خلاف بين «الجبهة الشامية» والقوات الكردية في حلب ووقف التعاون بينهما

مساع لحل الإشكال واستيعاب الأزمة بشمال سوريا

خلاف بين «الجبهة الشامية» والقوات الكردية في حلب ووقف التعاون بينهما
TT

خلاف بين «الجبهة الشامية» والقوات الكردية في حلب ووقف التعاون بينهما

خلاف بين «الجبهة الشامية» والقوات الكردية في حلب ووقف التعاون بينهما

أعلنت «الجبهة الشامية» المعارضة في سوريا عن وقف تعاونها مع القوات الكردية في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، ردا على ما قالت إنها «اعتداءات» متكررة من قبل «وحدات حماية الشعب» وقوات الأسايش الكردية على المدنيين. وفي حين لم يصدر أي رد رسمي من الأكراد، أفادت معلومات عن مساع حثيثة تُبذل لرأب الصدع واستيعاب الأزمة، خصوصا في ظل التطورات العسكرية التي تشهدها حلب، والتي توجب تعاون وتضامن فصائل المعارضة بمواجهة قوات النظام.
الجبهة أعلنت في بيانٍ انسحابها من المخفر المشترك في حي الشيخ مقصود، وتعليق التعاون مع «وحدات حماية الشعب» والأسايش التي هي قوات أمن داخلي وشرطة تابعة لحزب «الاتحاد الديمقراطي»، موضحة أن ذلك يأتي نظرًا لـ«الاعتداءات المتكررة من قبل قوات الأسايش الكردية على المدنيين، التي كان آخرها الاعتداء على امرأة وكشف عورتها؛ بسبب رفضها إخلاء منزلها في حي الشيخ مقصود». وطالبت الجبهة قادة الفصائل المقاتلة في المنطقة تحمُّل مسؤوليتهم أمام الشعب «المقهور»، على حد وصف البيان. وكانت «الجبهة الشامية» التي تضم أكبر الفصائل العسكرية في حلب قد وقّعت اتفاق تعاونٍ بينها وبين «وحدات حماية الشعب» الكردية في فبراير (شباط) الماضي، تضمّن توحيد النظام القضائي ليشمل كل المحاكم، حيث يكون الحكم «بشرع الله»، إضافة إلى ملاحقة المفسدين والمسيئين أينما كانوا لمحاسبتهم وإعادة الحقوق إلى أهلها في المناطق المحرَّرة.
وقال «مكتب أخبار سوريا» إن «تجمّع الدفاع المشترك» التابع لـ«الجبهة الشامية» المعارضة هو الذي انسحب من المخفر. ونقل المكتب عن المسؤول الإعلامي للتجمّع، سامي الرج، قوله إنَّ «اعتداءات قامت بها وحدات حماية الشعب تكرّرت أخيرًا على المدنيين في الحي، وشملت إهانتهم على الحواجز العسكرية في الحي، وتهجيرهم بعضهم من منازلهم بحجج واهية وفرضهم مخالفات على السكان». وأشار الرج إلى أن «تصرّفات الوحدات الكردية أوجبت قيادة التجمع على الانسحاب وتعليق تعاونها معها، مع استمرار مقاتليها بالمرابطة على خطوط جبهات القتال ضد القوات السورية النظامية في الحي». وكانت فصائل تابعة لكلٍ من «الجيش السوري الحر» ولواء جبهة الأكراد و«وحدات حماية الشعب» قد سيطرت على حي الشيخ مقصود منذ سنتين، وشكلت فيه مخفرًا مشتركًا لإدارة شؤون الحي.
وأفادت مصادر ميدانية أن «الجبهة الشامية» شكّلت غرفة عمليات لمتابعة القضية، بينما قالت مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» إن «جهودا تُبذل من أكثر من جهة لرأب الصدع واستيعاب الأزمة الناشئة التي قد تؤثر على التطورات الميدانية في حلب». وادعت المصادر الكردية أن «الجبهة الشامية» بعد ما تعتبره انتصارات حققتها في إدلب وغيرها من المناطق، «تسعى لفرض شروط معينة على القوات الكردية المقاتلة مما أدّى لنشوء الأزمة بينهما».
هذا، وعلمت «الشرق الأوسط» أن وفدا من القياديين في «الجيش الحر» انتقل بالفعل من الحدود التركية إلى حلب لمتابعة الموضوع عن كثب.
ويذكر أن مدير المكتب السياسي في «الجبهة الشامية» بحلب زكريا ملاحفجي، أعلن منتصف الشهر الماضي عن حلّ الجبهة في المدينة، مشددًا على استمرار التنسيق السياسي والعسكري بين الفصائل. وأكد مجلس الشورى في الجبهة «الاكتفاء بالتنسيق على الأرض بين مكوناتها عوضا عن فكرة الاندماج لصعوبة تطبيقها في الوقت الحالي، وذلك بعد شهور من تشكيلها»، مشددا على أن «جبهات حلب لن تتأثر، بل إن التنسيق على الأرض على أوجّه».
وبعد أيام على إعلان حلّها، أصدرت المؤسسة الأمنية في «الجبهة الشامية» بمحافظة حلب وريفها بيانًا لتنظيم وضبط انتشار السلاح بين المدنيين في المدينة وريفها حفاظًا على ما أسمتها «المصلحة العامة». وذكرت المؤسسة الأمنية أن خطوتها هذه تأتي نتيجة «للحاجة الماسة للعمل على آلية لضبط انتشار السلاح بين المدنيين الذي انتشر بشكل غير منظم في الفترة الأخيرة، وأدى إلى حوادث مؤسفة أزهقت أرواح بريئة وسببت حالات رعب بالأحياء والأرياف المحررة في مدينة حلب، بناء على طلب كثير من سكان المدينة».
وأعلنت المؤسسة التابعة للجبهة في بيان «فتح باب ترخيص السلاح الفردي لجميع المدنيين، إلى جانب فتح باب الترخيص للمحلات التي تقوم ببيع وشراء وصيانة الأسلحة بمختلف أنواعها في التاريخ ذاته».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.