«حزب الله» يخوض الانتخابات كـ«حرب تحرير» ويرفع شعارات متصلة بسلاحه

جعجع رد بالتأكيد على الشرعية وسلطة الدولة

TT

«حزب الله» يخوض الانتخابات كـ«حرب تحرير» ويرفع شعارات متصلة بسلاحه

أعطى «حزب الله» معركته الانتخابية بعداً خارجياً وربط الاستحقاق بسلاحه، إذ أعلن قيادي فيه أن «الانتخابات النيابية المقبلة هي بمثابة حرب تموز سياسية»، (في تذكير بالحرب التي خاضها «حزب الله» مع إسرائيل في ذلك الشهر من عام 2006)، وهو ما استدعى رداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي قال إن الصحيح أن الانتخابات ستكون «حرب تحرير سياسية»، و«يريدون سلاحاً شرعياً ودولة».
وأظهرت التصريحات الإعلامية لقيادي «حزب الله» المتصلة بالاستحقاق الانتخابي، أن الحزب يرفع شعارين، أولهما انتقاد منظمات المجتمع المدني ووصمها بأنها تتحرك بإيحاءات خارجية، وثانيها متصلة بسلاحه، والإعلان أن الانتخابات يُراد منها نزع سلاحه، قبل أن يعتبرها أمس على لسان رئيس المجلس السياسي فيه إبراهيم أمين السيد، أنها «حرب تموز سياسية»، والتي يقول الحزب إنها كانت تسعى لإنهاء ترسانته العسكرية وإلغائه سياسياً من المعادلة اللبنانية.
وقال السيد في تصريح أمس إن «الانتخابات النيابية المقبلة هي بمثابة حرب تموز سياسية، لأنهم يريدون سلاحنا ومقاومتنا ومجتمعنا لكي تكون الكلمة في بلدنا لإسرائيل وأميركا». وأضاف: «الأميركي والإسرائيلي والأوروبي يريدون السلاح والمقاومة والمجتمع، ليأتوا بمجلس نيابي يستطيع انتخاب رئيس للجمهورية يشكل حكومة تستطيع أن تفعل ما يريدون». واستدعى هذا التصعيد في الخطاب، رداً من جعجع الذي قال: «لفتني قول أحدهم إن الانتخابات المقبلة هي بمثابة حرب تموز سياسية. كان الأصح أن يقول إنها حرب تحرير سياسية». وتابع جعجع رداً على قول السيد: «يريدون سلاحنا ومقاومتنا، لكي تكون الكلمة في بلدنا لإسرائيل وأميركا»، أن «الأصح القول، يريدون سلاحاً شرعياً ودولة لكي تكون الكلمة في بلدنا للبنانيين».
ونادراً ما تناول الخطاب الانتخابي بين الحزب وخصومه في عام 2018 مسألة سلاحه، ويقول قياديون في قوى «14 آذار» إن مسألة السلاح لم تكن أولوية في انتخابات عام 2018 مثلما كانت عليه في انتخابات 2009 «بفعل التسويات السياسية والتراخي الدولي»، قبل أن يتجدد الآن هذا العنوان بموازاة الأزمات السياسية والمالية والمعيشية التي يعانيها اللبنانيون، وبالتالي فإنها «تدفع باتجاه فرز الأصوات بين من يصوت مع سلاح الحزب أو ضده».
ورأى رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد أن إطلاق «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني» «أعاد تصويب الوجهة وجدد الشعار السيادي بعدما حاول المسؤولون خلال عامين أن يستخرجوا حلولاً إدارية وتقنية للأزمة، قبل أن يكتشفوا أن حجم السلاح يمنع الإجراءات الإصلاحية»، ذلك أن «ضرب علاقة لبنان بالخليج ليس تقنياً بل مرتبط بسلاح الحزب، كذلك الأزمة المالية كونها مرتبطة بكيان مالي موازٍ للحزب هو القرض الحسن، إضافة إلى أن المفاوضات مع صندوق النقد هي أزمة سياسية». ولفت سعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إعلان المجلس «دفع اللبنانيين للانتظام بشجاعة في أطر مختلفة أزعجت الحزب الذي يفضل أن ترتبط الأزمة بالفساد وسوء الإدارة والتدبير والعناوين المحلية، لكننا أعدنا ربطها بالعنوان الوطني»، مشيراً إلى أن هذا التبدل في الوقائع «دفع الحزب لاستخدام سلاحه الثقيل إعلامياً الذي عبر عنه إبراهيم السيد أمس».
