هجوم سجن الصناعة أعطى خلايا «داعش» دفعة معنوية

TT

هجوم سجن الصناعة أعطى خلايا «داعش» دفعة معنوية

شنت خلايا نائمة موالية لتنظيم «داعش»، هجوماً بالأسلحة الرشاشة وقذائف «الآر بي جي» على نقطة عسكرية تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، عند مدخل بلدة الهرموشية بريف محافظة دير الزور الغربي، أمس، في وقت تم فيه العثور على مصنع أسلحة لخلايا «داعش» بمدينة الرقة شمال سوريا.
يقول إبراهيم الجاسم عضو القيادة العامة لقوات «قسد» وقائد «مجلس هجين العسكري»، لـ«الشرق الأوسط»، إن تصاعد هجمات خلايا التنظيم، مرده «الهجوم على سجن الصناعة في الحسكة، الذي أعطى دفعاً معنوياً لخلايا التنظيم لتزيد من عملياتها الإرهابية»، مشيراً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة في وتيرة العمليات، «حيث ارتفع مستوى الجرأة لدى المجموعات النشطة، لتصل إلى درجة الهجوم مباشرةً على نقاط ومواقع عسكرية محمية بالأسلحة وحراسة من المقاتلين».
في سياق متصل، تبنت صفحات وحسابات مقربة لموالين من التنظيم، مقتل مدني يتحدر من بلدة ذيبان شرق دير الزور بتهمة التعامل مع «قسد»، بعد خطفه من أمام منزله بحي اللطوة، وعُثر عليه في اليوم الثاني مقتولاً بعدة طلقات نارية في الرأس بالقرب من غرفة مهجورة على ضفة نهر الفرات. ونفذت خلايا التنظيم خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، نحو 20 عملية ضمن مناطق نفوذ قوات «قسد» شمال شرقي سوريا، أدت لسقوط 4 مدنيين ومقتل اثنين من القوات العسكرية، ولفت الجاسم إلى أن التنظيم لم ينتهِ، و«لديه القدرة على التحرك عبر خلايا ومجموعات نشطة، وهذا الأمر يتطلب مساعدة من التحالف الدولي لضمان هزيمته النهائية».
في السياق، عثرت قوى الأمن الداخلي في مدينة الرقة شمال سوريا، على مصنع أسلحة يحتوي على كميات كبيرة من المواد المتفجرة ومواد أولية لصناعة الأسلحة العسكرية، تعود لخلايا تنظيم «داعش»، بالقرب من حديقة الرشيد في مركز المدينة، وقامت الفرقة الهندسية بنقل تلك المواد بعد فرض طوق أمني وإخلاء المكان دون وقوع أضرار تذكر.
وقالت إيمان محمد المسؤولة في «مجلس الرقة العسكري» لـ«الشرق الأوسط»، إنه بعد ورود معلومات من غرفة العمليات المركزية، بوجود بيت مشتبه به بجانب الكنيسة يحتوي على مواد متفجرة، «توجهت قواتنا وفرق هندسة الألغام للمكان المذكور، وكشفت عن المواد المتفجرة وعثرنا على كيلوغرام من مادة (TNT) شديدة الانفجار»، إضافة إلى معجونة متفجرة وعبوة ناسفة وقنابل يدوية روسية ومحلية الصنع، «كما عثرنا على صواعق ألغام كهربائية عددها 30 وصواعق قذائف رأسية عددها 6، وصواعق قنابل عددها 5 وجهاز كمامة كيماوي». وتابعت المسؤولة العسكرية: «تداركاً لمنع وقوع أحداث مشابهة، اتخذت قواتنا تدابير احترازية وشنت حملات أمنية وداهمت مواقع مشتبهاً بها في الرقة، وألقت القبض على عناصر ينتمون لداعش بحوزتهم أسلحة وذخائر ومعدات متفجرة».
من جهة ثانية، نشر موقع «قسد» اعترافات خلية نائمة موالية للتنظيم، يتزعمها قيادي يتحدر من الجنسية العراقية، وعضو ثانٍ ينتمي لفصيل «أشبال الخلافة»، ألقي القبض عليهما منتصف فبراير (شباط) الحالي، في بلدة ذيبان بريف دير الزور. ونشر مدير المركز الإعلامي للقوات، فرهاد شامي، تغريدة وشريط فيديو مسجل يحتوي على اعترافات الإرهابيين، على حسابه الرسمي بـ«تويتر»: «الأول يدعى رشيد سعيد الملقب بأسامة كارداش من العراق، متورط في كثير من الأعمال الإرهابية، اعترف أنه دخل إلى المنطقة انطلاقاً من البادية السورية»، وأوكلت إليه مهمة «الانغماس في مناطق مهمة، ومحاولة فك الطوق الأمني لقوات (قسد) حول سجن الصناعة بالحسكة أثناء هجوم (داعش) عليه».
أما المتهم الثاني، فهو طفل تركستاني الجنسية، ينتمي لعائلة سافرت إلى سوريا في عام 2015، وقتل والده الذي كان عنصراً مقاتلاً في صفوف التنظيم، بغارة جوية «فرهاد التركستاني عمره 14 عاماً، طفل تم تجنيده في الخلافة المزعومة وكان دوره مفجراً انتحارياً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.