بوتين وبنيت يتفقان على مواصلة التنسيق في سوريا

في مكالمة هاتفية قطعت جلسة الحكومة الإسرائيلية

مظلي إسرائيلي وسط هضبة الجولان قرب الحدود السورية استعداداً لسيناريوهات حربية (إ.ب.أ)
مظلي إسرائيلي وسط هضبة الجولان قرب الحدود السورية استعداداً لسيناريوهات حربية (إ.ب.أ)
TT

بوتين وبنيت يتفقان على مواصلة التنسيق في سوريا

مظلي إسرائيلي وسط هضبة الجولان قرب الحدود السورية استعداداً لسيناريوهات حربية (إ.ب.أ)
مظلي إسرائيلي وسط هضبة الجولان قرب الحدود السورية استعداداً لسيناريوهات حربية (إ.ب.أ)

في أعقاب المحادثة الهاتفية التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأحد)، وتناولت العلاقات الثنائية والحرب الدائرة في أوكرانيا بعد الغزو الروسي، أعلنت السفارة الروسية في تل أبيب، أن التنسيق الأمني في سوريا بين البلدين سيستمر كما كان في الماضي.
وفي حين أبرز الإسرائيليون أن بنيت عاد وطرح إمكانية الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، قالت السفارة الروسية في تل أبيب، إن البلدين ينظران بأهمية بالغة للتنسيق الأمني بينهما في سوريا، الذي بدأ عام 2015، ويمارسانه منذ ذلك الحين بشكل يومي يثبت الجدوى والنجاعة لمصلحة الطرفين.
وكان بنيت قد قطع جلسة حكومته، أمس، ليتحدث إلى بوتين، واستغرقت المحادثة 40 دقيقة. وعندما عاد، أخبر الوزراء بأنه تكلم مع الرئيس الروسي، لكنه لم يدلِ بمعلومات، وقال إنه سيتحدث عن مضمون المكالمة في جلسة «الكابنيت» (مجلس الوزراء المصغر لشؤون السياسة والأمن)، الذي يلتئم في المساء.
وراح بنيت يتحدث عن الأزمة الأوكرانية من باب الأسف والألم، من دون أي إشارة سلبية عن روسيا. وقال: «نحن، على غرار غيرنا حول العالم، نتابع الأحداث المروعة التي تقع في أوكرانيا. أولاً، ألتمس التعبير، باسم جميع مواطني إسرائيل، عن أملنا في أن يتم إيجاد حل لهذا النزاع قبل تفاقم هذه الحرب، وحصول تداعيات إنسانية أكثر بكثير مما يمكن أن نتخيله. نحن نصلي من أجل سلامة مواطني أوكرانيا ونأمل بتفادي مزيد من إراقة الدماء، ونتصرف برزانة وبمسؤولية».
وتابع أنه خلال اليومين المقبلين، ستصل أوكرانيا طائرة محمّلة بـ100 طن من المعدات الإنسانية الإسرائيلية الموجهة للمواطنين الموجودين في المناطق التي تدور فيها المعارك، وللذين يحاولون مغادرتها، بما فيها معدات تنقية المياه والمعدات الطبية والأدوية، وكذلك الخيم والبطانيات وأكياس النوم، وغيرها من المعدات التي من شأنها مساعدة المواطنين الموجودين خارج منازلهم في ظروف شتوية وباردة. وتزامناً مع ذلك، تعمل وزارة الخارجية وموظفوها ليل نهار في سبيل مساعدة الإسرائيليين الموجودين على الحدود والراغبين بمغادرتها، للوصول إلى منازلهم في إسرائيل.
وكانت مكالمة بنيت وبوتين لافتة بشكل خاص، لأن موسكو بثت أكثر من رسالة تذمرت فيها من الموقف الإسرائيلي المساند للغرب حول الصراع مع أوكرانيا. ولكن نائب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية للشؤون الأوروبية - الآسيوية، غاري كورين، شدد أمس، على أن «إسرائيل لا تطلق تصريحات متشددة ضد روسيا، إثر غزوها أوكرانيا، لأنها تريد أن تبقي لنفسها إمكانية للتوسط لدى المستويات العليا في الدولتين في محاولة لوقف الحرب».
