طهران ترهن تسوية الأمور المتبقية في فيينا بـ«واقعية» الغرب

شمخاني: برنامجنا النووي سيبقى فوق رؤوس ناكثي العهود

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لدى استقباله وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لدى استقباله وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي أمس (إ.ب.أ)
TT

طهران ترهن تسوية الأمور المتبقية في فيينا بـ«واقعية» الغرب

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لدى استقباله وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لدى استقباله وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي أمس (إ.ب.أ)

طالب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أمس، الدول الغربية المشاركة في محادثات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بـ«اتباع نهج واقعي لتسوية الأمور المتبقية»، فيما تدوولت معلومات عن عودة كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني إلى طهران، بغرض التشاور، إثر استدعائه من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
وأتت تصريحات عبد اللهيان على هامش استقباله في طهران نظيره العماني بدر بن حمد البوسعيدي الذي نقل رسالة خطية من السلطان هيثم بن طارق إلى الرئيس إبراهيم رئيسي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن عبد اللهيان قوله إن «مباحثات فيينا بلغت مرحلة حساسة ومهمة». وأضاف: «حتى الآن نحن متفائلون جداً... نأمل بأن يتم في الأيام المقبلة حلّ بعض القضايا المتبقية وهي حساسة ومهمة»، مشدداً على أن هذه المسائل رهن إبداء الأطراف الغربيين «واقعية» حيالها.
ولاحقاً، قال مسؤول رفيع في إدارة بايدن لموقع «أكيسوس» أمس، إن «طهران وواشنطن على وشك العودة إلى الاتفاق النووي، لكن العديد من القضايا الصعبة لا يزال من دون حل». ووصف ما قيل على ألسنة مسؤولين إيرانين وأوروبيين عن اقتراب التوصل إلى اتفاق خلال أيام بأنها «تكهنات سابقة لأوانها».
وتابع: «لم يتبق سوى قليل من الوقت لحل القضايا المتبقية... ولن يتم التوصل إلى اتفاق حتى يتم التعامل معها».
وأشار عبد اللهيان إلى أنه تبادل وجهات النظر مع نظيره العماني بشأن محادثات فيينا، وقال إن إيران أكدت لمسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، سواء عبر كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، أو في مؤتمر ميونيخ الأمني السنوي الذي عقد أخيراً، أنها «لن تتجاوز خطوطها الحمراء مطلقاً خلال المفاوضات». وقال أيضاً: «نحن لن نتخطى الخطوط الحمر الإيرانية تحت أي ظرف، وأظهرنا التزامنا بهذه الخطوط الحمراء» حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.
وسبق لسلطنة عمان أن أدت دوراً وسيطاً بين طهران وواشنطن في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق النووي لعام 2015.
وخلال زيارته الأربعاء، قال البوسعيدي للصحافيين بعد لقائه عبد اللهيان، إنهما بحثا «في عدد من القضايا التي تحظى بالاهتمام والمتابعة من قبل بلدينا»، آملاً بـ«تشجيع بناء الثقة بين مختلف أطراف هذه القضايا، لتنعم منطقتنا في نهاية المطاف باستدامة الأمن والاستقرار».
وأفادت وكالة «إرنا» الرسمية أن رئيسي استقبل البوسعيدي بعد الظهر، وتسلّم منه دعوة لزيارة مسقط. ونقل بيان للرئاسة الإيرانية عن رئيسي اعتباره أنه يمكن لتواصل البلدين «أن يكون فاعلاً في تعزيز العلاقات بينهما، وحل المشكلات الإقليمية والدولية».
- مشاورات أخيرة
وأفادت مصادر إعلامية إيرانية أن كبير المفاوضين علي باقري كني يعود في وقت متأخر الأربعاء إلى طهران لإجراء مشاورات «للتوصل إلى اتفاق نهائي». وقال صحافیون مقربون من «الحرس الثوري» إن أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، الذي يشرف على الملف النووي، استدعى باقري كني إلى طهران.
وهذا ما أكدته «رويترز»، بنقلها عن الخارجية الإيرانية أن باقري كني عاد في «رحلة قصيرة، والاتفاق ليس وشيكاً».
وکتب شمخاني، الثلاثاء، أن البرنامج النووي الإيراني يجب أن يبقى مثل «تهديد» فوق رأس «من ينقضون العهود».
وكتب شمخاني عبر «تويتر»: «قدرات إيران النووية السلمية لا بد أن تبقى دائماً كسيف ديموقليس فوق رأس الناكثين للعهود، لتكون الضمان الحقيقي لتنفيذ تعهداتهم»، وأضاف: «بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي عام 2018، كان من الأفضل اتباع هذا الضامن الذاتي الأكثر تأثيراً، طبقاً لتوجيه قائد الثورة» في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد.
ووجّه أغلبية نواب البرلمان رسالة إلى الحكومة، تشدد على ضرورة حفظ «الخطوط الحمر» في أي اتفاق قد تفضي إليه مفاوضات فيينا، ومنها الحصول على ضمانات غربية، بما في ذلك العقوبات المتعلقة بالإرهاب وبرنامج الصواريخ الباليستية.
ولم يوضح بيان البرلمان ما هي «الخطوط الحمراء»، لكنها فُسرت بأنها تشمل العقوبات التي تطال المرشد الإيراني علي خامنئي وكيانات تابعة لمكتبه، إضافة إلى رفع «الحرس الثوري» من القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية.
ومن بين القضايا التي تبحثها مفاوضات فيينا مصير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، من الجيل السادس التي أقدمت إيران على تشغيلها في منشأتي فوردو ونطنز. وتطالب الأطراف الغربية بتدمير تلك الأجهزة، وتريد إيران الحفاظ عليها، تحت أختام مشتركة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب الذي أعاد فرض عقوبات على طهران. ووضع اتفاق عام 2015 قيوداً على أنشطة طهران في تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة عنها.
ونسبت «رويترز» الأسبوع الماضي إلى مصادر دبلوماسية أن اتفاقاً أميركياً إيرانياً بدأت تتضح معالمه في فيينا بعد شهور من المحادثات غير المباشرة لإحياء الاتفاق النووي. وتشير المسودة إلى أن المرحلة الأولى ستلزم إيران بوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 و60 في المائة، وإطلاق سراح السجناء الأميركيين المحتجزين لدى طهران، مقابل حصول إيران على أموالها المجمدة لدى كوريا الجنوبية.
وقال المنسق الأوروبي للمحادثات، إنريكي مورا، أول من أمس، إن المحادثات شارفت على الانتهاء، لكن النتيجة «لا تزال غير واضحة»، مشدداً على ضرورة حلّ القضايا الرئيسية. ونسبت «رويترز» إلى مصادر قريبة من المفاوضات أنه من المتوقع تبادل سجناء بين إيران والولايات المتحدة قريباً.
ومنذ عام 2019 بعد انسحاب واشنطن، انتهكت طهران شروط الاتفاق، وأعادت بناء مخزونات من اليورانيوم المخصب، ورفعت درجة نقاء المواد الانشطارية، وركبت أجهزة طرد مركزي متطورة لتسريع وتيرة الإنتاج.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».