البريطانيون يميلون للتشاؤم حول المستقبل

الفيضانات المفاجئة تهدد ثلثي الأعمال في لندن

البريطانيون يميلون للتشاؤم حول المستقبل
TT

البريطانيون يميلون للتشاؤم حول المستقبل

البريطانيون يميلون للتشاؤم حول المستقبل

تراجعت ثقة المستهلك في بريطانيا في فبراير (شباط) الجاري إلى أدنى معدلاتها منذ إعلان القيود الرامية للسيطرة على جائحة «كورونا» للمرة الأولى في مارس (آذار) 2020 وسط مخاوف بشأن أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتراجع مؤشر «جي إف كيه» لقياس ثقة المستهلك، الذي يراقبه البنك المركزي البريطاني ووزارة الخزانة عن كثب، سبع نقاط في فبراير ليصل إلى سالب 26 نقطة. وتراجع مؤشر ثقة المستهلك حيال الماليات الخاصة خلال العام المقبل إلى أدنى معدلاته منذ أبريل (نيسان) 2020.
ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن جوي ستاتون، مدير استراتيجيات العملاء في مؤسسة «جي إف كيه»، قوله إن «هذه النتائج تعكس قلقا واضحا، حيث يشعر كثير من المستهلكين بالقلق حيال ضبط ميزانياتهم الشخصية بحلول نهاية الشهر دون الحاجة للاستدانة». وأضاف «يبدو أن الأنباء السارة بشأن تخفيف أو رفع قيود (كورونا) في مختلف أنحاء بريطانيا، لم تؤثر كثيرا في رفع الحالة المزاجية العامة». ومن جهة أخرى، كشفت دراسة أجريت في سويسرا، أن أكثر من 126 ألف مبنى تجاري في العاصمة البريطانية لندن مهددة بخطر الفيضانات المفاجئة، في الوقت الذي تزيد فيه ظاهرة تغير المناخ من خطورة هذا التهديد.
وخلصت مجموعة زيوريخ للتأمين إلى هذه النتيجة، بعد دراسة شملت جميع العقارات التجارية ومتعددة الأغراض في بريطانيا بشأن مدى خطورة تعرض هذه المنشآت للأمطار الغزيرة. وتوصلت الدراسة، التي أوردتها وكالة بلومبرغ للأنباء، إلى أن قرابة نصف الطوابق السفلية التي تستخدمها الشركات التجارية مهددة بخطر الفيضانات. وتقع الفيضانات عندما تغمر الأمطار الغزيرة شبكات الصرف الصحي، فيما أكدت الدراسة أن المدن تكون أكثر عُرضة لهذا الخطر من المناطق الريفية؛ لأنها عادة ما تكون مشيدة من مواد خرسانية لا تمتص المياه، كما أن الأعداد الكبيرة من السكان يزيدون من الضغوط على شبكات الصرف.
وأكدت الدراسة أنه من المتوقع أن تتزايد مخاطر الفيضانات بسبب تغير المناخ، حيث ذكرت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية أنه في ظل سيناريو ارتفاع معدل الانبعاثات، فسوف ترتفع الحرارة بواقع ثلاث درجات مئوية بحلول عام 2070، وهو ما يعني أن لندن سوف تواجه مزيدا من الأيام التي تهطل فيها الأمطار بمنسوب يبلغ 30 ملليمترا في الساعة بواقع مثلين ونصف.
يُذكر أن هطول الأمطار بمنسوب 30 ملليمترا في الساعة هو المعدل الذي يستوجب تحذيرات من حدوث فيضانات مفاجئة. ونقلت بلومبرغ عن ديفيد نيكولز المسؤول عن مطالب التعويضات الخاصة بالعاصمة البريطانية بشركة التأمين السويسرية، قوله إن «الفيضانات المفاجئة تعتبر من أخطر التهديدات المناخية التي تواجه العاصمة»، مضيفا أن «العواصف المطيرة المتكررة والأكثر حدة يمكن أن تثير اضطرابات كبيرة بالنسبة لسكان لندن وللشركات ولاقتصاد المدينة». لكن في مقابل الأنباء المتشائمة، توقعت شركة «آي إيه جي» المالكة للخطوط الجوية البريطانية، أن تعود شركة الطيران البريطانية للربحية خلال الربع الثاني من العام الجاري مع انتعاش حركة السفر في أوروبا وعبر الأطلسي.
وذكرت الشركة الأم، التي تمتلك أيضا شركة الطيران الإسبانية «إيبريا» والآيرلندية «إير لينغوس»، في بيان أوردته وكالة بلومبرغ للأنباء يوم الجمعة، أنها تتوقع تكبد خسارة «ملموسة» خلال الربع الحالي، بسبب تأثير جائحة المتحور أوميكرون على حجوزات الطيران على المدى القصير.
وأعلنت الشركة تسجيل خسائر تشغيلية معدلة بقيمة 2.97 مليار يورو (3.3 مليار دولار) خلال العام الماضي بأكمله، فيما كان الخبراء يتوقعون أن تصل خسائر الشركة إلى 3.06 مليار دولار. وتتوقع الشركة أن تحقق الخطوط الجوية البريطانية أرباحا خلال 2022، مع افتراض عدم حدوث أزمات أخرى جراء جائحة «كورونا» أو الهجوم الروسي على أوكرانيا. ونقلت بلومبرغ عن لويس غاليغو الرئيس التنفيذي بالشركة، قوله إن «حجم الطلب تراجع لجميع الرحلات القصيرة في أعقاب تفشي المتحور أوميكرون في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي»، غير أنه استطرد قائلا إن «الحجوزات ظلت قوية بالنسبة لعطلة عيد الفصح وصيف 2022، بعد أن تعافت في عطلة العام الجديد».



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.