قانون السير اللبناني الجديد يخفّض عدد ضحايا حوادث السيارات بنسبة 90%

أظهرت إحصاءات أولية لدى قوى الأمن الداخلي والمؤسسات التوعوية الخاصة بمحاربة السرعة والتقيّد بالقانون في لبنان، أن 90 في المائة من اللبنانيين تقيّدوا بتطبيق قانون السير الجديد.
ولعلّ أبرز المؤشرات التي ترجمت هذا الواقع، هي في انخفاض نسبة ضحايا حوادث السير ليصل إلى 2 مقابل 13 شخصا من العام الماضي في الفترة نفسها. الأمر الذي أظهر مدى انضباط اللبنانيين في التقيّد بالقانون إذا ما فرض عليهم تطبيقه.
وأكدت مصادر رسمية في هذا الصدد أن الدولة اللبنانية تفاجأت بهذه النتيجة الإيجابية التي حققها تطبيق القانون الجديد للسير، بحيث وصل عدد قتلى الحوادث إلى صفر في بعض أيام الأسبوع الأول، مشيدة بتفاعل الشعب اللبناني مع قوانين بلادهم فيما لو فرضت على جميع أبنائه بالتساوي.
وأكد المصدر أن مخالفات السرعة التي التقطتها الرادارات في يوم واحد، أول من أمس، التي بلغت نحو الآلف في يوم واحد، لا تعني فشل تطبيق القانون، بل إن النتيجة رائعة مقابل عدد المخالفات التي كانت تلتقطها رادارات السرعة الموزعة على مختلف الطرقات اللبنانية. وقال: «أهم ما في الموضوع ليس عدد هذه المخالفات، بل السرعة القصوى التي ارتكبت أثناء قيادة المركبة، والتي لم تتجاوز 120 كلم في الساعة، بينما كانت قبيل إطلاق القانون الجديد تصل إلى 160 كلم في الساعة». وأضاف: «هذا الأمر يعني أننا بدأنا نسير على الطريق المستقيم ونتأمل في الأيام القليلة المقبلة أن تنخفض هذه النسبة إلى نحو النصف».
ويبدو أن الدولة اللبنانية سعيدة بما حققه تطبيق قانون السير الجديد على الأرض، بحيث استطاعت إنقاذ أرواح عدة في ظرف أسبوع واحد، وهو الهدف الذي كانت قد وضعته نصب عينيها عندما قررت إطلاقه في 22 الشهر الحالي.
ولاحظ اللبنانيون انخفاض نسبة زحمة السير على الطرقات إثر تطبيق هذا القانون، بينما أوعز البعض بأن السبب يعود إلى وجود أكثر من نصف سيارات اللبنانيين في مراكز معاينات الميكانيكا، مما انعكس إيجابا على طبيعة السير عامة، إلا أن مديرية قوى الأمن الداخلي تربط ذلك حسب ما تردد، بالتزام المواطنين ببنود القانون الجديد (من عدم قيادة سيارات مخالفة، والتوقف المتكرر والقيادة بين الخطوط البيضاء المحددة على الطرقات وغيرها)، مما أسفر عن غياب زحمة السير في بعض المناطق، ولا سيما في ضواحي بيروت.
ويستمر اللبنانيون حتى الساعة في اكتشاف بنود المخالفات لهذا القانون، بحيث صاروا لا يفوّتون البرامج التلفزيونية التي تتناوله، والتي تسلّط الضوء بشكل متتال على معلومات حوله. ومن البنود التي تعرّف إليها المواطنون أخيرا تلك المتعلّقة باللوحات المعدنية التي عادة ما يثبتها المنتسبون إلى بعض نقابات المهن الحرة على نمر سياراتهم للتعريف عنهم، كالأطباء والصحافة والقضاة وغيرهم. فقد تبيّن لهم أنها أصبحت تشكّل مخالفة صريحة للقانون، تكبّدهم إضافة إلى دفع غرامة مالية مرتفعة، التعرّض للسجن لمدة 3 أشهر وسحب 6 نقاط من مجموعها الأساسي (12 نقطة) التي يزوّده بها قانون السير الجديد. وحسم النقاط يدخل ضمن التدابير الاحترازية لتغيير سلوك المواطن وتحفيزه على التقيّد بالقانون الجديد أسوة بالدول الغربية التي تتبع الطريقة نفسها.