وتنشغل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بمدى تأثير موقف تل أبيب على وضع التنسيق الروسي - الإسرائيلي في سوريا. ويريد قادة الجيش علاقات وثيقة مع موسكو، كضرورة حيوية للحملة الإسرائيلية ضد التموضع الإيراني في سوريا، وضد جهود طهران لنقل الأسلحة عبر الأراضي السورية إلى حزب الله في لبنان. فالروس يغضون الطرف عن الغارات الإسرائيلية على سوريا، في معظم الحالات، وإسرائيل تبلغهم عن هذه الغارات ومكانها قبل وقوعها بعدة دقائق.
ومع أن سوريا اشترت من موسكو صواريخ أرض - جو من طراز سام 300 المتقدمة، فإن الروس لا يتيحون حتى الآن للجيش السوري استخدامها بشكل عملي، وعملياً تمنعهم من استخدامها ضد الطائرات الإسرائيلية. والتنسيق العسكري بين الجيشين الإسرائيلي والروسي في سوريا، يتم على مستوى نائب رئيس الأركان. وبسبب مخاوف إسرائيلية من رد الفعل الروسي على تأييد تل أبيب موقف الغرب في أوكرانيا، خففت الغارات على مواقع إيرانية في سوريا بالأسبوعين الأخيرين، ولجأت إلى القصف المدفعي بشكل بارز، بعدما أعلنت روسيا عن إجراء دوريات مشتركة مع قوات سلاح الجو التابعة للنظام السوري.
ولكيلا تمس إسرائيل بالتوازن مع روسيا في سوريا، تحرص على موقف معتدل وأقل حدة من مواقف الغرب تجاه الصراع في أوكرانيا. وتمتنع عن انتقاد روسيا، وترفض المشاركة الفاعلة في العقوبات الغربية ضد روسيا أو إدانتها في الأمم المتحدة. وتتحدث بكثرة عن اقتراحات بأن تقوم إسرائيل بدور وساطة بين الغرب وروسيا. غير أن الأمر يغيظ واشنطن، ويدفع إسرائيليين كثيرين لأن يكونوا حذرين من خطر التصادم مع إدارة الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض.
وبحسب المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، يوآف ليمور، فإن القيادات العسكرية في إسرائيل تنظر إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، كدرس يجب على إسرائيل أن تتعلم منه. فهو يُشكل مخاطر يمكن أن تمتد إلى ما وراء ساحة المعركة المباشرة، ما قد يغير نظام الأمن العالمي إلى الأسوأ.
وأضاف ليمور، نقلاً عن تلك القيادات، أن «الغزو الروسي مُقلقٌ بالنسبة لإسرائيل، والذين انتقدوا دعم إسرائيل لأوكرانيا كانوا مخطئين، لثلاثة أسباب؛ الأول: أن إسرائيل - التي نهضت من رماد المحرقة - يجب أن تضع نفسها دائماً في الجانب الصحيح من التاريخ. والثاني: أن إسرائيل بحاجة إلى الوقوف الى جانب الولايات المتحدة والغرب. أما السبب الثالث فهو أن بوتين أثبت مراراً وتكراراً، بأن دافعه الوحيد هو المصلحة الروسية، وتعاونه مع إسرائيل في سوريا مبني على مصالحه المحلية هناك والتي يمكن أن تتغير بسرعة». وتابع: «نحن بحاجة إلى رؤية كيف تتعاون روسيا في الوقت ذاته مع إيران في عدد من القضايا، بما في ذلك البرنامج النووي، لفهم أن روسيا ليست ركيزة مستقرة، وبالتأكيد ليست بديلاً عن الولايات المتحدة».



قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979، إلا أن مصدرين مطلعين بمصر قالا لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ليست لديها أي نية أو دافع لإجراء تعديلات، وإن كل ما يهمها هو تأمين حدودها وفق مقتضيات الأمن القومي».

وبحسب المصدرين، فإن «مصر ترغب في زيادة تسليح القوات المصرية في سيناء، وخصوصاً القريبة من إسرائيل بأسلحة ووسائل تكنولوجية حديثة تمكنها من مراقبة الحدود وتحقيق المرونة اللازمة في حفظ الأمن القومي المصري بشكل دائم وتحت أي ظروف بالنظر للأحداث التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين، وشكلت تهديداً كبيراً لأمن مصر».

وشدّد المصدران على أن مصر تنتظر ما سيحدث في لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة نتنياهو للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، مع «وجود اعتقاد لدى العديد من المسؤولين المصريين أن ترمب سيضغط بشدة على نتنياهو للتعاطي مع المطالب المصرية والعمل بشكل أكبر لتحقيق التهدئة اللازمة لإعادة العلاقات الطبيعية بين إسرائيل وجيرانها وبقية دول المنطقة».

ووفق المصدرين، فإن «الأنباء التي تتداول عن مطالب مصر بتعديل معاهدة السلام مع إسرائيل لزيادة القوات المصرية في سيناء غير دقيقة، لأن هناك ملاحق للاتفاقية تحقق المرونة اللازمة بشأن زيادة عدد القوات وقت الحاجة».

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية حذّرت من «نشر الجيش المصري مؤخراً منظومة الدفاع الجوي الصينية (HQ-9B) في شمال سيناء، وهي واحدة من أكثر الأنظمة تطوراً عالمياً». وسلّطت الصحيفة الضوء على ما تتميز به هذه المنظومة من قدرة على اعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مسافات تصل إلى 300 كيلومتراً وارتفاع 30 كيلومتراً، مع إمكانية تتبع أهداف متعددة في وقت واحد ومواجهة تهديدات متقدمة، مثل الصواريخ فرط الصوتية.

مصر وقّعت مع إسرائيل صفقة غاز كبرى مؤخراً (أ.ف.ب)

واعتبر التقرير العبري «نشر مصر لهذه المنظومة المتطورة جزءاً من جهود القاهرة لتعزيز أمنها الجوي أمام التهديدات الإقليمية، لكنه يجدد الشكوك حول الالتزام ببنود اتفاق السلام الذي يحدّ من التسليح في سيناء».

ويرى نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر لا تحتاج لتعديل اتفاقية السلام كما يتردد، لأنه تم تعديل ملحق الاتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 بحجم القوات والمعدات الموجودة حالياً في سيناء، ولكن مصر قد تطلب في ذلك الشأن تطوير تسليح ومعدات قوات المنطقة (ج) القريبة لغزة وإسرائيل بوسائل وأجهزة مراقبة إلكترونية حديثة لمراقبة حدودها مع إسرائيل، التي يبلغ طولها نحو 220 كيلومتراً، وذلك لضبط الحدود أمنياً ومنع التهريب والتسلل بأنواعه المختلفة».

وأوضح: «دائماً كانت ترفض إسرائيل مطلب التسليح الحديث للقوات المصرية في تلك المنطقة خلال محادثات لجنة التنسيق المشتركة لأجهزة الاتصال بين الجانبين».

كامل قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب الرئيسي لمصر هو إعلان نتنياهو تنفيذ جميع بنود اتفاق شرم الشيخ الخاص بغزة، والانسحاب الكامل من قطاع غزه، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد قال إن «العلاقات بين مصر وإسرائيل باردة حالياً، ولكن يتم احتواء الخلافات من خلال التنسيق المشترك والوساطة الأميركية، والخلافات تركز على غزة والأمن الحدودي».

