الفلسطينيون يطالبون «اليونيسكو» بوقف تهويد الخليل

في الذكرى السنوية لمجزرة 1994

فلسطينية في مواجهة عناصر من الأمن الإسرائيلي خلال مواجهات لإحياء ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994 في الخليل بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطينية في مواجهة عناصر من الأمن الإسرائيلي خلال مواجهات لإحياء ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994 في الخليل بالضفة (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يطالبون «اليونيسكو» بوقف تهويد الخليل

فلسطينية في مواجهة عناصر من الأمن الإسرائيلي خلال مواجهات لإحياء ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994 في الخليل بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطينية في مواجهة عناصر من الأمن الإسرائيلي خلال مواجهات لإحياء ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994 في الخليل بالضفة (أ.ف.ب)

خصص الفلسطينيون مسيراتهم الشعبية السلمية الأسبوعية، أمس (الجمعة)، للذكرى السنوية الـ28 لمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، مطالبين بوقف الاستيطان القسري في محيطه ووقف عملية تهويده.
وطالبت وزارة الخارجية والمغتربين، المنظمات الأممية المختصة وفي مقدمتها «اليونيسكو» بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية ليس فقط في الضغط على دولة الاحتلال لوقف عدوانها على الحرم الإبراهيمي الشريف والبلدة القديمة في الخليل، وإنما أيضاً لتوفير الحماية الدولية لها، كما طالبت الجهات الدولية المختصة بفرض عقوبات رادعة على دولة الاحتلال. وقالت إن «الحرم لا يزال يتعرض لأبشع أشكال العدوان والتهويد من دولة الاحتلال ومنظمات وجمعيات المستوطنين بهدف السيطرة عليه بالكامل، كجزء لا يتجزأ من عمليات تهويد البلدة القديمة في الخليل وتهجير وطرد المواطنين الفلسطينيين منها. وآخر إجراءات وتدابير الاحتلال التهويدية للحرم الإبراهيمي الشريف هي الحفريات المتواصلة بالقرب منه وتحته وبطريقة تتكتم عليها سلطات الاحتلال، حيث تقوم بإدخال آليات صغيرة للحفر وتتم تغطية عملياتها بعيداً عن الإعلام والكاميرات، كما يتم نقل عدد كبير من الحجارة من المكان إلى أماكن أخرى بسرّية تامة، دون أن تفصح سلطات الاحتلال عن طبيعة ما تقوم به من حفريات. هذا بالإضافة لعمليات إنشاء المصعد الكهربائي ونصب الخيام الاستيطانية في باحاته والسيطرة عليها والاستيلاء على مساحات واسعة من البلدة القديمة في الخليل ومحلاتها وأماكنها التاريخية التراثية، بهدف استكمال عمليات فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة».
وكان مئات الفلسطينيين قد انطلقوا، أمس، بمسيرة مركزية في الخليل، دعت إليها حركة «فتح»، والقوى الوطنية بعنوان «لننتصر للحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة». وبدأوا المسار من مسجد علي بكاء، باتجاه الحرم الإبراهيمي، ومناطق التماس وباب الزاوية وسط الخليل. ورفع المشاركون صور الشهداء والجرحى، والأعلام الفلسطينية، ولافتات تندد بجرائم الاحتلال، وأخرى تؤكد إسلامية الحرم الإبراهيمي الشريف.
وأجمعت الكلمات التي ألقاها المتحدثون خلال المسيرة، على ضرورة حماية الحرام الإبراهيمي من التهويد ومحاولات الاحتلال الاستيلاء عليه، من خلال الوجود الدائم والرباط فيه، مشددةً على دور المواطنين في الحفاظ على الموروث الديني والثقافي لمدينة الخليل، وضرورة ودعم صمود أهالي البلدة القديمة.
وبانتهاء المسيرة اعتدت قوات الاحتلال عليها، فأُصيب عشرات المواطنين بالاختناق، وأُصيب مصور «تلفزيون فلسطين» إياد الهشلمون، برضوض، خلال اعتداء الاحتلال عليه ودفعه، ومنعه من التصوير.
وكانت مدن الضفة الغربية قد شهدت أمس أيضاً مسيرات شعبية سلمية. وفي جنين أُصيب شاب، برصاص الاحتلال الحي، قرب حاجز الجلمة العسكري شمال شرقي جنين. وأُصيب 3 مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، واعتُقل شاب، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، في قرية كفر قدوم شرق قلقيلية.
وفي منطقة القدس، منعت شرطة الاحتلال حافلات قادمة من داخل أراضي عام 1948 لأداء الصلاة في بلدة لفتا المهجّرة، على المدخل الغربي لمدينة القدس المحتلة، واعتقلت شاباً. وشهد مسجد لفتا في الآونة الأخيرة، اقتحامات متكررة للمستوطنين الذين يقيمون حفلات صاخبة داخله، ما دفع بالأهالي لتنظيف المكان وإعادة القدسية إليه وإقامة الصلاة فيه، وحمايته من التهويد. ويقع مسجد لفتا في منتصف القرية، وهو عبارة عن غرفتين مساحة كل منهما نحو 60 متراً مربعاً، وله محراب، وإلى جانبه مصلى الشيخ سيف الدين، على اسم الأمير سيف الدين عيسى بن حسين بن قاسم الهكاري، من أمراء جند القائد صلاح الدين.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.