الأزمة الأوكرانية تعمق مخاوف الكونغرس من «اتفاق» في فيينا

المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي يتحدث لمبعوث الاتحاد الأوروبي ومنسق محادثات إحياء الاتفاق النووي إنريكي مورا في فيينا يونيو (حزيران) الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي يتحدث لمبعوث الاتحاد الأوروبي ومنسق محادثات إحياء الاتفاق النووي إنريكي مورا في فيينا يونيو (حزيران) الماضي (إ.ب.أ)
TT

الأزمة الأوكرانية تعمق مخاوف الكونغرس من «اتفاق» في فيينا

المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي يتحدث لمبعوث الاتحاد الأوروبي ومنسق محادثات إحياء الاتفاق النووي إنريكي مورا في فيينا يونيو (حزيران) الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي يتحدث لمبعوث الاتحاد الأوروبي ومنسق محادثات إحياء الاتفاق النووي إنريكي مورا في فيينا يونيو (حزيران) الماضي (إ.ب.أ)

في السادس عشر من فبراير (شباط)، كتب نحو 200 نائب جمهوري رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يحثونه فيها على طرح أي اتفاق نووي يتوصل إليه مع إيران للتصويت أمام الكونغرس.
وقال النواب في الرسالة: «سوف نحقق بأي روابط بين المفاوضات في فيينا بشأن برنامج إيران النووي، حيث نعتمد على روسيا كوسيط، والمفاوضات مع روسيا بشأن غزوها لأوكرانيا»، وتابعوا: «إذا كان اعتمادك على الروس لإعادة إحياء الاتفاق النووي أضعف من موقفنا الرادع معهم في مناطق أخرى في العالم، على الشعب الأميركي أن يعلم».
وحملت هذه الرسالة الرابط الأول بين ملفي أوكرانيا وإيران، والعامل المشترك بينهما، يعود إلى روسيا، في ظل تشكيك الكثيرين في الكونغرس برفض الإدارة فرض أي عقوبات على روسيا قبل غزوها لأوكرانيا وربطه بقلقها على تأثر الدور الروسي في مفاوضات فيينا.
وأعرب مصدر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط» عن قلق متزايد من قبل المعارضين للعودة إلى الاتفاق من «استغلال إدارة بايدن لانشغال الكونغرس بالأزمة الأوكرانية للتوصل إلى اتفاق مع طهران»، في وقت تذمر فيه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور بوب مننديز من أن الأزمة الأوكرانية «شتت انتباه زملائه» عن الملف الإيراني.
وترددت أصداء قلق المشرعين على لسان السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام خلال زيارة له إلى إسرائيل الأسبوع الماضي، حيث قال: «حصول الإيرانيين على سلاح نووي لديه تبعات أكثر من الصراع الأوكراني الروسي. طبعاً روسيا وأوكرانيا لديهما أهمية كبيرة لكن حصول إيران على مقدرة نووية سوف تغير من كل قواعد اللعبة».
وفيما حاول البيت الأبيض دحض اتهامات المشرعين له بالليونة مع روسيا عبر تصعيد مواقفه تجاه الكرملين، فإنه وقع بالمقابل في ورطة أخرى في ملف التفاوض مع إيران، فالجانب الروسي الذي اعتاد على فصل الملفات المتنازع عليها دولياً عن جهود إعادة إحياء الاتفاق النووي، قد لا يتمكن هذه المرة من تخطي التوتر بين أطراف التفاوض، الأمر الذي ستستغله إيران لمصلحتها، بحسب المدير السياسي لمنظمة «متحدون ضد إيران نووية» جايسون برودسكي.
وقال برودسكي لـ«الشرق الأوسط» إن «غزو أوكرانيا سيخلق انشقاقات في فيينا، فبوجود المبعوث الروسي هناك أعتقد أن أوكرانيا من شأنها أن تعقد من الديناميكية الداخلية بين الأوروبيين والولايات المتحدة وروسيا في مفاوضات فيينا».
بالإضافة إلى الدور الروسي، يرجح بعض الخبراء بأن تستغل طهران أزمة الطاقة التي ستنجم عن الأزمة مع روسيا لصالحها في المرحلة الأخيرة من المفاوضات.
فروسيا تنتج نحو 10 ملايين برميل نفط يومياً، وفي ظل التوتر مع الكرملين، أظهرت الأرقام في الـ18 من الشهر الجاري ارتباكاً في الأسواق العالمية قابله تفاعل إيجابي مع أنباء حصول تقدم في محادثات فيينا، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
ونقلت الصحيفة عن ريتشارد برونز رئيس قسم الجغرافية السياسية في شركة الأبحاث «انيرجي اسبكتس»، الذي قال إن الأسواق «متأرجحة ما بين التصعيد بين روسيا وأوكرانيا وما يبدو أنه احتمال متزايد للتوصل إلى اتفاق في المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن». مشيراً إلى أن إيران لديها قرابة الـ80 مليون برميل نفط في مخزونها وبعض ناقلاتها تقبع في أسواق آسيا جاهزة للبيع. كما أن طهران تستطيع زيادة الإنتاج المحلي ليصل إلى 1.2 مليون برميل في غضون 8 أشهر ما سيضخ مخزوناً جديداً للأسواق.
ويتفق برودسكي مع هذا التقييم، قائلاً إن «إيران قد ترى أن لديها الآن المزيد من النفوذ بسبب الأزمة الأوكرانية وتأثيرها على أسواق الطاقة. كما أن هناك توتراً متزايداً بين موسكو والأوروبيين في فيينا بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا ووزير الدفاع الروسي وغيره من مسؤولين». وأضاف: «إيران تستطيع استغلال هذه الانشقاقات في مسار التفاوض للحصول على بعض مطالبها».
وأشار برودسكي إلى عامل آخر مشترك بين روسيا وإيران، فالعقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على الكرملين طالت ناقلتي نفط إيراني، وهما (ليندا) و(بيغاس)، وبحسب منظمته التي تتعقب حركة الناقلات الإيرانية، فإن ليندا التي تحمل نفطاً إيرانياً هي في طريقها إلى ماليزيا فيما أن بيغاس راسية في تركيا. وقال برودسكي: «لطالما قالت الإدارة إنها لم ترفع العقوبات عن طهران، لكن هذا دليل أنها لم تطبق هذه العقوبات. وأمور من هذا النوع هي التي أدت إلى تباطؤ إيران في المفاوضات في وقت يتقدم بها برنامجها النووي. هي تحاول أن تحصل على المزيد من التنازلات».



