حية أو ميتة.. «شارلي إيبدو» ما زالت تثير الجدل

اعتراضات على منحها جائزة منظمة «القلم» في بريطانيا

كاريكاتير حول المهاجرين الغرقى
كاريكاتير حول المهاجرين الغرقى
TT

حية أو ميتة.. «شارلي إيبدو» ما زالت تثير الجدل

كاريكاتير حول المهاجرين الغرقى
كاريكاتير حول المهاجرين الغرقى

تعيد رسوم كاريكاتيرية نشرتها مجلة «شارلي إيبدو» عن قوارب الموت، السؤال الذي سبق طرحه كثيرًا: «هل يمكن السخرية من كل شيء؟». وتواصل المجلة الفرنسية إشهار سخريتها إزاء كافة الموضوعات منطلقة من مبدأ حرية الرأي والتعبير التي يكفلها القانون. وهي بهذا لا تستثني الأديان والرموز المقدسة والكوارث الإنسانية ومنها غرق آلاف المهاجرين الآسيويين والأفارقة في البحر وهم يحاولون بلوغ سواحل أوروبا هربًا من جحيم الفقر والحروب والتهجير.
نرى في أحد الرسوم مدربًا لرياضة التزلج فوق الأمواج «السيرف»، يقف أمام ساحل تلوح في مياهه جثث طافية، وهو يوصي الرياضيين: «أصدقائي المتزلجين كونوا منطقيين ولا تذهبوا أبعد من حدود المهاجرين». ويأتي هذا الرسم بعد أقل من يوم على إعلان رسام المجلة «لوز» عن توقفه عن رسم النبي محمد، وذلك في مقابلة مع مجلة ثقافية، مبررًا التوقف بأنه أُصيب بالملل ولم يعد مهتمًا بالأمر. وكان «لوز» قد رسم الصورة التي ظهرت على غلاف «شارلي إيبدو» في العدد الشهير الذي صدر مباشرة بعد هجوم متطرفين إسلاميين على مقر المجلة، مطلع العام الحالي، وقتلهم 12 شخصًا بينهم مجموعة من أبرز الرسامين والمحررين.
كان قرار منح المجلة الفرنسية الساخرة جائزة منظمة القلم «بين» الأدبية الأميركية، قبل يومين، قد قوبل باحتجاج علني من خمسة من الروائيين المعروفين عالميًا، بينهم من نال جائزة «بوكر» المرموقة للرواية المكتوبة بالإنجليزية. والمعترضون هم الكندي مايكل أونداجي، والأميركيان فرانسين بروست وتيجو كولي، والأسترالي بيتر كاري. فقد رأى هؤلاء أن «شارلي إيبدو» لا تستحق هذا التكريم وأعلنوا أنهم سيقاطعون حفل منح الجائزة المقرر إقامته في الخامس من الشهر الجاري. وقالت فرانسين بروست، الرئيسة السابقة لمركز «بين» إنها، وإن كانت مع حرية التعبير من دون حدود، وتدين المقتلة التي تعرضت لها المجلة الباريسية، فإن منحها الجائزة يسبغ عليها تقديرًا واحترامًا، وهو أمر لا يمكنها تقبله. ولم يفوت الروائي البريطاني، الهندي الأصل، سلمان رشدي، صاحب «آيات شيطانية»، هذه المناسبة فهاجم المعترضين في تغريدة على «تويتر» وشتمهم واصفًا إياهم بالفاشلين الباحثين عن الشهرة.
«شارلي إيبدو» التي كانت مجلة تحتضر قبل أن يبعث فيها الهجوم المتطرف الروح ويدفعها إلى طباعة أعداد توزع بالملايين، ما زالت تثير الجدل في فرنسا وخارجها. فقد صدر في باريس، الشهر الماضي، كتاب لرسامها الشهير ستيفان شاربونييه المعروف بـ«شارب»، أحد ضحايا حادث الهجوم على المجلة. وجاء الكتاب بعنوان «رسالة مفتوحة إلى المحتالين المعادين للإسلام الذين يخدمون لعبة العنصريين»، وتناول فيه مؤلفه قضية التعامل مع المحاذير الدينية وحدود حرية الرأي، نافيًا أن تكون مجلته معادية للمسلمين بشكل خاص، ومعتبرًا أنه لا هدف لمجلته سوى الفكاهة.
وهاجم المؤلف الذي كان قد انتهى من وضع الكتاب قبل مقتله «الوصاية المقززة للمثقفين البرجوازيين البيض» من أهل اليسار الذين يبحثون عن وجود لهم بجانب من سماهم «الفقراء التعساء من قليلي التعليم». كما انتقد «شارب» فترة حكم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قائلاً إنها «حررت الخطاب العنصري في فرنسا» وذلك من خلال الجدل الذي دعا إليه حول الهوية الوطنية. واتهم مجموعة ساركوزي بأنها «فتحت الباب للحمقى والقذرين» للتعبير عن أحقادهم، الأمر الذي سمح لهم بالتصريح علنًا عن الأفكار التي كانوا يتداولونها في نطاق ضيق لا يتعدى العشاءات العائلية المغرقة في الشراب.
«شارب»، في كتابه الصادر بعد الموت، قال لقارئه إن المشكلة لا تكمن في الكتب المقدسة بل في الذين يقرأونها كما يطالعون التعليمات التي توضح كيفية تجميع قطع أثاث «إيكيا».



زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
TT

زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)

عدَّ الرئيس الأوكراني أنه من الواضح أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بأسره بعد 11 يوماً فقط من الآن، أي 20 يناير (كانون الثاني) الحالي يوم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، قائلاً: «هو الوقت الذي يتعين علينا فيه التعاون بشكل أكبر»، و«الاعتماد على بعضنا بعضاً بشكل أكبر، وتحقيق نتائج أعظم معاً... أرى هذا وقتاً للفرص».

الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك (أ.ب)

وقال فولوديمير زيلينسكي إن النشر المحتمل لقوات الدول الشريكة في أوكرانيا «هو من أفضل الأدوات» لإجبار روسيا على السلام، مطالباً في كلمة خلال اجتماع الخميس في ألمانيا لـ«مجموعة الاتصال» التي تضم أبرز حلفاء كييف في قاعدة رامشتاين العسكرية في ألمانيا: «دعونا نكن أكثر عملية في تحقيق ذلك».

وعدّ زيلينسكي أن انتشار قوات غربية في أوكرانيا سيساعد «في إرغام روسيا على السلام»، ورأى أيضاً أن أوروبا تدخل «فصلاً جديداً» من التعاون وستتاح لها «فرص جديدة» مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في وقت لاحق من هذا الشهر، في حين أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، حزمة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار خلال الاجتماع.

زيلينسكي مع وزير الدفاع الألماني (أ.ب)

ولم يحدد زيلينسكي ما إذا كان يتحدث عن إرسال الغرب قوات قتالية أو قوات حفظ سلام جزءاً من أي تسوية لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات.

ومنذ أسابيع، تكثر التكهنات حول شروط مفاوضات سلام في المستقبل، إذ إن دونالد ترمب وعد بوضع حد للحرب «في غضون 24 ساعة» من دون أن يحدد كيفية القيام بذلك. إلا أن الرئيس الأميركي المنتخب عاد وعدل من توقعاته لإنهاء الحرب قائلاً إنه يأمل أن يتم ذلك خلال ستة أشهر من تنصيبه رئيسا في 20 يناير الحالي.

وفي ظل هذه الأوضاع، تكبَّدت أوكرانيا ضربة جديدة، الاثنين، مع تصريحات صادرة عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا الأوكرانيين «إلى مناقشات واقعية حول المسائل المتعلقة بالأراضي» لإيجاد تسوية للنزاع، محذراً من عدم وجود «حل سريع وسهل». حتى بولندا الداعم الكبير لكييف، فتحت الباب على لسان وزير خارجيتها أمام احتمال حصول تنازلات عن أراضٍ «بمبادرة من أوكرانيا».

وتطالب موسكو أن تتخلى كييف عن أربع مناطق تسيطر عليها روسيا جزئياً. فضلاً عن القرم التي ضمتها في 2014، وأن تعزف عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وهي شروط يعدّها زيلينسكي غير مقبولة.

وما زالت تسيطر روسيا على نحو 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية حتى الآن في حين سرعت تقدمها في شرقها في الأشهر الأخيرة.

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، حزمة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا. وأوضح أوستن أن الحزمة تتضمن «صواريخ إضافية لسلاح الجو الأوكراني ومزيداً من الذخائر، وذخائر أرض - جو وعتاداً آخر لدعم طائرات (إف - 16) الأوكرانية». وشدد على أن «القتال في أوكرانيا يعنينا جميعاً».