وشرح عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط» أن «اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية تحدد حدوداً صارمة للقوات المصرية في سيناء، مقسمة إلى مناطق (A ،B ،C ،D). وأي زيادة في القوات أو المعدات الثقيلة تتطلب موافقة إسرائيلية مسبقة».

أما الأستاذ المتخصص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، طارق فهمي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل تضغط عبر تسريبات لإعلامها من أجل عمل تعديلات جديدة، لأن آخر تعديل على الملحق الخاص بالاتفاقية تم في 2021، واتفقت اللجنة العسكرية المشتركة على زيادة عدد وقدرات قوات حرس الحدود المصرية بمنطقة رفح، وحالياً هناك محاولات إسرائيلية لتعديل هذا الملحق الأمني لضمان بقاء القوات الإسرائيلية في محور صلاح الدين، وهي المنطقة (د) لديهم، بينما مصر ترى ذلك انتهاكاً لمعاهدة السلام».

وفي تقدير فهمي، فإنه «ستتم مواءمات بين الطرفين بشكل أو بآخر دون حدوث مخالفات كبيرة للمعاهدة»، منوهاً إلى أنه «لا توجد أي خروقات من جانب مصر للمعاهدة، وأغلب الأمور التي تتم حالياً وسابقاً في سيناء تكون بالتنسيق، ومصر ليست في حاجة لاستئذان أحد لحفظ أمنها أو تسليح قواتها».

فهمي وهو محاضر في كلية الدفاع والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، شدّد على أنه «لن تكون هناك قمة بين السيسي ونتنياهو في هذا التوقيت، بصرف النظر عن أي لقاءات أخرى يمكن أن تتم، ونحن في انتظار نتائج القمة بين نتنياهو وترمب أولاً، وبعد ذلك تتم التوافقات، وحينما يتم الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وتكون هناك جدية في تنفيذه من جانب إسرائيل، يمكن عقد قمة عربية تشارك فيها عدة دول، بجانب الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، ثم قمة رباعية بين مصر وإسرائيل وأميركا والأردن. وكل ذلك يتم في الولايات المتحدة، ولا توجد مخططات لقمم تعقد بالشرق الأوسط».


الحكومة المصرية تُمهد لـ«الدعم النقدي» بتحديث بيانات المستفيدين

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يناقش مع وزير التموين شريف فاروق تطوير منظومة الدعم مساء الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يناقش مع وزير التموين شريف فاروق تطوير منظومة الدعم مساء الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحكومة المصرية تُمهد لـ«الدعم النقدي» بتحديث بيانات المستفيدين

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يناقش مع وزير التموين شريف فاروق تطوير منظومة الدعم مساء الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يناقش مع وزير التموين شريف فاروق تطوير منظومة الدعم مساء الاثنين (مجلس الوزراء المصري)

تُمهد الحكومة المصرية لتنفيذ توجهها نحو التحول من «الدعم العيني» إلى «الدعم النقدي»، من خلال العمل على «تنقية بيانات المستفيدين وتحديثها»، وذلك قبل اجتماع مرتقب، هذا الأسبوع، للجنة «العدالة الاجتماعية»، التابعة لمجلس الوزراء.

ويستفيد من «الدعم العيني»، الذي يحصل عليه المواطنون من خلال «بطاقات التموين»، 64 مليون مواطن تقريباً، مع وجود 23 مليون بطاقة، بينما يستفيد عدد أكبر يصل إلى نحو 70 مليون مواطن من دعم «الخبز المدعم»، وفقاً لآخِر إحصاءات حكومية صادرة في عام 2022.

وتُطبِّق الحكومة، منذ عقود طويلة، منظومة تموينية لتوزيع السلع الأساسية بأسعار مدعومة، بينها: الخبز، والزيت، والسكر، تُصرَف شهرياً من خلال «بطاقات التموين». لكن حكومات متعاقبة شَكَت من الأعباء الاقتصادية لتلك المنظومة على الموازنة العامة.

