الغيب وما يفرّقه عن الأسطورة

حسين الطائي يكتب عن مفهومه وأقسامه في الكتاب العزيز

الغيب وما يفرّقه عن الأسطورة
TT

الغيب وما يفرّقه عن الأسطورة

الغيب وما يفرّقه عن الأسطورة

من أهم صفات المؤمنين بالأديان السماوية (والإسلام من بينها) أنهم يؤمنون بعالم الغيب كما يؤمنون بعالم الشهادة. وقد ورد في بداية القرآن الكريم في سورة البقرة أن من صفات المتقين أنهم (يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) – البقرة: 3 - فقدم الإيمان بالغيب على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة...
لذا فإن مفهوم الغيب وأسراره والتعامل معه منذ بداية البشرية له أهمية قصوى في حياة الإنسان، أو على الأقل المؤمن، وفي دينه وعقيدته. وقد أدرك د. حسين رشيد الطائي هذه الأهمية فخصص له كتاباً تحت عنوان «مفهوم الغيب وأقسامه في القرآن الكريم»، سابراً فيه أغوار الموضوع تاريخياً ولغوياً وعقدياً، ومن حيث العلاقة بين الغيب والمفاهيم المتعلقة به مثل النبأ والخبر، والاطلاع والإظهار.
وركز المؤلف على أهمية المقارنة بين الغيب وبين الأسطورة والخرافة والفروق بينها. ففي حين أن الغيب منشؤه السماء يكون منشأ الأسطورة الأرض. وبينما الإيمان بالغيب يوافق الاستدلالات العقلية وقائم على العلم والإيمان، فإن الإيمان بالأسطورة يخالف تلك الاستدلالات ومرده الجهل. ويقول الباحث إن الإيمان بالغيب له أهداف سامية توجه الإنسان نحو الرقي والتمسك بالفضيلة والمعروف، لكن هذه الأهداف ليست من بين شروط الإيمان بالأسطورة والخرافة.
وبعد أن ينتهي الباحث من سرد هذه المقارنات والجوانب المهمة في مفهوم الغيب والإيمان به، يتناول في الباب الثاني من الكتاب أقسام الغيب، حسبما جاء في التنزيل الحكيم. فيقسم المفهوم إلى الغيب المطلق والغيب النسبي، ويدرج تحت القسم الأول غيب الإحاطة وغيب الإبداء والكتم والإسرار والعلن. ثم يفصل لكل من هذه الأقسام بذكر الآيات التي وردت في القرآن الكريم ويشرح المقصود من المفاهيم التي تتعلق بهذه الأقسام كالسر والعلن والإبداء والكتم والجهر والإكنان والإخفاء والنجوى، وكذلك الأسباب التي أدت إلى تقديم بعض هذه المفاهيم على البعض الآخر في الآيات القرآنية. ويدرج تحت بند الغيب النسبي غيب الأخبار الماضية وغيب الاطلاع وغيب الإظهار.
ويسهب الباحث في الموضوع بالحديث عن الأمور التي تندرج تحت مفهوم الغيب سواء في الماضي كأمور بدء الخلق والخليقة وسيرة وتاريخ الأمم البائدة والمنقرضة، أو في المستقبل مثل العلم بكنه ما في الأرحام وعلم الساعة ويوم القيامة ومآل الأرض والسماوات والخلائق جميعها وحتى مآل الروح أثناء قيام الساعة.
ليس من المبالغة لو قلنا إن الباحث بذل كثيراً من الجهد في الإلمام بهذا الموضوع المهم والإحاطة بجل - إن لم نقل بكل - جوانبه في أكثر من 200 صفحة من الحجم الكبير، مستنداً في جهوده إلى أكثر من 80 مرجعاً ومصدراً من الكتب التي تناولت موضوع الغيب أو جزءاً منه. صدر الكتاب عن مكتبة الكوثر في العاصمة العراقية بغداد.


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»
TT

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

عن دار «الكرمة» بالقاهرة، صدرت رواية «أبريل الساحر» للكاتبة البريطانية إليزابيث فون أرنيم، التي وُصفت من جانب كبريات الصحف العالمية بأنها «نص مخادع وذكي وكوميدي». ومنذ صدورها عام 1922 تحولت إلى أحد أكثر الكتب مبيعاً واقتُبست للمسرح والإذاعة والسينما مرات عديدة.

