توقعات أممية لليمن: نزوح مستمر وتدفق لاجئين

TT

توقعات أممية لليمن: نزوح مستمر وتدفق لاجئين

مع استمرار الميليشيات الحوثية في رفض كل مقترحات السلام، والتمسك بالتصعيد العسكري، توقعت الأمم المتحدة استمرار عملية النزوح الداخلي في اليمن خلال العام الحالي، بعد أن سجل العام الماضي نزوح أكثر من 157 ألف شخص، كما توقعت استمرار تدفق اللاجئين من القرن الأفريقي بسبب استمرار التدهور الأمني في إثيوبيا تحديداً.
وقالت المنظمة الدولية إن برنامج العودة الطوعية للاجئين من اليمن توقف بسبب القيود المرتبطة بفيروس «كورونا» وكذا التطورات التي يشهدها إقليم تيغراي، مشيرة إلى أن البيانات الأخيرة تبين زيادة عدد طالبي اللجوء الذين يصلون إلى اليمن، وأنه من المتوقع أن تزداد اتجاهات الهجرة بشكل طفيف خلال هذا العام.
وفي تحديث عن وضع النازحين داخلياً واللاجئين في اليمن وتوقعاتها للعام الحالي، قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن النزوح الداخلي لا يزال إحدى السمات المميزة لأزمة اليمن، وإنه خلال عام 2021 وحده أُجبر أكثر من 157 ألف يمني على الفرار من منازلهم بسبب الصراع، لا سيما في محافظات مأرب وتعز والحديدة والبيضاء، وإنه «ومع استمرار الأعمال العدائية التي لا هوادة فيها، وفي غياب تسوية سياسية تفاوضية، من المتوقع أن يستمر اتجاه النزوح الجديد والممتد في العام الحالي».
وقالت إنه وبينما قد تظهر فرص العودة الآمنة والكريمة للنازحين داخلياً في المناطق المستقرة، «فإن الوضع الاجتماعي والاقتصادي الحالي والوضع الأمني والافتقار إلى الخدمات العامة، كل ذلك يثير القلق بشأن الطابع الطوعي والمستدام للعودة».
المفوضية ذكرت أنها لا تزال تتعامل وحيدة مع حماية نحو 102 ألف لاجئ وطالب لجوء في جميع أنحاء اليمن، خصوصاً من الصومال وإثيوبيا، حيث يدفع اللاجئون وطالبو اللجوء ثمن تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي، ويستمرون في الاعتماد على المساعدة الإنسانية، وغالباً ما يُنظر إليهم على أنهم عبء إضافي على الخدمات العامة المنهكة بالفعل، «كما أن بروتوكولات فيروس كورونا تستمر في تحدي استئناف برنامج العودة الطوعية إلى الصومال».
وذكرت المفوضية أن تدهور الوضع الأمني في إثيوبيا «أثر سلباً على فرص العودة الطوعية والآمنة، حيث تشير البيانات الأخيرة إلى زيادة عدد طالبي اللجوء الذين يصلون إلى اليمن»، بما في ذلك من إقليم تيغراي، في حين أن الوافدين إلى البلاد من الشرق والقرن الأفريقي يمثلون بشكل أساسي حركة الهجرة، ومن المتوقع أن تزداد اتجاهات اللجوء بشكل طفيف في عام 2022.
ووفقاً لاستعراض الاحتياجات الإنسانية لعام 2021، أوضحت البيانات أن نحو 66 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدة الإنسانية من أجل بقائهم على قيد الحياة يومياً. وهذا يشمل أكثر من 4.2 مليون نازح داخلي و102 ألف لاجئ وطالب لجوء، ونبهت إلى أن تصاعد الصراع وانعدام الأمن المستمر والحظر والانهيار الاقتصادي «أدى إلى دفع ما يقدر بنحو 80 في المائة من إجمالي السكان إلى ما دون خط الفقر» وجعلهم معرضين لخطر المجاعة، كما أن النازحين داخلياً معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي بشكل ملحوظ أكثر من بقية اليمنيين.
وطبقاً لمؤشرات العمل الإغاثي خلال هذا العام والأفراد الذين سيتم الوصول إليهم، قالت المفوضية إنها ستدعم 1.5 مليون نازح داخلي وأفراداً ضعفاء في المجتمع المضيف، بالإضافة إلى نحو 50 ألف لاجئ وطالب لجوء بمساعدة نقدية متعددة الأغراض.
كما سيحصل - بحسب هذه المؤشرات - 65 ألف نازح و5 آلاف عائلة من اللاجئين وطالبي اللجوء على مواد الإغاثة الأساسية، كما سيتمكن 38 ألف نازح ولاجئ وطالب لجوء من ذوي الاحتياجات الخاصة من الوصول إلى الإسعافات الأولية النفسية والدعم النفسي، على أن تتلقى 55 ألف عائلة نازحة مجموعات المأوى في حالات الطوارئ، وسيتم دعم 20 ألف عائلة نازحة بملاجئ انتقالية وستتلقى 45 ألف أسرة نازحة منحاً نقدية لإيجار مساكن، كما سيتم تسهيل وصول 110 آلاف لاجئ وطالب لجوء إلى خدمات الرعاية الصحية الأولية، إلى جانب أفراد المجتمع المضيف.
وبموجب هذه الخطة، سيتم تخصيص مبلغ 7.3 مليون دولار لبرنامج الاعتماد على الذات والاندماج الاقتصادي وسبل العيش، حيث سيستفيد 12 ألف نازح ضعيف من مبادرات النقد مقابل العمل وتدخلات سبل العيش الأخرى. على أن يخصص مبلغ 7 ملايين دولار لبرنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج المستدام وإعادة التوطين، حيث ستواصل المفوضية استكشاف العودة الطوعية للاجئين من خلال استطلاعات النوايا، والتسجيل، وتقديم المشورة، وتوفير الوثائق القانونية، والمساعدة قبل المغادرة والنقل.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».