هل يتعلق غزو بوتين لأوكرانيا بالغاز والوقود الأحفوري؟

أنابيب جاهزة للتركيب ضمن مشروع «نورد ستريم2» في شمال شرقي ألمانيا (أ.ف.ب)
أنابيب جاهزة للتركيب ضمن مشروع «نورد ستريم2» في شمال شرقي ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

هل يتعلق غزو بوتين لأوكرانيا بالغاز والوقود الأحفوري؟

أنابيب جاهزة للتركيب ضمن مشروع «نورد ستريم2» في شمال شرقي ألمانيا (أ.ف.ب)
أنابيب جاهزة للتركيب ضمن مشروع «نورد ستريم2» في شمال شرقي ألمانيا (أ.ف.ب)

في السنوات الأخيرة، نما اعتماد قارة أوروبا على الغاز الروسي بشكل مفرط.
وقد تأثرت أسعار الغاز مؤخراً كثيراً بعد قرار روسيا الأخير خفض إمدادات الغاز إلى أوروبا، والذي يعتقد الخبراء أنه كان مدفوعاً برغبة فلاديمير بوتين في التحرك ضد أوكرانيا.
وتحدث تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية عن العلاقة المحتملة بين غزو بوتين أوكرانيا وأزمة أسعار الغاز وزيادة الطلب على الوقود الأحفوري.
ما العلاقة بين الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة أسعار الغاز؟
ارتفعت أسعار الغاز على مستوى العالم في الفترة الأخيرة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تجدد الطلب على الوقود الأحفوري بعد وباء «كورونا» وعمليات الإغلاق الناتجة عنه، ونضوب التخزين وصعوبة زيادة الإمدادات بعد الاضطرابات التي حدثت في العامين الماضيين.
لكن الأسعار تأثرت أيضاً بشكل كبير بقرار روسيا الأخير بخفض إمدادات الغاز إلى أوروبا، والذي يعتقد الخبراء أنه كان مدفوعاً برغبة فلاديمير بوتين في التحرك ضد أوكرانيا.
وتعتمد أوروبا على روسيا في نحو 40 في المائة من إمداداتها من الغاز الطبيعي.
وتعدّ ألمانيا من الدول المعرضة للخطر بشكل خاص، حيث أغلقت جميع محطات الطاقة النووية تقريباً وتهدف إلى القضاء على الفحم بحلول عام 2030.
وقد كان خط أنابيب الغاز الرئيسي الجديد «نورد ستريم2»، الذي تبلغ تكلفته 11 مليار دولار، وصُمم لنقل الغاز الطبيعي عبر بحر البلطيق من أكبر حقول الغاز في روسيا إلى ألمانيا، محور العلاقات الدبلوماسية بين ألمانيا وروسيا منذ الإعلان عنه في عام 2015.
وتم الانتهاء من بناء خط الأنابيب البالغ طوله 1200 كيلومتر العام الماضي، ولكن لم يتدفق الغاز عبره حتى الآن، ومستقبله الآن موضع شك حيث علق المستشار الألماني أولاف شولتس المصادقة عليه يوم الثلاثاء بعد أن أعلنت روسيا الاعتراف رسمياً بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا.
ويقول بعض الخبراء إن المخاوف من أن روسيا تستخدم إمداداتها من الغاز سلاحاً لتحقيق أهدافها السياسية لها ما يبررها.
وأشار فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، إلى أن قرار روسيا تخفيض إمدادات الغاز إلى أوروبا بمقدار الربع جاء في الوقت الذي يصعد فيه التوتر تجاه أوكرانيا. وأضاف: «آمل أن تكون هذه مجرد مصادفة».
هل الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا حقاً حرب أخرى على الوقود الأحفوري؟
يستبعد الخبراء هذا الاحتمال، قائلين إن موارد الطاقة ليست السبب الرئيسي لهذا الصراع.
ويتمتع فلاديمير بوتين بتاريخ طويل من الطموحات الإقليمية في الدول السوفياتية السابقة، وبمحاولات مستمرة لممارسة السيطرة السياسية على أوكرانيا.
لذا؛ فإن الأزمة الأوكرانية ليست حرباً على الموارد، ولكن لها العديد من التداعيات على استخدام الموارد.
وتعمل روسيا بشكل فعال على تعزيز هيمنتها على إمدادات الغاز الأوروبية لتحقيق أهداف سياسية. ويعد تقليل الاعتماد على الغاز الروسي ضرورة ملحة بالنسبة للاتحاد الأوروبي للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية، كما أنه سيقلل من النفوذ السياسي لبوتين على الاتحاد الأوروبي.
ويعتمد اقتصاد روسيا الآن بشكل كبير على تصدير الوقود الأحفوري، ويتكون الجزء الأكبر من الباقي من موارد معدنية تعتمد على الطاقة، مثل الحديد والصلب والألمنيوم والمعادن الأخرى، ثم الزراعة.
ويدرك الكرملين تماماً أن الانتقال العالمي إلى صافي انبعاثات صفرية يهدد الصادرات الروسية ومن ثم الاقتصاد الروسي ونفوذ موسكو العالمي.
لماذا تعتمد أوروبا إلى هذا الحد على الغاز الروسي؟
تاريخياً؛ كان كثير من دول أوروبا يعتمد بشكل كبير على الفحم لتوليد الطاقة والتدفئة.
وتضاعف توليد الطاقة المتجددة أكثر من الضعف منذ عام 2004، ووصل إلى 22 في المائة من الإنتاج النهائي للطاقة في عام 2020.
وفي الوقت نفسه، انخفضت حصة كهرباء الاتحاد الأوروبي المولدة من الطاقة النووية من نحو الثلث في عام 1995 إلى الربع اليوم.
وبعد الحادث الذي وقع في محطة فوكوشيما للطاقة النووية اليابانية في عام 2011، أعلنت المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل عن عملية «Energiewende» كانت تستهدف إغلاق جميع المفاعلات النووية في البلاد.
وأدى هذا إلى زيادة حاجة ألمانيا وغيرها من البلدان؛ بما فيها المملكة المتحدة، إلى الغاز.
ويقول الخبراء إن التداعيات الجيوسياسية لهذه التبعية لروسيا بسبب الغاز أصبحت الآن غير مقبولة، داعين إلى ضرورة تقليل الاعتماد على روسيا في هذا المجال.
هل ستمنع روسيا إمدادات الغاز عن أوروبا إذا فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات عليها؟
ستكون هذه خطوة بالغة الأهمية من روسيا. أي تخفيضات أخرى في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا ستكون لها عواقب وخيمة؛ على أوروبا وكذلك على روسيا نفسها.
وقال فاتح بيرول، في وقت سابق هذا الشهر، قبل فرض العقوبات: «إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا، فقد يكون لذلك تأثير كبير جداً على الطاقة الأوروبية. يتعين على روسيا النظر في العواقب إذا توقفت إمدادات النفط والغاز الحالية إلى أوروبا».
وأضاف: «الفشل في الحفاظ على الإمدادات من شأنه أن يحطم سمعة روسيا بوصفها شريكاً موثوقاً به، وسيكون ذلك بمثابة تحول جذري. قد يُنظر إلى روسيا وقتها على أنها مصدر تهديد، وستكون لذلك عواقب بعيدة المدى على الاقتصادات الأوروبية، ولكن ستكون له عواقب أكثر على روسيا. ستختار أوروبا استراتيجية الابتعاد عن روسيا تماماً».



رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

انتقدت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، الولايات المتحدة وروسيا، بسبب تدخلهما في تحقيقات المحكمة، ووصفت التهديدات والهجمات على المحكمة بأنها «مروعة».

وقالت القاضية توموكو أكاني، في كلمتها أمام الاجتماع السنوي للمحكمة الذي بدأ اليوم (الاثنين)، إن «المحكمة تتعرض لتهديدات بعقوبات اقتصادية ضخمة من جانب عضو دائم آخر في مجلس الأمن، كما لو كانت منظمة إرهابية»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأضافت: «إذا انهارت المحكمة، فإنّ هذا يعني حتماً انهيار كلّ المواقف والقضايا... والخطر على المحكمة وجودي».

وكانت أكاني تشير إلى تصريحات أدلى بها السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، الذي سيسيطر حزبه الجمهوري على مجلسي الكونغرس الأميركي في يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي وصف المحكمة بأنها «مزحة خطيرة»، وحض الكونغرس على معاقبة المدعي العام للمحكمة.

القاضية توموكو أكاني رئيسة المحكمة الجنائية الدولية (موقع المحكمة)

وقال غراهام لقناة «فوكس نيوز» الأميركية: «أقول لأي دولة حليفة، سواء كانت كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا: إذا حاولت مساعدة المحكمة الجنائية الدولية، فسوف نفرض ضدك عقوبات».

وما أثار غضب غراهام إعلان المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي، أن قضاة المحكمة وافقوا على طلب من المدعي العام للمحكمة كريم خان بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، والقائد العسكري لحركة «حماس» بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من 14 شهراً في غزة.

وقوبل هذا القرار بإدانة شديدة من جانب منتقدي المحكمة، ولم يحظَ إلا بتأييد فاتر من جانب كثير من مؤيديها، في تناقض صارخ مع الدعم القوي الذي حظيت به مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي، على خلفية تهم بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

كما وجهت أكاني، اليوم (الاثنين)، أيضاً انتقادات لاذعة لروسيا، قائلة: «يخضع كثير من المسؤولين المنتخبين لمذكرات توقيف من عضو دائم في مجلس الأمن».

وكانت موسكو قد أصدرت مذكرات توقيف بحق كريم خان المدعي العام للمحكمة وآخرين، رداً على التحقيق في ارتكاب بوتين جرائم حرب بأوكرانيا.