتضمن عدداً من عمليات التحقق من جانب الولايات المتحدة» حسب رويترز.
وكان خطيب زاده قد أشار في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي إلى وجود قضيتين أو ثلاث متبقية في المحادثات، دون أن يخوض في التفاصيل.
وقال دبلوماسيون إن المفاوضات دخلت مرحلة حاسمة، بالنظر إلى سياسة إيران المتشددة، ورفض تحديد أي «موعد نهائي» لإتمام المحادثات. والأسبوع الماضي أشارت كل من واشنطن وطهران إلى أن المحادثات غير المباشرة التي بدأت قبل عشرة أشهر، أحرزت تقدماً ملحوظاً، لكن الطرفين يتحدثان عن خلافات كبرى يتعين حلها.
وتهدف المفاوضات إلى إعادة الأميركيين إلى الاتفاق خصوصاً عبر رفع العقوبات التي أعادوا فرضها على طهران بعد انسحابهم، وعودة الأخيرة لاحترام كامل التزاماتها التي تراجعت عن غالبيتها بعد الانسحاب الأميركي.
ومن ضمن الخطوات التي اتخذتها إيران، وقف العمل بالبروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار في خطوة تقيد عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتباراً من فبراير (شباط) 2021.
وسبق للوكالة التي تتخذ من فيينا مقراً لها، أن أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) عدم تحقيق تقدم في المباحثات مع إيران بشأن الأسئلة المتعلقة بالعثور على مواد إشعاعية في المواقع السرية. وقال مدير الوكالة الدولية، رافائيل غروسي في عدة مناسبات، إن فريقه يريد أن يعرف متى جرى تخصيب اليورانيوم وما إذا كانت تحتفظ إيران بكميات لا تعرف عنها الوكالة التابعة للأمم المتحدة.
وكرر خطيب زاده الاثنين، موقف إيران بضرورة «إقفال» هذا الملف من ضمن الجهود لإحياء الاتفاق النووي. وأوضح: «من الطبيعي بحال عدم إقفاله، لا يمكننا التفكير باحتمال عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي» حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان لافتاً أن خطيب زاده تجنب التعليق على تصريحات رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي الذي أعلن الجمعة تمسك طهران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة و5 في المائة حتى لو توصلت إلى اتفاق في فيينا.
وتأتي المراحل الفاصلة للمباحثات النووية، في وقت تشهد الساحة الدبلوماسية العالمية توتراً حاداً ومتصاعداً على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا. وتسبب هذا الهجوم الذي بدأ الخميس، بأزمة حادة بين عواصم لها أدوار أساسية في مباحثات فيينا، مثل موسكو وواشنطن وباريس ولندن وبرلين، ما أثار مخاوف من تأثير هذه الأزمة الدبلوماسية على سير المفاوضات.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس أن «الدبلوماسيين الغربيين يتخوفون من أن يؤدي الصراع في أوكرانيا إلى إضعاف الوحدة بين القوى المتفاوضة مع إيران، ويشعرون بالقلق أيضاً من تشدد الموقف الإيراني في لحظة حاسمة».
وقلل خطيب زاده من هذه المخاوف، بتأكيده «عدم وجود علاقة بين (الملفين) في المجال الدبلوماسي». وأضاف: «الملفات المختلفة تتم متابعتها في إطارها الخاص، حتى بين الدول التي تتباين مواقفها» لافتاً إلى أن المطروح في فيينا هو عودة للاتفاق الأساسي لا التفاوض على اتفاق جديد. وأوضح: «نحن لسنا في فيينا من أجل اتفاق جديد، الاتفاق تم إبرامه في 2015»، منوهاً أن إيران «لم تقبل ولن تقبل أي شيء أكثر من التزامات الاتفاق النووي».



إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
TT

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وافقت إسرائيل ، اليوم (الأحد)، على زيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في البيان، أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

وانتزعت إسرائيل السيطرة على معظم هضبة الجولان من سوريا خلال حرب عام 1967، قبل أن تضمها إليها عام 1981.

وفي 2019، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن عملية الضم لم تحظَ باعتراف معظم الدول. وتطالب سوريا إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الأخيرة ترفض ذلك متعللة مخاوف أمنية. وباءت جهود سلام كثيرة بالفشل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان اليوم (الأحد)، لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعيها زعماء المعارضة».

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت بالإجماع على خطة تزيد قيمتها على 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في هضبة الجولان.

وأضاف أن نتنياهو قدم الخطة للحكومة «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا ورغبة في زيادة عدد سكان الجولان إلى المثلين».

وقال المحلل في مركز الأبحاث الإسرائيلي (ألما) أبراهام ليفين، المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، إن نحو 31 ألفاً من الإسرائيليين استقروا في هضبة الجولان، وإن كثيراً منهم يعملون في قطاعي الزراعة، الذي يشمل مزارع الكروم، والسياحة.

وأضاف أن هضبة الجولان موطن أيضاً لما يصل إلى 24 ألفاً من الدروز السوريين.

بعيداً عن أي مغامرات غير محسوبة

وكان قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة، في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهية حكم العائلة الذي استمر 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، غير أنها تقول إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

ونددت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع، في مقابلة نشرت على موقع تلفزيون سوريا، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».