كاتب إسرائيلي يقترح دعوة الجولاني للصلاة في الأقصى

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

كاتب إسرائيلي يقترح دعوة الجولاني للصلاة في الأقصى

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

في الوقت الذي يُجمع السياسيون الإسرائيليون على الشكوك إزاء سياسة القادة الجدد لسوريا ما بعد بشار الأسد، ويُحذِّرون من سيطرة الفكر المتطرف ويساندون العمليات الحربية التي قام بها الجيش الإسرائيلي لتحطيم الجيش السوري، ويعدّونها «خطوة دفاعية ضرورية لمواجهة هذه الاحتمالات والأخطار»، بادر الكاتب والمؤرخ آفي شيلون إلى طرح مبادرة على الحكومة الإسرائيلية أن توجِّه دعوة إلى قائد الحكم الجديد في دمشق، أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) إلى زيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى.

وقال د. شيلون، وهو مؤلف عدة كتب في السيرة الذاتية لقادة إسرائيليين ومُحاضر في جامعات أميركية وإسرائيلية، إن «سقوط سوريا، إلى جانب وقف النار المحفوظ تجاه (حزب الله) المهزوم في الشمال، والشائعات عن صفقة -وإن كانت جزئية- لتحرير المخطوفين في غزة، يضع إسرائيل، لأول مرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) في موقف تفوق استراتيجي. فإذا كان يبدو في بداية الحرب أن الحديث يدور تقريباً عن حرب الأيام الستة للعرب وأن إسرائيل فقدت من قوتها بعد أن هوجمت من الشمال والجنوب والشرق... يبدو الآن أن الجرة انقلبت رأساً على عقب. السؤال الآن هو: ما العمل في ضوء التفوق الاستراتيجي؟

مستوطنون يقتحمون «الأقصى» (أرشيفية - وفا)

وأضاف شيلون، في صحيفة «هآرتس»، الخميس: «لقد سبق لإسرائيل أن وقفت أمام تفوق مشابه، وفي حينه أيضاً لم يُستغَل كما ينبغي. في 2011 بدأ الربيع العربي الذي أدى إلى انهيار دول عربية، فيما وجدت إسرائيل نفسها جزيرة استقرار وقوة في منطقة عاصفة. (حزب الله) أخذ يغرق في حينه في الحرب الأهلية في سوريا لكن بدلاً من استغلال الوضع ومهاجمته فضَّلت إسرائيل الانتظار حتى تعاظمت قوته وفي النهاية هاجمنا. الربيع العربي جلب أيضاً فرصاً سياسية. لكن بدلاً من الدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين فيما نحن في موقف تفوق والعالم العربي في ضعفه، اختار نتنياهو التباهي في تلك السنين بما سمّاه (العصر الذهبي) لإسرائيل، واتهم معارضيه بأنهم (محللون). المسألة الفلسطينية دُحرت بالفعل في حينه إلى الزاوية إلى أن تفجرت علينا بوحشية في 7 أكتوبر. هكذا حصل بحيث إنه باستثناء (اتفاقات إبراهام)، التي هي الأخرى تحققت بقدر كبير بفضل إدارة ترمب السابقة، إسرائيل لم تستغل الربيع العربي لصالح مستقبلها».

ومن هنا استنتج الكاتب أن على إسرائيل أن تستغل هذه المرة ضعف المحور الإيراني والتطلع إلى صفقة كاملة في غزة تعيد كل المخطوفين مقابل إنهاء الحرب، بالتوازي مع تغيير حكم «حماس»، المنهار على أي حال، إلى سلطة فلسطينية خاضعة للرقابة، إلى جانب وجود دول عربية هناك. بالتوازي ينبغي التوجه إلى الفلسطينيين بعرض لاستئناف محادثات السلام. نعم، الآن بالتحديد، حين يكون واضحاً للفلسطينيين أيضاً أن «حماس» فشلت وأعداء إسرائيل في ضعفهم، من المجدي مرة أخرى تحريك المسيرة السياسية. كما أن الأمر سيساعد على تحسين صورتنا في العالم. ويمكن التفكير أيضاً في مبادرة جريئة تجاه سوريا الجديدة، فمنذ الآن الإيرانيون والروس والأتراك والأميركيون يحاولون تحقيق نفوذ على الحكم، فلماذا إذن لا نفاجأ نحن بدعوة الجولاني لزيارة القدس، بما في ذلك الصلاة في الأقصى، مثل زيارة أنور السادات في 1977؟ فإذا كان هذا يبدو شيئاً من الخيال، فإنه يمكنه أيضاً أن يكون مبادرة حتى أهم من زيارة السادات، وذلك لأنه إذا ما استجاب الجولاني للدعوة فإنها يمكنها ان تشكل مصالحة مع العالم الإسلامي وليس فقط مع دولة سوريا.