تسريبات عن صفقة إقليمية لفتح «الانسداد السياسي» في العراق

أفادت بأنها تهدف لاتفاق جديد محوره «التوافقية المشروطة»

جانب من مراسم إحياء ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم في الكاظمية ببغداد أمس (أ.ب)
جانب من مراسم إحياء ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم في الكاظمية ببغداد أمس (أ.ب)
TT

تسريبات عن صفقة إقليمية لفتح «الانسداد السياسي» في العراق

جانب من مراسم إحياء ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم في الكاظمية ببغداد أمس (أ.ب)
جانب من مراسم إحياء ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم في الكاظمية ببغداد أمس (أ.ب)

لم يعد مهماً كثيراً انتظار قرار المحكمة الاتحادية العليا غداً الثلاثاء بشأن مصير المرشح الكردي (ريبر بارزاني) لمنصب رئيس الجمهورية. فبالإضافة إلى الضربات التي بدت صاعقة، التي وجهتها المحكمة الاتحادية إلى التحالف الثلاثي عبر أحد أطرافه المهمة (الحزب الديمقراطي الكردستاني) فإن عامل الزمن بدأ يعمل بالضد من هذا التحالف الذي بدا أنه كان في الجلسة الأولى للبرلمان يملك الأغلبية المريحة لتمرير مرشحيه بدءاً من رئيس البرلمان.
زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني كان قد تنبه منذ البداية إلى أن مشروع الأغلبية السياسية الذي يصر عليه الطرف الشيعي الأقوى، ممثلاً بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لن يمضي دون تطعيمه ببعض قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي. بارزاني أطلق مبادرة بهذا الشأن واقترح على ابن أخيه نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وزعيم تحالف السيادة خميس الخنجر التوجه إلى الحنانة، مقر الصدر في النجف. وحيث إن المبادرة كانت تهدف إلى تحقيق هدفين وهما تفكيك مفهوم الأغلبية وذلك بجعلها موسعة مع طرف شيعي آخر قوي يتمثل برفع الفيتو من قبل الصدر على زعيم دولة القانون نوري المالكي، ومحاصرة غريم بارزاني، حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومرشحه برهم صالح.
لم يستجب الصدر للمبادرة. وفيما تنفس الاتحاد الوطني الكردستاني الصعداء فإن الإطار التنسيقي مضى باتجاه الإصرار على موقف موحد طالما بدأ يملك عملياً ما بات يسمى «الثلث المعطل». خرجت الأمور مما كان يسمى سابقاً عند التأخير في تشكيل الحكومات السابقة من «عنق الزجاجة» إلى «الانسداد السياسي».
القوى الإقليمية والدولية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وإيران، كانت قادرة على إخراج الجميع من عنق الزجاجة عبر تسويات يقبل بها الجميع طبقاً لمبدأ المحاصصة العرقية والطائفية. الجديد الآن هو الإصرار على الأغلبية بمفهوم الصدر مع ملحقاتها وهي «لا غربية ولا شرقية». القوى الإقليمية والدولية التي بدت مشغولة بأولوياتها لم تنتظر كثيراً حالة الانسداد السياسي، خشية أن يتحرك طرف على حساب طرف آخر وبالتالي تتغير المعادلة لصالح طرف دون مراعاة لمصالح الآخرين. وبدأت التسريبات ومعها بعض الصور بالظهور. الجنرال الإيراني إسماعيل قاآني، خلف قاسم سليماني، يظهر رافعاً يديه بالدعاء في ضريح المرجع الشيعي محمد محمد صادق الصدر (أغتيل عام 1999)، والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في إحدى زياراته الكثيرة في الآونة الأخيرة للنجف وبغداد وأربيل. طبقاً للأنباء لم يلتق قاآني الصدر. لكنه في بغداد التقى أكثر من مرة قادة الإطار التنسيقي وبدا أنه في حالة عجز عن تقديم ما يريدونه وهو المشاركة في الحكومة موحدين لا مفككين. ومع أن التسريبات كانت تذهب إلى أن إيران ربما اصطفت مع الصدر، لا سيما بعد صدور أكثر من تصريح لمسؤول إيراني بشأن عدم تدخلها بما عدته ولأول مرة شأناً داخلياً عراقياً مع تأييد ضمني لمفهوم الأغلبية، فإن التطورات على أصعدة أخرى إقليمية ودولية بدأت تؤشر رغبة أخرى لإيران وهي عدم انفراد التحالف الثلاثي بالسلطة. قاآني الذي ذهب أكثر من مرة إلى أربيل إنما كان يهدف مثلما تقول المعلومات المسربة عن لقاءاته إلى فرملة سرعة حركة بارزاني باتجاه الصدر.
