الحوثيون يزيدون معاناة سكان صنعاء بمضاعفة سعر الكهرباء

TT

الحوثيون يزيدون معاناة سكان صنعاء بمضاعفة سعر الكهرباء

شكا سكان مناطق متفرقة في العاصمة صنعاء من الارتفاع المهول لأسعار خدمة الكهرباء التجارية من 300 ريال، إلى 500 ريال للكيلو واط الواحد، (الدولار نحو 600 ريال)؛ الأمر الذي ضاعف من أعبائهم المعيشية في ظل ما تشهده مناطق سيطرة الجماعة من أوضاع متدهورة وانعدام شبه كلي لأغلب الخدمات الأساسية.
وأكدت مصادر محلية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم ملاك محطات توليد الكهرباء في العاصمة (ينتمي بعضهم إلى الميليشيات) عمدوا دون سابق إنذار منذ مطلع الشهر الحالي إلى رفع تسعيرة الخدمة إلى ضعف ما كانت عليه في السابق، بالتواطؤ مع الميليشيات.
في غضون ذلك، كشف عاملون بمؤسسة الكهرباء الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء عن إبرام اتفاق غير معلن قبل نحو ثلاثة أسابيع بين قيادات حوثية تدير قطاع الطاقة في العاصمة وبين عدد من ملاك المحطات التجارية يقضي بفرض جرعة سعرية جديدة غير معلنة من خلال رفع تسعيرة الكهرباء إلى مبلغ 500 ريال للكيلو الواط الواحد شريطة اقتطاع نسبة محددة من فارق التسعيرة يتم توريده لصالح الميليشيات.
وأكد بعض العاملين في قطاع الكهرباء لـ«الشرق الأوسط»، أن قادة الميليشيات وجّهوا بموجب ذلك الاتفاق الذي وصف بـ«المشبوه» شركة النفط التابعة لهم في صنعاء بمد كل تلك المحطات بما تحتاج إليه من الوقود وبالأسعار المعروفة.
وبحسب ما أفاد به هؤلاء العاملون، فقد أوعزت الميليشيات لتجار الكهرباء التجارية بتبرير فرض الجرعة السعرية بأنه ناتج مما تشهده مناطق سيطرتها من أزمة خانقة في المشتقات النفطية.
وكشف العاملون عن صراع محتدم حالياً بين قادة ومشرفين حوثيين على تقاسم عائدات الجرعة السعرية في الطاقة التجارية التي فرضتها الجماعة حديثاً وأثقلت كاهل السكان في صنعاء.
وفي سياق متصل، شكا سكان صنعاء في مديريات معين والثورة والوحدة والتحرير والسبعين من ارتفاع كبير وغير مبرر لأسعار خدمة الطاقة التجارية، وأكدوا أن فاتورة الكهرباء تصلهم كل 10 أيام بمبالغ مرتفعة شاملة رسوم اشتراك هي الأخرى مرتفعة عما كانت عليه قبل فرض الجرعة السعرية الجديدة.
وتأتي هذه السلسلة التي لا حصر لها من جرائم الفساد والعبث الحوثية المتكررة بحق قطاع الكهرباء التجاري وغيره، في وقت لا تزال فيه خدمة التيار الرسمية منعدمة في صنعاء، والمناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة الجماعة منذ مارس (آذار) 2015.
وكانت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء كشفت أواخر العام المنصرم عن تصاعد حدة الصراع بين قيادات في الجماعة الانقلابية تتولى مهام الإشراف على قطاع الكهرباء في العاصمة، لجهة الخلاف على عائدات الإتاوات المفروضة بصورة مستمرة في هذا القطاع.
وذكرت، أن الخلاف الذي نشب حينها بين وزير الكهرباء بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها أحمد العليي، ونائبه القيادي في الجماعة عبد الغني المداني، وصل ذروته بعد قرار الأول إلغاء رسوم الاشتراك الشهري من فواتير الطاقة التجارية، ورفض الثاني تطبيق ذلك القرار.
وقالت المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط»، إن المدعو المداني عمد فور صدور ذلك القرار إلى عقد لقاءات علنية وسرية مع معظم ملاك محطات توليد الطاقة التجارية من أجل تحريضهم على رفض القرار، واعتباره غير مسؤول وغير قابل للتنفيذ.
وبإيعاز من القيادي الحوثي المداني المنحدر من صعدة (معقل الجماعة) والمعين نائباً لوزير الكهرباء لغرض الإشراف المباشر على عشرات المحطات التابعة للانقلابين، وتذليل جميع الصعاب والعراقيل أمامها، وزع ملاك شركات توليد الطاقة (جلهم حوثيون) على آلاف المشتركين بالخدمة في العاصمة صنعاء عقب صدور القرار بأيام فواتير برسوم اشتراك مضاعفة عما كانت عليه في السابق.
وفي تحدٍ واضح لقرار الوزير الانقلابي، قام ملاك مولدات أخرى بتغيير التسمية من «رسوم اشتراك» إلى «رسوم خدمات»، بينما أضاف آخرون بصورة مخادعة رسوم الاشتراك على قيمة وحدات الاستهلاك.
ونتيجة لذلك الصراع الحوثي العلني، كان مواطنون بالعاصمة ذاتها صنعاء قد شكوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، من ارتفاع رسوم الاشتراك الشهري لخدمة الكهرباء إلى أضعاف ما كانت عليه قبل صدور قرار الميليشيات بتخفيضها.
وأكد بعضهم أنهم تفاجأوا حينها بارتفاع أسعار رسوم الاشتراك وسعر الكيلو واط الواحد عما كان عليه قبل فترة، واصفين قرار الجماعة بالتخفيض وإلغاء الاشتراكات بـ«الكذبة التي تضاف إلى كذبات الجماعة السابقة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.