وقال سعيد إنه بعد إعلان المجلس الوطني «سندخل المعركة الآن بشعارين، أولهما يمثله الحزب وحلفاؤه للدفاع عن سلاح الحزب وإبقائه كما هو ضاربين بعرض الحائط الدستور وقرارات الشرعية الدولية وخصوصاً القرارين 1559 و1701 ووثيقة الوفاق الوطني»، أما الثاني «فيطالب بتنفيذ القرارات الدولية والالتزام بالدستور واتفاق الطائف». لكنه لفت إلى أن المشكلة التقنية التي تواجه مناهضي سلاح الحزب «تتمثل في أنهم غير منظمين ويذهبون إلى الانتخابات بقوائم انتخابية متفرقة، بينما يعد حزب الله قادراً على الانتظام بقوائم موحدة»، مطالباً بـ«تنظيم كل القوى والشخصيات التي تؤمن بأن لا قيامة ولا إصلاح في لبنان إلا برفع الاحتلال الإيراني».
ولا تبدو عناوين «حزب الله» الانتخابية التصعيدية الأخيرة ناتجة عن الخطابات الداخلية فحسب، وقال الباحث في الحركات الإسلامية والمطلع على أوضاع «حزب الله» قاسم قصير إن الحزب «يخوض الانتخابات على أنها استحقاق سياسي واستراتيجي مهم يتخطى سياقاته الداخلية، وذلك بعد تصريحات صدرت عن قوى خارجية تعبر عن رهانات لتغيير الواقع السياسي في لبنان، تُضاف إلى رهانات داخلية على تغيير في هذا الواقع عبرت عنها شخصيات لبنانية بينها رئيس حزب (القوات اللبنانية) سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل وقوى سيادية أخرى أعلنت أنها تواجه الحزب والتيار».
وقال قصير لـ«الشرق الأوسط» إن المؤشرات حتى الآن «تؤكد أن المعركة لن تكون معركة انتخابية سياسية تقليدية» وذلك بعد دخول عوامل خارجية إليها، مشيراً إلى تصريحات إسرائيلية صادرة عن باحثين حول ضرورة إقصاء حليف الحزب «التيار الوطني الحر» من المعادلة، «حتى لو لم تكن تصريحات رسمية»، واصفاً إياها بأنها «تثير الريبة في صفوف جمهور الحزب، وهو ما يؤدي إلى تحريك القاعدة الشعبية».
وأوضح قصير أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة «أعطت الحزب دافعاً لإعطاء المعركة الانتخابية بُعداً خارجياً»، لافتاً إلى أن الحزب «يخوض الانتخابات من هذا الموقع، أولاً للرد على الحملة السياسية الداخلية والخارجية، وثانياً لشحذ الهمم في ساحاته، ذلك أن الشعارات المطروحة تسهم بإعطاء بُعد جديد غير البعد الداخلي الصرف، ما يسهم في دعم الحملة الشعبية»، موضحاً أن هذا الخطاب الذي يطلقه «يسهم في تركيز قاعدته الشعبية، ويخفف الانتقادات الموجهة للحزب على ضوء التطورات المعيشية خلال العامين الماضين»، معتبراً «أننا، وحتى موعد الانتخابات، سنشهد المزيد من تصعيد الصراع السياسي داخلياً وخارجياً».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».