وأشار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الاثنين، إلى أن «أي توجهات مستقبلية نحو تطوير منظومة الدعم سوف تعتمد على توافر قواعد بيانات دقيقة ومتكاملة، وعلى دراسات فنية واقتصادية واجتماعية شاملة، بما يضمن اتخاذ قرارات مدروسة ومتوازنة تحقق مصلحة المواطن والدولة».

وناقش مدبولي، في اجتماع عقده مساء الاثنين، مع وزير التموين والتجارة الداخلية شريف فاروق، «تدقيق وتنقية البيانات وضبط قواعد البيانات الخاصة بالمستفيدين من منظومتي السلع التموينية والخبز، باعتبارها خطوة محورية وأساسية ضمن مسار التطوير».

وزير التموين المصري شريف فاروق خلال جولة بإحدى الأسواق (وزارة التموين المصرية)

وسبق أن أكد مدبولي، الأربعاء الماضي، أن هذا الأسبوع سيشهد «اجتماع لجنة العدالة الاجتماعية» لوضع اللمسات النهائية واتخاذ الإجراءات التنفيذية الخاصة بالتحول من «الدعم العيني» إلى «الدعم النقدي»، مؤكداً «حرص الحكومة على التأكد من آليات التنفيذ بنسبة 100 في المائة؛ لتفادي أي مشكلات أو اضطرابات قد تؤثر على المواطنين».

وبين الحين والآخر تُبدي الحكومة المصرية رغبتها في التحول إلى «الدعم النقدي»، وقبل عام تقريباً أعلنت تدشين «حوار مجتمعي» لمناقشة خطتها، وحظي الأمر بنقاشات واسعة داخل أروقة «الحوار الوطني»، العام الماضي، والذي أوصى بتوسيع دائرة الدعم، مع إمكانية التحول لإقرار «الدعم النقدي».

ولدى قطاعات من المواطنين حساسية من هذا التوجه، مع مخاوف من انحسار الدعم وعدم توفير الحماية للازمة للطبقات الفقيرة مع تراجع قيمة الجنيه خلال السنوات الماضية، وارتفاع معدلات التضخم وضعف الرقابة الحكومية على الأسواق.

الخبير الاقتصادي خالد الشافعي أشار إلى أن تصريحات رئيس الوزراء تشي بأن الحكومة تستعد للتحول إلى «الدعم النقدي»، وهو إيجابي في حال أسهم في وصول الدعم إلى مستحقيه، شريطة أن يتم توفير السلع التموينية بأسعار تتماشى مع قيمة ما يحصل عليه الفرد الواحد عند حصوله على «الدعم العيني»، وأن المخاوف تبقى من ارتفاع أسعار السلع الرئيسية بما يفوق ما يتم صرفه نقداً.

وأوضح، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة تُبشر المواطنين بانحصار الأزمات الاقتصادية، والتخوف من أن يبقى التحول إلى «الدعم النقدي» أحد عوامل زيادة الأعباء، في حال لم تتم السيطرة على الأسواق، وتبقى مشكلات «الدعم النقدي» في كونه قد لا يواكب معدلات التضخم المتفاوتة داخل الدولة، وهو ما ينعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الفئات الأكثر احتياجاً.

ويرى الشافعي أن الحكومة اتخذت إجراءات مِن شأنها توفير قاعدة بيانات حديثة للمستفيدين مع إجراءات «الشمول المالي» و«التحول الرقمي» والربط بين الوزارات المختلفة إلكترونياً.

وفي الأشهر الأخيرة، تمكنت مصر من خفض التضخم من ذروته البالغة 38 في المائة في سبتمبر (أيلول) 2023 إلى 12.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما يعدُّه الخبير الاقتصادي عاملاً يشجع الحكومة على اتخاذ الخطوة في الوقت الحالي، شريطة حدوث مراجعة مستمرة لقيمة الدعم، حال عادت المؤشرات المرتفعة.