وبالتزامن مع التحرك الإيراني جاءت قرارات المحكمة الاتحادية لتترجم لبارزاني ما حذره منه الإيرانيون. من جهته فإن المرشح الرئاسي (من حزب بارزاني) الذي كان ساخناً، هوشيار زيباري، والذي أقصي بقرار من المحكمة الاتحادية بدأ يفجر القنابل بين القنوات التلفازية. فبعد قوله إن قرار الاتحادية ضده «مبيت ومسيس وأكبر من قدرة القائمين عليه»، فإنه كشف أنه اشتكى أمام قاآني بأن سفير إيران السابق في العراق يتجول مع وفد الاتحاد الوطني الكردستاني حليفه السابق وغريمه الحالي، في إشارة إلى أن إيران تؤيد بقاء الرئيس الحالي برهم صالح.
في موازاة ذلك، وطبقاً للقراءات التي توحي بها الصور فإن المعلومات التي تسربت عن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى قطر تلتها معلومات تفيد بأن رئيسي طلب تدخل قطر لدى الزعامات السنية لكي لا تتسرع كثيراً في اندفاعها باتجاه الصدر. وحسب التسريبات فإنه بعد زيارة رئيسي إلى قطر كانت هناك زيارة لزعيم سني كبير إلى الدوحة لكن بسبب غياب الصورة بقي الكلام في إطار التسريبات فقط.
بعد أيام من ذلك، ظهرت صورة رباعية تجمع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الزعيمين السنيين البارزين محمد الحلبوسي رئيس البرلمان وخميس الخنجر زعيم تحالف السيادة. ظهر في الصورة رئيس المخابرات التركية حقان فيدان، كاتم أسرار إردوغان والشخصية المهمة في حزب العدالة والتنمية.
أربكت هذه الصورة المشهد سواء بالنسبة للتحالف الثلاثي (الصدر وبارزاني والحلبوسي) أو التحالف المقابل (الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني). وبينما سكت التحالف الثلاثي عن التعليق على اللقاء باستثناء تغريدة للخنجر بشأن المضي بحكومة الأغلبية الوطنية وتسريبات أفادت بأن الزيارة كانت بهدف عيادة إردوغان بعد تشافيه من «كورونا». الخصوم لم يقتنعوا خاصة بسبب وجود مدير المخابرات التركية بين الحاضرين ما أجج نظرية المؤامرة بموازاة ما بات يجري الحديث عنه من تسريبات ومعلومات متقاطعة تشير إلى وجود صفقة إقليمية بدأت تنضج بهدف فتح مغاليق الانسداد السياسي.
التحالف الثلاثي الذي يقود رايته الصدر لا يملك الآن سوى انتظار آخر قرارات المحكمة الاتحادية غداً بشأن الطعن في شرعية إعادة فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية لأنه في ضوء ما يصدر عنها يمكن للتحالف تحديد الخطوة التالية. ففي حال أعيد ريبر بارزاني إلى سباق الرئاسة سيكون بمثابة نافذة أمل. لكن في حال كان القرار بالرفض، وهو متوقع بنسبة كبيرة، قد يجد التحالف نفسه مضطراً لقبول التسوية الإقليمية التي يقال إنها في الطريق. وطبقاً لما تسرب بشأن التسوية الإقليمية فإنها «تهدف إلى تحقيق نوع جديد من الاتفاق بين القوى السياسية يمكن تسميته بالتوافقية المشروطة». وتشير المعلومات إلى أن «من بين ما تتضمنه هذه الصفقة هو أن يضع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعض شروطه على الإطار التنسيقي مقابل أن تضمن إيران تنفيذ هذه الشروط».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».