تتناول الرواية التي قامت بترجمتها إيناس التركي قصة 4 نساء بريطانيات مختلفات تماماً هربن من كآبة لندن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى إلى قلعة إيطالية ساحرة في الريفيرا الإيطالية ليقضين إجازة الربيع. وبعد أن تهدهن روح البحر الأبيض المتوسط يتغيرن تدريجياً ويكتشفن الانسجام الذي تاقت إليه كل منهن، ولكن لم يعرفنه قط.

وتجيب الرواية بشكل مقنع عن السؤال الأبدي حول كيفية تحقيق السعادة في الحياة من خلال مفارقات الصداقة بين النساء والتمكين والحب المتجدد والعشق غير المتوقع. وصفتها صحيفة «الديلي تلغراف» بأنها «على مستوى ما، قد تُعد الرواية هروباً من الواقع، ولكن على مستوى آخر فهي مثال لتحرر الروح»، بينما رأت صحيفة «ميل أون صنداي» أنها تتضمن «وصفاً حسياً حالماً لأمجاد الربيع الإيطالي».

وتُعد إليزابيث فون أرنيم (1866-1941) إحدى أبرز الكاتبات الإنجليزيات واسمها الحقيقي ماري أنيت بوشامب، وهي ابنة عم الكاتبة كاثرين مانسيفيلد. ولدت في أستراليا لعائلة ثرية وتزوجت أرستقراطياً ألمانياً حفيداً للملك فريدرش فيلهلم الأول، ملك بروسيا، واستقرت مع زوجها في عزبة عائلته في بوميرانيا حيث ربيا 5 أطفال.

بعد وفاة زوجها كانت على علاقة عاطفية مع الكاتب المعروف هـ. ج. ويلز لمدة 3 سنوات، لكنها تزوجت بعدها فرانك راسل الأخ الأكبر للفيلسوف الحائز جائزة نوبل برتراند راسل لمدة 3 سنوات ثم انفصلا. وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية انتقلت للإقامة في الولايات المتحدة حتى توفيت. زواجها الأول جعل لقبها «الكونتيسة فون أرنيم شلاجنتين»، أما زواجها الثاني فجعل اسمها إليزابيث راسل.

نشرت روايتها الأولى باسم مستعار ولكن مع النجاح الكبير لكتبها استخدمت اسم «إليزابيث فون أرنيم». أصدرت أكثر من 20 كتاباً وتُعد روايتها «أبريل الساحر» التي نُشرت عام 1922 من أكثر الكتب مبيعاً في كل من إنجلترا والولايات المتحدة ومن أحب أعمالها إلى القراء وأكثرها شهرة.

ومن أجواء الرواية نقرأ:

«بدأ الأمر في نادٍ نسائي في لندن بعد ظهيرة أحد أيام فبراير، نادٍ غير مريح وبعد ظهيرة بائسة عندما أتت السيدة ويلكنز من هامبستيد للتسوق وتناولت الغداء في ناديها. التقطت صحيفة (التايمز) من على الطاولة في غرفة التدخين وجرت بعينيها الخاملتين أسفل عمود مشكلات القراء ورأت الآتي:

(إلى أولئك الذين يقدرون الشمس المشرقة، قلعة إيطالية صغيرة من العصور الوسطى على شواطئ البحر الأبيض المتوسط للإيجار، مفروشة لشهر أبريل (نيسان) سوف يبقى الخدم الضروريون).

كانت هذه بداية الفكرة، ومع ذلك كما هو الحال بالنسبة إلى عديد من الأشخاص الآخرين، لم تكن صاحبتها على دراية بذلك في تلك اللحظة.

لم تكن السيدة ويلكنز مدركة قط أن كيفية قضائها شهر أبريل في ذلك العام قد تقررت في التو والحال إلى درجة أنها أسقطت الصحيفة بحركة غلب عليها الانزعاج والاستسلام في الوقت نفسه، وتوجهت نحو النافذة وحدقت في كآبة الشارع الذي تقطر به الأمطار».