الحوثيون يشلون صنعاء بأزمة وقود «مفتعلة»

TT

الحوثيون يشلون صنعاء بأزمة وقود «مفتعلة»

افتعلت الميليشيات الحوثية أزمة وقود خانقة في صنعاء، لليوم الرابع على التوالي، ما تسبب في شل الحركة في شوارع العاصمة المخطوفة، حيث ارتفع سعر صفيحة البنزين عبوة 20 لتراً إلى ما يعادل 50 دولاراً للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
وفي حين تعمل بعض وسائل النقل باستخدام الغاز، رغم ارتفاع سعره إلى مستويات قياسية، تصاعدت شكاوى السائقين من أن الوقود في السوق السوداء مغشوش، حيث يتم خلطه بمواد كيماوية تتسبب في تعطيل محركات السيارات.
وقال شوقي وهو سائق سيارة أجرة في صنعاء، إن صفيحة البنزين عبوة 20 لتراً وصل سعرها إلى 35 ألف ريال في السوق السوداء، أي نحو 55 دولاراً، وهو سعر يسجل لأول مرة في تاريخ البلاد.
وأوضح السائق لـ«الشرق الأسط»، أن غالبية الوقود مغشوش، حيث يتم خلطه بمواد كيماوية تتسبب في تعطيل محركات السيارات، مشيراً إلى أن محطات بيع الوقود مغلقة بحجة انعدام المشتقات النفطية، كما أن المئات من ناقلات الوقود منعت من الدخول إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
من جهته يقول نعمان محمد، وهو موظف لدى إحدى الجمعيات لـ«الشرق الأوسط»، إن صنعاء تعيش أزمة مشتقات خانقة لا نعرف أسبابها، وإنه وللمرة الأولى يرتفع سعر لتر البترول إلى 2000 ريال، أي أن سعر صفيحة سعة 20 لتراً بلغ 40 ألف ريال لأول مرة في تاريخ البلاد، حيث إن الحركة شبه متوقفة. وأكد أن الراكب في المواصلات الداخلية في المدينة عبر الحافلات الصغيرة بات يدفع 200 ريال بدلاً من 100 ريال، مؤكداً أن الكميات المعروضة في السوق السوداء كبيرة جداً ما يثير الاستغراب عن أسباب الأزمة.
من جهتها، أكدت مصادر حكومية أن الميليشيات الحوثية تحتجز المئات من ناقلات الوقود القادمة من مأرب وحضرموت في مدينة الحزم مركز محافظة الجوف، رغم الأزمة الخانقة التي تعيشها العاصمة صنعاء، حيث تتكدس أكثر من 600 ناقلة محملة بالبنزين منذ عدة أسابيع، وتمنعها الميليشيات من العبور بدون معرفة الأسباب، سوى أنها تعمل على إنعاش السوق السوداء التي يديرها قادتها.
ويؤكد سلوك الجماعة الحوثية ما تضمنه تقرير خبراء مجلس الأمن لعام 2021، حيث أوضح أنها تقف وراء أزمات المشتقات النفطية وإدارة السوق السوداء لمضاعفة أرصدتها المالية.
ووفقاً لهذه المصادر، فإن ميليشيات الحوثي بعد أن أغلقت كل المنافذ التجارية التي تربط مناطق سيطرة الشرعية بالمناطق الخاضعة لسيطرتها أقدمت على منع عبور ناقلات البضائع، من بينها المئات من ناقلات الوقود استوردها تجار عبر محافظة حضرموت ومن محافظة مأرب، وأن أحد قادة الميليشيات قام بإحراق إحدى القاطرات بعد مشادة كلامية مع سائقها الذي استفسر عن أسباب منعهم من العبور، فيما الناس تعاني من انعدام المشتقات النفطية.
وحسب ما قاله سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن شركات بيع الكهرباء رفعت أسعار الاستهلاك بنسبة تصل إلى 40‎ في المائة من قيمتها السابقة، حيث أصبح سعر الكيلو واط من الكهرباء 450 ريالاً بدلاً عن 300، إلى جانب فرض مبلغ 1200 ريال رسوم اشتراك في الخدمة تدفع أيضاً كل شهر، إلى جانب قيام هذه المحطات بقطع الخدمة منتصف كل ليلة بحجة انعدام الديزل (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
كانت الحكومة الشرعية سمحت الأسبوع الماضي بدخول ناقلتي وقود إلى ميناء الحديدة، كما أن الموانئ الخاضعة لسيطرة الشرعية مفتوحة أمام التجار لاستيراد أي كمية من الوقود، حيث اعتمدت شركة النفط مؤخراً 65 شركة تعمل في مجال استيراد وبيع المشتقات النفطية، إلا أن الميليشيات تمنع الناقلات من دخول مناطق سيطرتها، وتلجأ إلى إدخال كميات محدودة وبيعها بأسعار مضاعفة في السوق السوداء.
وأكد أحدث تقرير للجنة الخبراء التابعين لمجلس الأمن أن الحوثيين «يخلقون ندرة مصطنعة للوقود من أجل إجبار التجار على بيعه في السوق السوداء التي يديرونها، وجمع الرسوم غير القانونية المفروضة على المبيعات». وكشف التقرير عن أن 10 آلاف طن متري من البنزين تدخل يومياً إلى المحافظات الخاضعة للميليشيات من محافظة مأرب، ومن عدن ما مثل 65 في المائة من واردات الوقود التي تصل إلى مناطق سيطرة الميليشيات، وهو ما يدل على وجود اتجاه تصاعدي في واردات الوقود إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وكشف التقرير عن تغير كبير في نمط واردات الوقود عبر ميناء الحديدة منذ يونيو (حزيران) 2020، موضحاً أنه قبل ذلك التاريخ كان ميناء الحديدة الميناء الرئيسي لاستيراد الوقود إلى اليمن بواقع 48 في المائة من إجمالي الواردات في البلاد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.