هلع سيولة في الشارع الروسي... و«المركزي» يضاعف الفائدة

الروبل في مسار انهيار... والبورصة معطلة

أسعار الروبل المتراجعة على واجهة مكتب صرافة في وسط موسكو (أ.ف.ب)
أسعار الروبل المتراجعة على واجهة مكتب صرافة في وسط موسكو (أ.ف.ب)
TT

هلع سيولة في الشارع الروسي... و«المركزي» يضاعف الفائدة

أسعار الروبل المتراجعة على واجهة مكتب صرافة في وسط موسكو (أ.ف.ب)
أسعار الروبل المتراجعة على واجهة مكتب صرافة في وسط موسكو (أ.ف.ب)

رفع البنك المركزي الروسي، يوم الاثنين، سعر الفائدة الرئيسي بحدة إلى 20 في المائة، بعد يوم من إعلانه سلسلة من الإجراءات لدعم الأسواق المحلية، بينما يسارع لإدارة تداعيات اتساع نطاق العقوبات الغربية الصارمة التي جرى إقرارها رداً على غزو موسكو لأوكرانيا.
ورفع البنك سعر الفائدة الرئيسي من 9.5 في المائة لمواجهة مخاطر انخفاض قيمة الروبل وارتفاع التضخم، كما أمر الشركات ببيع 80 في المائة من عائداتها من العملات الأجنبية.
وقال البنك المركزي، في بيان: «الظروف الخارجية للاقتصاد الروسي تغيرت بشكل جذري»، مضيفاً أن رفع سعر الفائدة «اقتضته الضرورة لجعل الودائع بالروبل أكثر جاذبية» و«سيضمن ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع إلى المستويات المطلوبة للتعويض عن التقلص المستمر في قيمتها وارتفاع مخاطر التضخم»، موضحاً أن الخطوة تهدف إلى «حماية الاستقرار المالي، وكذلك حماية مدخرات المواطنين من تراجع القيمة».
وتعزز خطوات الاثنين إجراءات سبق إعلانها الأحد، وتضمّنت تأكيد البنك المركزي أنه سيستأنف شراء الذهب في السوق المحلية وإطلاق مزاد لإعادة الشراء بلا حدود وتخفيف القيود على المراكز المفتوحة لدى البنوك بالعملات الأجنبية.
كما وسّع البنك نطاق الأوراق المالية التي يمكن استخدامها ضماناً للحصول على قروض، وأمر التجار في السوق برفض عروض العملاء الأجانب لبيع الأوراق المالية الروسية.
وتأتي هذه الخطوات بعد أن شدد الحلفاء الغربيون العقوبات يوم السبت، واتخذوا إجراءات لعزل البنوك الروسية الكبرى عن نظام سويفت العالمي للمدفوعات المالية بين البنوك، وأعلنوا إجراءات أخرى للحد من استخدام موسكو صندوق حرب بقيمة 630 مليار دولار للحد من أثر العقوبات. ومن المرجح أن توجه مجموعة العقوبات الجديدة ضربة قاصمة للاقتصاد الروسي وتجعل من الصعب على البنوك والشركات الروسية الوصول إلى النظام المالي الدولي. وانخفض الروبل بنحو 30 في المائة إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الدولار الاثنين، ليصل إلى أكثر من 114.33 روبل للدولار في التعاملات الدولية، وفقاً لوكالة «بلومبرغ نيوز»، كما واصل خسائره أثناء التداول في بورصة موسكو، منخفضاً 15.4 في المائة خلال اليوم إلى 107.3550 مقابل اليورو.
كما أعلن البنك المركزي الروسي أن بورصة موسكو ستظل مغلقة يوم الاثنين. وذكر أنه في ظل الأوضاع الحالية، سيُجرى تعليق التداول، مضيفاً أنه سيقرر الثلاثاء متى سيُجرى استئناف التداول.
وعند إعادة فتحها، من المرجح أن تشهد بورصة موسكو اضطرابات على خلفية العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية، وفي الأسبوع الماضي - أي قبل تشديد العقوبات - انخفض مؤشر البورصة الروسي «RTS» بمقدار الثلث.
وإثر هذا الارتباك المالي العنيف، ينتظر الروس في طوابير طويلة أمام ماكينات الصرف الآلي منذ يوم الأحد، قلقين من أن تؤدي العقوبات الغربية الجديدة بسبب غزو موسكو لأوكرانيا إلى نقص في السيولة وتعطيل المدفوعات.
ومن المتوقع أن تؤدي التحركات الرامية إلى عزل بعض البنوك الروسية عن نظام المدفوعات العالمي سويفت وتجميد احتياطيات البنك المركزي الروسي إلى ضربة اقتصادية شديدة، رغم سعي السلطات والبنوك الروسية إلى تهدئة المخاوف.
وقال بيوتر، وهو أحد سكان سان بطرسبرغ، رافضاً ذكر اسمه الأخير، لـ«رويترز»: «منذ يوم الخميس، يركض الجميع من ماكينة صرف آلي إلى أخرى للحصول على النقود. بعضهم محظوظ والبعض الآخر ليس كثيراً».
وينتظر المواطنون الروس في طوابير طويلة وسط مخاوف من توقف البطاقات المصرفية عن العمل أو فرض البنوك قيوداً على عمليات السحب النقدي.
وسعت البنوك الروسية إلى تهدئة المخاوف بشأن إمدادات الأموال وأنظمة الدفع عبر الإنترنت. وقال سبير بنك، أكبر مقرض في روسيا، إنه لا يرى أي انقطاع في معاملات العملاء من خلال أنظمة الدفع الخاصة به وأنظمة شركائه. وقال بنك التنمية الحكومي «في. إي. بي» إن القيود الخارجية لن تمنعه من دعم المشاريع داخل روسيا.
ونصح البنك المركزي الناس بحمل بطاقاتهم المصرفية معهم، قائلاً إن أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول ربما لن تعمل على الإطلاق فيما يتعلق بالمتاجر عبر الإنترنت التي يديرها أحد البنوك الخمسة الخاضعة لأقسى العقوبات.
وقال سيرجي، المقيم في موسكو، إنه سيحتاج إلى طلب بطاقة جديدة، وتذكر كيف كان يعيش قبل خمس سنوات عندما توقف عن استخدام النقود. وأضاف: «اعتدت أن أعيش في القرن الحادي والعشرين دون أن أحمل بطاقات بلاستيكية. كل شيء مثبت على هاتفي الذكي».
وحذّر البعض من أضرار اقتصادية كارثية بمجرد إعلان الغرب تجميد احتياطيات البنك المركزي. وكتب رئيس الوزراء الروسي السابق ميخائيل كاسيانوف على «تويتر»: «الأمر الأخطر هو أن يجمد الغرب احتياطيات البنك المركزي... لن يكون هناك ما يدعم الروبل. سيقومون بتشغيل المطبعة. التضخم المفرط والكارثة على الاقتصاد ليسا بعيدين».
ولم يرد البنك المركزي الروسي، يوم الأحد، على طلبات للتعليق بشأن تجميد الأصول. وقال رومان بوريسوفياتش، وهو مستثمر مصرفي سابق في موسكو، إن «الفوضى» ستعمّ الأسواق يوم الاثنين، وأضاف: «ستضع (السلطات الروسية) ضوابط بالتأكيد. لا يمكنهم الدفاع عن الروبل لكنهم على الأرجح سيوقفون التداول، ثم يضبطون الروبل على سعر مصطنع كما كانوا يفعلون. ستكون هناك سوق سوداء».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.