الحكومة العراقية تدافع عن ورقتها البيضاء قبل أيام من استدعاء وزير المالية إلى البرلمان

الكاظمي أشرف بنفسه على عملية الإصلاح الاقتصادي

TT

الحكومة العراقية تدافع عن ورقتها البيضاء قبل أيام من استدعاء وزير المالية إلى البرلمان

دافعت الحكومة العراقية المنتهية ولايتها، برئاسة مصطفى الكاظمي، عن الورقة الإصلاحية التي سُميت «الورقة البيضاء»، الخاصة بالقطاع الاقتصادي، والتي سبق لها أن قدمتها للكتل السياسية والبرلمان عند تشكيل الحكومة قبل عامين. وزير المالية علي عبد الأمير علاوي في بيان له، أمس (الخميس)، رأى أن «خطة الورقة البيضاء ومشاريعها تمثل الركيزة الأساسية للإصلاح الاقتصادي في العراق». وأضاف البيان أن «علاوي نائب رئيس اللجنة العليا للإصلاح الاقتصادي في العراق ترأس اجتماعاً ضم وكلاء الوزارات المختلفة المكلفة المسؤولة عن مشاريع الورقة البيضاء، إضافة إلى فريق خلية الإصلاح المكلف بمتابعة تنفيذ تلك المشاريع».
وأشار علاوي طبقاً للبيان إلى أن «خطة الورقة البيضاء ومشاريعها تمثل الركيزة الأساسية للإصلاح الاقتصادي في العراق، إذ إنها رغم كونها تستهدف الأداء الحكومي، فإن تأثيراتها تمتد لتشمل كل الاقتصاد»، مؤكداً أن «الورقة البيضاء هي رؤية قدمتها الحكومة الحالية وشرعت في تطبيقها، وهي تمثل خارطة طريق لتنفيذ الإصلاح للحكومات المقبلة لما لهذه المشاريع من طبيعة اقتصادية مهنية بحتة، ولا بد من توفر الإرادة الواضحة لتنفيذها». كما دعا إلى «ضرورة التحلي بالمرونة المهنية الكافية لإنجاز تلك المشاريع بالتنسيق بين الوزارات المختلفة المشتركة في التنفيذ».
وشهد الاجتماع بحسب البيان «الاطلاع على البرنامج الإلكتروني الخاص بقياس وتقييم وتقدم الأداء لمستويات تنفيذ المشاريع المختلفة، بعد ستة أشهر على انطلاق التنفيذ، حيث تمت مناقشة الدعم الدولي المقدم للعراق لتنفيذ تلك المشاريع وضرورة التنسيق بين الوزارات المختلفة وخلية الإصلاح والأطراف الدولية المقدمة لذلك الدعم».
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أطلق، منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، عملية تنفيذ الورقة البيضاء، وأشرف على متابعتها وتنفيذها». وكانت الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي جزء من البرنامج الحكومي الذي قدمه الكاظمي للقوى السياسية ومن ثم حظي بموافقة البرلمان. وأعلن الكاظمي في حينها: «نطمح وبقوة إلى إعادة اقتصاد البلد لقوته بعد أن وصل به الحال إلى مستويات متدنية جداً نتيجة الفساد المستشري»، مبيناً أنه «من شأن هذه الخطة إعادة بناء الاقتصاد العراقي بنحو سليم يحقق التنمية المستدامة للبلاد».
يُشار إلى أن وزير المالية علي علاوي رفض، الأسبوع الماضي، دعوة له لحضور جلسة للجنة خاصة في البرلمان، برئاسة النائب الأول حاكم الزاملي، وعدّ ذلك في رسالة شديدة إلى رئيس الوزراء بأنه تدخل مرفوض في شؤون الحكومة. وفيما بين علاوي أنه مستعد لطرح الثقة عنه داخل جلسة رسمية كاملة النصاب من أعضاء البرلمان، وبدعوة موقعة من النواب، فإنه أكد أنه لن يحضر الجلسة التي دعا إليها الزاملي لمناقشة قضية سعر صرف الدولار.
وبالفعل، عقدت اللجنة الخاصة اجتماعاً حضره محافظة البنك المركزي العراقي مصطفى غالب وعدد من المسؤولين، بغياب وزير المالية. وفي هذا السياق، وجهت رئاسة البرلمان دعوة رسمية إلى الوزير علاوي موقعة من نحو 100 نائب إلى قبة البرلمان، الأسبوع المقبل، للدفاع عن وجهة نظره في مسألة ارتفاع سعر صرف الدولار والورقة البيضاء. ويرى علاوي وعدد كبير من خبراء الاقتصاد العراقي أن رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي كان ولا يزال إجراء اقتصادياً سليماً عزز من رصيد العملية الأجنبية في البلد، وأوقف انهياراً وشيكاً في الاقتصاد كان يمكن أن ينسحب على عدم قدرة الحكومة على تأمين الرواتب. لكن الكتل السياسية المناوئة للكاظمي رأت في المعاناة التي ترتبت على رفع سعر الدولار على الطبقات الفقيرة ذريعة لمهاجمة الكاظمي، في حين كانت حكومة الكاظمي خصصت مبلغاً مالياً تعويضياً للشرائح الفقيرة ضمن موازنة العام الماضي، لكن الكتل السياسية لم تصوِّت عليها، في مسعى لإحراج الحكومة أمام الشعب العراقي.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».