وتُطبق الحكومة المصرية منظومة «الكارت الموحد» بشكل تجريبي على نحو 100 ألف أسرة في محافظة بورسعيد (شمال)، ويتيح الحصول على خدمات متعددة تشمل الرعاية الصحية والتأمين الصحي وبرامج «تكافل وكرامة»، والدعم التمويني، ومؤخراً أشار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى التوسع في تطبيقه على مستوى باقي المحافظات.

وأكد وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المصري، إيهاب منصور، أن الاعتراض لا يتمثل في الانتقال من «العيني» إلى النقدي»، لكن المشكلة الكبرى تتمثل في الإجراءات التنفيذية التي تتخذها الحكومة لضمان نجاح خطتها، خاصة على مستوى حصر المستحقين للدعم في ظل شكاوى عدة من حذف «بطاقات تموينية»، وأخرى لمبادرة «تكافل وكرامة»؛ لأسباب غير معروفة، ودون التأكد من عدم احتياجهم للدعم.

وأوضح، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة عليها أولاً أن تضاعف الموازنات المخصصة للرقابة على الأسواق، وتوفر ما يستلزم من موارد بشرية وتقنية لضبطها؛ لكي تتمكن تلك الجهات من تأدية مهامّها، كما أن الحكومة عليها التأكد من مدى قدرة بعض الأُسر الأكثر هشاشة والأقل وعياً مالياً من إدارة الدعم بعد تحويله إلى «نقدي»، متوقعاً أن يؤثر على أنماط الاستهلاك داخل الأسرة المصرية.

وتقول الحكومة المصرية إن التحول إلى «الدعم النقدي» يهدف إلى تقديم مساعدات مالية مباشرة للمواطنين الأكثر احتياجاً في المجتمع، بدلاً من تقديم «دعم عيني»، للمساهمة في إيصال المساعدات، بشكل مباشر، إلى مستحقيها، ما يضمن تخفيف الأعباء الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية.


تشديد مصري على ضرورة بدء مسار إعادة إعمار غزة

عمال البلدية الفلسطينيون يقومون بإصلاح طريق تضرر خلال الحرب في مخيم النصيرات للنازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
عمال البلدية الفلسطينيون يقومون بإصلاح طريق تضرر خلال الحرب في مخيم النصيرات للنازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تشديد مصري على ضرورة بدء مسار إعادة إعمار غزة

عمال البلدية الفلسطينيون يقومون بإصلاح طريق تضرر خلال الحرب في مخيم النصيرات للنازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
عمال البلدية الفلسطينيون يقومون بإصلاح طريق تضرر خلال الحرب في مخيم النصيرات للنازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تناولت اتصالات هاتفية بين وزير خارجية مصر ونظيريه السعودي والتركي تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وسط تأكيدات من القاهرة على ضرورة «بدء مسار التعافي وإعادة الإعمار» في القطاع.

ووفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، فإنه جرى اتصال هاتفي بين الوزير بدر عبد العاطي ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان «في إطار التنسيق والتشاور بين البلدين حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وتناول الاتصال مستجدات الأوضاع في قطاع غزة، حيث استعرض عبد العاطي «الجهود المصرية الجارية لتثبيت وقف إطلاق النار وضمان استدامته، والدفع نحو تنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب»، مشدداً على «أهمية الانتقال إلى ترتيبات المرحلة التالية بما يشمل تشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية مؤقتة لإدارة الشؤون اليومية للمواطنين في القطاع، تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية لممارسة دورها الكامل».

وأكد وزير الخارجية المصري «ضرورة ضمان التدفق المنتظم للمساعدات الإنسانية، وتهيئة البيئة اللازمة لبدء مسار التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مع التشديد على رفض أي ممارسات من شأنها تقويض وحدة الأراضي الفلسطينية أو فرض وقائع جديدة في الضفة الغربية».

