رقعة مسيرات «بالتيمور» تتسع في مدن أميركية للاحتجاج على عنف الشرطة

حظر التجول يجلب هدوءًا حذرًا بعد الصدامات

رقعة مسيرات «بالتيمور» تتسع في مدن أميركية للاحتجاج على عنف الشرطة
TT

رقعة مسيرات «بالتيمور» تتسع في مدن أميركية للاحتجاج على عنف الشرطة

رقعة مسيرات «بالتيمور» تتسع في مدن أميركية للاحتجاج على عنف الشرطة

نزل الآلاف في شوارع بالتيمور ونيويورك وعدد من المدن الأخرى في شرق الولايات المتحدة مساء أول من أمس، للتظاهر سلميا مطالبين بإنزال العدالة ومنددين بأعمال العنف التي ترتكبها الشرطة إثر مقتل الشاب الأسود فريدي غراي أثناء اعتقاله. وفي آخر موجة مظاهرات تشهدها أجزاء من الولايات المتحدة، يكرر المتظاهرون نداء «أرواح السود مهمة» تكرارا لشعارات رفعت العام الماضي في مدينة فيرغسون التي شهدت مظاهرات واسعة رفضا لعنف بعض عناصر الشرطة.
وأوضح بيان لشرطة بالتيمور أن المتظاهرين ساروا: «من دون صدامات ولا حوادث هامة» مشيرة رغم ذلك إلى اعتقال 18 مواطنا، وقال قائد الشرطة أنتوني باتس خلال مؤتمر صحافي بأنه تم اعتقال: «16 بالغا خلال النهار» إضافة إلى توقيف «قاصرين اثنين».
وعند بدء حظر التجول المفروض على المدينة اعتبارا من الساعة 22:00 في التوقيت المحلي وحتى الساعة 5:00 صباحا، لم يكن هناك سوى بضع عشرات الأشخاص يتظاهرون في وسط بالتيمور.
وهتف المتظاهرون وبينهم طلاب وتلاميذ «لا عدالة لا سلام» مرددين «أرسلوا الشرطيين القتلة إلى السجن، النظام الفاسد برمته مذنب»، ورفعت لافتات كتب عليها «الشرطيون القتلة يستحقون السجن».
وتجمع مئات المتظاهرين في نيويورك للمطالبة بالعدالة بعد مقتل فريدي غراي الذي يبلغ 25 عاما، في ظروف لم تتضح بعد أثناء اعتقاله لدى الشرطة. وألقت شرطة مدينة نيويورك القبض على أكثر من 60 شخصا بعد أن احتشد أكثر من ألف متظاهر في ميدان «يونيون سكوير» وحاول بعضهم عبور حواجز لإغلاق نفق هولاند.
وحدثت أيضا احتجاجات أصغر حجما في بوسطن وهيوستون وفيرغسون والعاصمة الأميركية واشنطن وسياتل ودنفر حيث ألقي القبض على عدد قليل من المتظاهرين.
وفي بالتيمور بولاية ماريلاند انتشر ثلاثة آلاف من الشرطة والحرس الوطني لفرض حظر تجول ليلي من العاشرة مساء إلى الخامسة صباحا بينما وصلت مسيرة سلمية تضم ألوف المحتجين إلى قاعة البلدية. وجاءت المسيرة في ختام يوم من الهدوء في المدينة التي شهدت يوم الاثنين الماضي أسوأ أحداث شغب في عقود.
وقالت المتظاهرة نتاشا دودج في نيويورك لوكالة «رويترز»: «أتفهم إحباطهم. المقهورون يشعرون أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة. وعندما تزيد الضغوط في نهاية الأمر يتفجر الوضع ولا يمكن حقيقة السيطرة عليه».
ويسعى المحتجون في بالتيمور إلى إجابات بشأن ما حدث لفريدي غراي الذي توفي بعد أن تعرض لإصابة في العمود الفقري وهو رهن احتجاز الشرطة. وقال حاكم ولاية ماريلاند لاري هوجان لوكالة «رويترز» بأن «المحتجين يجب عليهم احترام حظر التجول الليلي وأن جنود الحرس الوطني لن يتسامحوا مع أي أعمال نهب أو شغب».
وفي ذروة أحداث الشغب عقب تشييع فراي يوم الاثنين الماضي أحرق المحتجون في بالتيمور 19 مبنى وعشرات السيارات ورشقوا الشرطة بالحجارة والطوب مما أدى إلى إصابة 20 شرطيا بجروح.
والمسيرات هي الأحدث في سلسلة احتجاجات على ممارسات للشرطة للاستهداف على أساس عرقي واستخدامها قوة مميتة والتي أثارتها وفاة شبان سود غير مسلحين برصاص الشرطة في كليفلاند وفيرغسون بولاية ميسوري ونيويورك ومدن أميركية أخرى. وتجري وزارة العدل الأميركية تحقيقا منفصلا في انتهاكات محتملة للحقوق المدنية في وفاة غراي. ومع قيام الشرطة والحرس الوطني بدوريات في شوارع المدينة أول من أمس أُعيد فتح المداس واستأنفت المتاجر نشاطها.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.