أما سبب إدخال هذا البند في قانون السير الجديد، فيعود إلى المادة السابعة من الدستور التي تدور في فلك المساواة بين المواطنين اللبنانيين، بحيث يصبحون جميعا وفي ظل القانون متساويين لا امتيازات يتمتع بها أحدهم على غيره.
وتشير المصادر الرسمية إلى أن هذا البند من شأنه أن يضع حدّا لحالات الـ«شو أوف» التي يستمتع اللبناني في استعراضها هنا وهناك لإحراز الفرق بينه وبين غيره، والتي أصبحت أسلوب حياة يتّبعه في حياته اليومية بمظاهر عدة. وعلى الرغم من كلّ هذه النتائج الإيجابية التي حققها قانون السير الجديد في لبنان، فإن ذلك لم يمنع اللبنانيين وكالعادة من تناوله بطريقة ساخرة من خلال إطلاق النكات والطرائف حول كيفية تطبيقه. فمنذ اليوم الأول لانطلاقته اجتاحت التعليقات الساخرة للمواطنين اللبنانيين، وسائل التواصل الاجتماعية؛ بحيث اكتظت بالصور والعبارات التي ترسم الضحكة على ثغرهم تحت عنوان «ابتسم وأنت تطبّق القانون».
ومن بين هذه النكات تلك التي تصوّر مثلا سائق سيارة يقف على نقطة تفتيش لرجال قوى الأمن الداخلي، كتب في أسفلها «فرجيني آخر لاست سين» غامزة بذلك عن حرص رجال الشرطة في الحد من استعمال الأجهزة الخلوية أثناء قيادة السيارة.
أما النكات التي تناولت ضرورة وضع حزام الأمان أثناء قيادة السيارة، فتضمنت مثلا صورة رجل وزوجته داخل السيارة، وقد وضع على فمها حزام يمنعها من التحدث معه، وقد كتب في أعلى الصورة «حزام أمان جديد يساعد على تقليل الحوادث بنسبة 70%». وصورة أخرى في هذا الصدد تروّج لقمصان قطنية رسم عليها حزام الأمان لتوفّر على سائق السيارة وضعه بصورة حقيقية، وقد كتب عليها «مع بداية تطبيق قانون السير إليك آخر صيحة في عالم الموضة».
أما المخالفة التي تتعلّق بمنع إخراج أي عضو من أعضاء الجسد خارج السيارة أثناء قيادتها، فقد نشر أحدهم صورة كاريكاتورية لفتاة جميلة يحرر لها أحد رجال الشرطة مخالفة في حقّها كونها ترتدي لباسا يكشف عن القسم الأعلى من جسمها.
في الختام، يمكن القول إن قانون السير الجديد في لبنان، وبغراماته التي تعتبر قياسية، أفرز شعارا جديدا بين اللبنانيين، تمثّل في مقولة «ما مت ما شفت مين مات»، الأمر الذي دفع بغالبيتهم إلى التقيّد بإشارات السير وبوضع الخوذة لقيادة الدراجات النارية وحزام السير لسائقي السيارات، والامتناع عن تناول الكحول والالتزام بالسرعة القصوى حرصا على حياتهم. وعلى أمل أن يحمل تطبيقه في الأيام المقبلة أخبارا سعيدة وجديدة في هذا المجال، فإن المطلوب منهم أن يفكروا دائما بأولادهم وبأنهم في تطبيقهم لهذا القانون سيساهمون دون شك في إيصال الرسالة المرجوة لهم، وهي الحفاظ على أرواحهم.