كما جرى اتصال هاتفي ثان مع نظيره التركي هاكان فيدان «في إطار التشاور والتنسيق بين القاهرة وأنقرة حول سبل دعم العلاقات الثنائية، وتبادل الرؤى بشأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وتناول الاتصال «تبادل الرؤى بشأن تطورات الأوضاع في قطاع غزة، حيث أكد عبد العاطي أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق شرم الشيخ للسلام»، مشدداً على ضرورة تدشين لجنة تكنوقراط فلسطينية مؤقتة لإدارة الشؤون اليومية للمواطنين في القطاع، تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية للاضطلاع بكامل صلاحياتها ومسؤولياتها.

كما أكد وزير الخارجية المصري على «أهمية نشر قوة الاستقرار الدولية، وبدء مسار التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مع التأكيد على الرفض الكامل لأي إجراءات أو ممارسات من شأنها تقويض وحدة الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في الضفة الغربية».

وجاءت التأكيدات المصرية في ظل تقارير غربية تتحدث عن استعداد واشنطن لتدشين مؤتمر للإعمار في غزة قريباً.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل سعي إدارة ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

وقالت المصادر إنه «جرت دراسة واشنطن بوصفها مكاناً محتملاً للمؤتمر الذي قد يُعقد مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير، وإن مصر من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة».

ونقلت عن مصدر أن المؤتمر لن يُعقد على الأرجح إلا بعد أن يُكمل المسؤولون تشكيل «مجلس السلام» بقيادة ترمب، والمقرر أن يشرف هذا المجلس على الحكومة الانتقالية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس» في أكتوبر (تشرين الأول).

ويأتي ذلك بعد نحو أسبوعين من إعلان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

وكان مؤتمر إعمار قطاع غزة الذي كانت ستنظمه القاهرة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أُجّل دون ذكر السبب، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف لـ«الشرق الأوسط»، نهاية الشهر الماضي، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ويرجح السفير الفلسطيني الأسبق لدى مصر، بركات الفرا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن حديث «بلومبرغ» يشير إلى التنسيق المصري الأميركي بشأن المؤتمر وليس انفراد واشنطن بعقده، وأن الأقرب أن يتم في القاهرة كما حدثت قمة شرم الشيخ للسلام.

وغداة اجتماع للوسطاء في مدينة ميامي الأميركية، قال وزير الخارجية التركي في تصريحات أدلى بها للصحافيين، السبت، إن «هناك تفاهمات تبعث على الأمل رغم تعنت إسرائيل»، مضيفاً: «هناك دراسة أولية بشأن إعادة إعمار غزة، تم تقديمها ونقاشها بشكل تمهيدي»، وفقاً لما ذكرته وكالة «الأناضول» التركية.

ولم يقدم فيدان تفاصيل بشأن تلك الدراسة الأولية، وهل متفقة مع ما هو مطروح عربياً أم إسرائيلياً أم أميركياً، وتمسك بأهمية أن يدار القطاع من قبل أبنائه، مؤكداً رفض أي مخططات لتقسيم أراضي غزة.

وسبق حديث فيدان بيوم، تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن خطة أعدها جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترمب ومبعوثه ستيف ويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» لإعمار غزة بدءاً من الجنوب في رفح على مدار 10 سنوات، مع اشتراط نزع سلاح «حماس»، دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

ويؤكد الفرا أن انحياز واشنطن التام لإسرائيل يدفعها للتمادي في غزة، وخلق عقبات لعدم الدفع بالمرحلة الثانية، وكان أحدثها تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الثلاثاء، بأن إسرائيل لن تنسحب من غزة.

وأضاف أن الوسطاء لن يقبلوا بأي خطط تهدد خطة الإعمار العربية، وأي مقترحات لا تتوافق مع يطلبه الفلسطينيون، وليس كما ترغب واشنطن أو إسرائيل بالإعمار الجزئي في مناطق سيطرتها التي تصل لنحو 52 في المائة بالقطاع، متذرعة بعدم نزع سلاح «حماس».