ترخيص جديد للجوال في سوريا للجيل الخامس

أحد مقرات شركة سيرياتيل لخدمة الجوال في سوريا (رويترز)
أحد مقرات شركة سيرياتيل لخدمة الجوال في سوريا (رويترز)
TT

ترخيص جديد للجوال في سوريا للجيل الخامس

أحد مقرات شركة سيرياتيل لخدمة الجوال في سوريا (رويترز)
أحد مقرات شركة سيرياتيل لخدمة الجوال في سوريا (رويترز)

في مؤتمر صحافي عقد في دمشق، الاثنين، أعلن عن إطلاق المشغل الثالث لخدمة الاتصالات الخلوية في سوريا، ومنح الترخيص الإفرادي رقم 3 لشركة «وفا للاتصالات تيليكوم» بهدف تقديم خدمة الجيل الخامس 5G في البلاد.
وعبر وزير الاتصالات السوري، إياد الخطيب، عن الآمال الكبيرة التي تبنيها الحكومة في دمشق، على إطلاق المشغل الثالث في تحسين واقع الاتصالات الخلوية في سوريا خصوصاً بعد الأضرار التي لحقت ببناها التحتية خلال الحرب، و«أثره الإيجابي المتوقع على الاقتصاد السوري»، كاشفاً عن أن إجراء أول مكالمة على شبكة المشغل الثالث بخدمة 5G، سيكون بعد تسعة أشهر من تاريخ منح الترخيص، وقد يكون قبل هذا التاريخ.
وقالت وسائل إعلام محلية، إنه سيتم تشغيل أول مكالمة للمشغل «وفا» مع بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وسيكون له حصرية تقديم خدمة 5G لمدة سنتين، وفي حال عدم تمكينه من تقديم الخدمة بالشكل الأمثل، سيسمح للمشغلين سيرياتيل وMTN بتقديم التقنية. وقال الوزير إنه تم منح شركة «وفا»، مزايا خاصة، منها السماح بإدخال تقنيات الجيل الخامس 5G، كذلك تم السماح للشركة بتقديم عروض بنسبة تخفيض تصل إلى 50 في المائة حتى يصل عدد مشتركيها إلى 3 ملايين.
ورداً على الأسئلة المطروحة حول هوية (شركة وفا)، قال وزير الاتصالات، إن المشغل الثالث هو مشغل وطني سوري وشركاؤه سوريون ومقر الشركة سيكون في دمشق، والهدف من منح ترخيص لمشغل ثالث هو خلق روح المنافسة، وتحسين الخدمة ليعود واقع الاتصالات إلى ما كان عليه قبل عام 2011.
وحسب وسائل إعلامية محلية فإن شركة «وفا للاتصالات /تيليكوم/ المساهمة المغفلة الخاصة»، أسستها 7 شركات سورية وجميع مراكز تلك الشركات في دمشق. وتفيد معلومات في دمشق، بأن شركة (وفا)، تعود إلى يسار إبراهيم، مدير المكتب المالي في القصر الجمهوري والمقرب من زوجة الرئيس، والذي ظهر اسمه في سوريا عام 2018، بعد تكليفه بمتابعة مكتب «الشهداء» في وزارة الدفاع، كما ورد اسمه مع شقيقته نسرين، في قائمة العقوبات الاقتصادية لاستخدام «شبكاته في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، لإبرام صفقات فاسدة».
مدير عام الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد السوري، منهل جنيدي، بين أنه سيسمح للمشغل الثالث بالعمل على التجوال المحلي على الشبكتين الموجودتين حالياً، خلال السنتين الأولى والثانية ريثما تستكمل شبكته. وتعتبر الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، شريكة في المشغل الثالث.
اللافت أن رأسمال الشركة حسب العقد، 10 مليارات ليرة سورية، موزعة على 100 مليون سهم قيمة كل سهمِ 100 ليرة، ومدة العقد 22 عاماً تبدأ مِن تاريخ اجتماع الهيئة العامة التأسيسية، مع جواز التمديد، على أن تصدق الوزارة على ذلك، حيث يعتبر مبلغ رأس المال ضئيلاً جداً قياساً إلى مبالغ رأس المال التي بدأت بها شركتا الخليوي في سوريا عام 2001، وهما شركة سيرياتيل 3.35 مليار ليرة، وشركة إم تي إن 1.5 عام 2002، وقياساً إلى التضخم المالي خلال السنوات الأخيرة، فإن رأسمال الشركتين يعادل عشرة أضعاف رأسمال شركة (وفا) الحالية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.