فولوديمير زيلينسكي مع لويد أوستن (أ.ب)

في ظل إدارة جو بايدن، شكلت الولايات المتحدة الداعم الأكبر لكييف في تصديها للغزو الروسي موفرة مساعدة عسكرية تزيد قيمتها عن 65 مليار دولار منذ فبراير (شباط) 2022. وتلي واشنطن في هذا المجال، ألمانيا الداعم الثاني لكييف مع 28 مليار يورو. لكن ذلك، لم يكن كافياً لكي تحسم أوكرانيا الوضع الميداني بل هي تواجه صعوبة في صد الجيش الروسي الأكثر عدداً، لا سيما في الجزء الشرقي من البلاد.

وأكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الخميس، أن الاتحاد الأوروبي «مستعد» لقيادة جهود الدعم العسكري لأوكرانيا «في حال لا تريد الولايات المتحدة القيام بذلك». وشددت كالاس كذلك قبل اجتماع المجموعة على أنها «على ثقة» بأن واشنطن «ستواصل دعمها لأوكرانيا». وأضافت: «مهما كانت هوية رئيس الولايات المتحدة ليس من مصلحة أميركا أن تكون روسيا القوة العظمى الأكبر في العالم». وتابعت كالاس: «الاتحاد الأوروبي مستعد أيضاً لتولي هذه القيادة إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة للقيام بذلك».

وفي حديثها للصحافيين، كما نقلت عنها وكالات عدّة، قالت إنه في هذه المرحلة «لا ينبغي لنا حقاً التكهن» بشأن الدعم الأميركي المستقبلي، لافتة إلى أن الولايات المتحدة لديها مصالح كبيرة في أوروبا. وأصرت كالاس: «أنا متأكدة من أنه (عندما) تتولى القيادة منصبها، فإنها تستطيع أيضاً رؤية الصورة الأكبر».

كما استغل زيلينسكي اللقاء «لحث» حلفاء أوكرانيا على مساعدة كييف في بناء «ترسانة من الطائرات المسيّرة» لاستخدامها ضد القوات الروسية على الخطوط الأمامية وخارجها. وشدد على أن «الطائرات المسيّرة هي أمر غير بالفعل طبيعة الحرب (...) المسيّرات تردع العدو، تبقيه على مسافة».

جاءت هذا التصريحات بعد إعلان الجيش الأوكراني الأربعاء أنه ضرب ليلاً مخزن وقود في روسيا يقع على بعد 500 كيلومتر من الحدود بين البلدين، قال إن سلاح الجو يستخدمه لقصف أوكرانيا.

كما وصف زيلينسكي هجوم قواته على منطقة كورسك الغربية في روسيا بأنه أحد «أكبر انتصارات أوكرانيا، ليس فقط في العام الماضي، لكن طوال الحرب».

وأعلنت موسكو نهاية الأسبوع أنها صدت هجوماً أوكرانياً جديداً في منطقة كورسك الروسية الحدودية، حيث تسيطر القوات الأوكرانية على مئات الكيلومترات المربّعة منذ الهجوم الذي شنّته في أغسطس (آب) 2024. ولم يعلق زيلينسكي على ذلك.

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الخميس، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت 46 من أصل 70 طائرة مسيَّرة معادية أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية الليلة الماضية.

أعلن إيفان فيديروف، حاكم مدينة زابوريجيا الأوكرانية، الخميس، أن 113 شخصاً على الأقل أصيبوا في هجوم روسي بالقنابل الانزلاقية على المدينة الواقعة بجنوب أوكرانيا. وأضاف فيديروف عبر تطبيق «تلغرام» أن 59 شخصاً يعالَجون في المستشفى بعد الهجوم الذي وقع عصر الأربعاء، وخلف 13 قتيلاً.

وبحسب السلطات الأوكرانية، نفذ الهجوم باستخدام قنبلتين تزنان 500 كيلوغرام واستهدف موقعاً صناعياً. وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو دماراً عند مصنع «موتور سيش» لمحركات الطائرات الذي ينتج أيضا مسيَّرات للجيش الأوكراني.

وقالت السلطات إن أضراراً لحقت بأربعة مبانٍ إدارية ونحو 30 سيارة إلى جانب ترام. وتقع المدينة على مسافة 30 كيلومتراً فقط من خط الجبهة بين القوات الروسية والأوكرانية.

وتسقط المقاتلات الروسية القنابل الانزلاقية على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا على مسافة آمنة من الدفاعات الجوية الأوكرانية ثم يتم توجيهها لهدفها. والأهداف ليس لديها تقريباً أي دفاع ضدها.